محمود الحاج يوسف
Yousif_474@yahoo.com
“يمكنك خداع كل الناس بعض الوقت، وبعض الناس كل الوقت، لكنك لن تستطيع خداع كل الناس كل الوقت.” –إبراهام لينكولن.
دلت التجارب علي أن العمل السياسي يتطلب نبذ الانانية والمصلحية والانتهازية ويسعى الى خدمة الوطن والشعب ومن متطلباته ايضا عدم التخلي او الابتعاد عن الثوابت والقيم والمقدسات ووضع مصلحة الوطن نصب الاعين (1(، وقد توصلت الشعوب المتحضرة لهذه القيم بعد تجارب دلت علي ان ما يعكسه المرء من هذه القيم نحو مجتمعه يرتد إليه في شكل إحترام وتقدير، وإذا راجعنا كل القيادات السياسية في السودان او مختلف بقاع العالم نجدهم قد خاضوا عدة تجارب قبل صعود نجمهم، والإستثناءات لهذه القاعدة هم أبناء الملوك والأمراء او الاقطاعيين، او الطوائف أو أبناء الرؤساء السابقين في أفريقيا، لذلك يتسأئل المرء ما هو الدور الذي قدمه ياسر سعيد عرمان قبل عام 1986، حتي يجد ذلك الموقع المتقدم في الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان. لم يكن يملك عند انضمامه أية رصيد متقدم من الخبرة اوالعلم، او النضال الذي يصعده لمقام يوسف كوة، ولم يكن قد تجاوز سن الخامسة والعشرين، ولم يعرف له اية انشطة سياسية بارزة خارج جامعة القاهرة فرع الخرطوم (النيلين)، لقد تجاوز مقام الذين ناضلوا في السودان ثم انضموا الي الحركة الشعبية منذ عام 1984 مثل دانيل كودي، أو تلفون كوكو الذي إلتحق عام 1985، أو مناضلين أوائل مثل محمد سعيد بازرعة وآخرين من أمثال محمد جمعة ناير وياسر جعفر سنهوري، ومحمد أحمد الحبوب، وحافظ ، فماهو ذلك المصباح السحري الذي استخدمه ياسر عرمان؟
ياسر سعيد عرمان المولود بولاية الجزيرة في إحد من ألأعوام بين 62/19611،كان يدرس بجامعة القاهرة فرع الخرطوم في الفصل الثاني/الثالث عام 1986 عندما حدثت مشاجرة بين الطلبة الإسلاميين وطلاب الجبهة الديمقراطية، فحدث ان قام ياسر عرمان ومعه الطالب عبدالله ومحمد بمطاردة احد الطلاب الإسلاميين ويدعي بلل ومعه آخر، وعندما وصلوا الي سور جامعة القاهرة الفرع، قفز الطالب ألآخر وفشل بلل في القفز، فقام عبدالله بطعن بلل عدة طعنات بمطوته فوقع علي الارض، والثلاثة واقفين من فوقه وهو يصرخ راجيا إسعافه، رفض الثلاثة حتي السماح لمحدثي بأخذ بلل إلي ألمستشفى، حتي ان إمرأة قبطية تسكن امام الكلية وهي من اسرة شمعون، وتبيع الساندويتشات قالت انهم مستعدون لاخذ الطالب المطعون إلي ألمستشفى بعربتهم، لكن الثلاثة رفضوا كل هذه النداءات، حتي فارق بلل ألحياة بعد اكثر من ساعتين من النزيف.
لم يكن ل ياسر أية أنشطة سياسية، سوي ما قيل عن إعتقاله من قبل جهاز الأمن عام 19811 و 1984 اثناء دراسته، ولم يكن معروفاً في الأوساط السياسية في العاصمة حتي حدثت تلك الواقعة، فاحس بخطورة وضعه في السودان وأنه إن قدم للمحاكمة، فسيوجه له تهمة ألتحريض علي القتل، آخذا في الإعتبار أنه رفض للآخرين إسعاف المجني عليه، وحينها قد تتحول التهمة إلي المشاركة في القتل، لذلك لم يكن من منفذ امامه سوي الهروب من السودان، ولكن إلي أين؟
حينها كان الوضع السائد في السودان قائم علي النظام الديمقراطي، وكما رأينا في واقعته مع البلل، لم يكن ياسرممن لهم حس إنساني يمكن أن يدفعه للعمل من أجل مستقبل افضل للبشرية، ونستنتج من ذلك أنه لم يتشرب بالحس الثوري ألإنساني حتي يرتقي إلي مدرسة تشي جيفارا، ويصبح مثل من آمن بهذه المدرسة الثورية من الشباب اليساريين، والاشتراكيين، والمسلمين، والذين تقيدهم قيمهم الأخلاقية وإلإنسانية بالإرتقاء بإنسانيتهم فوق أحقادهم، فجيفارا مثلا لن يترك اسيرا يموت امام أعينه دون ان يسعفه بالعلاج دعك من أن يكون زميله في الدراسة، لذلك لم تكن قضية التهميش عنصرا أساسيا ومحوريا في توجهات ياسر سعيد عرمان.
أمام ذلك الموقف ألإجرامي، لم يكن يشغل عرمان حينها سوي الهروب من الخرطوم خوفا من يد العدالة، وليس له من مفر سوي الالتحاق بالحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان. أجري عرمان إتصالات سرية من خلال قنوات العناصر اليسارية في الخرطوم، حتي توصل إلي بعض السياسيين الجنوبيين، وكما أخبرني صديق أخر أنه “جننا من كثرة حضوره وترديده بأن حياته في خطر،”وهي ألجهات التي وفرت له وسيلة الهروب للإلتحاق بالحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان.
ومن خلال تلك الظرفية فكرإدوارد أبياي لينو وور في إستغلال تلك الفرصة لتعزيز مركزه في الحركة الشعبية، وتحويل هروب ياسر إلي تزوير فريد في التاريخ بالادعاء بأنه انضمام لمناضل من شمال السودان النيلي ممن إتصلوا بدكتور جون قرنق شخصيا منذ عام 1983، وبذلك يكسب ود دكتور جون قرنق، الذي يحتاج إلي إنضمام أبناء الشمال النيلي، مما سيعطي المصداقية لرؤية السودان الجديد وبرنامج الحركة في مخاطبتها لكل السودان، وسيعمل ذلك علي إقناع الإنفصاليين الجنوبيين علي صواب دعوة الدكتور لمشروع السودان الجديد، لذلك عندما وصل إلي أثيوبيا وجد عناية خاصة، وتدرب في كلية الجيش الشعبي ببونغا ومن ثم أدرج في معهد الدراسات الثورية التابع للجيش الشعبي، وبعد فترة قصيرة في العسكرية ألحق بإذاعة الحركة الشعبية بأثيوبيا.
اعتمد الجيش الشعبي قبل إنعقاد مؤتمره العام الاول عام 19944، علي فلسفة تجييش النضال، حيث فرض علي كل عضو في الحركة بالتدريب العسكري، وعلي القتال قبل تفريغه لأي عمل سياسي أو إنساني، ولقد تم تطبيق ذلك بدرجة عالية من الصرامة، وكان هنالك الكثير من الخريجين، ولكن لم تكن هنالك إستثناءات، الا في نطاق محدود وبخاصة لمن كانت لهم انشطة تعبوية قبل إنضمانهم للجيش، مثل د. لام اكول وادواد لينو وجاستين ياك. فما هو الإستثناء الذي بموجبه وجد ياسر سعيد عرمان هذه المعاملة الخاصة والتقدير الكبير من دكتور جون قرنق؟ ومن هي الشخصية التي تقمصها ياسر سعيد عرمان بإيحاء من إدوارد لينو؟ وما علاقته بالحركة؟ وماذا سيحدث إذا ظهر هذا الشخص؟ ألن يشكل ذلك خطورة عليهم؟ وما ذا سيتم التعامل مع تلك الشخصية إذا ظهرت لتفادي تلك الخطورة؟
لقد كان واضحاً للجميع بأن المجتمع السوداني قد تطور كثيرا في الفترة التي تلت ثورة أكتوبر 1964 إلي فترةالانتفاضة عام 1985، فلقد آمن خلالها كل من في وجدانه من قيم إنسانية بضرورة التغيير، وقد ظهر ذلك جليا في حراك الجماهير أثناء الإنتفاضة، وإنحسرت ألأصوات التي تزيد من التمزق الداخلي للشعب السوداني، ولكن نتيجة للإمكانيات والوحدة التي تنتظم هذه المجموعة القليلة، فكانت دائما ما تنتصر في مواجهاتها مع إرادة التغيير ودائما ما تكون نتائج ذلك وبالا وتقهقر في مسار الشعب السوداني. لذلك عندما أعلن عن تشكيل الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان في 16 مايو 1983، إندهشت الأوساط السياسية في كل من شمال السودان وجنوبه، للتوجهات الجديدة الغير معهودة للمعارضة الجنوبية، فلقد تعود الشماليين كلما إنبثق صوت جديد في جنوب السودان، ان يقوم بالدعوة الي فصل الجنوب، لذلك تسائل السودانيين شمالا وجنوبا لماذا خرجت الحركة الشعبية لتحرير السودان عن ذلك المنوال؟ فهل هي جادة في هذا أم ذلك مجرد شعار أجوف يهدف إلي تمزيق الوحدة الداخلية وخلق عوامل يؤدي للانهيار الداخلي مثلما يفعل فايروس متلازمة نقص المناعة “المكتسبة؟”
تحفظت الاحزاب السياسية السودانية حيال ذلك الشعار، ولم يكن هنالك اتصال بين قوي المعارضة السودانية والحركة الشعبية حتي قيام الانتفاضة، سوي بعض العلاقات الفردية لبعض من رموز المعارضة الجنوبية والشمالية.
في ذلك الجو المشوب بالتوتر والحذر وعدم الثقة، قررت قيادة الجبهة الوطنية المتحدة إجراء إتصال مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، فطلب مني الاستاذ مختار عبيد السياسي المخضرم والقيادي بالجبهة الوطنية المتحدة، ورئيس حزب التقدم والعدالة الاجتماعية الحالي وهو امتداد لحزب العمال والمزارعين المؤسس عام 1963م (2)، كلفني بالاتصال بالحركة الشعبية لتحرير السودان، وقررت من جانبي مفاتحة إدوارد أبياي لينو وور، لخلفيته الثورية، وعلاقات الصداقة التي تربطه بي وبأخي الاكبر مصطفى ألحاج يوسف، حتي انه كان وكيله الإنتخابي برمبيك خلال ألإنتخابات لبرلمان إقليم جنوب السودان عام 1974 عن دائرة المثقفين. فاتحت إدواد في هذا الموضوع أظن في يونيو 1983، واعطيته برنامج الجبهة ووعد ان يقوم بإيصاله إلي دكتور جون قرنق دي مبيور، الذي بدوره رد علينا بعد أقل من شهرين ومن خلال إدوارد لينو ولقد خيرنا بالإنضمام الي الجيش الشعبي أو التبرع للحركة الشعبية. قررت الجبهة إرسالي الي اديس ابابا لمقابلة د. جون، ولكن ومع وجود برامج اخري، لم يتم ذلك حتي قيام الإنتفاضة، فطلب مني استاذ مختار عبيد الانضمام الي حزب العمال والمزارعين الذي اصبح أمينا له بعد الانتفاضة، فإعتذرت لأنني كنت قد قررت الانضمام للجيش الشعبي لتحرير السودان، فإستغرق الامر مني للإستعداد حتي الربع الثالث من عام 1991.
عمل إدوارد لينو بعد إنضمامه للجيش الشعبي في غرب الإستوائية ثم عدة مكاتب خارجية، قبل أن يصبح مسئولا عن ألأمن الخارجي في الحركة، وكان دائم الحضور إلي يوغندا، ولم يحدث أن إتصل بي حتي ولو مرة واحدة، رغم العلاقات التي كانت تجمعنا في السودان. لم أكترث لذلك كثيرا، ولكن إستغربت كثيرا من عدم الإستجابة لطلباتي المتكررة بالذهاب للتدرب في الجيش الشعبي بعد سنتان من وصولي إلي يوغندا في سبتمبر 1991، ثم نيروبي عام 1995، ولقد حدث خلال ذلك الكثير من ألأشياء الغريبة التي لم أجد لها تفسيرا منطقيا في البدء، ولكن بعد 2006، بداء الشك يراودني عن أن ياسر سعيد عرمان قد تم تقديمه إلي دكتور جون علي أنه الشخص الذي إتصل بالحركة الشعبية عام 1983، لذلك يعملان علي أن لا ألتقي بدكتور جون قرنق حتي لا يكشف حقيقة تآمرهما، بمراجعة ما حدث لي منذ ظهوري في العاصمة اليوغندية كمبالا عام 1991، توصلت الي انه كان يحاك ضدي مؤامرة كبري، فيما يلي بعضها، ومنها يمكن للمرء أن يحكم:
– عندما قدم د. جون قرنق إلي كمبالا في مارس 1993، قدمت طلب إلي مدير مكتبه دينق الور للإلتحاق والتدرب بالجيش الشعبي، فوعد بانه سياخذني للجنوب في اول قدوم له بكمبالا، ولم يفي بوعده.
– أخبرني مسئول يوغندي بارز في ديسمبر 19944 بأن دكتور جون قرنق لا يثق بي! كيف يقول قرنق ذلك وهو لايعرفني؟ إلا ان كانت الاستخبارات الخارجية للحركة هي التي اوعزت لذلك المسئول بذلك، ولماذا؟
– قدمت الي نيروبي في يناير 19955 وقابلت دينق ألور عدة مرات من اجل الذهاب للتدريب داخل السودان، وبعد إنتظار خمسة أشهر نصحني بالهجرة الي امريكا لان لي ابن صغير. (بعد رجوعي من الجبال عام 1998، إعتذر لي دينق ألور بإنهم حينها لم يكونوا يثقون بي، (فمن اوجد تلك الشكوك؟).
– عندما قابلت عرمان لأول مرة عام 19955، في منزل صديقنا بشير أحمد سلمان بنيروبي، أخذ جواز سفري بطريقة غريبة، وقرأ تفاصيلها، وإستغربت حينها، لماذا كان يريد تلك التفاصيل؟ لاحقا خمنت ان ذلك قد يكون مرتبطا بالشكوك التي أبداها دينج ألور أعلاه، فياسر كان يريد معرفة التفاصيل المكتوبة؟
– ذهبت الي جبال النوبة في سبتمبر 19977، وأقمت في شنغارو حيث رئاسة الزعيم الراحل يوسف كوة مكي، وكان الوصول للجبال مغامرة كبري، عندما وصل ياسر سعيد عرمان في زيارة غير متوقعة وحضر مؤتمر المجلس التشريعي لجبال النوبة بقديل في نوفمبر 1997، وكنت قد حضرته.
– بعد رجوع ياسر فجأة وصل إدوارد لينو إلي كاودا في ديسمبر عام 19977، وكان يوسف كوة في غاية الاندهاش والحيرة حين اخبر عن وصول إدوارد، حتي أنه سألني “ما هو تصورك عما يريده إدوارد من هذه الزيارة؟” مع الخلفية السابقة، فمن الواضح ان زيارتهما له صلة بوجودي في جبال النوبة، وكلاها يريدان معرفة ما افعله في جبال النوبة وإذ ما كان يوسف كوة يهيئني لوظيفة. (مثل أن أتدرب عسكريا، وسيسمح لي ذلك بمقابلة دكتور جون قرنق).
– عند زيارة مولانا محمد عثمان الميرغني لنيروبي عام 19988 ومعه دكتور منصورخالد، واجتماعهما بأعضاء الحركة الشعبية/والتحالف الوطني الديمقراطي، سالت مولانا عن ما يمكن أن يقدمه للمسلمين في السودان الجديد، فطلب أن أقابله علي إنفراد، تأخر أكثر من ساعة، وكنت أنتظره في غرفة دكتور تاج السر، وعندما حضر إلينا مع إبنه، كان قد تغير كليا فلم يستغرق الاجتماع اكثر من خمسة دقائق، ولم يكن وديا هذه المرة، فمن يكون قد إتصل به أثناء ذلك وجعله يأخذ إنطباع مغاير عني هكذا؟
– في مايو 19999 اخبرني دينق ألور بان دكتور جون قد عين ادوارد ممثلا للحركة الشعبية بليبيا ويمكنني كتابة خطاب إلي ألعقيد معمرالقذافي لدعم المجلس الاسلامي للسودان الجديد، وطلب مني التنسيق معه، أبدي إدوارد تأييده للفكرة، وكتبت ايضا لجمعية الدعوة الاسلامية الليبية وطلب أن اكتب تفويضا ل عمر عبدالرحمن (فور) لأن يكون ممثل ألمجلس في ليبيا وشمال إفريقيا. في ديسمبر رجع ادوارد من ليبيا وحضر الي كمبالا وطلب مني كتابة تلك الرسائل مرة اخري لانه نساها في نيروبي، رفضت مطالبا إبراز تلك الرسائل اولا او معرفة مصيرها.
– في تلك الجلسة اعطيت إدوارد وثيقة سفري من الامم المتحدة، لتجديدها بالداخلية اليوغندية، فرفض إرجاعها إلي الآن.
– Walid Hamid told me “Of course you are going to commit suicide,” know I can understand how Yasir was too worry!
– عند وصول عبدالعزيز الحلو إلي كمبالا في ديسمبر 20000، للاستلام من الراحل يوسف كوة، طلب مني الاخير الحضور ليعرفني بعبدالعزيز، لم آتي لأنني كنت معه حتي الظهيرة، لذا ذهبت له في المساء مع بعض الاخوة لمأدبة العشاء التي أقامها علي شرف عبدالعزيز، فقال بطيبته المعهودة وكنت بسلم على عبدالعزيز، “ماقلت ليك تجي عشان أعرفك بعبدالعزيز،” رددنا مع الحلو في آن واحد بأننا نعرف بعض، فقال “لا أنا عايز أعرفكم ببعض،” بعد شهور فقط من وفاة يوسف اكتشفت لماذا كان يصر علي أن يعرفنا ببعض، وبخاصة عندما قال لي وليد حامد ذات مرة “طبعاً أنت ستنتحر!” ألآن أدركت كيف كان ياسر عرمان مهموما من وجودي في الحياة! وفهمت أيضا كيف أن الكثير من الفتن قد قيل ليوسف كوة عني، لكنه كان ذو شخصية قوية، وكان صاحب مبدأ، ويتأكد قبل أن يظلم ألشخص، لذلك كان يريد ان يعرفني بعبدالعزيز.
– رغم علاقاتي مع يوسف كوة وكرئيس للمجلس الاسلامي للسودان الجديد عمل ادوارد ووليد حامد علي عدم وضع إسمي في الوفد المرافق للجثمان في 2001، لأن من المفترض نزول الطائرة في نيوسايت ومقابلة قرنق.
– في عام 20033 وكنت مع مالك أقار داخلين علي مدخل مكاتب الحركة الشعبية في لافينجتون بنيروبي، صادفنا قيير شونق خارجا مع إدوارد لينو، بعد أن سلم قيير علي مالك سلم علي بحرارة وقال لي “مبروك يا محمود، دكتور جون وافق علي تعيينك مديرا لإذاعة الحركة الشعبية.” في تلك اللحظة شحب وجه إدوارد وظهرفيه الرعب، وطبعا كانت تلك المرة الأولي والأخيرة التي أسمع عن هذه الوظيفة.
– في عام 20033 كنت اعبر الطريق مصادفة مع ياسر عرمان تجاه مركز يايا التجاري بهارلنجام بنيروبي، عندما قال لي ياسر ودون مناسبة بما معناه “انت اكبر مننا والمفروض تكون قدامنا لكن نقول شنو”إستغربت كثيرا من ذلك ولكن لم اعر ذلك كبير إنتباه حينها، لاحقا حللتها علي أنها لحظة تأنيب الضمير.
– في عام 20044 إتصلت منظمة إسلامية بريطانية بالحركة للعمل في مناطقها، تجاهلني ادوارد كرئيس للمجلس ونسق مع محمد مرجان الذي جهز ورق مروس بإسم المجلس وزار رمبيك وكاودا مع الوفد وكانا يريدان الذهاب إلى الكرمك لولا أن رفض مالك أقار ذلك. ولقد علمت بذلك مصادفة من أعضاء الحركة أثناء زيارتي ل مالك أقار بنيفاشا، وكلهم كانوا مستغربين من تصرف إدوارد لينو، وتجاوزه رئيس المجلس.
– في ذات العام، ونتيجة لتصرف غريب من إدوارد، أبلغت نيال دينق الذي كان المسئول عن العلاقات الخارجية للحركة والمسئول عن مكتب نيروبي، فرد علي نيال ان ليس له سلطة علي إدوارد، الذي يتبع مباشرة إلي دكتور جون قرنق.
– في يناير 20055، ذهبت مع أعضاء مجلس التحرير الي مدينة لوكيشوكي شمال كينيا، ومعي أجهزة إستقبال للأقمار الصناعية ، وتحول ألاعضاء لطائرة اخري، وطلب مني الذهاب مع الاجهزة في الطائرة إلي نيوسايت حيث ستأخذ دكتور قرنق ومعه مدام ربيكا لرمبيك، وقبل هبوط الطائرة مطار رمبيك أرسل دكتور قرنق حرسه الشخصي أبوكي ، الذي توفي معه، وأمرني أن لا أنزل معه من الطائرة، فمكثت ما يقارب نصف الساعة داخل الطائرة، لماذ عاملني الدكتور بهذه الطريقة المهينة؟ ومن الذي أمده بالمعلومات الكاذبة عني غير الامن الخارجي؟
– في اليوم الثاني، ولمدة ثلاثة أيام كنت أنام في خيمة ألصغيرة لأحد الحراس داخل الحوش الثاني لدكتورقرنق وكأنها لتأديبي، ووجه الدكتور بعدها لأخذي لأحد الفنادق، وهنا أود الإشادة بكرم مدام ربيكا التي عاملتني بطريقة كريمة وقررت مدي بوجبات الطعام بدلا من ألاكل مع الضباط، وأخيرا غادرت رمبيك حتي دون أن أخذ الإذن بذلك.
– في يوم 26 يوليو 20055 وقبل أربعة أيام من وفاة الدكتور طلب مني رئاسته شراء أجهزة أستقبال، بعد شرائها رفضت الذهاب الي نيوسايت، معتذرا بانني قد دربت أحد الضباط في رمبيك لتركيب هذه الاجهزة، وحقيقة الامر كنت غضبان مما حدث معي في رمبيك، فتحدث معي أمات ياور الدكتور وبعد إلحاح شديد وافقت ان اسافر اليوم التالي مع دكتور سيرينو هايتنج، كان رفضي هذا شاذا في تلك الفترة التي يتمني اي احد ان يعبر بنيوسايت، لكن عند وصولي عوملت بطريقة لائقة، وكذلك الدكتور عاملني تلك المرة بطريقة كريمة ونبيلة، حتي ان مدام ربيكا أخبرتني في وجوده أنهم يريدونني لوظيفة أكبر من رئاسة المجلس الإسلامي، إحتمال لأنه أدرك بأن المعلومات التي أوصلت له كانت مغلوطة، علي الاقل أعادت صورته التي إهتزت في رمبيك.
– رفص إدوارد وضع إسمي في الوفد الذي ذهب الي نيوسايت، لمراسيم دفن دكتور جون قرنق في أغسطس 2005، مدعيا أن الطائرة قد إمتلئت، بعد أقل من ساعة إتصل به القس كلمنت جاندا الذي كان يجلس معي فوضع إسمه في القائمة وسافر بالطائرة في اليوم التالي.
– ما أثار انتباهي عام 20066، ما كتب أن عرمان هو ممثل الجبهة الوطنية المتحدة لدي الحركة الشعبية، وهي ذات الجبهة التي مثلتها في مقابلتي مع إدواد لينو عام 1983 في الخرطوم.
– في مارس عام 20088، تقدمت ببعض المقترحات لباقان اموم أمين عام الحركة الشعبية، فطلب مني تحضيرها في شكل دراسة، عندما أحضرتها طلب مني الغداء معهم لمناقشتها، لانها الفرصة الوحيدة وسيسافر للخرطوم بعد الإجتماع، كان يجلس باقان في المائدة امامي وعبدالعزيز الحلو بشمالي وامامه ياسر سعيد عرمان، من بين مقترحاتي خلق سكرتارية للأديان في الحركة الشعبية، ومنصب مستشار لشئون الدين الإسلامي، بعد اسبوعين طردني باقان من الفندق، وفي مايو تم تعيين شيخ الجيلي كباشي مستشارا للرئيس سلفا كيير لشئون الدين الإسلامي. لقد حدثت تلك الواقعة أمام عبدالعزيز آدم الحلو الذي كان يري في ياسر نموذجا للأخاء والتبشير بالسودان الجديد، حينها كان ياسر عرمان يقوم بذبحنا، وقدراتنا الفكرية الواحد تلو الآخر منذ إستلام عبدالعزيز للمنصب عام 2000.
– قبل إنعقاد المؤتمر العام الثاني لمجلس تحرير ألحركة الشعبية في مايو 20088، ظننت إن إسمي سيكون من ضمن حضور ذلك المؤتمر، حتي ولو جلسته الإفتتاحية، للأسف لم يحدث ذلك، بل حاولت الاتصال بالحلو فلم يرد علي المكالمة للتحدث معي لأنه يعلم بما أوده، فهل كان ذلك قراره أم نصيحة من ياسره؟
– أثناء كلمة النائب الأول ورئيس حكومة جنوب السودان ورئيس الحركة الشعبية، سلفا كيير وأمام الرئيس عمر البشير في الاحتفالات بالذكرى الخامسة لاتفاقية السلام الشامل التي أقيمت في مدينة يامبيو عام 2005، قدم مرشح الحركة ياسر عرمان لانتخابات الرئاسة رسميا، وذكر سلفا كير “أن ترشيح عرمان يأتي لمساهماته الكبيرة التي قدمها في مسيرة نضال الحركة الشعبية، وإن عرمان من أوائل الشماليين الذين انضموا إلى الحركة الشعبية في وقت مبكر منذ تأسيسها ومنهم القائد الراحل يوسف كوة مكي، والدكتور منصور خالد، ومالك عقار، وعبد العزيز آدم الحلو، وآخرون. (3) كيف يعقل أن ينضم ياسر للحركة عام 1983 وهو مازال في مرحلة الثانوي؟ ومن هو الشخص الذي أوصله بالحركة الشعبية؟ فهل كان ياسر مهتما بقضية الجنوب في ذلك الوقت؟ ومن كان يعرف من السياسيين الجنوبيين حينها؟ حقيقة الأمر أن ياسر كان مجرد هارب من العدالة عام 1986.
– في نبذة عن عرمان كتب الآتي: “يذكر أن عرمان الذي ينتمي إلى قبيلة الجعليين العربية في شمال السودان ولد في مدينة طابت بولاية الجزيرة وانضم منذ وقت مبكر ما بين 1983 و 1986 إلى صفوف الحركة الشعبية لتحرير السودان، وحاز عرمان على ثقة الزعيم السابق جون قرنق في وقت مبكر من انضمامه إلى الحركة الشعبية وأصبح قائداً عسكرياً ومتحدثاً رسمياً باسمها.” (4) يدعي ياسر بأنه كانت له علاقة بالحركة الشعبية منذ عام 1983، لكن الكل يعرف أين ياسر في السنوات بين 1983 الي 1986؟ لقد أوجد له إدوارد لينو تلك الشخصية، وصدق ذلك وأداه دون وازع من ضمير.
كنت أتمني إذا قدم لي إدوارد لينو أو ياسر عرمان اوكليهما اعتذارا عندما ظهرت في كمبالا عام 1991، وصارحاني بما حدث، حينها سأحفظ لهما سرهما، ولكنت قد إستكبرت ذلك وتقبلتها من أجل المصلحة العامة للحركة، بدلا من ذلك، فإنني حتي لا أجد الكلمة المناسبة موسوعتي لوصف ما نلته علي أيديهما!
ما ذكرته هو ما كنت شاهدا عليه أوسمعته أو مكتوبا في الأسافير، فما بالك ما قيل وحدث من وراء ظهري؟ لذا أفترض أن ما خفي من هذا التآمر لشيء رهيب. أتخيل عندما تحارب من قبل مدير الأمن الخارجي في الحركة، ومساعد الأمين العام للحركة، لا لذنب سوي أن إحداهما قد سرق مجهوداتك، بإيعاز من الآخر، وأرادا محو جريمتهما من خلال إستغلال سلطاتهما وسلطات أعضاء الحركة وأجهزتها، لإزالتك وإذابتك من الوجود! ولولا العناية الإهية لنجحا بأكثر من ذلك.
لقد حويل إدوارد لينو نضالي حتي عام 19866، هدية إلي شخص لا يعرفه فماذا أفاده؟ وماذا سيفعل لو رجع به الزمن إلي الوراء؟ وقد شاهد ياسر سعيد عرمان يتلاعب بأهداف وموارد الحركة الشعبية والحركة الشعبية شمال، وعمل علي تحريف أهدافها، ليتلائم مع مصلحته الشخصية، عندها سيكون لي سؤال شرعي، ما هو الفرق بين ما فعله عرمان والسياسات الحكومية؟ فهل هي خطة من إدوارد أم هنالك جهات أخري ورأء ذلك؟
لقد عمل أتباع ياسر مثل وليد حامد علي تقويض إنتفاضة دارفور منذ عام 19966، فلقد حاول الراحل حاج اسماعيل التوج مقابلة دكتور جون قرنق حينها ، فعمل وليد حامد ضد ذلك مدعيا بان ذلك سيغضب حزب الأمة لأنهم شركاء معنا في التجمع الوطني الديمقراطي، ناهيك عن الاستشارات المغلوطة لعبدالعزيز حتي أوصلوا الحركات الي ما هي عليها ألآن.
ألح علي البعض كتابة ما حدث لي في الحركة، لكن رفضت حتي لا يتسبب في إحداث شرخ للمعارضة السودانية، ونصحني بروفيسر عشاري قبل عامان قائلا “لا تترك أي عدوان عليك من أية جهة يمر دون أن ترد عليه، بقوة، وفي الوقت الذي تختاره،” وقررت كتابة هذا الجزء وعلي عجل بعد ردود أفعال البعض عندما قرأوا استقالة عبدالعزيز آدم الحلو، وقرارات مجلس التحرير لجنوب كردفان. لم أتحدث مع عبدالعزيز منذ استقالتي بجوبا في نوفمبر 2008، إلا مرة واحدة في عام 2010 وبالهاتف طالبا حوارا مع اذاعة سودان راديو سيرفس بنيروبي، ولم يتم ذلك، وكما هو واضح من هذا السرد كان عبدالعزيز آدم الحلو علي علم بالكثير مما كان يجري ولكنه كان شديد الثقة بياسر عرمان ودائرته الصغري، ولا ادري ماذا سيكون إنطباعه بعد قراءته لما لم يعطيه بعض من الوقت، رغم أنه كان شاهد علي بعضها، وأكيد لقد سمع الكثير عني من هؤلاء وعما تفتقت به خيالهم، لذلك أري ان هذا جانب مظلم وخفي من تاريخ الحركة الشعبية جنوب وشمال، فالتحقيق مما أوردته ستضع الحقائق في نصابها، وهي فرصة لأي صحفي يهمه الكرامة الإنسانية، تحري هذه المعلومات وخاصة ان الاستاذ مختار عبيد في الخرطوم وكذا عبدالمنعم شداد، أمد الله أعمارهما. لقد قدمت الكثير من التضحيات وبذلت الغالي والرخيص في سبيل كرامة الشعب السوداني، ولكن مع وجود البعض ممن إسترخصوا التسلق علي أكتاف ضحاياهم وسرقة تضحياتهم لصنع بطولات وهمية، فأمثال هؤلاء تحركهم روح التآمر والخيانة، التي ليس لها من قرار، هذا إختصار ما تعرضت له من عدوان علي مدي عقدين ونصف من الزمان، عوملت خلالها بقساوة ليست فيها أدني درجة من الإنسانية، وسأترك الحكم علي هؤلاء النفر للقارئ وضميره. وأخيرا، لن نبني دولة السودان الجديد ما لم تكن قائمة علي الحقائق، والقيم السودانية الأصيلة، والله علي ما أقول وكيل.
محمود الحاج يوسف
العضو السابق بالحركة الشعبية لتحرير السودان
الرئيس المستقيل للمجلس الإسلامي للسودان الجديد
والمجلس الإسلامي لجنوب السودان
http://exmfpropulsions.com/
المراجع
1- http://kitabat.com/index.php?mod=page&num=5813&lng=ar
2- http://www.albayan.ae/one-world/2002-07-05-1.1336095…
3- http://madaninet.net/vb/archive/index.php/t-971.html
4- http://www.al3asefah.com/…/lofiver…/index.php/t23693-50.html
3 تعليقات
ياسر مناضل من طراز فريد اتفقنا أو اختلفنا معه وله قدرات سياسية وتنظيمه كبيره جدا لاتقل عن دكتور جون قرنق وانسان قوي ويعرف كيف يرهب أعداءه والحركة الشعبية قطاع الشمال بدون ياسر لاتسوي شيء نتمنا أن تتجاوز الحركه هذا الأشكال التنظيمي وتمضي في مسيرة السلام من خلال قوي نداء السودان ويتم حل مشكلات السودان
كلكم خونة انت وياسر بعتم السودان لاسيادكم ودمرتوه نسال الله ان ينتقم منكم جميعا …
التحية لك الاستاذ محمود الحاج يوسف ، مقال قيم جدا واعترافات فريدة وموثقة ونثق انها صادقة ، انت رجل مرتب ومثقف و سياسي من طراز فريد …..واضح هذا من طريقك سردك ومن مشوار صبرك ، الحمد لله انك اولا لم تموت كمدا فقد عشت تجربة فظيعة من الظلم و الغدر و الجبروت ، الحمدلله ان مد الله في عمرك حتي تحضر وتعاصر انهيار امبراطورية ياسر عرمان الموهوم منتفخ الاوداج الانتهازي سارق نضالات ومواقف الاخرين …..السفّاح الذي ظل يراقب زميله بلل ينزف حتي الموت ….!!اتمني ان يمد الله في عمرك حتي تعود لبلادك ضمن سلام مشرف ونساهم جميعا بتنوع قدراتنا لرءوية سودان عادل أمن ديمقراطي يسع الجميع .