أصدر الرئيس الامريكي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً مساء يوم أمس الحادي عشر من يوليو للعام ٢٠١٧، مدد فترة الرقابة على أفعال نظام الرئيس البشير لثلاثة أشهر إضافية قبل إتخاذ قرار نهائي بشأن العقوبات المفروضة على السودان منذ العام ١٩٩٧. جاء هذا القرار عقب ترقب دام ستة أشهر كانت هي الفترة المحددة من قبل الرئيس الامريكي السابق باراك أوباما للبت في أمر العقوبات.
إننا في حزب المؤتمر السوداني نلخص موقفنا من هذه القضية على النحو التالي:
١- وضع السودان في القائمة الامريكية للدول الراعية للإرهاب في العام ١٩٩٣ إثر استضافة نظام الإنقاذ لأسامة بن لادن وعدداً من المنظمات الجهادية المتهمة بأعمال إرهابية، وتم فرض أولى العقوبات المالية بواسطة الرئيس كلينتون في نوفمبر ١٩٩٧ عقب سلسلة من حوادث التفجيرات التي ضربت مصالح ومنشآت امريكية في المنطقة اشتبه في ضلوع النظام السوداني فيها، كما فرض الكونغرس الأميركي في العام ٢٠٠٦ عقوبات ضد الأشخاص المسؤولين عن الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وضع نظام الإنقاذ البلاد في مواجهات مع المحيط الإقليمي والدولي لا لأهداف سوى لوثة الأيديولوجيا وأوهام السلطة وتمدد النفوذ تحت راية ما يُسمى بالمشروع الحضاري، ليدفع الثمن الشعب السوداني بالعزلة الدولية والأخذ بجريرة انقلابيين فتتوا وحدة وتماسك البلاد وأشعلوا فيها نيران الحروب بما يصاحبها من هدرٍ فادح للأرواح والموارد وتعريض الملايين لمآسي النزوح والتشريد والتجويع وغيرها.
٢- بسبب هذه السياسات الخرقاء، سادت في السودان معظم معالم توصيف الدولة الفاشلة وعلى رأسها تدويل قضاياه الداخلية وانتقاص السيادة والإستقلالية في القرار، وذلك نتيجة طبيعية لأية دولة يسيطر عليها نظام حكم شمولي، مشدود لمصالح فئة بعينها، ويحوِّلها عبر الظلم والاقصاء والتهميش إلى مسرحٍ لحروبات داخلية وأزماتٍ يأخذ بعضها برقاب بعض في كل الفضاءات.
إن النظام الذي يتشدق بدعاوي السيادة هو الذي تسببت حروبه في نشر عشرات الألوف من الجنود الدوليين لحماية مواطني البلاد من حكومتهم، وهو الذي تسبب فساده وسوء إدارته لموارد البلاد في تحوله لسمسار إقليمي ودولي يبيع خدماته مقابل المال لأية جهة. وفِي هذا الإطار يأتي استجداؤه للإدارة الأمريكية لرفع العقوبات وفق محاور خمس يتركز جلها في خدمات امنية ومخابراتية في الإقليم.
٣- يروج النظام أن العقوبات هي مصدر إفقار شعب السودان وتدهور الأوضاع الإقتصادية وهو إدعاء كاذب. مصدر الفقر المدقع الذي تعيشه البلاد هو حروبات النظام ضد مواطنيه، وتحطيمه بنية الإنتاج في البلاد، ووضعه لنموذج اقتصادي ذي عيوب هيكلية يعتمد على الريع والربح السريع ومراكمة الثروة في يد القلة، ويضعف الإنتاج ويخاصم العدالة في توزيع الثروة. كل هذا في ظل غياب القانون وانتشار الفساد المؤسسي في كل مناحي الحياة.
تأتي العقوبات في ذيل مسببات الأزمة الاقتصادية، وترويج فرضية أن رفع العقوبات سيعود بالانتعاش الاقتصادي على كل مواطني البلاد هو ترويج لفرضية مضللة، بل إن المستفيد الأكبر هو النظام الذي يسعى لإحكام قبضته على السلطة والثروة.
٤ – ربطت الولايات المتحدة الأمريكية رفع العقوبات بما أسمته بالمحاور الخمس التي لخصتها في التعاون في ملفات الإرهاب والجنوب وجيش الرب وتخفيف حدة الحرب بالداخل وتيسير وصول المساعدات الإنسانية للمتضررين . للولايات المتحدة الحق في رعاية مصالح شعبها وترتيب اولوياتها، ولكن عليها أن تعلم ان أولويات الشعب السوداني تتمثل في قضايا عادلة هي تحقيق سلام شامل ينهض على قاعدة العدالة ومخاطبة جذور الأزمة في البلاد، وتحول ديمقراطي كامل تحترم فيه حقوق الإنسان وتصان بقانون لا يميز أحداً على أحد. لذلك فإن تأسيس علاقة استراتيجية سوية بين الدولتين لا يتأتى باتفاقيات مع نظام لم يستمد شرعيته من الشعب ولكن فرضها بالقوة وتدابير القمع والبطش، بل بشراكة تنهض على اساس تحقيق مصالح الشعوب إبتداءً بشكل عادل وهو الشيء الذي تفتقر إليه عملية التطبيع الجارية الان بين الولايات المتحدة والنظام السوداني.
٥ – ختاماً فإننا في حزب المؤتمر السوداني نتوجه بأصواتنا وبأفعالنا اليومية صوب الشعب السوداني وقواه السياسية والإجتماعية الحية التي تنشد التغيير الشامل. إن واجب جميع قوى التغيير هو تنظيم الصفوف ورفع وتيرة المقاومة ومنازلة النظام في كل ميدان بمختلف الأدوات المدنية، وصولاً لعمل جماهيري عريض يسقط سلطة الإنقاذ ويوقف الحرب ويبني السلام العادل ويفتح الباب أمام الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان كاملة وحكم القانون والعدالة والرفاه الإجتماعي. هذه الأهداف لن تتحقق إلَّا بترجيح كفة العامل الداخلي واستنهاض الممكنات النضالية من أجل إنجاز تغيير جذري يخاطب جذور الأزمة الشاملة في البلاد ويضعها على درب الخلاص بإرادة جماعية.
حزب المؤتمر السوداني
أمانة الاعلام
١٢ يوليو ٢٠١٧