عين والي جنوب كردفان محمد ابراهيم عبدالكريم وزراء جدد في حكومة الولاية تنفيذا لإتفاق جوبا لسلام السودان مع الحركة الشعبية/الجبهة الثورية التي تتقاسم السلطة مع المجلس العسكري حاليا بالولاية. حيث عين كل من عمادالدين عبد المطلب وزير المالية والقوى العاملة، وسيد حماد كافي وزير الإنتاج والموارد الإقتصادية، وعبدالله موسى ونيس وزير البني التحتية والتنمية العمرانية وفاطمة قمر إسماعيل الأمين وزير التربية والتوجيه، ولم تحضر جواهر أحمد سليمان وزير الصحة والتنمية الإجتماعية مراسم أداء القسم.
وقال الوالي أن مهمة حكومة الولاية الجديدة تكمن في حلحلة المشاكل الأمنية والإقتصادية ومعاش الناس وخدمات المياه والصحة والتعليم، وقال حسب ما ورد في الاخبار إن هنالك بعض الخطط التي يعتزم تنفيذها لتوفير الإغاثة والمساعدات الإنسانية وتشجيع الزراعة وعمليات الإنتاج من خلال الموسم الحالى.
من خلال تحليل ما قاله الوالي يتضح أن الولاية كما ظللنا نكرر دائما تعيش أسواء حال مرت بة قبل، وتقذمت سلطات الحكومة فيها الي اقل من ربع مساحة الولاية والخدمات فيها منهارة تماما في كافة النواحي والمناحي الحياتية، لفشل الوالي في إدارتها وإرتهان الوالي والحكومة الي عساكر الجيش وقيادة الاستخبارات بالفرقة (١٤) كادوقلي وتوجهات اللجنة الأمنية بالولاية التي يترأسها الوالي نفسه.
هذة التعديلات والتعيين الجديد لن يغير شئ من حال الولاية والأزمات التي يعيشها المواطنيين ويكفي أن هذا التكوين جاء في الوقت الذي فيه كل الولاية رهينة تحت حصار مشكلات وأزمات تسبب فيها الوالي وحكومته ولجنة الأمنية وهو الأن عاجز عن إيجاد حلول لها منذ أكثر من عامين.
الإعلان عن تكوين الحكومة الجديدة بالولاية جاء بالتزامن مع وجود الآتي:-
✓ تردي كامل للمعيشية وانشار الفقر والجوع والفساد الحكومي.
✓ تردي الأوضاع الأمنية وانفراط عقده وسيطرة عصابات النيقس.
✓ تداعيات جريمة الجيش بحق المواطنيين بمنطقة الكويك.
اولا: تردي كامل للمعيشية وانشار الفقر والجوع والفساد الحكومي.
وصلت الولاية الي حافة الاعلان عن المجاعة والذي تتكتم عليه حكومة الولاية حيث تعاني الأسواق من الغلاء الفاحش والانتظام في السلع الغذائية وانعدام السيولة وارتفاع نسبة الفائدة في التحويلات المالية (بنكك)، وعدم صرف المرتبات والظلام الحالك والعطش وغياب الدواء وأزمة في الصحة العامة وصحة البيئة حتي أصبحت قدرة وحلة البليلة التي يجود بها الخيرين مصدر أساسي لسكان مدينة كادوقلي.
هذا ناهيك عن الوضع الصحي والغذائي في المحليات التي شهدت نزوح إليها بأعداد كبيرة منذ شهر نوفمبر ٢٠٢٣ والي اليوم، والفساد الذي يمارس في توزيع الزرة الخاص بالإغاثة والقوات النظامية والذي أصبح قادة الجيش يتاجرون فيه ورفع أسعاره والتحكم في الأسعار بالاسواق نتيجة لانعدام المواد التي تأتي في الغالب عن طريق الطريق لغالبية المحليات والمدن التي يسيطر الدعم السريع عليها ويفرض أتاوات وضرائب والجيش لا يتحرك من حامياته لمهاجمة المليشيا واللصوص وقطاع الطرق.
✓ تردي الأوضاع الأمنية وانفراط عقده وسيطرة عصابات النيقس.
يتحكم اللصوص وقطاع الطرق تماما علي كافة مداخل المدن الكبيرة بالولاية خصوصا الدلنج وكادوقلي ويفرض الدعم السريع بواسطة العمد والمشايخ الرسوم (الحبل) التي تحصل بواسطة المسلحين دون رقيب ولا حسيب، وتهاجم المليشيات وأفراد العصابات من القبائل العربية والرعاة التجار والدفارات والأسواق والرسوم تكون علي حسب مزاج قطاع الطرق.
أما داخل المدينة كادوقلي الأمن منفرط تماما وأصبحت المدينة محتله تماما بواسطة عصابات النقيز التي تقاسمت المدينة وأصبح لكل منها جزء من الأحياء تفرض سلطتها فيه، حيث قتل الاسبوع الماضي طفل داخل السوق الكبير بواسطة عصابة أخري، ووصل الحد الي فرض غرامة لكل أسرة تطلب من ابنها مغادرة العصابة وتجبي عنوة وإرغام كما حدث في نهاية الأسبوع الماضي لأحد التجار بسوق الكنتين بكادوقلي.
اللجنة الأمنية والشرطة تتحاشي من الحديث ومواجهة هذة العصابات ويخشي الضباط مواجهتها بعد رسائل التهديد التي أصبحت تصل إلي الضباط والجنود حيث يتم إلقاء رسائل التهديد بالقتل وإغتصاب الأخوات والزوجات في حالة تعقب أفراد العصابة. وبدلا عن ذلك تشن حملات الاعتقالات علي النشطاء من الشباب بلجان المقاومة وقوي الحرية والتغيير بكادوقلي.
الوضع الامني بالولاية هش جدا وخطير بعد تمدد الدعم السريع في شمال الولاية واجزاء من الشمال الشرقي واجزاء أخري والمؤسف تعاون الجيش والاستخبارات العسكرية بالفرقة (١٤) كقوات صديقة لبعض هذة المليشيات في مواجهات الجيش مع الجيش الشعبي كما حدث في الكويك وكيقا مؤخرا.
✓ تداعيات جريمة الجيش بحق المواطنيين بمنطقة الكويك.
أفاد ناشطون بأن المفرج عددا من مواطني الكويكب المفرج عنهم بواسطة استخبارات الفرقة ١٤ كادوقلي يعانون من أوضاع صحية حرجة جدا، وكانت قيادة الاستخبارات بالفرقة (١٤) كادوقلي قد اعتقلت عددا من الشباب والعجائز أثناء أحداث منطقة الكويك وكيقا جرو وكيقا لبن الاخيرة. وقامت بتصفية عدد (٤) منهم واطلقت سراح الباقين وتوفى أحدهم بعد ذلك نتيجة لاثار التعذيب.
وافادت المعلومات المؤكدة بأن جميع المفرج عنهم ليس من بينهم شخص سليم وجميعهم يعانون من إصابات متفاوتة، ومازال أثنين منهم في مستشفى كادقلي حالتهم الصحية حرجة وهم المحامي ابراهيم إدريس والمحامي عاطف حسن واللذان تم طعنهما بالسكاكين وضربهم بالشاكوش في الرأس وأجبروهم علي شراب دمهم بعد نزيف الجروح التي أصيبوا بها.
وبعد إطلاق سراح المعتقلين الاخرين تمت تصفية أتنين اخرين واحد المقتلوين قد تم نهب أبقاره، أما الأخري المفرج عنها فقد جاء أحد الرعاة (العرب) وقام بضربها علي رأسها وقتلها فورا، وكان أحد أبناءها موجود بالمنزل لحق بالجاني وطعنه بسكين ومات الجانب في الحال. وكان أهل المنطقة قد رفعوا مزكرة الي الوالي وقيادة الفرقة (١٤) كادوقلي مطالبين بالكشف عن ملابسات أبناء المنطقة الذين تمت تصفيتهم وقد زار المنطقة كل من قائد الفرقة واخرين وقد تم اعتقال عددا من الأفراد المنفذين لعمليات التصفية وطالب ذوي الشهداء بالعدالة.
وفي الوقت الذي بدأت فيه الإجراءات القانونية بالتحري بإشراف لجنة محامين من أبناء النوبة بكادوقلي، وقد قام أشخاص مجهولين مؤخرا بحرق مكتب المحامي مجدي موسى بكادقلي وهو المحامي الذي يتولي القضية انابة عن ذوي الضحايا والشهداء.
وكانت الاستخبارات بالفرقة ١٤ كادوقلي قد قامت بتصفية عددا من أبناء كيقا المعتقلين لديها بدوافع إثنية بتهمة التواصل والتؤاطو مع الحركة الشعبية إبان الأحداث الأخيرة في شهر ابريل وهم حسبو عبد الله محمود، رمضان عبد الرحمن البشاري، عمر موسى حارن، وهيب عبد الله ابراهيم.
وعليه، أن الأزمة الحقيقية للولاية تكمن في وقوع الولاية في النقطة المظلمة من اهتمامات حكومة الانقلابيين بقيادة الجنرال عبدالفتاح البرهان والتي تعتبرها منطقة عمليات لمواجهة الحركة الشعبية وعلي حكومة الولاية العمل وفقا علي هذا التوجه السياسي وهو الهم الذي يشغل والي الولاية وقادة الأجهزة الأمنية والحكومة الولائية أكثر من النظر إلي مسؤوليتهم في تقديم الخدمات الأساسية لمواطني الولاية.
وقد كرس الوالي محمد ابراهيم عبدالكريم وقائد الفرقة (١٤) وكل اهتمامهم في مواجهات عسكرية مع الجيش الشعبي بعدد من المناطق وملاحقة أعضاء الحركة الشعبية، ويعد ذلك المؤشر القوي الذي يفسر إصرار مجلس السيادة والجيش علي بقاء الوالي محمد ابراهيم كوالي للولاية علي الرغم من المطالبة بإقالته مرات عديدة من مواطني الولاية وتعيين أحد أبناء الولاية بسبب فشله في إدارة الولاية.
ولعل جهود بعض الأشخاص والمنادين بإقالة والي جنوب كردفان تصطدم حاليا بإصرار وزير الحكم المحلي الاتحادي محمد كرتكيلا وهو من أبناء الولاية عن حصة الحركة الشعبية/الجبهة الثورية علي بقاء الوالي محمد ابراهيم لعلاقة النسب التي تربط بينهما مما جعل أبن الوزير كرتكيلا الفاقد التربوي يتدخل حتي في تعيين الوزراء وكبار الموظفين بالولاية بعد أن تمت أعادته ضمن قائم المفصولين بواسطة لجنة التمكين بقرار من الوالي.
لكن يبدو أن عساكر مجلس السيادة راضيا تماما عن حالة السيولة الأمنية ومعانأة مواطن جنوب كردفان وإنهيار الخدمات بالولاية لأنها لا تشكل من القضايا التي لها أولية حاليا. ويمكن غض النظر عن أخطاء الوالي واخفاقاته لطالما هو يركب موجة حرب الكرامة ويدعم رؤية العسكر في التصعيد العسكري ضد الحركة الشعبية وهي النقطة التي يتفق عليها الجنرالات الثلاثة عبدالفتاح البرهان وشمس الدين الكباشي وياسر العطا.
هذا الطناش من أعضاء مجلس السيادة والحركة الشعبية/ الجبهة الثورية بقيادة مالك عقار الشريك في حكم الولاية بموجب اتفاق سلام السودان الموقع في جوبا ٢٠٢٠م يؤكد أن كلاهما مشغول بأمور أخري خلاف تنفيذ الاتفاق والأزمة التي تعيشها ولاية جنوب كردفان. فالولاية وما يحيق بها ليست ضمن الأجندة الهامة لدي الشريكين للإنشغال بمعارك تحرير الخرطوم والجزيرة وسقوط دارفور في يد قوات الدعم السريع.
لذا فإن الحكومة الجديدة لولاية جنوب كردفان مثل مثيلاتها السابقات ستجد نفسها ليس لها من مفر غير الخوض في نفس الوحل الذي تعيشه الولاية كولاية مهمشة وليست ضمن الأولويات لحكومة العسكر الفاشلين في إدارة الدولة السودانية الان.
فكل هولاء الوزراء الجدد الذين قاموا بأداء القسم موخرا أمام والي ولاية جنوب كردفان ليس لدي اي من أحدهم عصا موسي أو عصا سحرية لإيقاف الأمراض المنتشرة والجوع الذي ينهش العظام وحتي فرض الأمن بمدن الولاية سيكون بعيد المنال، وليس علي المواطنيين سؤي توقع الاسؤء والاستعداد لمواجهة الأوضاع الكارثية القادمة في حال إستمرار الوالي محمد عبدالكريم واللجنة الأمنية في مناصبهم.
الفاضل سنهوري
الثلاثاء ٣٠ أبريل ٢٠٢٤م.