كامل كاريزما – صحيفة الهامش
18 – April – 2016
الحرب البربرية اللعينة التى حرقت الأخضر و اليابِس وجلبت للأبرياء العزَّل الفناء والدمار والتشريد واللُجؤ والنزوح لا تزال مُستعَرَّة ومُستمِرِّة مُنذ أنَّ إندلعت قبل ثلاثة عشرة سنة ، لن تستشعر أي نقص في سُّبل الموت في دارفور، فالناس يتضورون جوعاً حتى الموت تارةً وتارةً اُخرى يتضررون بالإغتصاب والتنكيل والتعسفات، وخاصة في الأرياف والقُّرى، ثم هناك العنف ذاته! .
ويظل القتل بإستخدام القصف الجوي حكراً على بعثة الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي لحفظ السلام في دارفور (يُونَامِيد) حتى الآن، أما الجماعات المُسلحة”المُرتزقة” الغير منظمة التى تُّسمى بـ”الجنجويد” (غير التابعة لدولة بعينها) فتقتصر أدوات القتل التي تمتلكها على المدفعية وغير ذلك من الأسلحة التي تُطلَق من الأرض، بما في ذلك القنابل اليدوية، وبالطبع البنادق .
لقد تحولت دارفور إلى ساحة لإستعراض القوى والعنف الماكِر، وتحول ما بدأ كإحتجاج بطريقة سِلّمِيَّة ضد الحكومة إلى معركة شاملة مفتوحة للجميع لمن يرغب في قتل!، ويدفع الأطفال والنساء والعجزة الثمن باهظاً في حين يتدفق الملآيين إلى معسكرات اللُجؤ في تشاد وغيرها من دُّول المُجاورة .
وتتفاقم المخاطر التي يتعرض لها أهالي دارفور في ظل نظام صحي يشرف على نقطة الإنهيار، فقد دُمِّر ما يقرب من 1500 مركز صحي وملجأ خيري في دارفور، وأكثر من ثلث المستشفيات هناك لم تعد تعمل حتى في المُدن الكبيرة مثل:”فاشر – نيالا – جنينة” ، كما تباطأ تدفق الواردات من الأدوية إلى حد كبير، ولا يصل أي منها إلى المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، كما إنهار إنتاج الأدوية المحلية، حيث يغطي الآن أقل من 10% من الطلب المحلي، بعد أن كان تلبي 90% من الطلب قبل إندلاع الصراع .
وهذا الإنهيار ليس مجرد أثر جانبي مؤسف للأزمة؛ فقد خضعت المنشآت الطبية في دارفور لهجمات مباشرة وتبدو متعمدة، وقد سجلت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي 16 هجمة على المستشفيات ضمن ما بلغ مجموعه 346 هجمة على 246 منشأة صحية، في حين أدانت منظمة أطباء بلا حدود ما يسمى تكتيكات القصف المزدوج، والتي بموجبها تأتي عمليات القصف الجوي للمراكز المدنية ذات الكثافة السكانية العالية متبوعة بضربات موجهة إلى أقرب المستشفيات، لإستبعاد فرص حصول المصابين والجرحى على الرعاية الطارئة، وحتى العيادات الصغيرة كانت هدفا للقصف من قِبل مليشيات الحكومية .
وقد أسفرت مثل هذه الهجمات، وخاصة في جبل مرَّة ودار زغاوة ومنطقة “جنوب السكة” بولاية جنوب دارفور ، عن مقتل العديد من المرضى والأطباء التوعيين والعاملين الصحيين، وتدمير البنيات الأساسية الصحية، كما ساعدت في دفع العاملين في المجال الطبي إلى الخروج من هذه المناطق، وهو أمر غير مقبول بكل وضوح .
الواقع أنه ليست لدينا أرقام تحصر كل الوفيات الناجمة عن الحرب في دارفور، ولا نعرف على وجه الدقة عدد الأطفال الذين ماتوا بسبب أمراض يمكن الوقاية منها نتيجة لإنهيار برامج التطعيم، أو عدد الأمهات والأطفال الرضع الذين فقدوا حياتهم بسبب الإفتقار إلى المعدات الطبية والعاملين .
ولكن بعض البيانات المتنافرة عن الوفيات الناجمة عن الصراع أصبحت متاحة الآن. فمؤخراً، قدم أحدى المراكز للتوثيق الإنتهاكات – أول مجموعة بيانات واسعة النطاق يمكن الإعتماد عليها بشأن الوفيات بين المدنيين منذ إندلاع الصراع. وتسجل قوائم المركز أكثر من 500 ألف ضحية ــ من سبتمبر/أيلول 2003 إلى يناير/كانون الثاني 2016
تعليق واحد
صحيفة روعة و مقالاتها في الصميم تسلم استاذ كامل اول يوم اتعرف عليها جزاك الله خير و التحية لكل الصحفيين بصحيفة الهامش .