عبد المنعم سليمان
بلادنا أصبحت تتصدر كل ما هو قبيح وشاذ ومنحرف .. وأصبحت رائدة في الفساد والإنحراف وعدم الحياء.. وصار الفساد فيها يمارس علانية دون أدنى حشمة أو خجل .. فهو يمشي في الأسواق مع المواطنين يأكل “كسرتهم” ورغيفهم وحليب أطفالهم ، ويسرق علاجهم و”هدومهم” وأحلامهم .. بل تطور الأمر في بلادنا صاحبة الريادة حيث تزوج الفساد وأنجب أولاد وبنات وأحفاد يساعدون في الحفاظ على هذا “الارث” من الإنقطاع..
اخر مظاهر الفساد المستفزة إستضافة الفاسد الأكبر “مامون حميدة” وزير الصحة بولاية الخرطوم في (برنامجه) بالتلفزيون “القومي” الحكومي ابنته الطبيبة “سوزان” ، التي يبدو واضحاً انها تسير على درب والدها ، ليس في التخصص العلمي فحسب بل وفي الإنحطاط الأخلاقي أيضاً .. ولم لا فكل فتاة بأبيها معجبة .. فهي ما شاء الله وتبارك تشاركه فساده وتدير له المستشفى الذي يملكه ، وتروج معه لممتلكات العائلة من خلال “التلفزيون” الذي يدفع المواطن الفقير ميزانيته من قوت يومه .. وكان حري بها وهي في ريعان شبابها ان تنصح والدها أو تحجر عليه للسفه وسوء الخلق وفقدان العقل والضمير..
ولا أعرف كيف يصبح وزير مقدماً لبرنامج تلفزيوني يفترض انه يناقش ويفضح مشاكل وزارته ! وكيف تصبح السلطة التنفيذية سلطة رقابية على نفسها ؟؟ وكيف يسمح لمسؤول حكومي إستغلال الممتلكات العامة للترويج لإستثماراته الخاصة ، ناهيك عن كيف يصبح أكبر مستثمر ومدمر للصحة وزيراً للصحة ؟؟ هذا لعمري لا يصدر إلا من حكومة تحتقر نفسها وشعبها.. ولا أعرف هل سمع أحدهم بمفهوم “تضارب المصلحة” ، أحد أهم مقاييس “منظمة الشفافية العالمية” في تعريف الفساد – بالتأكيد لم يسمع رئيسهم الفاسد بهذا المصطلح من قبل – وهل يوجد بينهم رجل رشيد حتى يقول لهم “عيب” ، ويشرح لهم ماذا يعني مصطلح “تضارب المصلحة” أحد المفاهيم الأساسية في شغل الوظائف .. والذي عرفته المنظمة المرموقة بـــ : الوضعية ، حيث يُواجه الافراد أو الوحدات التي يعملون بها – سواء في الحكومة أو القطاع الخاص أو الاعلام او في منظمة مجتمع مدني- يُواجهون بالاختيار بين مسؤوليات ومطلوبات مواقعهم الوظيفية ومابين مصالحهم الخاصة.
ان القلب ليحزن والعين تدمع على الأوضاع التي آلت إليها البلاد .. وهي أوضاع مستفزة ومزرية وكئيبة لا يجدي معها الرتق لأن الفتق صار أكبر من الرتق .. ولن تُعالج إلا برمي هذا النظام في أقرب مكب “زبالة” .. وحرقهم فرداً فردا .. أولهم رئيسهم الفاسد ، ووزيره “الحرامي” ما أغنى عنه ماله وما كسب ، وابنته “سوزان” حمالة الحطب .