حوار صحيفة الهامش مع الأستاذ / سليمان بلولة مدير مدرسة السلام بمعسكر زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور ، وهو من أبرز القيادات الشبابية النشطة بمعسكر زمزم للنازحين ، شاباً هادئا وجريئا فوق الشجاعة ، عمل المستحيل لكي يكون إداريا ومسؤولا ، حتي لقب ب ( بوش ) واصفين به بالرئيس الامريكي السابق جورج بوش .
بدأ إهتمامه بالعمل الإنساني والنشاط السياسي منذ أن كان طالبا بجامعة غرب كردفان ، عرفته الحركة الطلابية حينها بجدارته ومقدراته في العمل العام ، وأسس جريدة ” الحياة ” الطلابية وعمل فيها حتي تخرج من الجامعة .
الأستاذ سليمان بلولة الآن نازحا بمعسكر زمزم للنازحين وهو أحد أقوي الإدارات الأهلية بالمعسكر ، التقته ( صحيفة الهامش ) وأجرت معه حوارًا مطولا وشامل حول أوضاع المعسكر وعدد من القضايا ، الي مضابط الحوار .
حاوره / أيمن تاج الدين
في البداية اهلًا وسهلاً بك الأستاذ سليمان بلولة !
– مرحباً بك الأخ أيمن ومرحبًا بوعاء المهمشين ” صحيفة الهامش ” العامرة واشكركم علي استضافتكم لي ولهذا الحوار ، وعلي إهتمامكم بقضايا الهامش وعبركم نرسل التحية لكل النازحين والمهمشين في بلادي .
س / أنت معلم تربوي وإداري وسياسي في نفس الوقت كيف بدأت مسيرتك علي هذا النحو ؟
أولا بدأت المهمة التطوعية منذ أن كنت طالبا في الثانوية ، فالبداية كانت اضطرارية نوعاً ما ، حيث في منطقتنا كنّا نعاني من نقص المعلمين بالمدرسة ، وأذكر أن المدرسة كَانت بها معلما وآحد ، لذلك بدأت منذ ذلك الوقت ، قاصداً سد الحوجة عادية وإنقاذ جيل من ذلك الفخ ، أما إداريا في هذا الوقت الذي نحن فيه فهي مسألة عادية .
س / من خلال زيارتنا للمعسكر التقينا وتعرفنا بعدد من هائل من الشباب بحجم هذا الوطن كيف تبدو حياة هؤلاالشباب في المعسكر ؟
– نعم هنالك شباب بقدرات عالية وبمستويات مختلفة ، تجمعهم الضمير المجروح لهذا المجتمع عقدوا العزم علي الوجود والبقاء في أوساط أهاليهم لتقاسم الهموم وتعاطي المشكلات في ظنهم مساعدة أهاليهم في معسكر زمزم ، ومعظمهم يعملون في مجال التدريس وإدارة شئون هؤلا النازحين بدلاً من الهروب فضلوا البقاء رغم التحديات التي تواجههم .
س/ ماهي شعورك الخاص والجمعي انت / وأنتم بمعسكر نزوح ؟
– الحياة بالمعسكر حزينة وهزيلة وبائسة جدا ، لم نحس شيئًا غير المعاناة والمأساة المستمرة الي أجل غير معروف ، وهو مؤلم جداً بهذا الشكل الذي تراه ، لأكن نحلم لحياة أفضل .
س/ ماهي قضاياكم الأساسية في معسكر زمزم للنازحين ؟
-النازح بالمعسكر يعاني من عدم أبسط مقومات الحياة المتمثّلة في الغذاء والدواء والذي توقف الصرف عنه منذ أكثر من خمسة أشهر من قبل منظمة الغذاء العالمي ( WFP ) ، وتوقف لأسباب تزايد اعداد النازحين الذين نزحوا من مناطقهم بسبب حرق قراهم ، وهنالك ايضا نقص في التعليم وكثير من مستلزمات الدراسة والفصول ، ومشمعات للخريف ، وغيرها من الاحتياجات الاساسية والضرورية ظلينا في حاجة ماسة لها .
س / مضت قضية دارفور لأكثر من أربعة عشر عاماً من اندلاع الحرب وأدي إذلالكم بمعسكرات الذل والهوان ، الي متي تظن أن يستمر هذا الحال ؟
-مع إستمرار الإنتهاكات ضد المدنيين حتماً ستستمر المعاناة ، والحرب الذي اشتعلت بين المركز ومناطق الهامش في رأي هنالك أسباب موضوعية وقضية عادلة أدت الي ذلك ،والتي تتمثل في التهميش بكل أنواعه من عدم الاعتراف بالمكونات والتنوع في إقليم دارفور ، وليست المشكلة كما تروج له بعض الجهات بأن مشكلة دارفور بدأت بين المزارعين والرعاة .
هنالك قضايا أساسية وظلم تجاه الأقليم لابد للمركز ان يعترف بِهَا ، لأكن ظل المركز بتعمد تجاهل تلك القضايا واعتقد بهذه الطريقة ستزداد الفجوة .
س / قضية دارفور ظلت طريحة في عدد من المنابر التفاوضية أنتجت منها إتفاقيات بين الحكومة وبعض الحركات المسلحة ، كيف تقيم هذه الاتفاقيات ؟
أولا يجب الإيمان بالقضية وعدالتها والإرادة في السلام وضمر جراح الإقليم النازف ، نحن نطالب فقط بحقوقنا الاساسية ، فالاتفاقيات وقعت كثر في شأن قضية دارفور لكنها تخلفوا في تنفيذها .
اتفاقية أبوجا كانت أقرب لإحلال السلام في دارفور ، لأكن الحكومة تنصلت منها لأسباب عديدة ، أن النظام السوداني لا زَال يتنكر لحقوق أهل دارفو ، والنظام السوداني معروف بخيانة العهود والمواثيق الدولية والاتفاقيات المحلية ، أما باقي الاتفاقيات فهي فاشلة باعتبارها مكتوبة علي الورق ولم تحل جزء بسيط من قضية دارفور لذا لا يعنينا في شي .
والحكومة تتعامل مع بعض المجموعات وتدعي بأن هؤلا هم أصحاب المصلحة وهذا غش وخداع ، فأصحاب المصلحة نحن المشردين في معسكرات النزوح ، ولاكن هؤلا باعوا اهاليهم بابخث ثمن ولاكن سوف يذهبون الي مزبلة التاريخ .
س / السلطة الانتقالية لإقليم دارفور أنشئت بموجب اتفاقية الدوحة للسلام وأجرت استفتاء دارفور في أبريل الماضي ، ماذا حققت لكم هذه الاتفاقية وآتوا بكم الي البند الأخير ألا وهو الاستفتاء ؟
-أين اتفاقية الدوحة ؟ نحن كنازحين لن نتعرف باتفاقية الدوحة ، دعك من حقوقنا التي ستأتي بها ، كما قلت لك اخي إن هؤلا الذين وقعوا تلك الاتفاقية موهومين لأن الحكومة ضمتهم الي طرفها بمساومة سرية .
السيسي وابوقردة ودبجوً هؤلا ساعين إلي مصالحهم الخاصة ، والاستفتاء حق دستوري وله استحقاقات ، لأكن الحكومة عملت الاستفتاء لضليل المجتمع الدولي بأن هنالك استقرار وأمن في دارفور وهذا مجافي للحقيقة ، وتأكد يا اخي نحن في معسكر زمزم قاطعنا الاستفتاء بصوت عالي وواضح وقلنا ان هنالك استحقاقات قبل الاستفتاء لابد منها ، ونحن كنازحين لن نتعرف بنتيجة تلك الاستفتاء لأنها مزورة ولا تعبر عن ارادتنا .
س / الحرب لها نتائج سلبية إلي اي حد تأثرتم بها نفسياً واجتماعيا ؟
-لعنة الله علي الحرب وينعل من أشعلها ويهدئ من يتقي ، الحرب لها أثار من كل الجوانب ، غيرت الكثير في نفوس الناس ، خاصة الأطفال الذين نشأوا في زمن الحرب ، ولا زالت المعسكرات تفرض أوضاعا تدمر الإرث والثقافة والأعراف السودانية الطيبة .
س/ هنالك اتجاهات لإحلال جماعات أخري في مناطقكم جلبتهم الحكومة من الخارج ماهي نظرتكم لتلك القضية الخطيرة ؟
-مسلسل التغير الديمغرافي مرتب ومخطط له ، كما الإبادة الجماعية والتهجير وغيرها ، اذا مررنا وتذكرنا التاريخ نجد أن من أبرز معالم التاريخ هو أركان السودان الموسمة بقبور اجدادنا ، فهذه الدولة تكونت بدماء أبطال من أبناء السودان ، محاولة الاستجلاب وتوطين جماعات اخري في مناطقنا هي جريمة ثانية وخطيرة بعد الإبادة الجماعية ، وعلي النظام أن يرجع قراة التاريخ جيداً فهنالك خطوط حمراء .
س/ قبل انطلاقة الاستفتاء كانت هنالك ضغوطات لكي تعودوا إلي مناطقكم ما كان موقفكم ؟
-كما قلت لك اخي العودة هي كل إنسان يتمناه لأكن هنالك أسباب جعلتنا في هذا المعسكر ، وتلك الأسباب ما زالت قائمةً ، وكيف لرئيس ان يقرر عودتنا بمجرد قرار كأننا أجانب من النيجر او مالي ، نحن سودانيين في المقام الاول ولنا حقوقنا وكرامتنا .
س / تقيمك للوضع السياسي الراهن وسبل الخروج من تلك الأزمات ؟
-السودان دولة مطربة سياسياً وتعاني من فراغات كثيرة رغم مرور السودان بحكومات مختلفةً ولاكن الحال كما هو ولم يتغير شيئًا بل ذهب للأسوأ والواقع اليوم يؤكد ذلك الفشل ، والمطلوب توحيد الصفوف لبناء دولة العدالة والمساواة يتساوي فيها الجميع في الحقوق والواجبات ويعلوا فيها قيم الانسانية ، ونداوي جراحنا وهذا لن يحدث ما لم نكونوا اقوياء وموحدين في العمل .
س / بما أنك صاحب فكرة جريدة ” الحياة الطلابية ” كيف كانت التجربة ؟
انا دخلت الجامعة سنة 2000 وفي ذاك الوقت كانت الثورة في دارفور علي وشك الظهور ، وكنت متحسس منذ عام 1991 وحينها كنت ادرس في الاساسية وكنت صغيرا بأن هنالك مشكلة في دارفور ، لأن كانت هنالك حملات حكومية علي مناطقنا بالتحديد منطقة ( عد الحبوب ) ريفي الشعرية بشرق دارفور ، وقتها شنت الحكومة عدة حملات أعتقلت وقتلت الكثيرين في وضع النهار بتهم أنهم نهب مسلح ، ومن بينهم أمام مسجد منطقتنا .
وعندما دخلت الجامعة كنت مهتم بشأن قضايا أهلي رغم بعد المسافة وانعدام وسائل التواصل معهم لمعرفة أخبارهم.
وكنت بطلع علي الجرائد يوميا ، وخطرت لي فكرة تأسيس جريدة طلابية لنقل الأخبار والاحداث والمواضيع المهمة التي تحدث هناك .
وفي المرحلة الأولي بدأت بكتابة تواريخ واسماء المناطق التي تم حرقها .
وفي المرحلة الثانية بدأت بنشر أخبارالثورك في دارفور بجانب قضايا الطلاب بالجامعات علي نحو شامل ، وبعد أن تخرجت من الجامعة أصبحت الجريدة ملكًا للطلاب ومسند رئيسي. للتعبير عن قضاياهم .
ماهي رسالتك الاخيرة ؟
رسالتي ظلت واحدة ومتكررة ” أدعوكم لوحدة الصف الثوري أيها الشجعان والكفاح الثوري مستمر وأمنياتي أن تنتهي معاتنا في أقرب وقت ، واشكركم علي تكبدكم المشاق من أجل إرسال رسالتنا ودامت تواصلكم معنا ، وتحياتي للقرأة .