وقُل إن السعــودية..الأب الروحي للإرهــاب والإستعبــاد اللاهوتي
بقلــــم : محمد أبكــر موســي
إذا قُـدّر لك الحديث عن الإرهاب وخاصةً ذو الطابع الديني، وذلك التطرف الغادق في التدين والغلو الغائر في العقائدية، فإنك بشكلٍ أو بآخر تخاطبنا وتتحدث عن جذره الأصيل وداعمه الأكبر روحياً وهو ” السعودية”; تلك الدولة القابعة في صحراء شبه الجزيرة العربية.
أما عندما تطرح قضية الإرهاب الماثلة في منطقة الشرق الأوسط، فإنك لو تدري تحدثنا بصورةٍ مباشرة عن اللاتغافل واللامبلاة عن السعودية وعن دورها الفعّال في إستمناء التطرف، وتربية جذور الإرهاب العقائدي ودعمها على كافة الخيارات وكل المستويات المعتبرة لكل عقليةٍ تنبذ الآخر وتجاهده بدعوى الجهاد اللاهوتي وجوباً و تعزيز وجودية الجماعات التكفيرية على المستوى الأقليمي أو العالمي، بــ إستثناء المستوى القومي لأن السعودية الأب والوالدة الشرعيان لخلق الصدام الكهنوتي وإفطام الإزل منذ الأزل.
كل ذلك والأكثر خالد في الخفاء، لأن المعلوم بالضرورة للجميع أن السعودية لهو المنبع الخالد،والمستورد المضاد والمصدِّر الأكبر للفكر الوهابي من والي بقية أصقاع الأرض، بزعم الدعوة الي الإيمان وهذا الفكر بالطبع الربيبة الحميمة للجهاد وتطبيق التدين الإسلامي سواء بالنار والسيف أو غيره في جميع بلدان العالم، الأمر الذي يضمر علناً معاني الكراهية ونبذ الإختلاف وتحريم التعدد الديني والحضاري واللغوي والثقافي بذعم أن ديانتها الأحق باليقين والأصح بالإعتقاد والحقيقي والحق باللاهوتية والله و الرسل والجنة والجحيم .
كل ذلك فضلاً عن الأبعاد القهرية للحكم الملكي وخياراته الإقصائية، ومتغيراته الذكورية، وسلطاته الأبوية وقراءاته الصلبة التقليدية، وإحتضانه لجذر الأساس للحاكمية ،وفكرة الخلافة الإسلامية كونياً،عوضاً عن العقلية السلفية، والإجترار الدائم لماضي الصحابة والخلف، والإنغلاق الثقافي والتخلف الحضاري، والطفولية في التعاطي مع ألاعيب السياسة والتحفظ الأبدي عن الآخر، والنظرة العقلانية لصيرورات والرؤية الإعتيادية والنمطية لسيرورات الحياة، والتعبدية في الأخذ بالتطور العلمي والإختراع التقاني والإكتشاف الفيزيائي والإبداع الأدبي.
تلك كانت المقاربة النظرية،بينما علي مستوى الغعلي فإن تنظيم القاعدة الإرهابية فقد خلقها وربتها وفطمها السعودية بلا أدنى شك أو إجحاف، وبالطبع ثمة المثير عن نشوء وتعزيز ودعم بقية التنظيمات الإرهابية سواء في سوريا اوالعراق أو اليمن،أو الحركات المتطرفة عقائدياً والصاخبة في العقلية والثقافة الجهادية والدعوة بالزناد الي الأسلام، الي أن بدأ مألوفاً للكل يوماً تلو الأخر أن الرياض بلا ريبٍ لهي الأب الروحي لإنجاب إي إرهابٍ و لهو الداعم والشريك الحميم والأبرز لكل عقلية متطرفة ثقافياً ودينياً على مسوى الأرض،ولهي المصدّر الأساس لذيوع وسيادة الإرهاب الديني في الشرق الأوسط.
أما المثير في أمر أبوية السعودية للتطرف العقائدي هو أنها لكمْ تجتهد بمافة السبل لدعم الإرهاب بكل ما آوتيت من قوة خارجياً،وتمنع في الوقت ذاته تلك الجماعات الإرهابية من الدنو والتسكع نحو الداخل; حيث الأمر اللافت للسخرية هو أن سياستها و خياراتها الخارجية لا تخرج عن كيل بوابل الصياح عن الإرهاب العالمي وتوجيه خذائف التهم لدول أخرى بدعم الإرهاب مبرئة نفسها بكل “سخافة دبلوماسياً وحماقة ثقافياً وعقلياً وبلادة سياسياً” وتتجاهل بكل طفولية تاريخها الأزلي الممتلأ بالإجرام والإقصاء والإستبداد الديني والسياسي والغوي،عوضاً عن تربعها القدسي على رأس الدول الأعرابية الخليجية في خلق ودعم التطرف والغلو الديني على أقل تقدير. آخر تهمها بلسان وزير خارجيتها سعود الفيصل لدي لقائه نظيره الأمريكي حين قال أن “إيران” تدعم الإرهاب وتسعى للسيطرة على العراق قبل أشهر قلائل.
والأمر المعروف بالضرورة أنه لا يكاد تصدر المنظمات المكافحة للإرهاب والمؤسسات الحامية لحقوق الإنسان من الإنتهاك والداعية للسلام والأمن العالمين والراعية والمعززة لثقافة إحترام الآخر المختلف وتقدير الغير المغاير تقريراً، إلا وتتصدر السعودية عناوينه، وهذا غير تأكيدات الامريكيون أنفسهم ووثائق ويكيليكس،كما أكدت مؤخراً نائبة رئيس البرلمان الألماني “كلوديا روث” أن “السعودية أكبر مصدّر للإرهاب في الشرق الأوسط، مطالبةً بوقف بيع الأسلحة للرياض، مشيرةً الي أن أغلب الجماعات المسلحة التي تتواجد حالياً في أفغانستان، سوريا والعراق قد جائت من السعودية”.
غير أن ثمة العديد من التقارير الصادرة عن السعودية نفسها أكدت و مازالت تؤكد الإنضمام اللامحدود من السعوديين إلى صفوف الجماعات المسلحة والتنظيمات الأرهابية، وإستثناءاً عن البيئة السلفية الملكية التقليدية الخالقة والحاضنة للإرهاب والدعم الروحي والإقتصادي اللانهائي الذي يُقدم للإرهابيين من قبل الكهف الملكي أو من البورصة الخاصة لأثرياء المال والإرهاب لاحقاً من زمرة لصوص الدولة وعاهري الرعية تديناً وإستبدادا.
ومما لا شك فيه أن ما يسمى بـ”الربيع العربي” قد كان المجهر الإستقصائي والمعملي مثل ذلك للأحياء الدقيقة في كشف عورة السعودية في إحتضان تحريم حق التعدد والإختلاف ودعم الإرهاب; ففي هكذا عالم التقانة الخالصة فإن شمس الحقيقة لها عين واحدة لا غير ويستحيل أن تحجبها أي شائبة. وهنا قد أكدته وزارة المالية الامريكية قبل فترة وجيزة جداً الدعم السعودي للتنظيمات الإرهابية وجماعات الإسلام السياسي الغادق في غلواء التطرف الديني،وسيما تنظيم ما يسمى بــ”الداعش” الإرهابي.
وهكذا تتواتر التأكيدات الجازمة كسيل جارف من إنحدار خالص الغعورة; ففي حين ينشر معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى تقريراً يؤكد فيه انّ “حكومات من منطقة الخليج الفارسي لا تتردد في تمويل الجماعات المتطرّفة بهدف إستغلالها سياسياً، يذكر صحيفة زود دويتشه تسايتونغ الألمانية أن السعودية ودولًا خليجية كقطر والإمارات وغيرها، تعد الأساس والأبرز في خلق ودعم وتمويل الجماعات المتطرفة والأكبر هو تنظيم “داعش” الإرهابي وغيره. أما صحيفة الإاندبندنت البريطانية تقرر تكراراً وتؤكد مراراً على أن السعودية لهي صاحبة الدور الأكبر في تنامي نفوذ القاعدة في أفغانستان وعلى تذكيرها هجمات 11 أيلول التي قام بخلقها وتنفيذها(15)سعودياً من أصل عدد مختطفي الطائرة الـ(19). بينما صحيفة الغارديان فقد عنونت في وقت سابق:” لكي تكبح الأهاب حقاً…أوقف دعم السعودية”،وأكدت “أن السعودية من أكبر الديكتاتوريات في العالم; حيث تم إعدام (22 )شخصاً بجرائم مختلفة في السعودية خلال شهر واحد فقط. وطبقاً لمنظمة العفو الدولية فان عقوبة الإعدام في السعودية لا تخضع لأي نوع من المعايير القانونية،مع إستخدام التعذيب لإنتزاع الإعترافات،فضلاً عن ممارسة التمييز ضد المسلمين الشيعة وحرمان النساء من الحقوق الاصيلة.
ولكن الساخر حقاً هو أن السعودية لم ولن تتملل مساعيها بالنحاح رغم إحتضانها الأساس ودعمها الجنوني لقنوات الإرهاب و الجماعات المسلحة في سوريا بإسقاط بشار الأسد،غير أن نتاج ذلك التوحش الداعشي قد عاد اليها سلباً; حيث ثمة تهديد منها في الأمس القريب بضرب الأسرة المالكة وتفتيت الأحشاء الداخلي للسعودية،وخروج العديد منها عن الخط المرسوم سعودياً بأيادي خارجية، الأمر الذي أجبر الأخير على التراجع وإعادة التموضع من جديد.بيد أن الرياض ما لبثت برهة حتى عادت بتنصيب سلمان ولياً للمملكة بعد تقويض عبدالله لاهويتاً بأمر من عزرائيل، وذلك بمحاولة تدريب جماعة إرهابية”معتدلة” لأجل حشرها في سوريا والعراق بغية تلهيب شعلة الإرهاب سعيرا.
وفي وقت قريب سابق لقد نشر موقع “غلوبال ريسيرش” تقريراً أكد فيه ثمة وثيقة سرية سعودية تظهر إتفاقاً قامت به السلطات السعودية مع حوالي(۱۳۰۰) سجين ينص على إعفائهم من إقامة الحد الشرعي عليهم وصرف معاشات شهرية لعائلاتهم وذويهم مقابل تاهيلهم وتدريبهم وإرسالهم الى”الجهاد”في سوريا. بينما أخر دعم الإرهاب لها هو ما كشفته وكالة رويترزعن توجه لدى”جبهة النصرة” الذراع الرسمي للقاعدة في سوريا، لفك الإرتباط بين الطرفين، والجولاني يدرس قطع إرتباطها بالقاعدة لتكوين كيان سياسي عسكري جديد تدعمه دول بالخليج الفارسي للإطاحة بالدكتاتور السوري رئيساً الأسد.
أما المثير حقاً عن تأكيد أو نفس كل ما أكدناه نظرياً ومعملياً هو أنه بالأمس الأقرب لليوم قد قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في حلقة الأحد (2018/3/25) من برنامج “ما وراء الخبر” أن دعم بلاده للفكر الوهابي في الفترة الماضية،كان إستجابة لطلب حلفائها الغربيين أثناء الحرب الباردة، الذين حثوها أيضاً على استخدام مواردها لإغلاق المنافذ أمام التغلغل السوفياتي في العالم الإسلامي، متعهداً بإعادة الأمور إلى نصابها في هذا الشأن. وعنه توضيح ذلك قال أستاذ الأخلاق السياسية وتاريخ الأديان الدكتور محمد المختار الشنقيطي إن تعامل السلطة السعودية مع الدين يدخل في خانة استخدامه وتأميمه وتحويله إلى ملكية للسلطة السياسية، مضيفاً أن الجديد هو الإعتراف والمجاهرة بتأكيد ولي العهد السعودي أن دعم بلاده للفكر الوهابي كان إستجابة لطلب حلفائها ولم يكن قناعة ذاتية، مما يدل على الإستهتار بالرأي العام السعودي والإسلامي، خاصة بشيوخ المدرسة السلفية التي كانت في ميثاق تاريخي مع آل سعود.
وقال الشنقيطي إن السعودية تقمع الآن السلفية الإصلاحية وتتساهل مع السلفية المتشددة التي يهاجمها ابن سلمان بالأقوال، لكنه بالأفعال يقمع السلفية الإصلاحية ويزج بشيوخها مثل الشيخ سلمان العودة في السجون.وأعرب عن خشيته من أن إنفجار الوضع في السعودية بسبب التناقضات الأيدولوجية والإقتصادية،مشيراً إلى أن ابن سلمان يهدم ما تحقق من إصلاح في الثقافة الدينية السعودية على مدى العقود الماضية، وفي الوقت نفسه يدعي أنه سيصلح تلك الثقافة.
من جهته قال المعارض السعودي والأمين العام لحزب التجديد الإسلامي الدكتور محمد المسعري إن الدولة السعودية الثالثة تظاهرت بالدين واستخدمته طوال تاريخها، حيث استخدمه الملك عبد العزيز لإنشاء المملكة وقمع كل من يقف في وجهه للحصول على الملك المطلق.وأشار إلى أن السعودية استخدمت الإخوان المسلمين أسوأ استخدام ثم قلبت لهم ظهر المجن،كما استخدمت شيوخ الوهابية.
وبشأن تصريحات ابن سلمان، قال المسعري إن الدول الغربية هي التي أمرت آل سعود بالاستفادة من الدين لحماية عرشهم ومصالحها لديهم واستمروا في ذلك. ووصف تصريحات ابن سلمان بأنها ” ليست صحيحة، وهي حماقة وسذاجة سياسية، ونوع من الدفاع عن الذات مفاده أنكم أيها الأميركيون تتهموننا بأننا وراء التشدد والضربات التي وجهت لأميركا، لكن الأميركيين يعلمون أن تلك الضربات جاءت بتمويل من جناح عبد الله بن عبد العزيز. كما وصفه المسعري بأنهم “صهاينة خلص”، مشيرا إلى أن الفلسفة التي يعتمد عليها سلمان منذ الثمانينيات مع جلسائه من العلمانيين والتغريبيين وأشباه الملحدين هي وجوب التخلص من هذه الأديان، لكن المرحلة التاريخية لا تسمح بذلك”.
واعتبر أن ابن سلمان في مأزق تاريخي فهو يريد أن يتحرك باتجاه تثبيت السلطة المطلقة، ويريد أن يقدم للشعب السعودي إنجازات ترفيهية وصناعية وحضارية تقدم في 70 سنة ويريد أن يقدمها في بضع سنوات ويؤملهم برؤية 2030، وهذه هي الإشكالية التي يعانيها ولن يخرج منها البتة”.
في المنتهى نستخلص الي أنه على السعودية أن تقر ويجب عليها الإعتراف بأن نكرانها للتاريخ والواقع الدموي في حكمها الملكي الداخلي وسياستها الخارجية بالخصوص الإرهابية والغارقة في التطرف العقائدي والغلو الديني الجهادي لا يشفي لها غليلاً عن الإتهام الأبدي بخلق وإحتضان ودعم الإرهاب العالمي وتحريم حق الإختلاق والتعددية الدينية والثقافية، وأن كل ذلك لا يخلق لها سبيلاً.
فالإفتراض الحقيقي لتعي السعودية ذاتها هو أن تعلن جهورا بأنها الأدب الشرعي الأصيل والأم الحنون لحضن وإفطام جماعات الجهاد والتنظيمات التكفيرية والقواعد الداعشية، بغية تخفيف حملها الأزلي للإرهاب ليتقدمها المجتمع الدولي الي المحكمة العدمية ،لأنها لطالما ظلمت وأظلمت وإستبدت طوال عمرها من ميادها بالإنسان وإنتهك أبسط حقوقه الأصيلة في الوجود مثل حق الحرية وديمقراطية التعبير والتدين.
وحينها يبقى ما زعمناه سابقاٍ و كل ما سردناه هاهنا ما هو إلا سيل لعاب إقترابي إستكشافي وبصق سخيف لنقد وحليل الخطاب السياسي للمملكة العرابية اللاهوتية، و ليس ما خططناه سوى مجرد غيض من فيض تورط هذه ” أرض الله” في خلق وإحتضان ودعم الإرهاب عشق الرق والإستعباد التعاطي مع بذور الإرهابيين، وقد نظن أن وبلا شك أن القابع عنا لهو أظلم.