بريتوريا: صوت الهامش
قال رئيس البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لحفظ السلام في دارفور (اليوناميد)، كينغسلي مامابولو، إن “التخفيضات التي لحقت بأعداد جنود البعثة بنسبة 44% وبأعداد أفراد شرطتها بنسبة 30% قامت بناء على افتراض أن ثمة سلاما واستقرارًا نسبيين، ولكنهما غير ناتجين عن توقيع أي اتفاق لوقف إطلاق نار أو لوقف العمليات العدائية”.
ونوه مامابولو -في حوار نشره (معهد الدراسات الأمنية الأفريقي) أطلعت عليه (صوت الهامش) عن مناداة اليوناميد كثيرًا بحلّ مستديم طويل المدى، وبأن ثمة حاجة إلى اتفاق يحول دون تدهور الوضع وعودة الناس للحرب في دارفور.
وأكد مامابولو، أن “تخفيض أعداد اليوناميد سيؤثر على أعمالها من ناحيتين، إذ سيتعين خفْض الأعداد مع وضْع الظروف على الأرض في الاعتبار، لكن ثمة حاجة أيضا إلى موازنة ذلك مع حقيقة أننا لا نريد أن يشعر الناس بأنهم باتوا عرضة للخطر، لا نريدهم أن يشعروا أننا تخلينا عنهم؛ يجب أن يكون انسحاب القوات مصحوبا بما نحتاج أن نملأ به الفراغ بينما ننسحب”.
وقال مامابولو، إن “حكومة السودان لديها تخوفاتها وانطباعاتها عن مهمة اليوناميد، لكنها وجدت نفسها مضطرة للتعامل مع البعثة طوال الوقت؛ وفي واقع الأمر لا يتعلق الانسحاب بذلك، إننا الآن نعمل بشكل جيد للغاية مع الحكومة لأن هذا الخفض في العدد هو ما ظلتْ تدعو إليه (الحكومة)”.
ورأى مامابولو، أن “ثمة حاجة إلى تحويل اليوناميد من مجرد قوة لحفظ السلام إلى قوة لبناء السلام”.
وأقرّ مامابولو، بأن “ثمة قلقًا وعدم شعور بالأمان لدى اللاجئين وبعض الجموع في دارفور جرّاء خفض أعداد اليوناميد، مؤكدا أن الهدوء نسبيّ والوضع متقلب وأن ثمة دائما خطرا بحدوث انتكاسة، لكن ثمة سلاما نسبيا ولا يوجد نزاع مشتعل على نحو يبرر وجود قوات بأعداد كبيرة لليوناميد”.
وقال مامابولو، “الوضع لا يزال متقلبا لأنه حتى الآن لم يتم حلّ أسباب الحرب كقضايا الأرض والمياه، وطالما ظلت تلك الأسباب قائمة فسيبقى النزاع قائما”.
ونوه، عن أن “اليوناميد قد قام بعمل عظيم في حماية المدنيين، ومع وجود بعض الإخفاقات هنا وهنالك، لكننا استطعنا إلى حد كبير تحقيق الشعور بالأمان لدى المدنيين الذين كان مجرد وجود قوة تابعة للأمم المتحدة كفيلا بتحقيق شعور بالأمان ماديا ومعنويا”.
ونبّه مامابولو، “سيكون ثمة قلق، لكننا بصدد طور مختلف: ليس فقط حفظ السلام، وإنما محاولة لرؤية ما إذا كان بالإمكان استدامة السلام”.
وأشار إلى أن “أعداد المشردين داخليا في دارفور، هو أمر محلّ خلاف بين اليوناميد والحكومة السودانية؛ لكن بحسب أرقامنا نحن، فإن ثمة نحو 7ر2 مليون من المشردين داخليا في الإقليم وهو رقم كبير إلى حدّ ما، وهؤلاء المشردون متواجدون في دارفور في مخيمات مختلفة، معظمهم هرب من مسقط رأسه بسبب الحرب، وفي بعض الأحيان جاء أشخاص آخرون واستقروا في تلك الأرض التي هرب منها هؤلاء الهاربين من الحرب، ومن ثمّ سيتعين التركيز على كيفية إعادة هؤلاء إلى أماكنهم الأولى؛ وفي بعض الحالات، لا يفكر النازحون في العودة لأن بعضهم بدأ حياة جديدة على أطراف الحواضر”.
وشدد مامابولو، “لتقليص احتمالية حدوث انتكاسة، فنحن مستمرون مع المفاوضات لأن ذلك هو الطريق الوحيد صوب حل دائم – عبر ضمان تواجد الجميع على طاولة التفاوض، بحيث يمكنهم مساءلة بعضهم البعض تحت رعاية المجتمع الدولي”.
وقال رئيس اليوناميد، “إن المرحلة التي نحن بصددها الآن هي عملية نزْع سلاح الموّقعين على اتفاق السلام؛ فعندما نتحدث عن بناء سلام فإننا نتحدث عن كيفية نزع الأسلحة، وكيفية إيجاد تكامل بين الموّقعين على الاتفاقيات والحكومة، وكيفية ضمان قدرة الشرطة على الاضطلاع بمهامها، وكيفية بناء مؤسسات للعدالة وسيادة القانون – بمعني البدء في الوقوف على مدى قدرة المجتمع على التعايش بشكل طبيعي، ومن شأن ذلك أن يضمن استمرار عملية السلام؛ لكن في نفس الوقت، يتعين علينا بحث كيفية معالجة أسباب الصراع المتمثلة في الصراع على الموارد”.
وحول تمويل بناء السلام، لا سيما في ظل تراجع الولايات المتحدة عن الاستمرار في تمويل بعثات السلام بنفس المستوى الذي كانت تمولها به في الماضي – حول ذلك قال مامابولو: “نعم سيكون هنالك تمويل، لكن الخطوة الأولى هي أن نتخذ قرار التحول من قوة لحفظ السلام إلى قوة لبناء السلام وأن نعلن ذلك القرار، والذي من شأنه أن يفتح الباب أمام التمويل .
وأضاف إننا نرّكز على حفظ السلام، فلا أحد في الواقع يريد المشاركة لأن ثمة تصورا أو افتراضا أن ثمة حربا مشتعلة؛ أما عند الحديث عن الدخول في طور جديد، فإننا نفتح الباب أمام هذا التمويل لينطلق وأمام المجتمع الدولي ليُبدي اهتماما؛ وأمام حكومة السودان لكي تضطلع بمسئوليتها بتأمين إقليم دارفور”.