خروج:
* السلطة التي تستعمر السودان اليوم استعماراً استيطانياً مبتكرا ــ كما ذكرنا من قبل ــ ما تزال السينما العالمية تغفل عن بعض شخصياتها؛ باعتبارها تمثل نمطاً بشرياً استثنائياً في التفكير (المقلوب)؛ والذي تنتج عنه حالة (قلبنة!) كاملة للحقائق والوقائع كلما تقيّأت هذه الشخصيات بتصريحات… ونعني التصريحات التي تعكس أن هنالك عينة من الجنس البشري ما تزال تعيش في المدن وتنفصم عن المدنية بعدم إدراك الواقع والتعامل معه بطايوق ينأى عن التهيؤات الغبية والإدعاءات الأغبى.. كما تتعامل معه بإنكار ينم عن طيش وخلل مركب لا يد لأحد فيه، فمشيئة الله التي لا اعتراض عليها جعلت هؤلاء عميان بصيرة بعيون مفتحة.. أقصى ما لديهم قد عَبَر اسماعنا وحمله الهواء.. فالزبد لا يمكث.. لكنهم مصرّون على إحراجنا حينما لا نجد في القواميس أوصافاً جديدة تليق بتفكيرهم..!
* السينما تجنح كثيراً لأفلام الخيال المثيرة؛ فلو انتبهت لهؤلاء لصار الخيال (بضاعة) غير مرغوب فيها أمام (كائناتهم) الغريبة..!
تذكرة:
* يريدون أن (يشتمونا) كشعب ونسكت.. يقلِّون أدبهم علينا ويطلبون منا الأدب (يا له من هبلٍ في العالمين نادر)..! يسلبون حقوقنا ويحرمون علينا (العصيان).. يبتغون منا كل شيء (ضدنا) وغير مسموح لنا أن نطلب منهم الرحيل؛ فهم لا يشرفون هذا الوطن.. ولن يشرفوه حتى لو حدثت معجزة.. هل نسينا أن ذاكرات الطغاة أشد ثباتاً من الحجر؟!
* تجاه حكّام الخرطوم؛ ليس أمامنا الآن غير الكتابة المباشرة جداً (فهي مسؤولية أخلاقية أمام الشعب والضمير).. ولا ندّعي أننا نسعى لفضحهم (فالمفضوح لا يُفضح).. بل نسعى لأن يكونوا (حاضرين) في الذاكرة اليومية..!!.. وسيجدون منا (الكلمة بالكلمة).. لن نحلل الذبح في (الساق) كما يفعل بعض الجهلة من توابع نظامهم المنحط المتخلف..! لا سمع لهم ولا طاعة ولا احترام..! من يطع ويحترم عدو شعبه فهو إمّا أبله أو جبان..! من يحترم الذين لا يحترمون القانون؛ يهين آدميته ويصفعها صفعاً بلا هوادة..!
النص:
* سيتساءل الشخص السوي كلما قرأ تصريحاً لأحد قادة الحزب الحاكم في السودان: هل هذا فعلاً مسؤول وله خصائص البشر العاديين؟! وأول الوجوه إبراهيم محمود؛ فلا كلام يصدر عنه إلاّ ولمست فيه تطاولاً على الحقيقة؛ تشعر من خلاله بأن هذا الشخص يتعمد فقط إهانة ذاته باللا معقول وتزويد (العيار) ربما لعقدة أو لشيء (بداخله)..! مثلاً عندما نقرأ تصريحاً يقول فيه “إن الاعتقالات والمصادرات للصحف ستستمر حال وجود مهدد أمني” تقفز إلى الذهن ظاهرة القلبنة (بتسكين اللام) والتي أشرنا إليها آنفاً؛ فإبراهيم محمود وجماعته الحاكمة؛ شاءوا أم أبوا يمثلون مهددات أمنية رئيسية للسودان لا مجال للمغالطة فيها؛ ويمكن احصائها (1؛ 2؛ 3).. لكن حتى لا نبعد من (كائن إبراهيم محمود) نذكّره (ولا أظن ذاكرته خربانة للآخر حتى ينسى)؛ نذكره بأيام كان وزيراً للداخلية وتمت تصفية عشرات الشباب (من الجنسين) في أحداث سبتمبر 2013م.. واستمر في منصبه.. لحظتها لم نكن أمام مهدد أمني فحسب؛ سواء كان هذا المهدد مجهول أو معلوم؛ ولم نكن أمام الإرهاب (الرسمي) فقط؛ بل كنا أمام جريمة يُسأل عنها وزير الداخلية (الذي خلق ليكون فاشلاً وجباناً ومراوغاً؛ إذ لم يقدر على قول الحقيقة) والتاريخ يشهد بذلك..! فهل مثله يحق له أن يرفع رأسه لولا (الفوضى) التي تضرب بلادنا؟!
* صار إبراهيم محمود متحدثاً باسم الشعب السوداني؛ يستفز الشعب ويشتم تارة.. ثم تارة أخرى يجرد المعارضة من وطنيتها..!! والمفارقة صارخة هنا..! كأن الساعة اقتربت..! فإذا كانت المعارضة لا تمثل الشعب فكيف يمثله إبراهيم محمود (تحديداً)؟!!!! بل كيف تمثله سلطة مغتصِبة لم ينتخبها أحد ولا يدين لها سوى قلة من (المصلحجية!) والمساديد والمهووسين و(المقاطيع)..!
* قبل أن نواصل لاحقاً حول أعداء الشعب السوداني ومهددي أمنه (المتفق عليهم) دعونا نتذكر أحمد بلال وزير الإعلام؛ إنه (بلا خجلة) يجتر حديثاً (ناعم المكر) عفا عليه الزمن؛ هذا الحديث لا يحتاج وعي الشعب السوداني العالي إلى جهد في كشف طواياه الخبيثة.. يقول الخبر: (دعا وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة د. أحمد بلال عثمان منسوبي حزب الموتمر الوطني لتقبل المرحلة الجديدة في تاريخ البلاد، وأعلن انتهاء عهد “الإنقاذ” عقب الشروع الفعلي في تنفيذ التعديلات الدستورية ومخرجات الحوار الوطني).
ــ بالله؟؟؟!!!!!!
* تابع أيها القارئ بقية الخبر: (وقال بلال في تصريحات صحافية بوزارة الإعلام: نسعى لتوافق يجمع كافة أهل السودان وتناسي جميع الخلافات والانتماءت الحزبية الضيقة وتجاوز مرحلة تعرض الصحف للمصادرة والسياسيين للاعتقال).
ــ بداية أحمد بلال على يقين بأن ما يقوله مجرد هراء.. فلا يمكن لنظام فاسد أن يتخلى عن حربه على الصحف والمجتمع برمته (سياسيين) وغيرهم..!
* وزير الإعلام ــ عنوة ــ يسمى جرائم النظام (خلافات)..!! سبحان الله.. فإن كان بلال يستغفل نفسه؛ لا يحق له استغفال الآخرين بمثل هذا (التهوين) المعيب والعبثي.. فالسلطة التي يشتغل فيها موظفاً وناطقاً رسمياً لا توصمها الخلافات كسنة في الكون؛ إنما توصمها الجرائم الكبرى التي لم يسبق مثيلها في السودان.. فلماذا يميل لصوص السلطة إلى استثناء أنفسهم من العقاب على جرائم منظورة ويتجهون بالحديث المستهلك وكأن مشكلة الوطن خلافات لاغير..؟! لماذا لا يعترفون بسرقتهم للوطن بينما لو سرق أحد الجياع دجاجة أدخلوه السجن..؟!! هل جماعة الإنقاذ (أرفع) من السجون؟! ولِمن هي السجون إن لم تكن للمجرمين الكبار..؟!
* يشير الوزير (بلا حياء) إلى مصادرة الصحف وهو شريك في (البيت الخرِب) بالمَنع والتضييق على الحريات.. فأيّة عقلية هذه التي تهوى بصاحبها لدرك التناقضات المقيتة؟! وهل الشعب السوداني الذي يموت ويجوع ويمرض ويبطش به الطغيان تفرق معه مصادرة الصحف أكثر من مصادرة حقه في الحياة؟!
* قبل أن نكمل البقية.. نتساءل: هل يتوهم أحمد بلال بأن هاجسنا الكبير هو منع الأحرار من الكتابة بينما كرامة الشعب ممنوعة..؟ ومن نكون أمام شعب تصادر كرامته مع سبق الإصرار ويحكمه الطغيان بالبندقية..؟ بل الطاغي يتحدانا علناً بأن (نطلع له الشارع!) أو (نطالعه الخلا!!!) إذا أردنا اسقاط جبروته.. أهذا أسلوب جماعة فيهم ذرة وطنية؟ إن العصابات المولغة في بئر الإجرام؛ لا تدعو الناس للخروج هكذا بمثلما يفعل طغاة السودان المساديد…! وما المدهش إذا خرج الشعب غداً كريح غاضبة.. أين سيكون مهرب الذين فسدوا وطغوا في البلاد؟!!
أعوذ بالله
ــــــ
الجريدة (النسخة الالكترونية)