للشــاعــر / محمــد أبكــر
و أوتدري..! ولو تدري!
ما خُلق وطنك هذا
لا لغير متعة ثغرُك ساخراً
أحشاءك وبصق الدم القريف
أذنيك والفتك الأنيني للسلاح
وإذ فؤادك تلوكه خطيئة الهُوية
الآلهة عنك لو تدري
تعايش ذلك البكاء المرير
من هذا التعليم الفتات
الغارق في اللاشيء والهزال
إن وطنك هذا الذي يشردك
ويجردك من كل شيء
ويحرمك عن حق الحقيقة
ويعريك عن حق الوجود قهراٍ
يقيلك عن الإيثار والصبابة
وهكذا يزبحك عن حق اليراع
فأنه أكذوبة التاريخ الحريق
أنه تلك الضحكة السوداء
فلهكذا أنت سخريفاً
بقدر سخافة أنجابك خلاله
بقدر إختان الأنثى الخالقة
وإسترقاق القصيدة الأنثى
وقسر إغترابك عنك
بقدر بلادة الأنا في السجال
أتدري كل شفقٍ جديدٍ
يجف فاهك من سيلان الضحك
يهجرك البصر واللهفة
من هكذا أصالة الرعب المميت
تتضخم من نحافة الحياة
من هكذا بلاد الأزل للخوف
تستلذ الطبيعة الخضراء
من هكذا أرض ذاكرة الدماء
أرض الكهوف والأهرام والأدغال
تموت كذا مراتٍ في برهةٍ
من هكذا وطنك عن حق الرغيف
من إقتراب بلادك الي العتمة
لطالما شعوبك ألعوبةٍ
بين تجريم اليراع وشهوة الكراسي
بين الغابة و بيداء الجِمال
بلادك كل يومٍ مثالاً في الكذب
بلادك مضمار الزناد
فإذ هزائم الأعراب الكثيبة
إذ حرمة الحرية والإرادة والنقش
وإذ يركض الي ظلام النطق عن الشمال
ولطالما وطنك ربيبتك السخيفة
كل يومٍ لهو في أبحارٍ عديم
والكفاف إغتال الحقول جهوراً
وطنك في الكراهية الأصيلة عنك
ولكمْ قاحلاً للسهول حباً
ولكمْ مجرمٌ يشتهوي قتل الذوات
ولكمْ في نشوة الحرب
مثل فينوس عن الحسن والمثال
بلادك في هذه الأيام عن ذاتك
ويبدو الإنحدار عن التلعثم غائراً
ومنتهى النخاثة لو تعلم
فهمك الرث عن الإنسانية
وولاءك العتيق عن التنوير
وإنتماءك العاهر العفيف
للسلالة والقَبول والغروب
حدّ ضمارة الأقلام
حدّ هشاشة المهن والأوصال
أوتعلم أن الروضة في وطنك
لأجل مسخ ذكاءك الحريف
وما للمدرسة لو تدري
غير قتل فؤادك عن الوجود في السؤال
وإن الجامعات تبدو حقاً
لا غير ظلالاً للمساجد والبيوع
فهكذا تعليمك يعني الفراغ
يعني التألم المستميت والفناء
يعني الغياب والإعتياد
فإذ إتقان تقهير الهوامش
وإذ إبادة الأصول ونسف الجمال
إن لغة بلادك الفسيح
لهي الكراهية للغير فالكل
تجهيل البقاع النائية
تقطيع العوائل والتطفل للجبال
إن لغتك تعني سحق الإخر
فأذ لسانك يضمر الزيف الأسير
ولطالما لغتك تتجذر الصحراء
وألفاظك لسيف الجهاد السليل
إن ثغرك لهو منافقة الفيافي
ووأد المرأة والضمير وحق المقال
ما طفوليتك في رياض النقش
سوى التنكيل بك إستجهالاً
سوى التنحير للطفولة
ولا غير إنتهاك براءتك
لا غير حشوك بتقيأ الأحرف
أحرف القساواة والتأليم
أحرف الخنوع والتركيع والجلف
أحرف الدم والموت القتال
وريثما المدرسة حيث العسكر
يلوكونك دروس الهدر والتطهير
وقسراً يأكلك كفاف المعرفة
يتم إطعامك سخافات السلف
ينهمونك بلادة الزمن الجهيل
ويلقنونك حصص الغلف والظلال
وريثما لاحقاً في المشوار
قد تعلم أنك عقلية زمرةٍ مسيخةٍ
وبورصة الجلابة الخصيصة
وإذ أنك لوحة المشروخ الغباري
وإذ مصيدة التعريب الأصم
وفريسة التأسلم العابر عن الجدال
أنك لو تدري حقاً
أنك تعلم في برهةٍ طويلةٍ
أنك أكذوبة منهج كهنوتي حفيف
أنك ألعوبة نظام فرعوني ظليم
ولا يفقه سوى العنف والإقصاء
ولايدرك سوى القبور وأحلام السهاد
وكيف لا يستمنى الجهالة والجهال
فهمذا أنت ريشة أدمغةٍ
لكمْ تشتهي الظلم العنيف
ولكمْ يملئها دسامة التحريم
ويمزقها الإحساس عن لذة الحرب
ولكمْ تجاري عن الإغتراب والفدروس
تسخي بروحها لللانهائي واللاهوت
فلأنت لا شيء قبال المعرفة
وهكذا لو تدري هي للمسخ والكراهية
لكمْ يطحنها التطرف البغيض
يعميها الغلو التام والإيغال.
الملكية الأدبية محفوظة