نصرالدين على كوة
فى الجزء الاول من هذا المقال ذكرتُ ان الأنظمة الشمولية و الاَحادية فى السودان لديها حب النفس و المصالح الذاتية و الشخصية دون أن تراعى للإثنيات و القبائل أى القوميات الأُخرى فى هذا السودان المترامى الأطراف بخططها الدقيقة و تسلطها على عقول و موارد شعب الهامش و على ضوء تلك السيناريوهات و المسلسلات و التى أعتبرها من تأليف و إخراج تلك الأنظمة التى زرعت فى قلوب هذا الشعب الغُبن و الدغائن بسبب الخطط المصنوعة منها ,على ضوءها
ما زالت وتيرة الحقد و الكراهية تزداد بين كل حين و لحظة ضد الطبقة الزنجية بصفة خاصة و النوبة بصفة عامة فى عهد المتبطرشيىن الذين إستولوا على السلطة عنوة بين ليلة و ضحاها , فلنأخذ نماذجاً من العمليات العسكرية الممنهجة ضد النوبة فى الفترة ما بين 1989-2005 من إعتقالات عشوائية تعسفية و إغتصاب و تصفية جسدية لأبناء النوبة المثقفين المتعلمين بقيادة البشير و أحمد هارون , و من النماذج على سبيل المثال فى يوم 27/10/1989 قامت المليشيات الحكومية بالهجوم على مناطق الكمدة بالجبال الغربية و تم قتل نفر كريم من المواطنين الشرفاء , و بعد عام تم قتل عدد من المثقفين و الشيوخ خارج نطاق القانون و القضاء , و تتواصل تلك الجرائم لتشن تلك المليشيات حملات إعتقالات واسعة و إعدامات للكوادر الطبية و المهندسين بالإضافة لحرق المواطنين داخل منازلهم و كذلك من النماذج السيئة لدى النظام تم قتل عدد كبير من المواطين على يد مليشيات الحوازمة فى قرى الصبورى و اللقورى , و فى بداية العام 1990 لم تنج مناطق الكواليب/ والى/ ميرى/أُمدورين/شات الصفية/شات الدمام/كُرنقو عبدالله/تيما و هيبان من تلك الإعتداءات المُنظمة و المستهدفة من النظام مما أدى إلى فرار أعداد كبيرة من مواطنى تلك المناطق إلى داخل مدينة كادُقلى و قبلها بعام تم الهجوم على منطقة كيقا الخيل عن طريق المليشيات الحكومية و قتل عدد من المواطين الأبرياء.
و تتواصل تلك الجرائم من الجيش الحكومى ليدمر عشرات القرى فى حملة بدأت فى نوفمبر/1991 , مما إضطر المواطنين على إخلاء قراهم و مناطقهم بحثاً عن ملاذاتٍ اَمنة , اما فى مناطق المورو فى ديسمبر 1992 تم الهجوم على منطقة كركراية البعيرة بواسطة قوات الدفاع الشعبى ليتكرر نفس الهجوم فى يناير/1993 مما أدى إلى تدمير أكثر من 400 منزل بالإضافة لكنيسة القرية و تم قتل قسيس الكنيسة و إعتقال عدد كبير من المسيحيين ليتكر ذلك المشهد للمرة الثالثة فى أبريل 2016 , و كذا الحال فى مناطق ريفى هيبان بلغت ضحايا تلك الحرب الأولى أكثر من 100 قتيل كلهم مدنيين أُحرقوا أحياء و البعض الاَخر رمياً بالرصاص لكل من حاول الهروب أو إنقاذ نفسه و فى 25 يناير 1992 و المؤسف فى الأمر إستعانة السلطات السودانية بأحد خبراء حرب العصابات من دولة جنوب إفريقيا و هو العميد/ أركنسون للهجوم على منطقة هيبان بالتنفيذ من النقيب/ إبراهيم عبدالله محجوب و الملازم أول/ يونس الرحيمة و من الجرائم الممنهجة من النظام تم العثور على مقابر جماعية لعدد 3000 شخصاً فى يناير 1992 كما تم إعدام 2000 مواطن بالإضافة لوجود أعداد كبيرة من الجثث فى منطقة العفين شرق كادقلى هذه فقط نماذج من صنع النظام الحاكم منذ العام 1989 حتى توقيع السلام 2005 , لتتكرر نفس المهازل الجهوية من قادة النظام فى المركز بهذه الحرب التى تدور فى الإقليم حتى الاَن.
كل هذا يحصل من نظام يُدعى بأنه يحكم بشرع الله !!! و لكن أبناء الإقليم الكادحين صمدوا و ما زالوا يقفون بكل صلابة ضد العنصريين فى المركز بفضل العزيمة و الإرادة القوية لديهم فى وجه البشير و أعوانه , و هم يدافعون عن حقوق شعب الإقليم جمباً مع المناضلين فى صفوف الحركة الشعبية و الجيش الشعبى لتحرير السودان , ليفسدوا كل طموحات قادة النظام فى المركز , بحملاتهم الصيفية الفاشلة و الجنرال / حميدتى قائد ( الجرى السريع ) خير شاهد على تلك المهازل التى وجدها على يد الأبطال الأشاوس عندما فر حميدتى هارباً مع قواته المهزومة فى معارك طروجى و التيس , لذلك تأُكد لنا أن همجية الإسلاميين فى الخرطوم جعلت كل أبناء الهامش و كل الشعب السودانى يشمئزون من حكم الإسلاميين الذين يحكمون بتجارة الدين الإسلامى حتى أصبح أمرهم مكشوفاً بإعترافات التُرابى , بدليل إعتماد النظام على المليشيات فى حربه العشوائية ضد النوبة , مما دعا تلك القوات الحكومية و مليشياتها تهرب فى كل معاركها الإستفزازية وتترك وراءها الجثث و الغنائم فى تلك الدروس و العبر التى لن ينسوها من أهل العزيمة والإصرار الأبطال أبناء الهامش فى كل مناطق النزاعات فى السودان بصفة عامة.
و لكن فى النهاية ( إنكشف الكان مغطى ستار ) لينكشف أمرهم بإعترافات الراحل الترابى فى تلك القنابل التى فجرها زعيمهم قبل رحيله فى كلماته لدى قناة الجزيرة العربية فى إحدى الحلقات التى سُجلت فى برنامج شاهد على العصر فى العام 2010 حين قال فى إحدى حلقاته ( إن إنقلاب 30/6/1989 كان بتدبير منه شخصياً إى الإسلاميين و عندما أودعه البشير فى السجن بعد الإنقلاب, تلك كانت خُطة (ممنهجة بينه مع البشير ) و أضاف الترابى إن السلطة و القوة كانت بيد الإسلاميين فى بداية حكم الإنقاذ و من أخطاء الحركة الإسلامية كما ذكر الترابى الإعتقالات العشوائية عن طريق جهاز الأمن و المخابرات فيما يخص التعذيب فيما تُعرف ببيت الأشباح و إنتشار الفساد تحت مسمعى و بصرى ) هذا كان حديث الراحل التُرابى الزعيم الروحى للإسلاميين فى السودان , لتستمر معاناة شعب الإقليم فى الفقر و الجهل , و تلقائياً هى أهداف إستراتيجية أراد المركز أن يزرعها فى الإقليم بعدم إعطاء فرص دراسية متكافئة لأبناء جبال النوبة و قد كان .
لقد إستخدمت حكومة المؤتمر الوطنى وسائل عديدة لمحاربة أبناء الهامش بسبب الجشع و الطمع فى موارد الأقليم كما ذكرت سابقاً, منها سياسة الأرض المحروقة فى مناطق الحرب و سياسة التجويع ( جوع كلبك يتبعك ) كما قالها الُترابى من قبل فى بداية التسعينات و هذا يعنى عدم إعتراف الحكومة بالمواطنة و الحقوق المتساوية و العدالة و الكرامة الإنسانية لكل إثنيات الشعب السودانى فى سودان العزة والشموخ و هى تلجأ لعملية ذر الرماد فى عيون الشعب الصامد بتوجيهها للأسلحة السياسية و النارية الكيميائية فى وجوه أبناء الهامش بصفة عامة لتعمى تلك السياسات عيونهم و هى أساليب لا أخلاقية و صفات إعتادت عليها الأنظمة الاَحادية فى الخرطوم قبل أكثر من سِت عُقود من الزمان , و أيضاً من أساليب النظام البشعة إستخدام أبناء الهامش فى الأعمال الهامشية فى المدن الكبرى كأيادى عاملة من الإستغلال السئ فى أغراضهم الخاصة حتى داخل منازلهم و وجودى فى الشمال سابقاً رأيتُ أشياءٌ كثيرة فى غاية الإستغراب و كان ذلك دليل قوى بملاحظاتى تلك و هذه تعتبر عبودية واضحة فى وضح النهار .
حتى الذين درسوا و تخرجوا بشهادات عليا لم يُحظوا بالعمل فى دواوين حكومة النظام , كما حصل لإحدى الحسنوات و هى تروى مأساة حصلت لها فى إحدى مؤسسات نظام البشير فى الرواية التالية:
و أنا أُقلب صفحات التواصل الإجتماعى(الفيسبوك) فإذا به أجدُ موضوعُ عُنصرى فى غاية الخطورة , عندما تقدمت إحدى الحسنوات من جبال النوبة وهى تحمل شهاداتها بدرجة الشرف تقدمت لإحدى المؤسسات و بالتحديد التلفزيون القومى و لكنها تفاجأت بواقع مرير أمر من طعم الحنظل عندما واجهتها أسئلة عنصرية فيما يخص بشرتها السمراء بعد إجتيازها للمعاينة فى قراءتها الجيدة للأخبار باللغة الإنجليزية بصورة جيدة كأنها بريطانية النشء و الولادة , و قال لها أحد أعضاء اللجنة بالحرف الواحد (برافو عليك يا بنتى/ لقد أديتى الدور بشكل جيد و لغتك الإنجليزية هائلة جداً لأن تكونى مذيعة أخبار باللغة الإنجليزية و يكون لكى شأن كبير فى عالم المذيعات/ و تبسمت الحسناء بنت الجبال,,, ثم سكت الجميع برهة / ثم سالها ذلك المذيع العنصرى إن صح تعبيرى من أى منطقة فى السودان أنتِ؟! و بالتأكيد هذا سؤال فى غاية الإستغراب بمعنى وراءه شىء غير طبيعى على كل حال أجابت الحسناء بأنها من جنوب كردفان, هنا طأطأ المذيع المعنى رأسه ثم قال لها فى الحقيقة أنتى صوتك جميل و طريقة قراءتك باللغة الإنجليزية رائعة جداً و لكن هنالك مشكلة قد تواجهك أمام الكاميرا و للمشاهدين ! و هنا قالت الحسناء / ما هى المشكلة يا أُستاذ!؟ قال لها المذيع أنتِ بشرتك سوداء للغاية !!!! هل تستطيعى أن تفتحى بأى كريم تفتيح البشرة ؟! ثم تمنت الحسناء فى تلك اللحظات لو إنهار عليها المبنى و إبتلعتها الأرض لتكون نسياً منسية ,,, ثم قالت للمذيع يا أُستاذ إننى منذ طفولتى و مراهقتى لم أضع أى كريم تفتيح البشرة فى وجهى و لم يعرف الكريم طريقه إلى فكيف بين ليلة و ضحاها أقوم بتفتيح وجهى بواسطة كريم؟!!!!!!!! / رد عليها المذيع, و قال لها عشان خاطر الشغل و إلا لن تعملى مذيعة أخبار و تظهرى فى الشاشة / ردت الحسناء بنت الجبال للمذيع بأنها لن تستطيع فعل ذلك مستحيل , و قال لها المذيع مرة أُخرى بأن طريقة قراءتك للأخبار صحيحة و جميلة جداً لذلك حرام على التلفزيون القومى أن لا يستفيد من موهبتِك الفذ/ لذلك نحن فى لجنة الإختيار سوف نوصى بعملك كقارئة تقارير باللغة الإنجليزية ) انتهى الحوار !!!!!!! بالله عليكم تخيلوا هذه الخرمجة و المهزلة العنصرية و هذه الجهوية تحدث من شخصية إعتبارية بالنسبة للإنتهازيين و هو عمر الجزلى المذيع المخضرم و هذا ليس غريباً على هذه الطغمة التى تسمى الجلابة و ما عمر الجزلى إلا واحد من هذه المؤسسة العنصرية الديكتاتورية كان ذلك من احد أعضاء لجنة الإختيار و التى تتكون من 3 اعضاء( بالرغم من إجتيازها للمعاينة بدرجة 200% هذا على حسب رواية الكاتب.
كل هذه الأساليب القذرة ليست جديدة على هذا النظام الذى يمارس أبشع أنواع الظلم والفساد ضد الشعب السودانى بالإضافة لإستخدامه الفتن بنشر الكراهية داخل النسيج الإجتماعى لأبناء الهامش , و لكن شعب الهامش أصبح مُدركاً بحقوقه المسلوبة و سوف يعيدها حتي و لو طال الزمن.
و لكم ودى *** نصرالدين على كوة