بورتسودان ـــ صوت الهامش
اعتمد مجلس الأمن الدولي امس الخميس قرارا بتأييد 14 عضوا وامتناع روسيا عن التصويت، يطالب بأن توقف قوات الدعم السريع حصارها على الفاشر- عاصمة ولاية شمال دارفور بالسودان- ويدعو إلى وقف فوري للقتال وخفض التصعيد في الفاشر ومحيطها وسحب جميع المقاتلين الذين يهددون سلامة وأمن المدنيين.
ويطالب ـــ مشروع لقرار الذي قدمت بريطانيا، بأن تكفل جميع أطراف النزاع حماية المدنيين بما في ذلك عن طريق السماح للراغبين في التنقل إلى مناطق أكثر أمنا داخل الفاشر وخارجها بالقيام بذلك.
ويشير القرار إلى ضرورة حماية جميع المدنيين وفقا للقانون الدولي، ويطلب من الأمين العام أن يقدم- بالتشاور مع السلطات السودانية والجهات الإقليمية صاحبة المصلحة- المزيد من التوصيات لحماية المدنيين في السودان.
ووصفت نائبة مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة آنا يفستيغنييفا،القرار بأنه يتناقض مع الحقائق على الأرض ويتجاهل “تعليقات السودانيين أنفسهم”. وقالت إن الوضع في الفاشر هو مجرد ذريعة وإنه من الصعب تحديد الهدف من القرار.
وأضافت أن بلادها لا يمكن أن توافق على توجيه الدعوة لجميع الأطراف السودانية لضمان الوصول الإنساني بما في ذلك الوصول عبر الحدود، وقالت: “نلفت انتباه أعضاء المجلس إلى أن السيطرة على الحدود الوطنية والعبور الحدودي لأي بضائع، هما مسألة سيادية للسلطات التي تتولى المسؤولية”.
وأضافت أن أي محاولة لما وصفته بفرض إعفاءات مصطنعة من هذا المبدأ أو إحالة هذه الصلاحيات لأطراف من غير الدولة، تعد تعديا واضحا على سيادة السودان وسلامة أراضيه.
ودعت “بعض أعضاء المجلس” إلى التوقف عن التخفي وراء أهداف نبيلة تتمثل في دخول المساعدات الإنسانية إلى السودان، من أجل الترويج لأجنداتها غير البناءة.
وشددت على ضرورة عدم المبالغة في وصف مشكلة انعدام الأمن الغذائي في السودان، وأقرت بوجود مشاكل مرتبطة بالغذاء،لكنها اشارت الى إنها ليست ناجمة عن قلة الإمدادات الغذائية، ولكن عن صعوبة توزيعها في بعض المناطق بالإضافة إلى الوضع المالي للسكان.
وأكدت أهمية التعاون مع الحكومة السودانية – بدلا من استغلال مشكلة الجوع – لمعالجة مشكلة الغذاء ودعم الزراعة.
ويدعو القرار مجلس الأمن في قراره إلى التنفيذ الكامل لإعلان جدة بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان، ويطلب أن تسمح أطراف النزاع وتيسر المرور السريع والآمن وبدون عوائق والمطرد للإغاثة الإنسانية الموجهة لمن يحتاجها من المدنيين.
ويشير المجلس إلى التدابير التي اتخذتها السلطات السودانية في هذا الصدد ويحثها على مزيد من التعاون، ويكرر دعوته لجميع الأطراف لأن تعمل في شراكة وثيقة مع وكالات الأمم المتحدة والجهات الأخرى الفاعلة في مجال العمل الإنساني لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى من يحتاجون إليها، بموافقة مسبقة وتنسيق من السلطات السودانية.
ويدعو السلطات إلى إعادة فتح معبر أدري الحدودي لإيصال المساعدات الإنسانية، وينادي الأطراف سحب المقاتلين حسب الضرورة ليتسنى القيام بالأنشطة الزراعية طوال موسم الزرع لتجنب مضاعفة خطر المجاعة.
و قالت سفيرة بريطانيا بالامم المتحدة باربرا وودوارد إن القرار يبعث رسالة واضحة بأن مجلس الأمن يطالب قوات الدعم السريع بوقف حصار الفاشر على الفور، وأن تتراجع جميع الأطراف عن حافة الهاوية، وأن الهجوم على المدينة سيكون كارثيا على 1.5 مليون شخص لجأوا إليها.
وقالت إن بلادها قدمت هذا القرار للمساعدة في تأمين وقف إطلاق نار محلي حول الفاشر وتهيئة الظروف الأوسع لدعم تهدئة التصعيد في جميع أنحاء البلاد وإنقاذ الأرواح في نهاية المطاف. وأوضحت أن القرار يطلب من الأمين العام تقديم توصيات بشأن دعم حماية المدنيين في السودان بناء على جهود المساعي الحميدة القائمة والتفويض الحيوي لمبعوثه الشخصي إلى السودان رمطان لعمامرة.
وأشارت السفيرة البريطانية إلى أن مجلس الأمن ومن خلال اعتماد هذا القرار أرسل إشارة قوية إلى أطراف هذا الصراع اليوم، مشددة على ضرورة إنهاء هذا الصراع الوحشي والغاشم.
وشددت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، إنه ينبغي لمجلس الأمن بذل كل ما في وسعه لإنهاء القتال في السودان وتسهيل زيادة فورية للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع للأشخاص المحتاجين بشدة، مشددة على أن هذا هو السبب وراء تصويت بلادها لصالح القرار.
وأضافت “اجتمعنا معا للمطالبة بحماية المدنيين والسماح للمساعدات الإنسانية بالتدفق بحرية إلى دارفور وبأنحاء السودان وعبر الحدود وخطوط الصراع وفقا للقانون الدولي. اجتمعنا معا لدعوة جميع الدول الأعضاء للامتناع عن التدخل الخارجي في هذا الصراع، والذي إذا استمر، فلن يؤدي إلا إلى المزيد من عدم الاستقرار”، واضافت أنهم اجتمعوا اليوم للدعوة إلى وقف فوري للأعمال العدائية، مما يؤدي إلى حل مستدام لهذا الصراع.
وشددت على أنه إذا لم تحترم الأطراف المتحاربة القانون الدولي الإنساني، ولم تسهل الوصول الإنساني، فيتعين على مجلس الأمن اتخاذ إجراءات لضمان تسليم وتوزيع المساعدات المنقذة للحياة من خلال النظر في جميع الأدوات المتاحة له.
وقالت إن السودان أصبح أسوأ أزمة إنسانية في العالم، لكن المجتمع الدولي تجاهل هذه الأزمة لفترة طويلة، مشيرة إلى أن “الشعب السوداني لاحظ الصمت والتقاعس وشعر بهما”. وأضافت “سنراقب عن كثب، وإذا لم يتغير الوضع على الأرض للأفضل، فيجب على هذا المجلس اتخاذ المزيد من الإجراءات”.