الحرية – العدل – السلام – الديمقراطية
حركة جيش تحرير السودان – المجلس الإنتقالي
خطاب رئيس الحركة ١ / ينائر / ٢٠١٨م
الشعب السوداني الكريم في كل مكان، الرفاق الأماجد، الرفاق في الصف الثوري و قوى المقاومة السودانية المختلفة، و رغم كل ما يعانيه شعبنا من شتى صنوف المعاناة، إلا أنه لا بد لنا ان نقف في هذا اليوم بحلول العام ٢٠١٨م هذا، لنهنئ الشعب السوداني لتماسكه في وجه آلة القهر و الظلم و الإستعباد التي سيطرة على جهاز الدولة و حولته الى جهاز يختص بقلة دون بقية الشعب السوداني، و نخص بالتهنئة هذه النازحين و اللاجئين من أبناء الشعب السوداني الذين يعيشون في هذه المخيمات التي ترقى لأن تكون أسوأ سجون العالم لكونها تحرمهم أبسط حقوقهم و حاجياتهم في الحياة، و تمنعهم الحياة بعد ان اصبحت مطوقة بالمليشيات الحكومية و مع ذلك لم تلن إرادتهم أبدا، كما نخص بالتهنئة جماهير شعبنا الذين لا يزالون يتمسكون بالعيش حيث أوجدتهم الحياة في المناطق المحررة في كل من دارفور و جنوب كردفان و النيل الأزرق و مقاومة سياسة التغيير الديمغرافي الحكومية في هذه المناطق رغم إستمرار إستهدافهم بآلة الدولة الحربية بما في ذلك طيرانها الحربي الذي قضى على معظم أشكال الحياة بهذه المناطق، كما نهنئ رفاقنا في الصف الثوري لعملهم الدؤوب من أجل وقف العبث الحكومي بحياة الناس، و نؤكد ان هذا العام – ٢٠١٨م – لم يكن كسابقيه في مسيرة العمل النضالي بالسودان.
شعبنا الكريم، الثوار الأحرار
كان سيجدي نفعا، ان نأتي لنحتفل اليوم ببداية هذا العام و نحن نكون قد طوينا صفحة الحديث عن إسقاط النظام، أن نحتفل اليوم و نحن نودع الظلم و القهر و الإستعمار و الإستعباد و الفقر و المرض و الجهل، كان حري بنا ان نخصص اليوم للإحتفال بالسلام و الإستقرار -اللذين لم يشهدهما السودان لما يقارب القرنين من الزمان – و لكن هذا اليوم و إن طال إنتظاره فلا بد منه، و أن بلوغه يتطلب المزيد من العمل على كافة المستويات، بينها العمل داخل قوى المقاومة و بينها و توحيد جهودها، كما يجب أن نتذكر حقيقة أن التغيير له ثمنه، و النضال أيضا له أثمانه، و ما قدمنا إليه و قدمناه في العام المنصرم – ٢٠١٧م – من إصلاح و تضحيات حيال التغيير و الإستمرار في مقاومة النظام – رغم وعورة الطرق التي قطعناها -يعطينا الثقة في ان نقف اليوم و نحن بمقدرات تمكننا من إسقاط النظام و إحداث التغيير الشامل في المستقبل القريب، ليس بالخطب السياسية الرنانة و المؤتمرات التفاوضية التي تمكن من إطالة عمر النظام، و لكن بالعمل الجاد، حيث يصادف هذا اليوم، نهار إعلان مشروع الإصلاح في الثورة السودانية الذي أعلنه الرفيق نمر في أمسية الواحد و الثلاثين من ديسمبر للعام ٢٠١٣م في خطابه الذي وجه فيه إنتقادات حادة و لاذعة للثورة و الثوار و ألحق ذلك بإجراءات إصلاحية رغم عظم التحديات التي واجهته، و قد بلغ الإصلاح رأس هرم الثورة السودانية مطلع العام الماضي، و يعد ذلك نقطة التحول في عملية التغيير في السودان.
العام الماضي يعد من أصعب الإختبارات التي خضعت لها قوى المقاومة السودانية في حركة تحرير السودان، حيث قدمت الحركة أكبر عدد من الشهداء منذ تاريخ إعلانها، و لم تكن هذه التضحيات مجرد معارك عابرة تقودها الثورة ضد المليشيات الحكومية، و لكنها كانت عزيمة الحركة في مواجهة الإستعمار بكل ما تملك من قوة دون أي تردد، عزيمة الحركة و قيادتها في وقف القتل و السلب و الفوضى و التعدي على الناس و حياتهم و إنهاء معاناة الناس و بناء وطن كريم، وطن نعيش فيه بكرامتنا و يكرم فيه أي إنسان، وطن لا نحس فيه بالغربة أو الخوف أو عدم الإستقرار، وطن فيه يتساوى الجميع أمام القانون، وطن لا يميز فيه الإنسان بناء على لونه أو عرقه أو دينه أو منطقته، وطن لا يهان فيه الإنسان و لا تمرغ كرامته بواسطة المليشيات العرقية، وطن يشعر فيه الإنسان بالأمان أمام أخيه الإنسان، وطن يعتبر فيه كل شبر منه موطن للمواطن السوداني و مؤسساته تعم خدمتها كل المواطنين دون تمييز أو لا حياة دون ذلك. و لهذا كان من بين شهداء الحركة في العام ٢٠١٧م قائدها و رئيس أركانها الرفيق محمد عبدالسلام طرادة الذي قاتل و رفاقه قتال الأبطال و استشهدوا بالطريقة التي يستحقها كل ثوري، إستشهد بعد ان قاد القتال في جبهة إمتدت من أقصى جنوب دارفور إلى شرق جبل مرة لتنفد زخيرته غرب منطقة تابت و هو يقاوم و الدماء تخر من جروجه البالغة ليسلمنا المسئولية كاملة غير منقوصة و دون مساومة عليها يوم الإثنين الموافق الثاني و العشررون من مايو ٢٠١٧م. و هنا يجب علينا ان نزيح الستار و نكشف عن هذه الحقيقة الجارحة، الحقيقة التي تقطع قلوبنا ألما و مرارة صباحا و مساء، و بكل لحظة نتنفسها من حياتنا اليوم و كل يوم، و لكنها تكشف زيف و إدعاء المليشيات الحكومية و تنزع عنها دعاوي و شرف الإنتصار على قواتنا و أسر قائدها نمر في معركة الكرامة التي قادتها الحركة مايو من العام الماضي. الحقيقة المرة هي أن الرفيق نمر محمد عبدالرحمن كان نصيبه من نصيب الشهيد يحيى داؤود بولاد حيث تم تسليمه للمليشيات الحكومية بواسطة بعض المواطنين الذين أوى إليهم هو و بعض رفاقه لسد حاجتهم من الطعام، و الذين ظل هو و رفاقه يقاتلون لأجلهم و الشعب السوداني أجمع، و بهذه المناسبة نذكر هؤلاء المواطنين ان ما اقترفوه بحق الرفيق نمر و رفاقه و الثورة السودانية شئ لا يغفره التاريخ، و أن طول أمد معاناة الشعب السوداني بكل مكان في العالم – في النزوح و اللجوء و الشتات و بمناطق سيطرة الحكومة – يأتي بسبب هذا السلوك غير المسئول، و مع أننا نعلم ان هذه التصرفات تنم عن حالة الخوف و الرعب التي وطنها النظام وسط المواطنين و إجبارهم لخوض معاركه الخاصة نيابة عنه، إلا أننا نذكر قتلة بولاد و رفاقه و كذلك من تآمروا ضد الرفيق نمر و رفاقه بأنه لا يزال هناك مساحة كافية لمعالجة ما اقترفوه من أخطاء جسيمة، لا يزال هناك متسع من الوقت ليعودوا إلى رشدهم، و إننا نخيرهم في عدم تكرار هذه المسألة و عدم التعدي على الثورة و الثوار طالما لم تنتهي معركتنا ضد هذا المستعمر الذي لا يتردد في الزج بالمواطنين للقيام بما لا يحمد عقباه. ستستمر معركتنا ضد الإستعمار القائم لحين إزالته و تحقيق النصر الكبير، و النظام نفسه يعي ذلك و دونكم ما قاله وزير حربه المرتجف إبان معركة الكرامة عندما وصفنا بالإنتحاريين، و لكننا نقول إننا لسنا بإنتحاريين، و لسنا هواة حرب و إنما نحن أصحاب حق، و الحق لا يطلب و لكن ينزع، و سننزع حقنا بأيدينا مهما كلف ذلك، و مهما جمعت و بنت هذه القوى الإستعمارية من ترسانتها العسكرية. كرامتنا فوق كل شئ، و هنا نوضح و نجدد مرة أخرى، أن لا شئ سيكون كما في السابق، فإما أن نعيش بكرامة أو أن نعيش بكرامة، و سنعيش بكرامة.
إستشهاد الرفاق و تضحياتهم غير المحدودة و معاناتهم في سجون النظام يجعل من حياتنا عديمة القيمة ما لم نحقق ما قدموا أرواحهم لأجله، و هي مسئولية نؤكد عليها اليوم و غدا و كل يوم. ان مسئولية التغيير التي وضعها رفاقنا الشهداء على عاتقنا، لا يجدر بها ان تخصهم أو لتخصنا وحدنا في حركة جيش تحرير السودان، و إنما هي مسئولية جميع المواطنين و قوى التفيير السودانية المختلفة و لكننا من يكمل هذا المشوار على أتم وجه. و يجدر بنا في هذه المساحة أن نشير الى النداء الذي أطلقته حركة / جيش تحرير السودان – المجلس الإنتقالي إلى قوى المقاومة السودانية في العشرين من ديسمبر للعام المنصرم، و نجدد دعوتنا بتوحيد جبهة المقاومة و تطوير وسائل جدية حقا من أجل إسراع وقف المعاناة التي تعم أرجاء الوطن، و إنهاء حالة الفوضى و الإضطرابات التي تعيشها أجزاء واسعة من البلاد بسبب سياسة النظام الإستعمارية، و تتجلى هذه السياسات الإستعمارية من خلال إعلان النظام تسليم منطقة سواكن مركز إدارة الإستعمار التركي الإسترقاقي للسودان لذات القوى التي لا ترى أي علة في ماضيها على شعوب هذه المنطقة و حركة و سوق الرق التي أنشأتها و مارستها على الملايين منهم و أجدادهم، دون أدنى إعتبار لشعور الناس و تاريخهم و ما لذلك من نتائج مجتمعية كارثية نعيشها اليوم و تكاد تكون السبب الرئيس عن معظم الإختلالات السياسية القائمة اليوم. و تجًب عملية تكريم المستعمر بواسطة النظام هذه، ضرورة تذكير الناس بأي من فصول المعاناة التي عاشها و يعيشها الشعب السوداني اليوم. سياسة النظام الإستعمارية التي لا تحترم سيادة الشعوب و المجتمعات هي ذات السياسات التي تعمدت صياغة التاريخ السوداني كما لا يجب ان يكون، و تغاضت عن ملايين المسترقين و القتلى من أبناء وبنات الشعب السوداني بواسطة ذات القوى الإستعمارية حتى مطلع القرن الماضي، و تزييف الماضي و بيع الحاضر، بيع كل ما يمكن ان يكون مورد للحياة في السودان و مستقبله، كما تؤكد هذه الخطوة الإستفزازية على ان هذا النظام اللصوصي حريص على الإستمرار في سياسة إفراغ السودان من أهله بواسطة آلته الحربية التي يسعى لتطويرها لقتل السودانيين، و وضع ما تبقى من الشعب السوداني في خانة أن يختار بين الغرق في البحار و المحيطات أو البيع في سوق النخاسة المباشر أو الإستغلال البشع في سوق العمل بدول المنطقة التي لا تحترم الإنسان و لا تعرف أي قيم إنسانية.
الشعب الكريم، الثوار الأحرار
إننا إذ نجدد دعوتنا للمواطنين السودانين و قوى المقاومة السودانية بالإنتظام في جبهة مقاومة وطنية موحدة، فإننا بذلك ندعو الجميع للمشاركة في شرف عملية التغيير التي عزمنا ان يكون فاتحة هذا العام بداية النهاية لمرحلتها الأولى بإسقاط النظام. نؤكد لكم في هذا اليوم، إننا قطعنا العزم بوقف هذا العبث الحكومي بالحياة في بلدنا الحبيب و إذ نعلن ذلك فإننا ندرك معنى ان نقطع هكذا عهدا في وقت فيه تحاول آلة إعلام النظام تضخيم إمكانات النظام و تسويقه على أنه بإمكانه فعل أي شئ يرغب فيه، و أنه سيقرر من يعيش و من يموت في هذا البلد. و لكننا نقول أن هذا ليس صحيحا، هذا سقوط مشوه للنظام، و أن النظام يهوي بسرعة فائقة إلى قاع سحيق، و أننا من يقرر في أي درك سيستقر المقام بهذا النظام اللصوصي و كل منسوبيه من القتلة و المجرمين، و نؤكد اننا سنضمن لهم حقوقهم العدلية كاملة أمام المحاكم المخصصة لهم – دون أي تدخلات سياسية – ضمن برنامج العدالة الشاملة الذي تبنته الحركة. إنها لمسئوليتنا في حركة جيش تحرير السودان أن ننهي حالة التشرد و التهجير و القتل التي يعيشها الشعب السوداني. و نخص بالدعوة هنا الشباب السوداني كل للعمل من مكانه، و على الشباب في مخيمات النزوح و اللجوء في الجوار، و كذلك الشباب في كل مدن و قرى و بوادي السودان بالإنضمام الى ميدان المعركة و جعل كل شبر من أرض السودان معركة للكرامة، كما نهيب بالشباب في الشتات و الإغتراب بتنظيم أنفسهم و صفوفهم و العمل على دعم شباب الداخل و التنسيق معه و القيام بما يلزم لوقف هذا العبث الإستعماري و إنهاء حالة البطالة و التوهان و ضياع المستقبل، و التأسيس لحياة كريمة بدلا من العيش في مخيمات النزوح و اللجوء و حياة الهرب و التهرب و الفرار و الغربة القسرية التي لا تليق بالإنسان المقتدر أبدا، إنها لمسئوليتنا جميعا ان نوجد الوطن الذي يجب أن نعيش فيه و يعيش فيه كل إنسان بكرامة، و هذه المهمة لن تكون بمثابة مشروع سياسي مفتوح و غير معلوم الأجل، كما أننا لن ندع أو نطلب من غيرنا أو ننتظر الوقت ليقوم بذلك نيابة عنا، بل نحن أنفسنا من يقوم بذلك وفق الخطى التي أرساها رفاقنا. كما نعلن أيضا أن العام ٢٠٢٠م الذي يخطط النظام لإكمال عملية التمكين خاصته فيه من خلال إجراءات شكلية و يحاول إشغال الناس بها الآن، سوف لن يبلغه، و أننا لن نعطي النظام و منسوبيه شرف الحديث عن القيم التي طالما حاربها النظام طوال بقاءه في السلطة، و لكنه سيكون عام التغيير النهائي، عام فيه تتم تسوية جميع الإختلالات الحالية التي شلت حركة الحياة على إمتداد البلاد، سيكون عام فيه يحتفل السودانيون بنهاية الحرب و الإقتتال و التشرد و التهجير و الخوف و الفقر و الجهل و المعاناة، سيكون عام للإستقرار، عام الحرية و العدل و الديمقراطية و السلام.
و سننتصر
د. الهادي إدريس يحيى
رئيس الحركة
١ / يناير / ٢٠١٨م