[email protected]
(بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) صدق الله العظيم
منذ أن نشأت حركة الاخوان المسلمين، كانت تتقرب الى الحكومات، وتحاول من خلالها، أن تنشئ العلاقات مع الدول الإستعمارية، المرتبطة بإسرائيل .. وهي في نفس الوقت، كانتتوهم أتباعها، والبسطاء من المواطنين، بأنها ضد إسرائيل، ولو أدى ذلك الى أن يتجند بعض أعضاء الجماعة، في قتال ضد تلك الدولة، وهو أقصى حالات معيشة النفاق !! فقد جاء ( وكتب حسن البنا في مجلة “الاخوان المسلمين” سنة 1356 ه 9/2/1937م بعنوان “حامي المصحف” يقول: ” إن 300 مليون مسلم في العالم تهفو أراوحهم الى الملك الفاضل الذي يبايعهم على أن يكون حامياً للمصحف فيبايعونه على أن يموتوا بين يديه جنوداً للمصحف وأكبر الظن أن الله إختار لهذه الهداية العامة “الفاروق”فعلى بركة الله يا جلالة الملك ومن ورائك أخلص جنودك)(عبد الرحيم علي: الاخوان المسلمون من حسن البنا الى مهدي عاكف ص 59). كان هذا رأي حسن البنا، زعيم ومؤسس حركة الاخوان المسلمين، في الملك فاروق، الذي ورث الملك، عن والده الملك فؤاد، الذي كان يحكم مصر، كأداة من أدوات الإنجليز (وبلغ من حرص القصر على العلاقة بالاخوان أن الملك سعى لتحسين صورتهم أمام الإنجليز .. فقد أخذ حسين سري باشا-رئيس الوزراء- في السعي لتحسين صورة الاخوان لدى السلطات البريطانية التي إكتشفت ان رئيس الوزراء يفعل ذلك بنا على تعليمات الملك … وعن مساعدة الملك للاخوان قال السفير البريطاني في القاهرة إن القصر الملكي بدأ يجد في الإخوان أداة مفيدة، وإن الملك أصدر بنفسه أوامر لمديري الاقاليم “المحافظين” بعدم التدخل في أنشطة الإخوان)(المصدر السابق ص61) وفي ذلك الوقت، الذي كان يسعى الإخوان فيه لتحسين علاقتهم ببريطانيا، كانت هي الدولة التي منحت إسرائيل، شرعية إنشاء وطن في فلسطين، وكانت تحميه ذلك الوطن، وتدافع عنه.
أما حكومة الإخوان المسلمين، الحالية في السودان، فقد بدأت أول عهدها بالهجوم على أمريكا، وحشدت الشبان يصيحون في الميادين، أمام الرئيس، وأمام ممثلي الحكومة: “امريكا روسيا قد دنا عذابها علي إن لاقيتها ضرابها” !! وكانت في نفس تلك الأيام،تجوب بالشبان والشابات الشوارع وهم يصيحون، ويرددون “خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود” !! والآن بعد أكثر من ربع قرن من الحكم، يفترض أن تكون قد زادت المجاهدين قوة وتمكيناً،وجعلتهم مستعدون، لتنفيذ وعودهم بقتال الأمريكان واليهود، ماذا حدث ؟!
إن نظام الإخوان المسلمين، بعد تأزم وضعه، وفشله في كل شئ (شرع فى المقايضة مع اسرائيل، فوسط دول اقليمية لصفقة يوقف بموجبها دعم حماس، مقابل مساعدة اسرائيل له فى رفع العقوبات الاقتصادية، وايجاد مخرج من المحكمة الجنائية الدولية، ثم تطورت الاتصالات بالتعهد إما دفع حماس الى تسوية مع اسرائيل أو تشديد محاصرتها، وهو ماتمت مناقشته مع أبومازن إبان زيارته للخرطوم 19 يوليو 2016 وفى لقاء مباشر بين عمر البشير وممثلين لإسرائيل بالمغرب 26 يوليو 2016 )(حريات 7/9/2016م).
ويبدو أن جهود حكومة الإخوان المسلمين، في التزلف لإسرائيل، قد نجحت .. فقد جاء (كشفت صحيفة “هاآرتس” الاسرائيلية بأن الحكومة الاسرائيلية طلبت مؤخراً من حكومات الولايات المتحدة الامريكية وعدد من الدول الاوروبية تحسين علاقاتها مع النظام السودانى. ونقلت “هاآرتس” اليوم الاربعاء 7 سبتمبر عن موظفين رفيعى المستوى فى اسرائيل قولهم أنه تم بحث تحسين العلاقات مع النظام السودانى مع نائب وزير الخارجية الامريكية – توم شانون – عند زيارته لاسرائيل الاسبوع الماضى .وبحسب “هارآتس” شدد مسؤولو الخارجية الاسرائيلية على أهمية تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة والسودان ورفعه من قائمة الدول الراعية للارهاب بعد ان قطعت الحكومة السودانية العام الماضى علاقاتها مع ايران وأوقفت تهريب الاسلحة الى قطاع غزة واقتربت من محور الدول السنية المعتدلة الذى تقوده السعودية. واضافت الصحيفة ان الحكومة الاسرائيلية طالبت كذلك حكومات ايطاليا وفرنسا ودول اوروبية اخرى بمساعدة النظام السودانى ودراسة امكانية اعفائه من قسم من الديون الخارجية التى تقارب الـ”50″مليار دولار )(حريات 7/9/2016م).
وهكذا تنكرت حكومة الإخوان المسلمين، لأهم مبادئها، وهو معاداة اليهود، والدعوة الى محاربتهم، وتقتيلهم، وسبي نساءهم، كما فعل المسلمون الأوائل، في غزوة بني قريظة، وغزوة خيبر .. وأخذت بدلاً من ذلك، تتزلف إليهم، وتتحالف معهم، وتقدم لهم الخدمات،التي تزيد في قوتهم، وتمكنهم من عدوهم حماس، مقابل أن يتوسطوا لها، ويخطبوا لها ود أمريكا، التي كانت ترفع شعارات الحرب معها، ودنو عذابها !! فإذا كان هناك من يستطيع أن يسمي هذا السلوك، أي إسم آخر غير النفاق، فليحدثنا به !!
على أن من اليهود، من لا يرضى لبلاده، أن تقيم علاقات تحالف،وتبادل منافع، مع حكومة مجرمة، مثل التي يرأسها الإخوان المسلمون!! فقد جاء (طالب أربعة أعضاء في البرلمان الإسرائيلي بمناقشة مسألة عاجلة في لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في البرلمان “الكنيست”، وذلك في أعقاب تقارير صحفية تؤكد إن إسرائيل تحث الولايات المتحدة وأوروبا لتحسين علاقاتها مع السودان ودعم نظام البشير. وقال الأعضاء الأربعة وهما إثنان من الإئتلاف الحاكم وآخران من المعارضة في المذكرة المستعجلة التي بُعثت لرئيس لجنة الشئون الخارجية والدفاع بالكنيست “إن نشاطات إسرائيل في الغرب لحساب النظام السوداني لم يتم نقاشها ولا إعتمادها من قبل اللجنة” . وقالوا في مذكرتهم “معلوم لدينا إن إسرائيل كانت في الأشهر الأخيرة تعمل في السر والعلن في أفريقيا لتعزيز علاقاتها الدبلوماسية، إلا إن الرئيس السوداني عمر البشير قد صدرت بحقه مذكرة توقيف دولية لاعتقاله و تم توجيه الاتهام له من قبل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لإبادة مئات الآلاف من أبناء القبائل غير العربية في اقليم دارفور. ومساعدة نظام بهذا السجل الإجرامي قد يثير تساؤلات في مدى إلتزام إسرائيل بتعهداتها في مجال حقوق الإنسان”. وقالوا ” إن إسرائيل تدعم السودان رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية مباشرة، ورغم إن السودان كان معبراً للإسلحة لقطاع غزة وكان فيه مصنعاً للصواريخ”
واشاروا في المذكرة الى ان الولايات المتحدة تفرض عقوبات مشددة على نظام الخرطوم بسبب سجله في حقوق الإنسان وبسبب دعمه للإرهاب الدولي، لذا فإنه يتوجب مناقشة الكنيست لدعم إسرائيل لنظام الخرطوم لأن تداعياتها تتعلق بالدفاع عن إسرائيل. وكانت صحيفة “هاآرتز” قد قالت الأربعاء الماضي إن اسرائيل طلبت من الولايات المتحدة ودول في الإتحاد الأوربي دعم نظام الرئيس السوداني مكافئةً له لقطع علاقاته مع إيران وهو ما أفضى إلي تعطيل مسارات تدفق السلاح لقطاع غزة .والمعلوم إن إسرائيل نشطت في الأونة الأخيرة في تحسين علاقاتها الدبلوماسية مع دول أفريقية عديدة بعضها معلن وبعضها في السر، وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد زار سبعة دول في وسط وشرق أفريقيا في يوليو الماضي لم يكن السودان من بينها، إلا إن مسار رحلاته عبرت من خلال الإجواء السودانية بحسب الخريطة “المرفقة” المنشورة في حساب نتنياهو الرسمي في تويتر . المصدر صحيفة “هاآرتز”)(الراكوبة 11/9/2016م).
إن حكومة الإخوان المسلمين، لا عهد لها ولا ذمة، وهي لا تعرف صديقاً، ولا حليفاً، إلا مصالح النافذين فيها، وبقاءهم في كراسي الحكم !! ولقد إنكشف أمرها لمعظم السودانيين، ويوشك أن يظهر حتى لمن كانوا ينتسبون لحركة الإخوان المسلمين، ولم يكونوا يعلموا أنها حركة إنتهازية، مفارقة للدين، مستغلة له لمصالحها الدنيوية الزائلة، منذ نشأتها. وما يحدث للإخوان المسلمين، اليوم، من فضائح، وإدانات بالفساد، وضعف، وتناحر، ومذلة تضطرهم للنفاق الظاهر، لم يحدث صدفة، وإنما ورآءه الإرادة الحكيمة، الهادية، التي تفقدهم إدعاءاتهم، الواحدة تلو الأخرى، قبل أن تصل بهم، الى نزع السلطة منهم .. فلو بقى لهم أي بريق، لعادوا مرة أخرى، بمسمى جديد، كما فعلوا من قبل. وكلما ظهر كذبهم،ونفاقهم للشعب، رأي ضعفهم بادياً من ورائه، حتى يجمع أمره على إقتلاعهم، من هذا البلد الطيب.