بقلم عثمان نواى
بالأمس قام البشير بتعيين احمد هارون مساعد له، وهو منصب ربما يكون مجرد تسمية رسمية لما يقوم به احمد هارون منذ سنوات. فهو فى الحقيقة الساعد الأيمن للبشير فى كل جرائمه من دارفور الى جبال النوبة. فاحمد هارون رجل مريض ودموى، يعشق القتل والتدمير ومخطط ومنفذ لجرائم الإبادة بشكل بارع. فالرجل يواجه تهم لجرائم حرب تصل الى اكثر من عشرين تهمة فى المحكمة الجنائية الدولية. والحقيقة ان اهل دارفور وجنوب كردفان لا يحتاجون الى المحكمة الجنائية البعيدة فى لاهاى ليعرفوا جرائم هارون ،فان المواطنين هناك بالألاف شهود عيان وضحايا مباشرين لجرائم الرجل. ورغم ان هارون ليس برجل عسكرية فى الأساس، لكنه رجل داهية، تمكن من تجيش القبائل فى دارفور كما أنه استغل صغار السن بشكل بشع فى اباداته الجماعية. فهو رجل يعرف كيف يدير الإبادة الاجرامية وليس مجرد القتال العسكرى النظيف. ولذلك دخوله بدائرة المعارك العسكرية، حوّل القتال فى دارفور الى إبادة بشكل سريع. فهو رجل يعتمد اسلوب الإرهاب والتخويف بكل الوسائل الغير إنسانية، ولذلك تم استخدام الاغتصاب كسلاح حرب على يده أيضا.
ان البشير حين يقرب اليه احمد هارون يختار الإرهاب والتخويف والدمار الشامل ،كما أنه يحتمى برفيق تخطيط وتنفيذ الجرائم والشاهد الأول ضده، لأنه الاعلم بكل الجرائم لذلك يحتفظ به بالقرب منه. فمن المعروف ان حميدتي خارج قائمة المطلوبين للمحكمة الجنائية حتى الآن على الاقل، ولذلك البشير وهارون يعانون ذات الخوف وهم شركاء الجريمة. لكن هناك أسباب أخرى تجعل الرجلين مقربين، فكلاهما لا تحميه سوى سلطة النظام الحالية، فليس للبشير او هارون ما لدى حميدتي من سند قبلى ودعم اجتماعى وسط منطقته. فالبشير دون السلطة والبزة العسكرية لا يساوى شيئا، خاصة بعد ان قامت ثورة ديسمبر من جاخل ولايات نهر النيل والشمالية التى كان يظن البشير انها ثقله القبلى والجغرافي، وكذلك هارون دون البشير لا يساوى شيئا. اما حميدتي فهو فى الأساس يقود مليشيا او قوات قبلية بالدرجة الأولى، والانتماء الرئيس لحميدتى عشائرى مناطقى قبل ان يكون للبشير نفسه. فقد قال حميدتي فى خطابه الاخير أثناء بداية الثورة وقبل ان يتم ابعاده عن الإعلام ،انه لا يرضى بالتمييز ضد اهله فى الصحراء الذين نزع منهم السلاح قسرا، بينما يحمل السلاح تجار العملة فى الخرطوم حماية للكاش الذى يحفظون به خارج البنوك . كما ان الرجل عبر كثيرا عن انعدام التوازن فى الفرص والتهميش ضد أبناء القبائل الرحل فى صحراء دارفور وكردفان معبرا عن ان سبب انهم يقاتلون باستمرار ،هو انهم يبحثون عن فرصتهم وحقهم فى هذه الدولة عبر حمل السلاح نسبة لانخفاص نسب التعليم . ومن هذا المنطلق اتخذ حميدتي خطوته الذكية فى الإبتعاد عن قمع الاحتجاجات مراهنا على الرهان الصحيح، وهو انتماؤه الى عشيرته ومنطقته اكثر من انتماؤه وحمايته لنظام يراه يسقط ببطء ولكن بقوة شديدة. ولذلك أصبح البشير يخشي حميدتي اكثر من انه يحتمى به كما كان من قبل،خاصة وان المال فى خزائن البشير قد فرغ، وبالتالى ليس فى يد البشير كا يشترى به ولاء حميدتي وجيشه. ولذلك فإن تقريب احمد هارون من مناصب السيادة فى الدولة ،إنما هو خطوة فى الطريق نحو معركة البشير الحاسمة لحماية نفسه من الجميع، وليس فقط من الجنائية او ثورة الشارع. فالبشير يخشي الإسلاميين المتربصين له، ويعلم الان انه قد يصبح كبش الفداء فى لحظات اذا تخلى عنه الجيش وهو قوته الأخيرة ذات الثقل. ومع تقريب الجيش وهارون يكون شركاء الجرائم ضد الانسانية جميعا يدافعون عن موقعهم فى وجه الشعب السوداني ،وهذه المعركة التى تدور الان، معركة النجاة الشخصية للبشير والمجرمين معه. وأكثر ما يرهبهم جميعا هو الخوف من الحساب، وهذا هو الصوت الذى يجب ان يستمر فى زلزلتهم من الداخل عبر هتاف الثورة والمطالبة بالقصاص، فهم حقا يرتجفون فى القصور. وسوف يفرون منها قريبا تحت وقع الزلزال الكبير القادم..
nawayosman@gmail.com