كتبنا في وقت سابق بعد إنهيار الجولة الـ15 للمفاوضات بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والحكومة السودانية عن التحالفات، وذكرنا حينها ما نختزنه في ذاكرتنا الحية عن افعال مازالت شاخصة وماثلة امامنا لاشخاص لايمكن نسيان افعالهم لانهم اجرموا في حق الشعب فهؤلاء مكانهم الطبيعي محكمة العدالة. وتناولنا الاخطاء التي صاحبت بعض تحالفات الهامش بعد إندلاع الحرب الاخيرة في ولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان- جبال النوبة واستمرار القتال في دارفور بعد ان دخلت الحركة الشعبية عدة تحالفات لكن تلك التحالفات في مقدوري كانت غير فاعلة وذلك للخلافات وبعض القصور التي كانت تحدث بين الحين والاخر وتدخلات بعض من العناصر الذين ساهموا في تأزيم الهامش (السوس) ونحن هنا نشير الى نبي الوصايا الامام المهدي وانا لا اعرف من الذي دل ابناء الهامش عليه فإتخذوه مرشداً ودليلاً وهو من فصيلة تلك الذئاب وساهم في قتل الابرياء في السودان وهو المتورط الاول في تسليح مليشيات القبائل العربية في غرب وجنوب وشمال كردفان لقتل ابناء النوبة وهو الرجل الذي تسبب في مجازر الضعين، رجل يعيش على التناقضات خرج من الخرطوم رافضاً الحوار الوطني ثم عاد مرة اخرى مبشرا به ويريد ان يؤكد بان مخرجات الحوار الوطني متطابقة مع رؤى نداء السودان، رجل تاريخه خرب وملطخ بدماء الابرياء من الشعب السوداني فكيف يستأمن الذئب على الغنم، فهو نفسه سليل السادة محبي السلطة على مدى تغلبات الازمان، سنتحدث عن هذا الرجل وخباثته ومساعيه التي تكللت بالفشل في مقال منفصل لكن الان نريد ان نركز على بعض النقاط والاحرف التي سكبت في المياه التي جرت تحت الجسر مع عدم اندهاشنا في بعض الامور لاننا كنا نعلم ما كان يحدث بعيداً عن التصريحات التي ترد في وسائل الإعلام وكان في الغالب يدلي بها الامين العام للحركة الشعبية المقال الرفيق ياسر سعيد عرمان في السابق في كل انهيار جولة تفاوض او لقاءات او تحالفات جديدة معتقداً بانه يمارس التكتيك السياسي بمفرده على العامة لابساً ثوب الذكاء الخارق ويريد ان يمارسه على الذين وضعوا فيه ثقة واعطوه القيادة التي انتهت عهدها منذ امد طويل لكنه يريد التمسك بها حتى تاريخنا هذا، لذا كان لزاماً علينا في هذه المرحلة ان نملك الراي العام بعض المعلومات عن الملفات السرية الخطيرة التي يخوضها هذا الرجل مع “الهربوية” ود المهدي لان الامر حينما يتعلق بالجيش الشعبي لتحرير السودان يكون قد دخل الحوش وهذا الاخير خط أحمر ولايمكن المساس به لان الحركة الشعبية حينما لجأة إلى الكفاح المسلح كان هذا بمثابة مواصلة لنضالات مسلحة سابقة ضد القهر والظلم وكان الهدف الأساسي للذين إنخرطوا في صفوف الجيش الشعبي هو الدفاع عن مصالحهم الحقيقية ضد سيطرة السلطة ونهب الثروات، عبر نضال من أجل البرنامج السياسي للحركة الشعبية لتحرير السودان، وكان هذا رد فعل طبيعية للمهمشين في السودان ضد الحكومات المتعاقبة في الخرطوم لكن حينما يريد بعض الشخصيات النافذة في التنظيم انتهاج نهج اقرب لنهج المركز امثال العرمانيون الذين يريدون ضرب نضالات الجيش الشعبي بالحائط وتذويبه في مليشيات المؤتمر الوطني من اجل اهداف شخصية، هنا يتطلب الامر لفت جماهير الحركة الشعبية على الخطر القادم الذي يتطلب وضع حلول جزرية له لايقاف هذا العبث الذي يقوم به هؤلاء. لان مربي الاجيال المناضل الجسور يوسف كوه مكى حينما وضع لبنة الجيش الشعبي في الجبال في العام 1984م وغيره من قيادات تنظيم “كمولو” الذين إلتحقوا بالحركة الشعبية لتحرير السودان، وعادوا إلى جبال النوبة وجندوا الشباب للجيش الشعبى من خلال معسكرات أعدت لذلك الغرض لم تكن من اهدافهم تذويب الجيش كنهاية للمطاف في مليشيات المؤتمر الوطني بل كانت هنالك اهداف واضحة لذلك، قُتل في سبيلها اكثر من 2 مليون جنوبي وعشرات الالاف من ابناء جبال النوبة والنيل الازرق مما ادي الي انفصال جنوب السودان، مرورا بالحرب العنصرية علي النوبة والفونج والبجا من قبل اجهزة المركز بإستخدام القوة العسكرية المفرطة في محاربة هذه الشعوب الأصيلة وممارسة كافة اشكال الابادة والتطهير العرقي ضدها، ودونكم اعلان الجهاد علي النوبة رسميا من الابيض في العام 1992 فضلاً عن ما حدث ومازال يحدث في دارفور من إبادة جماعية وتغيير ديموغرافي، فحدث ولاحرج.
نعود الى موضوع العنوان اعلاه ونبدأ بالجولة الـ15 التي عقدت في اغسطس من العام 2016م والتي تعتبر اولى بوادر صراع الرؤي والمصير حينما اودعت ورقة سرية قدمها رئيس الوفد المفاوض الرفيق ياسر سعيد عرمان تتعلق بالترتيبات الامنية ووضع الجيش الشعبي في مضمونها دمج قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان في مليشيات المؤتمر الوطني وتجريده من السلاح بحيث تبدأ عملية دمج الجيش الشعبي مع مرور الوقت في الجيش “النظامي”، وهنا نحن نتساءل هل هنالك جيش سوداني نظامي؟! لانه من المعلوم في تاريخ السودان لاتوجد قوات مسلحة مهنية وقومية منذ قوة دفاع السودان التي اسسها المستعمر في 17 يناير 1925 لاهداف استعمارية بحتة فصارت فيما بعد نواة للجيش السوداني، هذا الجيش الذي لم يشهد له منذ تأسيسه الا انشغاله بقتل وابادة المواطن السوداني منذ العام 1956م، فالقوات المسلحة من عيوبها منذ تأسيسها، قد تم تسييسها وادلجتها منذ انقلاب الانقاذ المشؤوم لم يبقي هنالك اي شييء من المهنية والوطنية لهذا الجيش واصبحت القوات المسلحة ناقصة التكوين القومي وبدلاً من ان تحمى الوطن اصبحت عبارة عن قوات مسلحة تحمي الحزب الحاكم الذي يمثل الاقلية الشمالية، فكيف للعرماني ان يريد من جيش ثوري ان ينخرط في صفوف مليشيات قتلت اهلنا في دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان – جبال النوبة ؟ وهنا نطالب عرمان بان يوضح لجماهير الحركة الشعبية خاصة ابطال الجيش الشعبي بانه لماذا اقدم على هذه الخطوة الخطيرة؟ خاصة وان عملية الدمج والاستيعاب غير مقيدة بسقف زمني اذ يتضح ذلك من اللغة الاستسلامية التي تهزم نفسها بعبارة Overtime مما يعني ان عملية الدمج يمكن ان تتم خلال شهر او عام، فالمهم هو تسليم بندقية الجيش الشعبي للنظام والذي بدوره سيقوم بدفع المقابل من مناصب واشياء اخرى لانعلمها وهذه خيانة واضحة لدماء الشهداء ونضالات وتضحيات الجيش الشعبي، لم نعرف نوايا هذا الرجل في تقديم هذه الورقة؟؟؟ لكن الاخطر ما في الأمر انها قد تم ايداعها رسمياً لدى الوساطة وصورة منها طبق الاصل لوفد الحكومة كوثيقة مرجعية، مما يعني انها ستظل وثيقة ملزمة في التفاوض حتي لو تغيرت حكومة المؤتمر الوطني مالم يتم سحبها من الإيداع رسميا لاننا ملزمين بالتفاوض مع حكومة الامر الواقع كجزء من اهم وسائل واليات النضال، وهذه تعتبر مشكلة عالقة حالياً اذا لم تسحب هذه الورقة من الوساطة لانها قدمت من رئيس الوفد المفاوض دون اي تفويض لطرح وايداع هذا الموقف التفاوضي، بل انه قد اقدم علي هذه الخطوة سرا اذ ليس للمؤسسة العسكرية، مجلس التحرير، الحزب، حكومة الاقليم ولاحتي المجلس القيادي القومي اي علم بهذه الخطوة الخطيرة التي اقدم عليها عرمان وعقار.
وفي إجتماع رسمي سأل عرمان للتأكد عما اذا قام بهذه الخطوة فعلياً وهل الورقة وصلت للوساطة بالفعل؟ كذب الرجل في وضح النهار وقال ان الورقة لم تودع لتتضح الحقيقة فيما بعد من سكرتير الوفد المفاوض والذي افاد الحلو كتابة ان هذه الورقة قد تم ايداعها رسمياً لدي الوساطة كوثيقة مرجعية ملزمة وتم تسليم وفد الحكومة صورة طبق الاصل منها ليتضح ان عرمان هو حقا يريد التضليل والخداع، كان في الامكان تدارك الامر من قبل القائد العام للجيش الشعبي مالك عقار لو كان قد اصدر بياناً حالاً في ذلك الوقت يتبرأ فيه من هذه الورقة لكنه رفض ذلك بحجة ان اصدار مثل هذا البيانات ستظهر للراي العام بان هنالك خلافات داخل الحركة الشعبية، ولان هذه الخطوة الخطير لم تعجب الحلو طلب منه ان يخاطب الوساطة بخصوص سحب الورقة رسميا بصفته رئيس الحركة والقائد العام للجيش الشعبي، وباعتبار انه لم يمنح اي تفويض للوفد المفاوض لايداع تلك الورقة ولكن عقار رفض ذلك وقال ان الوفد المفاوض قد حسم هذا الأمر وانه شخصيا ليس متخوفا من محتواها، مما يعني انه شريك اساسي في هذه الجريمة والمؤامرة التي تعتبر خيانة عظمى تستوجب المحاسبة والمحاكمة الثورية لان الورقة في ظاهرها هو دمج الجيش الشعبي، لكن في حقيقة الامر الموضوع عبارة عن مشروع استيعاب وتذويب للجيش الشعبي في مليشيات المؤتمر الوطني وهذا الاخير لا يمكننا السكوت عنه. لان هذه المؤامرة والصفقة اشترك فيها ذلك “الهربوية” ود المهدي وهذا سيكون موضوعنا في الجزء الثاني لكشف الدور السلبي الكبير الذي لعبه هذا الرجل الذي يتبجح الان لوسائل الإعلام ويقول انه قد نجح في تحقيق اختراقات مبدئية ووطنية.