بقلم: الجاك محمود أحمد الجاك
ظل الجميع يترقب ويتابع عن كثب ما سيتمخض عنه إجتماع قوي نداء السودان المنعقد في العاصمة الفرنسية باريس في الفترة من 13-17 مارس 2018 لتجييء النتيجة مخيبة للتطلعات وعلي نحو كان متوقع، واضعين في الإعتبار خلفيات التنظيمات التي تنادت لذلك الإجتماع الذي جاء كنتاج لعمل كواليسي يعبر عن فھلوة الإمام والمخلوع عرمان وبمساندة بعض المتواطئين آيدولوجياَ مع المركز الذين كنا نحسبھم من القوى الوطنية الحديثة وقوي الإستنارة التي أكدت لنا أن الإستنارة عند أغلب نخب المركز لا تعدو كونھا ترف سياسي فكري لا يتجاوز حدود الفلسفة والتنظير لزوم النفاق السياسي والفكري إعتقاداَ منھم في غفلة أھل الھامش، بينما الواقع شيئ مختلف تماماَ.
ولقراءة الحدث في سياقه الصحيح، يجدر القول بأن النظام لم يكن بعيداَ مما جري خلف الكواليس كجزء من سيناريو الھبوط الناعم والشاھد أنه قد نجح في إستغلال بعض المؤدلجين والمغرر بھم من أبناء الھامش لرسم المشھد السياسي الجديد، وھذا ما أكدته تصريحات صاحب القصر العشوائي الأمين العام للمؤتمر الشعبي الدكتور علي الحاج محمد فور عودته الي العاصمة السودانية الخرطوم عندما قال إن لقاءات الشعبي ببعض قادة الحركات المسلحة في ألمانيا قد أثمرت عن تغيير كبير في مواقف تلك الحركات، وأن المؤتمر الشعبي قد إلتقي قادة تلك الحركات بإعتباره جزءاَ من حكومة الوفاق الوطني. لكن نعجب كيف وقع ھؤلاء المناضلون في الفخ وإبتلعوا الطعم ليقفوا في الجانب الخطأ من التاريخ؟! يجيئ كل ذلك في أعقاب الأزمة الداخلية التي ضربت الحركة الشعبية مؤخراَ والتي إنتھت بالثورة التصحيحية وماصاحبتھا من تطورات طال تأثيرھا بعض قوي المعارضة السودانية خاصة بعد أن قطعت الثورة التصحيحية الطريق أمام التسوية السرية التي كان يعد لھا المخلوع عرمان في الغرف المغلقة بتواطؤ من تلك القوي لتصفية الجيش الشعبي والتخلص من الكفاح المسلح كھدف إستراتيجي، ولولا لطف الله ودخول مجلسي التحرير في الإقليمين علي الخط لكشف تلك المؤامرة وإجھاضھا في مھدھا بضربة إستباقية قاضية لوقعت الكارثة التي خطط لھا سدنة المركز. كما جاء الإجتماع كخطوة إستباقية للحيلولة دون إحياء وتفعيل تحالف الجبھة الثورية وذلك لإحداث إنقسام حاد وسط قوي المقاومة الثورية بغرض إضعاف الھامش وھزيمة ثورته.
لقد أكدت مخرجات إجتماع باريس وبما لا يدع مجالاَ للشك أن النخب السودانية مازالت تواصل مسلسل إدمان الفشل. لكن حسناً فعلت الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال عندما أعلنت مقاطعتھا لإجتماع نداء السودان رغم الإلحاح والضغوط، فأكدت بذلك إحترامھا لإرادة وتطلعات عضويتھا ومؤسساتھا القاعدية فضلاَ عن تأكيد قدرتھا علي قراءة المشھد السياسي وصيرورته.
إن مآخذنا كثيرة علي مخرجات إجتماع نداء السودان التي جاءت في بيانه الختامي وما يسمى بالإعلان الدستوري. ھذه المآخذ سنتعرض لھا بالتفصيل في الحلقة القادمة خاصة فيما يتعلق بھيكلة النداء ومواقف قوي النداء من الأزمة التي تمر بھا البلاد وقضايا الراھن السياسي والحلول المطروحة في وثيقة الإعلان الدستوري. أما ھذه الحلقة فسنخصصھا لتسليط الضوء علي الإمام الصادق المھدي الذي توافقت قوي النداء علي إختياره رئيساَ للمجلس القيادي للتحالف، ذلك لأن ھذا الإختيار في تقديرنا ھو خطأ قاتل
إرتكبته قوي الھبوط الناعم بوصفه ضربة إستباقية لوحدة العمل المعارض ولذلك سيظل عقبة كؤودة أمام أي تغيير حقيقي، لأن في الخطوة إصرار واضح علي تثبيت الوضع الماثل لصالح قوي المركز، ومن ثم إعادة إنتاج الأزمة بصورة أخطر.عموماَ سنتناول الزعيم الصادق المھدي بالتركيز علي أبرز مخازيه وأخطاءه التاريخية والآنية التي ھي محل تحفظاتنا لرئاسته لتحالف يزعم أن ھدفه إسقاط النظام وتغيير الوضع الماثل في السودان ولكن بذات الرموز والأدوات التي صنعت نفس الأزمة وأنتجت كل المشاكل والكوارث التي تضافرت وقادت الي تقسيم السودان وخلفت حروب عنصرية طاحنة ضد شعوب الھامش إنتھت الي الإبادة الجماعية لأول مرة في تاريخ السودان، ومن ثم التنزيح والإحتلال والإستيطان في إطار سياسة التغيير الدموغرافي التي ھندس لھا الإمام الصادق المھدي إبتداءاَ وھذا ما حدث فعلاَ في دارفور ويجري التخطيط لحدوثه في شرقنا الحبيب بإستجلاب وتوطين قبائل البدون الكويتية بعد أن منحتھم حكومة الأخوان الرقم الوطني، وھنا يجدر تنبيه أدروب ريثما يستعد للخطر القادم. فكيف يستقيم المنطق أن يكون الإمام جزءاَ من الحل إذا وضعنا في الإعتبار أن للرجل نصيب الأسد في الأخطاء التاريخية التي قادت البلاد إلي الھاوية التي نقف علي حافتھا اليوم إنطلاقاَ من الأدلة والشواھد التي لا تحصي في مسيرة ھذا الزعيم التسعيني الذي دخل عالم السياسة وإحترفھا منذ نعومة أظافره عندما أطاح بالرقم السياسي الكبير محمد أحمد المحجوب مستفيداَ من وضعه الطائفي والأسري في البيت المھدوي كمؤھل وحيد لوراثة الزعامة ليصبح بذلك أصغر رئيس حزب ورئيس وزراء عرفه السودان آنذاك. كما أن الصادق المھدي ھو الزعيم الوحيد الذي أتيحت له فرصتان تاريخيتان كرئيس وزراء في السودان ولكنه أھدرھما كما جاء في مساجلات د. جون قرنق مع الإمام. وھو الذي لم يعلن بعد إعترافه بمسؤوليته شخصياَ عن أخطاءه التاريخية والإعتذار عنھا صراح َة كمدخل منطقي لفتح الباب أمام أي تسوية ومساومة تاريخية علي غرار الخطوة التاريخية الشجاعة التي أقدم عليھا الرئيس فريدريك ديكلارك، ولكن ليس بالضرورة علي سنة كوديسا جنوب إفريقيا التي يتشدق بھا الإمام ومن شايعه علي
الرغم من أنھا لا تناسب واقع السودان، ورغم فشلھا في حل مشكلة جنوب إفريقيا.
وبعيداَ عن الشيطنة، فقد ظل الإمام الصادق المھدي يتبجح بديمقراطيته علي الرغم من أن الجميع يعلم أن الرجل ھو أول من وأد الديموقراطية التي يدعي الإيمان والإلتزام بھا، وذلك عندما تواطأ مع صھره الشيخ حسن عبدالله الترابي زعيم الاخوان المسلمين في مؤامرة حل الحزب الشيوعي السوداني وطرد نوابه من البرلمان في العام 1965م وإزدراءه لقرار المحكمة العليا الذي قضي ببطلان والغاء قرار البرلمان بتعديل الدستور وحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه حيث رفض الإمام والذى كان رئيسا للوزراء آنذاك قرار المحكمة واصفاَ إياه بالحكم التقريري، ھذا المصطلح الذي لا وجود له في أي
قاموس قانوني وبذلك داس الإمام علي مبدأ سيادة حكم القانون وعمل علي تقويض الدستور.
لم تكن مؤامرة حل الحزب الشيوعي السوداني وطرد نوابه من البرلمان ھي آخر مخازي السيد الصادق، ولأن لديه من المخازي ما لا يحصي، فإنني سأركز بصفة خاصة علي الحقائق المتعلقة بأخطاء وجرائم الإمام في حق شعوب الھامش بما في ذلك شعب جنوب السودان قبل الإنفصال:
إن شعب النوبة لم تخنھم الذاكرة، فھم مازالوا يتذكرون وبمرارة كيف كانوا يدفعون الجزية لحكومة الإمام عن يد وھم صاغرون، تلك الجزية التي كانت تفرضھا عليھم الدولة رسمياَ تحت مسمي ضريبة الدقنية )ضريبة الرأس( التيكانت تجبى من الرجل البالغ من أبناء النوبة حصرياَ والتي إستمرت منذ ما يسمي بإستقلال السودان وحتي عندما كان ھذا الإمام العالم الفقيه والمثقف رئيساً للوزراء إبان الديموقراطية الثانية، وليس أدل علي رضى الصادق المھدى شخصياً عن ذلك الإذلال والإسترقاق
الرسمي لشعب النوبة مقاومة حكومته إبان الديموقراطية الثانية مطالبة الرعيل الأول من الآباء المناضلين لإلغاء ضريبة الدقنية المھينة والمحطة لكرامة الإنسان حيث كانت لرئيس إتحاد عام جبال النوبة الأسقف فيلب عباس غبوش والعم المناضل عطرون عطية وكوكبة من الرعيل الأول معارك طويلة وموثقة خاضوھا مع حكومة الإمام بعد ثورة أكتوبر حتي نجحوا في تحرير شعب النوبة من ضريبة الدقنية. تلك الجزية التي فرضتھا مؤسسة الرق )دولة الجلابة( كانت ومازالت وستظل وصمة عار في تاريخ الدولة السودانية الحديثة وفي جبين رواد الإستقلال المزعوم. أما الصادق المھدى شخصياَ فھو مايزال مدان لشعب النوبة بالإعتذار التاريخي كواجب أخلاقي إن كانت له أخلاق، بالإضافة الى مطالب بجبر الضرر المادي والمعنوي كالتزام قانوني، وإلا فإنه غير مؤھل لأي حديث عن وحدة ما
تبقى من وطن إسمه السودان.
وكذلك مازلنا نتذكر حتي الأمس القريب مرورالذكري ال 31 لمذبحة الضعين البشعة التي وقعت يوم السبت الموافق 28مارس 1987 إبان الديموقراطية الثالثة، أي خلال فترة الحكومة الائتلافية بين حزبي
الأمة والإتحادي الديموقراطي والتي كان رئيس وزرائھا السيد الصادق المھدي نفسه. ولعل أكثر من وثق لتك المذبحة ھو الناشط والكاتب د. عشاري أحمد محمود، ذلك الكاتب صاحب الحس الوطني والضمير الإنساني الحي الذي ضرب بقلمه الجريئ مثلاَ حياَ للمثقف الوطني الصادق والنبيل بخلاف ما عودتنا عيه الأقلام العنصرية الصدئة والحاقدة التي عرفت بتواطؤھا مع جرائم ومخازي النخب الفاشلة. وقد جاء في ذلك المقال التوثيقي الخطير المنشور بتاريخ 28مارس 2016 )لقد قتل في تلك المذبحة الفظيعة أكثر من ألفين من المدنيين الدينكا المنزحين من ديارھم في شمال بحر الغزال، وكان أغلبھم من الأطفال والنساء والعجزة حيث قتل فرسان الزريقات ضحاياھم في محطة السكة حديد وداخل بيوت الأسر الرزيقية، كما قتلوھم في أماكن سكنھم العمالية وفي كماين الطوب ومصنع الصابون، وفي الأفران وشوارع المدينة وكذلك في مستشفى الضعين المحروسة بواسطة الرزيقات حيث أن المرابطات كلفت
أنفسھن بمھمة منع جرحي الدينكا من تلقي الإسعاف والعلاج.
كانت مليشيات الرزيقات المدعومة من قبل الحكومة الائتلافية برئاسة الصادق المھدي مسلحة بالمدافع الرشاشة والبنادق والسيوف والفؤوس. كما كانت مسلحة بالحراب والعصي والبنزين والزيت المحروق والكبريت في تصميم واضح علي إبادة الدينكا في المدينة. ومن المؤسف أن الصادق المھدي قد دافع كرئيس للوزراء عن تلك المذبحة البشعة في لقاء له مع إذاعة BBC بلندن في 31مايو1987، وبررھا علي أنھا كانت للإنتقام المستحق ضد جون قرنق. كما بررھا لاحقاَ في مؤتمره الصحفي بتاريخ 8 سبتمبر 1987 أمام جمع من الصحفيين في الخرطوم، وأنكر الصادق المھدي وجود إسترقاق للدينكا في أعقاب المذبحة وبتوجيه مباشر منه أسقط نواب حزبه ونواب الحزب الإتحادي الديموقراطي المتحالف معه مقترحاَ أودع أمام الجمعية التأسيسية قدمه نائب من جبال النوبة لإجراء مجرد تحقيق في المذبحة. ورفض الصادق المھدي تقديم الجناة، وھم حلفاؤه الي المحاكمة، وتعمد عدم محاسبة المسئولين الحكوميين المحليين الذين تقاعسوا عن تقديم الحماية للمدنيين الدينكا أو تواطأوا مع المليشيات المعتدية. كما رفض الإمام التوجيه بتحرير أكثر من أربعة ألف من الأرقاء الدينكا، بينما كان المھدي علي علم
بأوضاعھم المأساوية ولكنه تصنع عدم علمه ليثبت وضعيتھم كأرقاء(.
أيضا يحفظ التاريخ القريب للصادق المھدي أنه أول من سلح المليشيات العربية في جبال النوبة إبان الديموقراطية الثالثة عندما رئيساَ للوزراء بھدف تنفيذ فكرة ومخطط تلال العرب، وكان ذلك بواسطة
وزير دفاع حكومته آنذاك ونائبه في حزب الأمة حالياً اللواء فضل الله برمة ناصر وناظر عموم
المسيرية المرحوم الحريكة عزالدين، وبذلك أصبح الإمام أول من دشن الحرب العنصرية بصورة عملية ضد السودانيين الأفارقة. لقد قامت مليشياته بحرق عدد من القري بجبال النوبة وقتلت المواطنين العزل ومثلت بجثثھم وقامت بنھب أموالھم وسبي نساءھم وتشريدھم من ديارھم تنفيذاَ لسياسة الأرض
المحروقة في أكبر عملية تطھير عرقي إستھدفت جبال النوبة إبان حكومة السيد الصادق المھدي
بالتزامن مع وجود تحركات ونذر لتنفيذ ذات المخطط في إقليم دارفور، ذلك لأن الإمام كان يعتبر شعب النوبة وقبائل الزرقة في دارفور إمتداد طبيعي للتمرد ولذلك لم تشفع لھم سودانيتھم ولاحتي إسلامھم … وللحقيقة والتاريخ فإن الصادق المھدي ھو من دفع النوبة مرغمين لحمل السلاح ضد المركز للدفاع عن أنفسھم ووجودھم وأرضھم كحق مشروع عندما تحولت الدولة الي أخطر عدو لھم. أما البشير فلم يأتي بجديد لأنه قام بتنفيذ أفكار ومخططات قديمة ھي جوھر مشروع السيد الصادق المھدي.لقد إستمر النظام الاخواني في ذات الحرب العنصرية التي شنھا المھدي علي شعبنا ويكمن الفرق في أن البشير قد أضفي عليھا بعداَ دينياَ وتوجھا بإعلان الجھاد علي النوبة بفتوي أصدرھا ووقع عليھا أئمة المساجد وفقھاء
السلطان وأعيان القبائل العربية بمباركة من النظام الاخواني في العام 1992 بمدينة الأبيض – تلك
الفتوي التي لم يصدر أي قرار رسمي أو فتوي أخري بإلغائھا حتي لحظة كتابة ھذا المقال، الأمر الذي يفسر بصورة تلقائية دوافع إستمرار النظام في إستحداث آلته الحربية وترسانته العسكرية ومن ثم
إستخدام القوة العسكرية المفرطة بما في ذلك الأسلحة المحرمة دولياً لإبادة شعب النوبة الذي رفض الخنوع والإستسلام. لقد سبق وأن تبجح وتباھي وزير الدفاع الأسبق الفريق أول ركن مھندس عبدالرحيم محمد حسين حينما قال: إن سلاح الجو السوداني قد طور وعزز من قدراته التي بلغت سبعين الف طلعة في العام، فيما يعلم الجميع أن سلاح الجو السوداني الذي يفتخر به وزير الدفاع بالنظر لم يقم بأي غارات جوية تذكر علي ھدف وعدو خارجي، وإنما تخصص في قتل وإبادة مواطنين سودانيين كما حدث في المذبحة الجبانة التي إرتكبھا النظام في حق أطفال ھيبان الأبرياء والعزل!!
لاشك أن الإمام راض عن النظام وھو يري نتائج الفتنة العنصرية التي زرعھا في إقليم دارفور منذ العام 1986م بفكرة التجمع العربي في دارفور كفكرة عنصرية إبتدعھا الإمام الصادق المھدي منذ العام 1983 ثم أصبح راعياَ لھا في العام 1986م حينما كان رئيسا للوزراء، وذلك بعد ملتقي قسة جمت التي جمعت 27 قبيلة عربية تواثقت علي ميثاق أسس لما عرف فيما بعد بتنظيم قريش -1 وحتي قريش -20 )راجع كتاب وجوه خلف الحرب للكاتب الباقر عفيف(.وقد تلخصت أھداف التجمع العربي في دارفور
وتنظيم قريش في:
)1( إحداث تغيير ديموغرافي في إقليم دارفور بالتحالف مع مجموعات المركز وخاصة الطريفيين وقد إدعي التجمع العربي في مذكرته الأولي التي رفعھا لرئيس الوزراء أن القبائل العربية تشكل أكثر من %70 من سكان إقليم دارفور.
)2( تقسيم إقليم دارفور الي ست ولايات مستقبلاَ بمساعدة مجموعات المركز ومن الملاحظ أن البشير قد حقق لھم الجزء الأكبر من ھذا المخطط بعد أن تم تقسيم دارفور فعلياَ الي خمس ولايات.
)3( السيطرة علي المركز كھدف إستراتيجي خفي وبعيد المدي بعد أن تقوي شوكتھم في دارفور.
وقد رتب تنظيم قريش والذي ھو أسلوب تنظيمي للتجمع العربي بحيث يتواكب مع طبيعة كل مرحلة علي حدة حيث جاء ترتيب أولياتھم علي النحو التالي:
أ- توحيد الجبھة الداخلية. ب- بناء القدرات بالتعليم والتدريب والتأھيل. ج- بناء كتلة إقتصادية للمجموعات المنضوية تحت تحالف التجمع العربي بدارفور. د- يكتمل البرنامج حسب الخطة الإستراتيجية بحلول العام 2020م.
لقد وجدت حكومة البشير ضالتھا في فكرة التجمع العربي في دارفور فإستثمرتھا بئس الإستثمار فقامت بتجييش وتسليح القبائل العربية بھدف مساعدتھا في القضاء علي الثورة المسلحة في دارفور، وھنا لا يفوتنا أن نشيد بجميع القبائل العربية التي رفضت التورط في الفتنة والمشاركة في مجازر النظام ضد مواطنين سودانيين، كما نشيد برفض جميع بطون المسيرية في جبال النوبة\جنوب كردفان أن يزج بھم النظام في حربه العنصرية ضد النوبة،وكذلك لا يفوتنا أن نحيي جميع قوي الإستنارة والقوي الوطنية
الحديثة التي ظلت تناضل وتكافح لھزيمة المشروع الظلامي للاخوان والأجندة الرجعية للقوي التقليدية.
قادت الفظائع والأعمال الوحشية التي إرتكبتھا مليشيات الجنجويد سيئة السمعة الي إبادة مئات الالاف من قبائل الزرقة وتنزيح الملايين من مواطنھم الأصلية التي تم إحتلالھا بواسطة المستوطنين الجدد وھم عرب تشاد وأفريقيا الوسطي ومعظمھم مجموعات تشاديه كانت موالية لأحمد أصيل الذي كان وزيراَ للخارجية في حكومة حسين حبري قبل تصفيته جسدياً، بالإضافة الي إستجلاب عشرين ألف أسرة من عرب النيجر والآف الأسر من عرب الطوارق المستجلبين من مالي. ھذه المجموعات المستجلبة تم
توطينھا في ثلاثة مناطق رئيسية بإقليم دارفورھي: 1- حوض وادي باري الواقع بين مورني وزالنجي بولاية وسط دارفور.
2- الشريط الممتد من زالنجي وحتي جنوب محلية كأس بولاية جنوب دارفور التي خصصت لمجموعات الترجم.
3- المنطقة الممتدة من محلية وادي صالح وحتي الحدود مع زالنجي بوسط دارفور وقد إحتلتھا المجموعات الوافدة المعروفة بالأبالة.
ومن الحقائق المؤلمة التي قد لا يصدقھا القارئ أنه لا يستطيع أي من أبناء ھذه المناطق المحتلة والمستوطنة الذھاب إليھا لمجرد الوقوف علي أطلالھا أو حتي لمجرد العبور عبرھا الي منطقة أخري إلا وقتلوه في وضح النھار!!
لقد سجل التاريخ للإمام الصادق المھدي نصيب الأسد في تفويت فرصة حقن الدماء ووقف الحرب في الجنوب للحفاظ علي وحدة السودان، وذلك عندما تآمر مع الجبھة الإسلامية القومية لوأد وإجھاض إتفاق الميرغني– قرنق. كما ساھم المھدي بقوة في تعميق الأزمة وتشظي الوجدان الوطني عندما ألف كتابه المشئوم المعنون )) خمس خطوات لأسلمة وتعريب جنوب السودان(( فأصبح بذلك مسئولاً عن إطالة أمد الحرب ومساھماً بقوة في الأخطاء التراكمية التي قادت فيما بعد الي لجوء الجنوبين الي خيار الإنفصال
وبناء دولتھم المستقلة كنھاية منطقية إنتھت بالتحرر من ظلم وإضطھاد وإسترقاق دولة الجلابة مرة واحدة والي الأبد.
ومما تقدم نستطيع القول إن كافة مشاكل وكوارث وأزمات السودان التي قادت الي حافة الإنھياريتحمل الصادق المھدي الجزء الأكبر منھا ولذلك لا نري فرقاً كبيراً بينه وبين البشير، بل نعتبرھما وجھان لعملة واحدة إن لم يكن الإمام ھو الأب الروحي لمؤسسة الرق ودولة الجلابة في السودان. فلا تصدقوا تھديدات البشير للإمام وإدعاءه الأجوف بفتح بلاغات في مواجھته بسبب تحالفه مع حركات مسلحة، فالبشير يريد أن يصور الإمام كضحية حتي يزيل عنه الشكوك التي تحوم حوله ويكسبه تعاطفاَ يسھل من إنجاز مھامه، وإلا فلماذا يھدده البشير وقد أنجز علي حد قول الخال الرئاسي؟ فالأمر لا يعدو كونه توزيع أدوار في مسرحية معلومة ستنكشف لكم تفاصيلھا علي ھدي تفلحون وتھتدون طال الزمن أم قصر- لكن يبقي السؤال ھل ھناك حقاَ ما يدعوا الثوار من أبناء الھامش والقوي الوطنية الحديثة والتقدميين من أبناء الشمال والوسط النيلي لھذا الإصطفاف المخزي خلف ھذا الإمام بعد كل مخازيه التي ذكرناھا لمساعدته في إجھاض ثورة التغيير، بينما لم يقدم أي إعتذارمستحق عن ھذه الأخطاء والجرائم
التاريخية يؤكد تراجعه عن مشروعه العنصري حتي لحظة كتابة ھذا المقال؟!