الحرية – العدل – السلام – الديمقراطية
حركة / جيش تحرير السودان – المجلس الانتقالي
خطاب مفتوح إلى البعثة الإفريقية-الأممية بدارفور (اليوناميد)
بدءا نشكر بعثة الاتحاد الافريقي و الامم المتحدة المشتركة في دارفور (اليوناميد) لما إستطاعت تقديمه لدارفور السودان و الانسان السوداني بدارفور خلال وجودها طوال العشرة أعوام الماضية. كما نشكر دول الاتحاد الافريقي و الدول الاخرى و شعوب هذه الدول في القبول بإرسال أبناءهم في هذه البقعة المضطربة من العالم، و كذلك نرسل تعازينا الى بعثة اليوناميد و الدول و الاهالي الذين فقدوا ابناءهم جراء الاعتداءات التي طالت أفراد البعثة من وقت لآخر، و راح ضحيتها عدد من هؤلاء الابريا. تقبلوا تعازينا في فقدكم الذي هو فقدنا، و نذكركم بأن إخواننا الذين لقوا حتفهم في هذه المهمة إنما لقوا حتفهم و هم يؤدون واجبهم، و ليس هناك إشرف من يقضي أحدهم و هو يبني جدر السلام، و سيكتب التاريخ يوما، ان ابطالا من اخوتنا الافارقة و من دول العالم أجمع، قدموا أرواحهم من أجل ان يعم السلام السودان.
السادة / قيادة و أفراد بعثة الاتحاد الافريقي و الأمم المتحدة المشتركة بدارفور
إننا ندرك أهمية الدور الذي لعبته و تلعبه بعثة الاتحاد الافريقي و الامم المتحدة المشتركة في دارفور، كما نتوقع ان تلعب البعثة أدوارا أكبر، بحجم التفويض الممنوح لها و بحجم التضحيات التي يقدمها أفراد البعثة المخلصين و الاخوة في القارة الافريقية و العالم بأسره. اننا نتابع عن كثب الحراك السوداني و ما يحدث في دارفور بوجه أخص، لكوننا عضو فاعل و أساسي في المسرح السياسي السوداني، كما أنه يهمنا عمل بعثة اليوناميد التي تقع على عاتقها مسئوليات جسام، بينها حماية المدنيين و مراقبة و حفظ الامن في دارفور، و مراقبة الاوضاع بصورة عامة، و دعم السودان في دارفور لحين تحقيق الامن و الاستقرار، و بناء السلام النهائي في دارفور و السودان بوجه عام و الذي يساهم بدوره في عملية السلام الاقليمي و العالمي.
ظلت بعثة الاتحاد الإفريقي في السودان (AU) و من ثم بعثة الاتحاد الإفريقي و الامم المتحدة بدافور يوناميد (UNAMID) و منذ تكليفها بمراقبة الاوضاع و حماية المدنيين بدارفور، محصورة في المدن التي تسيطر عليها الحكومة السودانية التي تعمل جاهدة من اجل عرقلة عمل البعثة و تحركاتها، فانحصر نشاط البعثة في اطار السياج الامني و القيود الحكومية، و بما لا يتعارض و سياسة الحكومة في إستهداف المدنيين خارج هذا الاطار، و بذلك إستمرت الحكومة في سياسة القتل و التنكيل و التعدي و حرق القرى و التهجير ضد المواطنين الأفارقة العزل، بالتزامن مع تسليح مليشيا الجنجويد المعروفة، و إستجلاب مستوطنين و توطينهم في مناطق الزنوج المطرودين، فيما تحولت مليشيا الجنجويد التي إرتكبت المجازر و الفظائع ضد الافارقة الآمنين الى قوات شبه نظامية بعد إكمال مرحلة الحريق الاولى، و مع إستجلاب المستوطنين، تعمل الحكومة السودانية هذه الايام على اكمال مخططها في تغيير الخارطة السكانية و إحداث التغيير الديمغرافي الشامل بدارفور. كل هذا حدث و يحدث بوجود بعثة الامم المتحدة التي ظلت ملتزمة بخطوط الحكومة السودانية تفاديا لاتهامها بالتدخل في السيادة الوطنية كما ظلت تردد الحكومة السودانية في خطابها الابتزازي و حملاتها الإعلامية ضد بعثة الامم المتحدة، و هذا ما جعل البعثة تتراجع عن بعض مهامها في حماية المدنيين و التدخل (وفق تفويضها) لوقف الانتهاكات التي تقع على مرآى أفرادها و أمام مقراتها، فضلا عن منعها من التحرك لوقف التعدي على المواطنين خارج حدود تواجدها و كذلك منعها من توثيق الجرائم و تبويبها و تصنيفها لغرض العدالة، و الضالعين فيها لغرض المحاسبة، و يتجلى هذا التراجع في عدم نشر البعثة لكشوفات الضحايا و الانتهاكات المختلفة و الضالعين فيها منذ إتهام الجنرال عمر البشير و عدد من أعوانه في جرائم حرب و جرائم ضد الانسانية و جرائم الإبادة الجماعية و التطهير العرقي في دارفور، و ملاحقتهم بواسطة المحكمة الجنائية الدولية في العام ٢٠٠٥م.
يأتي خطابنا اليكم اليوم، و قد همت بعثة الإتحاد الإفريقي و الأمم المتحدة في دارفور لمساعدة القوات الحكومية و ذات المليشيات – التي تسببت في الجرائم ضد المذكورة ضد المدنيين – لملاحقة هؤلاء الضحايا الى حيث فروا “تحت ذريعة جمع السلاح” وسط ظروف حرجة و جراح نعيشها و يعيشها المجتمع في دارفور. إن قرار بعثة الاتحاد الإفريقي و الأمم المتحدة المشتركة لدعم هذه المليشيات يضع البعثة أمام تساؤل كبير، و يطعن في نوايا القائمين على أمرها و أفرادها و الطاقم الفني المرافق لها، كما يقدح في شهداء البعثة الذين قدموا أرواحهم رخيصة من أجل المهام الموكلة اليهم. البعثة تعلم يقينا “من هم الذين بأيديهم السلاح غير الشرعي و من هم من يجب نزعه منهم”، كما تعلم البعثة أن الحكومة تحاول إعطاء شرعية لسلاح المليشيات التابعة لها -منذ ان كانت هذه المليشيات تستخدم الخيل و الابل الى ان تطورت لما هي إليه الآن باستخدامها عربات الدفع الرباعي- و الادعاء بتبعيتها للاجهزة الرسمية و التظاهر بأنها قوات نظامية، و هذا بالطبع لا يسقط الجرائم التي اقترفتها هذه المليشيات كما ينزع صفتها الإجرامية دون تحقيق العدالة. و بذات القدر، تعلم البعثة ان النازحين خاليي الوفاض من أي سلاح، و أنه لو كانت لديهم أسلحة لما أصبحوا اليوم نازحين، و لما كانوا قد تركوا قراهم لتحرقها هذه المليشيات، و لما تركوا أرضهم و مزارعهم ليستغلها غيرهم و أمام أعينهم، و أكثر من ذلك لما أصبحوا يحرثون أرضهم و يتقاسمون إنتاجهم مع مغتصبي هذه الاراضي و هو ما نسميه صراحة “الرق في دارفور” و كذلك لم يكونوا ليباعوا اليوم في أسواق النخاسة الحديثة في ليبيا المجاورة لو كان لديهم السلاح. الأهالي في دارفور أصبحوا عاجزين عن العودة إلى قراهم و الذهاب الى مزارعهم بسبب هذه المليشيات في وقت فيه تسيطر هذه المليشيات و منسوبيها على المزارع في مناطق متفرقة بدارفور، و أن الحكومة و المليشيات التابعة لها تحاول كسر مفهوم النازحين و رغبتهم في العودة إلى قراهم، و تحويلهم الى مواطنين مستقرين في المخيمات الحالية، و نزع أرضهم و مزارعهم بغرض إعطاء شرعية للمستوطنين، و جعل تغيير الخارطة السكانية أمرا واقعا. مع العلم أن الحكومة السودانية قامت بطرد المنظمات الإنسانية و منع الخدمات الانسانية داخل هذه المخيمات – التي لا تعدو كونها سجون – خصوصا التعليم، ما زاد من حجم الفاقد التربوي و الذي تخطط الحكومة السودانية إستغلاله في عمالة المدن و في حربها ضد المدنيين، و حربها خارج الحدود كما يتم إرسالهم في حرب اليمن التي تدر أموالا طائلة للحكومة السودانية و هو ما نسميه بـ “رق و إرتزاق الدولة”.
إن حركة / جيش تحرير السودان لا ترفض عملية “جمع السلاح في معناها العام” و التي يجب ان تكون في الواقع عملية (نزع السلاح) و هذه العملية تتطلب إجراءات عملية أولية و تشكيل آليات مختصة محايدة لها. عملية تزع السلاح يجب ان تكون مرحلة متقدمة من مراحل بناء السلام و ليس برنامج تسعى الحكومة من خلاله و بإستغلال بعثة الاتحاد الإفريقي و الأمم المتحدة المشتركة لاكمال عملية التغيير الديمغرافي التي رسمتها منذ زمن بعيد، و ان الحركة على علم تام بهذه المخططات. إن الحركة ترفض سياسة التغيير الديمغرافي الحالية و ستقاومها بكل الوسائل الممكنة، و ترفض الحركة تعاون البعثة المشتركة لإنفاذ هكذا مخطط، كما اننا نعتقد انه لا يمكن ان تكون أولوية البعثة هي دعم سياسات الحكومة ضد المواطنين في دارفور. مسألة نزع السلاح يجب ان تكون ضمن عملية السلام الشامل و التي بدورها تحدد السلاح الذي يجب جمعه و الاطراف التي يجب ان ينزع السلاح منها، و لا نعتقد ان مليشيا الجنجويد المعروفة بالدعم السريع و غيرها ستكون إستثناء، و عملية السلام الشامل يجب ان تكون وفق ما يتفق عليه الاطراف المختلفة، و السلام يجب ان يبدأ بوقف العنف و ليس نقله الى داخل مخيمات النازحين و التعدي عليهم و على حياتهم، و دونكم ما فعلته هذه المليشيات في مخيم الحميدية بزالنجا الأيام القليلة الماضية خلال هذه الحملة، حيث ضربت هذه القوات إمرأة مسنة و أجبرتها على شرب كميات كبيرة من الكحول المحلية (عرق البلح الذي يعد أقوى المشروبات الكحولية المحلية، و هي تقول إيماني لا يقبل ذلك) و مع ذلك تم ضربها و إجبارها على شربه، كما لا يعقل ان تكون نفس مليشيات الجنجويد التي صرخ العالم بأسره حيال فظائعها مطلع الألفية، هي ذات الجهة التي تتحدث عن جمع السلاح و الإستقرار. و ندعو البعثة ان تتحمل مسئوليتها في حماية المدنيين، كما يجب ان تتبنى البعثة بنفسها عملية تفتيش السلاح داخل المخيمات إذا كان لديها إدلة بوجود سلاح تعتقد انه يهدد الامن و الاستقرار.
الذي تتوقعه حركة / جيش تحرير السودان من بعثة الإتحاد الإفريقي و الأمم المتحدة المشتركة بدارفور هو حماية جميع المواطنين السودانيين دون فرز، و منع جميع أشكال التعدي التي تقع ضد المواطنين من هذه المليشيات في أي مكان بدارفور، ناهيك عن المواطنين النازحين الذين يقيمون بمخيمات النزوح و الذين لا تحتاج حمايتهم – بواسطة البعثة الإفريقية الأممية – الى مناشدة من أي جهة. على البعثة الإفريقية الأممية التركيز على تفويضها بدلا من الخضوع لابتزازات الحكومة السودانية و مليشياتها. نزع السلاح يجب ان يكون وفق الحل الشامل، و الحل الشامل يبدأ بوقف العنف أولا، و من ثم تهيئة الاوضاع لبناء السلام، و بناء السلام كما – أسلفنا – يجب ان يشمل الجوانب المختلفة و إستيعاب مرادفات الحرب و معالجتها خلال هذه المرحلة، و لهذا أنشأت الحركة (مفوضية العدالة الشاملة) للقيام بهذا الدور. تطبيق برنامج العدالة الشاملة كفيل بحل جميع التعقيدات المجتمعية و بناء السلام و الاستقرار، و هذا يتطلب تعاون بعثة الإتحاد الإفريقي و الأمم المتحدة المشتركة (UNAMID) و كل الوكالات المحلية و العالمية العاملة في السودان و دارفور على وجه التحديد لدعم المفوضية من خلال توفير البيانات اللازمة التي تساعد على إجراء و قيام العدالة و المصالحات في دارفور و السودان بوجه عام.
نتمنى أن يجد خطابنا هذا أذنا صاغية، كما نتمنى ان يكون هذا الخطاب موضع إهتمام لديكم.
عبدالعزيز كتاووه
الأمين العام لحركة جيش تحرير السودان – المجلس الإنتقالي
٢٧ / نوفمبر / ٢٠١٧م