حركات الهامش المسلحة هي صانعة الثورات من اكتوبر حتي عصيان نوفمبر و ديسمبر؟!!
** الجنوبيون كانوا يريدون( دولة ) .. و ليس لهم غرض في ( ثورة .. وتحول ديمقراطي ) !!
** اذا وقعت حركات الهامش الحاملة للسلاح اتفاقية وقف اطلاق نار فلن تقوم انتفاضة !!
** من اجل الوطن و المواطن : علينا وقف الحروب العبثية التي يطلقون عليها ( عبيد يقتلون عبيد ) !!
(١) ( وعينا .. و عينا .. ما حد يسرق ثورتنا ) انتهي عهد : ( الخيل تجغلب و الشكر لي حماد )
انتهي العهد الذي يقاتل فيه ( المهمشون ) ، و يقدمون ملايين الشهداء ، و يسقطون النظام في الخرطوم ، ثم تذهب السلطة بعد سقوط ( الديكاتور ، و النظام العسكري ) .. تذهب السلطة ( بردا .. و سلاما ) لاهل اهل المركز ، و احزاب المركز التي انجزت فقط (١٠٪ من اسباب الثورة ) .
الفرضية التي اريد اثباتها في هذا المقال هي ان ( حركات الهامش المسلحة هي صانعة كل الثورات السودانية ، من اكتوبر ، و ابريل ، حتي انتفاضة سبتمبر ٢٠١٣ ، و عصيان ٢٧/نوفمبر و ١٩/ديسمبر ) ، و مفهوم المخالفة من هذا الادعاء هو : ( اذا وقعت حركات الهامش الحاملة للسلاح علي وقف العدائيات ، ووقف اطلاق النار ، وفقا للترتيبات مع المبعوث الامريكي ، و الاتحاد الاوروبي ، فلن تقوم انتفاضة ) . و ثم اختم اطروحتي بالدعوة الي وقف الحروب العبثية في دارفور و جبال النوبا و الانقسنا ، ( وهذا راي شخصي ) ، و اقدم الاسانيد التي تفيد بعدم جدوي هذه الحروب ، و لما كانت البينة علي من ادعي ، فهاكم الادلة ، و الاسانيد التي تثبت صحة دعواي :-
(٢) حركات الهامش المسلحة هي صانعة كل الثورات السودانية ، من اكتوبر حتي عصيان نوفمبر و ديسمبر ؟!!
علماء التاريخ يميزون بين ( الاسباب الحقيقية للثورة ) ، و بين ( السبب المباشر للثورة) ، فالاسباب الحقيقية للثورة هي (مجموعة العوامل و الاسباب التراكمية ) التي وصلت الشعب الي حالة الغليات ، و الجهوزية للثورة ، بحيث يكون جاهزا للاشتعال اذا توفر السبب المباشر ، بالبلدي كدة ، اليتيم جاهز للبكاء ، تبكيه الريشة ، ( الريشة هي فقط السبب المباشر للبكاء ، و هي تشكل (١٠٪ من اسباب بكاء اليتيم ) ، الاسباب الحقيقية للبكاء ،هي : اليتم ، و ما تراكم بعده ، من فقر ، و شعور بالحرمان ، و فقد الحنان ..الخ ، هذه الاسباب الحقيقية تشكل ٩٠٪ من اسباب البكاء و الثورة ، و اذا ربطنا هذا التنظير بواقع الثورات السودانية سنخلص الي الاتي :
** ثورة اكتوبر ١٩٦٤ كانت من صنع ما تسميه حكومات الخرطوم ب (التمرد في الجنوب )
باختصار الابادة التي نفذها نظام عبود في الجنوب ، و ما تبعها من تشريد ٢ مليون جنوبي الي دول الجوار ، و مقاومة الاسلمة و التعريب في الجنوب ، و طرد القساوسة ، و المواجهة مع الفاتيكان .. الخ كل هذه الامور هي الاسباب الحقيقية لثورة اكتوبر ، و ندوة منتدي الفلاسفة في كلية الاداب بجامعة الخرطوم ، و ندوة البركس التي استشهد فيها القرشي ، كل هذا الحراك السياسي كان موضوعه ( قضية الجنوب ) ، و شاهدنا : ان ملف الحرب في الجنوب يشكل (٩٠٪) من اسباب ثورة اكتوبر ، في حين ان الحراك السياسي و الطلابي و النقابي ، ( اساتذة جامعة الخرطوم ، اتحاد طلاب جامعة الخرطوم ، ونقابة المحامين ، الهيئة القضائية …الخ ، كل هذا الحراك السياسي في العاصمة ، و عطبرة ، و قطار كسلا ، و مدني ، كل هذا يشكل ( السبب المباشر للثورة / ١٠٪ من اسباب الثورة ) . و بعد كل هذا ( سرقت احزاب المركز ثورة اكتوبر ، و فشلت المائدة المستديرة ، و لم توافق علي الفيدرالية !!
** انتفاضة ابريل من صنع حركة غرنق ، و راديو جون غرنق :
الحقيقة التي لا تنتطح بشانها عنزتان ، هي ان انتفاضة ابريل ١٩٨٥ كانت من صنع الجيش الشعبي ، و الحركة الشعبية لتحرير شعوب السودان ، قيادة الشهيد الراحل جون غرانق ، و الشهيد الراحل / يوسف كوة مكي ، و القايد مالك عقار ، متعه الله بالصحة و العافية ، حتي الحراك الشعبي ، و التعبئة الشعبية كان القدح المعلي فيها لراديو الحركة الشعبية ، بل ان منشور الاخوان الجمهوريين ( هذا او الطوفان ) كان موضوعه ايقاف الحرب في الجنوب ، و ان تطبيق الشريعة / قوانين سبتمبر يجعل الجنوبيين المسيحيين مواطنين من الدرجة الثانية .
** الجنوبيون كانوا يريدون ( دولة .. و ليس ثورة .. و تحول ديمقراطي ) :
اذا كان الجنوبيون هم وقود الثورات و اسباب الثورات السودانية ، ( في اكتوبر و ابريل ) فلماذا لم يحكموا السودان ؟!!
ما كان ممكن للراحل جون غرنق بعد انتفاضة ابريل ١٩٨٥ ان يحضر للخرطوم ( و يعلن وقف اطلاق نار ، و يحفظ جيشه كما هو ، و تصرف عليه الدولة ) ، و يشارك في الحكومة و لو علي مستوي رئيس وزراء في الحكومة الانتقالية ، لان طرح فكرة المشاركة في الحكومة المركزية كان سيؤدي غالبا الي تقسيم ، و انشقاق في الحركة الشعبية و الجيش الشعبي ، لان العقيدة القتالية للجيش الشعبي تهدف الي ( الدولة ) و ليس الثورة و التحول الديمقراطي . كاتب هذا المقال يؤمن بان الراحل د جون غرانق كان صادقا في طرحه ( للسودان الجديد ) ، و ان قطاعا معتبرا في الجيش الشعبي ( اولاد غرنق ) يؤمن بفكرة السودان الجديد ، و ان الشهيد غرنق ( مات مقتولا بسبب مساعيه الصادقة لوحدة السودان من خلال مشروع السودان الجيد ) ، اكثر من ذلك فان كاتب المقال علي قناعه بانه ( سيظهر غرنق جديد في الجنوب ) يدعو لمشروع السودان الجديد ووحدة طوعية اذا سقط نظام الانقاذ بمشروعه الاقصائي الداعشي .
** عصيان ٢٧/ نوفمبر ، و ١٩/ديسمبر من صناعة حركات الهامش المسلحة :
مع كامل احترامي و تبجيلي للشباب ، و الشابات و النساء الذين نظموا بنجاح شديد الحملة الاعلامية علي ادوات التواصل الاجتماعي ، و ذكروا العالم بتجربة الربيع العربي في تغيير الانظمة التي شاخت ، لدرجة ان حكامها شرعوا في ( التوريث ) ، اي توريث الدولة الجهورية لابنائهم ، و ذلك من شدة احتقارهم للشعوب التي استكانت للاستبداد .
اقول بالفم المليان ان عصيان نوفمبر و ديسمبر ٢٠١٦ كان من صنع الحركات المسلحة في دارفور ، جبال النوبة و الانقسنا ، و ذلك حسب الادلة التالية :
السبب التراكمي الذي جعل الاوضاع الاقتصادية المنهارة في السودان ، هو حالة اقتصاد الحرب ( ٧٠٪ من ميزانية الدولة للحرب / الامن و الدفاع ، و للجنجويد ) ، بسبب الحروب في دارفور تحديدا ، ( رغم حالة وقف العدائيات في جبال النوبة و ثم في الجنوب بعد بروتكول مشاكوس) ، فقد ظلت الحكومة في حالة هلع منذ عملية الذراع الطويل في ٨/مايو ٢٠٠٨ بقيادة الشهيد د خليل ابراهيم خوفا من غزوة ام درمان مرة اخري و اسقاط النظام ، و تعزز هذا الخوف بعودة الحركة الشعبية شمال ،لمربع الحرب فور انفصال الجنوب ، و تكوين الجبهة الثورية التي ضمت كل الحركات المسلحة ، وزحف الجبهة الثورية تجاه الخرطوم ، و اجتاحت شمال كردفان حتي ام روابة ، و تندلتي .
نظرة سريعة الي المقالات الرائعة في تحليل ميزانية عام ٢٠١٧ تؤكد ما ذهبنا اليه ، بان ميزانية ( حميدي ) تعادل ثلاثة اضعاف ميزانية الصحة و التعليم . و شاهدنا : ان فشل الدولة في توفير الدواء و العلاج ، و ارتفاع الدولار و انخفاض قيمة الجنيه السوداني ، و الازمة الاقتصادية الطاحنة ، كل هذه الامور ليست من صنع شباب الوتساب و الفيسبوك ، و انما بسبب ( اقتصاد الحرب ) ، و فشل الحكومة في تحقيق السلام الشامل ، و تنفيذ خارطة الطريق ، نخلص من ذلك الي ان (٩٠٪من اسباب العصيان من صنع الحركات المسلحة ) !!
** اذا وقعت الحركات المسلحة اتفاقية وقف عدائيات / ووقف اطلاق نار لن تقوم انتفاضة :
استكمالا للادلة و البراهين علي ان ( الحركات المسلحة هي صانعة الثورات مننذ اكتوبر و حتي عصيان نوفمبر و ديسمبر ) ، اقول : لو ان الحركات المسلحة الدارفورية ، و الحركة الشعبية شمال وقعت اتفاقية وقف العدائيات ثم وقف اطلاق النار ، و سارت الترتيبات مع المجتمع الدولي برفع العقوبات الاقتصادية ، ورفع اسم السودان من قائمة الارهاب الامريكية ، و جري انفراج سياسي باطلاق سراح المعتقلين و المحكومين سياسيا ، و الاسري ، و مؤتمر دستوري ، و حكومة انتقالية .. الخ ، لو تم كل ذلك لزالت اسباب الانتفاضة ، و اكبر دليل علي ذلك هو ان المعارضة الحزبية الرافضة لخارطة الطريق تعترف بذلك صراحة بقولها ان من شان سلام و ( هبوط ناعم ) ان ( يطيل من عمر النظام ) .. بمعني يحول دون قيام اي انتفاضة شعبية .
من اجل مصلحة الوطن و المواطن : علينا وقف الحروب العبثية التي يطلقون عليها ( عبيد يقتلون عبيدا ) !!
رغم قناعتي بان ( اتفاق الحركات المسلحة مع الحكومة ) ، و المضي قدما اجراءات السلام وفق ترتيبات امبيكي و خارطة الطريق الافريقية ، سيقلل من فرص انتفاضة في السودان ، الا اني ادعو للاستمرار في مسار تنفيذ خارطة الطريق حتي النهاية ، ( رغم انتهاء ما يسمي بحوار الوثبة ) ، و هدفي من ذلك هو ( الحفاظ علي نعمة الدولة السودانية ، التي لا يراها الا اهل الصومال ، او سوريا و ليبيا ) ، و سلامة الانسان السوداني ، و امنه في داره ، بما يضمن وقف حروب الهامش في دارفور و جبال النوبة ، و الانقسنا ، وذلك للاسباب التالية:
(أ) حروب الهامش ضد نظام الخرطوم اصبحت عبثية :
لاننا لا نقاتل (المركز ) ، فالجيش الرسمي للدولة رفض عمليا مفاتلة الحركات المسلحة ، و المليشات من ابناء ( حجر الطير ، و حجر العسل ) الذين دربتهم الحكومة لمنازلة الحركات المسلحة قد ( شردوا ( علي قول د نافع ) من ساحات القتال ) ، فلم تجد الحكومة المركزية بدا من تقوية ، و تأهيل اكثر اعدائها ، وهم ابناء القبائل العربية في دارفور / الجنجويد/ موسي هلال / حميدتي .. الخ . حروبات الهامش في دارفور و المنطقتين اصبحت عبثية ( لان انسان دارفور (من الزرقة ) يقتل انسان دارفور من اولاد حميتي ، والعكس ، و هي الحروب القذرة التي يصفها ابناء المركز في مجالسهم الخاصة ( عبيد يقتلون عبيدا ) ، و نذكر بان ابناء القبائل العربية / حميدتي ، هم رصيد اقليم دارفور المدخر للمعركة ، و المواجهة القادمة مع النظام ، فالحكومة الان تقوي اليد التي ستضربها غدا .
(ب) القول بان توقيع اي سلام مع الحكومة سيمدد من عمر النظام :
هذا الكلام هو نصف الحقيقة ، انه النصف الفارغ من الكوب ، الحقيقة هي ان حروب الهامش هي التي تمدد من عمر النظام ، النظام له ٢٧ سنة الان ، و لم يواجه ابدا (في داخل السودان بمقاومة حزبية مدنية ) ، و قد فشلت الاحزاب و النقابات في تطبيق ميثاق الدفاع عن الديمقراطية عندما تفذت الجبهة الاسلامية انقلابها في ١٩٨٩ ، و في انتفاضة سبتمبر٢٠١٣ اختفت الاحزاب تماما من ساحة الانتفاضة . و التكييف الواقعي لعصيان ٢٧ نوفمبر و ١٩ ديسمبر انه ، اي العصيان ( هو اسلوب من يتجنب مواجهة النظام ، و لا يريد ان يدفع الكلفة الباهظة للتغيير ) ، خاصة في ضوء خطاب البشير التهديدي في كسلا لمنفذي العصيان بالخروج من بيوتهم ليقتلهم اسوة بما حدث في انتفاضة سبتمبر ٢٠١٣ ، و الحال كذلك ، فلا يعقل ان يدفع اهل دارفور و جبال و الانقسنا( وحدهم و الي الابد ثمن مناهضة الانقاذ) .. التنمية في الهامش معلقة بسبب الحرب ، الفاقد التربوي يتضاعف عاما بعد عام ، و لا تجد المرأة قي الهامش ( قابلة ) لتشرف علي توليدها ، و لا يوجد اخصائي واحد للاطفال حديثي الولادة و غيرهم !!
لا يجوز ابدا .. ابدا القياس علي اتفاقية نيفاشا ، صحيح ان اتفاقية ٢٠٠٥ مددت عمر النظام ، و لم تحقق التحول الديمقراطي ، و هذا يعود الي ثلاثة عوامل :
الاول : هو ان الحركة الشعبية بعد استشهاد د جون غرق ، لم تعد معنية بالوحدة الجاذبة ، و انما معنية بتحقيق الانفصال ، كما انها لم تكن معنية ابدا بالتحول الديمقراطي ( لا في الشمال ، ولا في الجنوب ) ، بل كانت معنية بنقل تجربة الانقاذ بحذافيرها للجنوب ( بفسادها ، و استبدادها .. الخ ).
العامل الثاني هو المجتمع الدولي :
امريكا لم تكن معنية ابدا باي رقي و تطور في شمال السودان ، بل كانت تعمل بكل سبيل علي اضعاف الخرطوم ، لان هزال نظام الخرطوم يسهل اجراء الانفصال ، فقد كانت معنية فقط بانفصال الجنوب ، و تامين الدولة الوليدة بعد استقلالها ، لذلك منعت حدوث اي سلام شامل في دارفور لان مثل هذا السلام في دارفور سيقوي وحدة المسلمين في الشمال و يعرقل انفصال الجنوب . لذلك ايضا امريكا لم تكن مستعدة لرفع العقوبات عن السودان . اليوم الاوضاع اختلفت ، انكسرت زجاجة الجنوب ، و اندفقت السمنة ، و اقتنع اللوبي المسيحي الذي صنع دولة الجنوب ، اقتنع بان هذا العمل كان خطأ ، و قلب ظهر المجن لدولة الجنوب ( حكومة و معارضة ) . باختصار الان امريكا علي استعداد لدعم التحول الديمقراطي في شمال السودان ، و رفع العقوبات ، كل ذلك : حتي تستطيع دولة الشمال ان توفر الغذاء لشعب جنوب السودان ، و لتقوم الحكومة بتحويل السودان الي سجن كبير للافارقة الذين يرغبون في الهجرة الي اوروبا .
العامل الثالث هو ضعف الاحزاب :
دور التجمع النقابي الحزبي بقيادة الميرغني في المقاومة ضد النظام ، كان دورا هامشيا ، فقد عجزت الاحزاب ( الامة ، الاتحادي ، الشيوعي .. الخ) عجزت في تكوين حركات مسلحة ( لان اولاد البحر لا يقاتلون .. و ليس لهم استعداد للموت من اجل التغيير ) .. لذلك جاء اتفاق القاهرة ( بامر من الرئيس مبارك ) علي قدر حجم هذه المعارضة ، و مشاركتهم في النظام علي قدر حجم معارضتهم البائسة للنظام .
اتفاقية نيفاشا حققت انفرجا سياسيا ضخما ، انجزت اعظم دستور ( الدستور الانتقالي لعام ٢٠٠٥ ) ، الاحزاب اصلا ضعيفة ، بسبب طول عهود الاستبداد العسكرية ، و زادتها حكومة المؤتمر الوطني ضعفا بالتقسيم .. التحول الديمقراطي يحتاج الي احزاب قوية قادرة علي تخطي الحدود المرسومة لها حسب تخطيط الحكومة ، و ذلك من خلال المبادرة ، و الجرأة ، و الابتكار ، فالحقوق تنتزع ، و تاخذ اخذا .. ولا تعطي صدقة .
(ج) لا يمكن اسقاط النظام من الخارج ، و التحول الديمقراطي ينتزع ، و لا يمنح صدقة :
السبب الثالث الذي يدعوني للدعوة للمضي قدما في خارطة الطريق الي نهاية الشوط هو ان اسقاط النظام بالقوة اصبح غير مقبول في السودان بقرار من مجلس الامن ، و الاهم انه غير مقبول حتي من احزاب نداء السودان ، و يخاف انسان الخرطوم من مثل هذا الخطوة ، لانها تذكر انسان الخرطوم بتجارب حروب المدن في دول الربيع العربي ، في ليبيا ، و سوريا / حلب .. الخ . حتي فكرة الانتفاضة المحمية اصبحت مخيفة ، لانها تعني ببساطة ان تقوم حركات الهامش بمقاتلة مليشات حميدي داخل ولاية الخرطوم ، و المصيبة هنا ان مليشات حميدي ستقتل المواطنين وتنسب هذه الجرائم الي الحركات المسلحة ، و اكبر دليل علي ذلك هو ( البهتان الكبير في نيرتتي ) حين نسبت الحكومة جرائمها الي حركة التحرير / جناح عبدالواحد ، و هو عمل مفضوح لم يقبله احد في دارفور او في بقية انحاء السودان .
التحول الديمقراطي لا يمكن ان يحدث بالرموت كنترول من الخارج ، لذلك ، لاحداث تحول ديمقراطي يجب ان تعود كافة منظمات المجتمع المدني ، و مراكز الضغط الي السودان ، و يجب ان تعود القيادات العليا للاحزاب الي داخل السودان ، و يجب تعود كل قيادات الحركات المسلحة ( بعد وقف اطلاق النار ) الي الداخل ، و تنشئ احزابا و منظمات مجتمع مدني ، و التركيز علي الاعلام ، خاصة الاعلام البديل علي الشبكة الدولية ، و انشاء القنوات الفضائية و اثراء الساحة السياسية .
مرة اخري اذكر بان سلام نيفاشا لم يحدث تحولا ديمقراطيا ( رغم الدستور الرائع ) ، لان القوميين الجنوبيين في الحركة الشعبية ، كانوا معنيين (بالانفصال) ، و نقل تجربة الانقاذ بحذافيرها ( باستبداها .. و فسادها الي جوبا) ، لذلك ، فان القول بان اي سلام مع نظام الخرطوم سيطيل من عمر النظام قياسا علي تجربة الفترة الانتقالية بعد نيفاشا هو قياس فاسد .
و ختاما اقدم التحية لشهداء حركات الهامش المسلحة ، منذ عام ١٩٥٥ و الي اليوم ، و تحية خاصة للشهداء د جون ، و يوسف كوة ، و دخليل و الجمالي ، و التحية للاشاوس من ابناء الهامش في دارفور و جبال النوبة و الانقسنا ، القابضين علي الزناد ، فهم من صنع الثورات السودانية من اكتوبر حتي عصيان نوفمبر و ديسمبر، بدمائم ، و عرقهم ، و قاوموا كل انظمة الاستبداد ، نظام عبود ، نميري ، و نظام الانقاذ الاسلاموي الداعشي العقائدي ، الذي كان الافظع في الابادة و التطهير العرقي و الاغتصاب ، و الشئ المهم جدا هو اننا ( وعينا .. وعينا .. ما حد يسرق ثوراتنا ، و نضالاتنا ) .. انتهي عهد ( الخيل تجغلب و الشكر لي حماد ) .
ابوبكر القاضي
كاردف / ويلز
٤/يناير/٢٠١٧