الخرطوم – صوت الهامش
اثار الخطاب الذي قدمه رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، للأمم المتحدة لإنشاء بعثة خاصة بالسودان، وفق البند السادس من ميثاق الأمم المتحدة، جدلا واسعا حول جدواه، رغم تبريره ان الغرض منه هو دعم عملية السلام وتقديم المساعدات الإنسانية… في السودان.
واعتبر البعض ان خطاب حمدوك إذا تم تلبيته فانه يؤدي لفرض وصاية الأمم المتحدة على السودان، وان ذلك خرقا للوثيقة الدستورية التي يتم بواسطتها حكم السودان حاليا.
وقدم حمدوك خطابا الي الأمم المتحدة في الـ 28 يناير الماضي، طالبا منها الحصول على ولاية من مجلس الأمن لإنشاء عملية لدعم السلام بموجب الفصل السادس، في شكل بعثة سياسية خاصة تضم “عنصرا قويا” لبناء السلام تشمل ولايتها جميع انحاء السودان.
ونبه الى المخاطر التي تحيط بعملية الانتقال بالسودان، الأمر الذي يستوجب على المجتمع الدولي والأمم المتحدة مساعدته في القضايا المطروحة والمستعجلة، مؤكدا استعداد الحكومة للترحيب بالعثة في أقرب وقت ممكن، تحت قيادة الممثل الخاص للأمين العام، يستقر بالخرطوم.
موضحا على ان تصمم البعثة، تواجد الأمم المتحدة وصياغته للفترة الانتقالية، وتكون نهجا مبتكرا ومنسقا يتسم بالمرونة والسلاسة، تمتلك القدرات اللازمة للمساعي الحميدة ودعم الوساطة، وتقدم المساعدة لمفاوضات السلام بجوبا.
ودعا حمدوك في خطابه الذي اطلعت عليه “صوت الهامش” الي تعبئة المساعدات الاقتصادية الدولية للسودان، وتيسير المساعدة الإنسانية الفعالة في جميع أنحاءها، وتقديم الدعم التقني لوضع الدستور والإصلاح القانوني والقضائي، والخدمة المدنية، وقطاع الأمن.
كما التمس المساعدة في توطيد المكاسب بدارفور من خلال جهود بناء السلام وتقديم المساعدة الإنسانية، والاضطلاع بالمبادرات الإنمائية، وبسط سلطة الدولة، مع زيادة التركيز والمشاركة في النيل الأزرق وجنوب كردفان، ودعم استمرار آلية مهام الاتصال بالولايات وتوسيعها في دارفور.
وطلب حمدوك، بدعم إعادة المشردين داخليا واللاجئين لأوطانهم وإعادة إدماجهم، وتحقيق المصالحة بين المجتمعات المحلية، وتحقيق السلام، والعدالة الانتقالية، وحماية المدنيين، وبناء قدرات قوة الشرطة الوطنية ونشر مستشارين من شرطة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
داعيا فريق الأمم المتحدة القطري بالسودان توسيع عملياته من حيث الحجم والنطاق، وتحويل نهجه من المساعدة القائمة على المشاريع والمساعدة القصيرة الأجل إلى برمجة إنمائية طويلة الأجل تساعد السودان على تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.
من جهته اعتبر حزب الامة القومي بزعامة، الصادق المهدي، في بيان طالعته “صوت الهامش” طلب رئيس الوزراء ولاية دولية للقيام بالمهام المذكورة، دستـورياً، تجاوزا للسلطات الدستورية، وانه لن يخدم قضـية السلام والأمـن.
وأضاف ان إرسال مثل هذا الخطاب، ليس من مهام الحكومة الانتقالية، ويتنافى مع التفويض الشعبي للحكومة المتمثل في تحقيق مقاصد الثورة، وخرقاً للوثيقة الدستورية.
ومن ناحية أخرى يرى الأستاذ الجامعي والكاتب الصحفي فيصل عوض حسن، ان خطاب حمدوك يطلب من الأُمم المُتَّحدة “الوِصاية” على السُّودان، ويُسَلِّم مجلس الأمن إدارة وتنظيم جميع شئونه الدَّاخِليَّة والخارجِيَّة، ويجعله رقيباً وحسيباً ومُنتشراً عبر بعثاته المُرتقبين.
ويرى ان الطلب يمثل كارثِيّة، ويتعارض مع أهداف ثورة ديسمبر، مع “الشفَافِيّة” التي التزم حمدوك بتعزيزها فور إعلانه رئيساً للوزراء، واعتبر حمدوك منفردا بالقرارات وتغييب الشعب وتَجاوُز “صَّارخ” لمهامه اختصاصاته وفقا للوثيقة الدستوريَّة.
وأضاف ان البند السادس، خاصةً المواد 33-38 تنص على حَل النزاعات سَلمِياً، هذا صحيحٌ ظاهرياً لكن بقيَّة تفاصيل طلبات حمدوك تضع السُّودان تحت وصاية الأُمم المُتَّحدة، لا سيما وأنَّ البعثة الأُمَمِيَّة المُرتقبة ستنتشر في كل السُّودان.
وتابع بالقول هذا خطرٌ كبير في ظل مُطالبة بعض “تُجَّار الحرب بتقرير المصير والانفصال” والذين اصطدموا بوعي السُّودانيين وإدراكهم لخطورة هذه الخطوة، وبعد خطوة حمدوك يُمكن للبعثات الأُمَمِيَّة، تحويل تفويضها من البند السادس إلى السَّابع، ثُمَّ استخدام القُوَّة العسكرِيَّة، وفق تقديراتها وأهدافها.
كما أنَّ البعثات الأُمَمِيَّة تتجاهَل المُواطنين العاديين، وتتعامل فقط مع النخب، التي غالباً ما تكون مُسلَّحة وتُمارِس الإجرام ضد المدنيين العُزَّل، التي تكتفي بالمُؤتمرات وورش العمل، وإبرام الاتفاقات مع قادة المليشيات والعصابات، دون إنهاء الحروب والنزاعات.
بالنسبة لطلب حمدوك دعم مُفاوضات جوبا، أضاف فيصل بالقول “هذا قِمَّةُ العَمَالَة وان المتفاوضين بجوبا يُنفِّذون سيناريو أخطر وأكثر انحطاطاً” من اتفاقية “نيفاشا” التي ادت لفصل جنوب السودان، وما يجري الآن يؤدي لتذويب السودان تلاشيه، من خلال التقسيمات “مسارات” في التفاوُض.
وأضاف بالقول “لو كان حمدوكٌ صادقٌ حقاً لما وافق على مُشاركة المُجرم المُرتزق حميدتي من أساسه في هذه المُفاوضات” لأنَّه كان ولا يزال أداة الإبادة والإجرام في السُّودان عموماً، ودارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.