تهاوت كل المجهودات الثورية والقيم الإنسانية لشعب جنوب السودان الذي لطالما رواده الحلم بدولة لا تعرف للعنف والبؤس سبيلاً إلا أن حلمه ذهب أدراج الرياح عندما ابتدر رئيسها الطيب مجاراة أخيه المخادع (البشير ) الذي زار العاصمة جوبا قبيل عزله عدداً من من ينظر إليهم ساسة الجنوب علي أن وجودهم بالحكومة يمثل حجر عقبة أمام تنفيذ أية اتفاقيات من شأنها أن تؤدي إلي الإستقرار المنشود بين البلدين أمثال علي عثمان ونافع وغيرهما -ليعملوا تحت الطاولة – في مسرحية تهدف لجر الطرف الآخر ليحذوا حذوهم ومن ثم ركلهم إلي حاوية الحرب مرة أخري ، انصاع الجنرال الجنوبي (سلفاكير) لأوامر عدوه اللدود (البشير) حينما تسلم من الأخير قائمة بأسماء من تراهم حكومة المؤتمر الوطني أعداء للاستقرار ، وهي قائمة أعده الأعداء سلفاً للإيقاع بالشعب الجنوبي المتعطش لنسيم الحرية والعدالة الاجتماعية والسلام المستدام ، فكان أن صدق الرئيس الجنوبي ذلك السيناريو البغيض ولم يتردد في تنفيذ السيناريو بحذافيره وكله أمل في أن ينعم شعبه بالأمن والرفاهية حيث وقع في المحظور بإعفاءه العشرات من الدستورين والأرقام الكبيرة الذين أشارت إليهم تلك القائمة الخائنة في يونيو 2013 في خطوة اتسمت بالعجلة وعدم دراسة العواقب ، وسرعان ما ألهبت تلكم الرياح شرارة الثورة في بعض النفوس الهائجة هي الأخري ، وبدأت أحلام شعب جنوب السودان في التآكل بعد أن حاول نائب رئيس الجمهورية المقال (د.رياك مشار ) تسنم كرسي الرئاسة – حسبما أوحت إليه معدو القائمة لتكملة مسار المصيدة – في محاولة انقلابية لم يكتب لها النجاح ، خرج المعفيون الشماليون من تحت الطاولات يتمايلون رقصا لظفرهم باصطيادهم فريستهم الهاربة حسبما يعتقدون .
قضت الحروب بعدها علي الشعب و أحلامه ولم يهنئ من بقي منهم بكريم عيش حتي أعلنت الحكومة وثلاث منظمات إنسانية الإثنين 22 فبراير عن كارثة مجاعة حلت بدولة جنوب السودان بعد أن أعدمت حماقات الساسة الغذاء وكل سبل كسب العيش وفقدت العملة المحلية قيمتها لتصل قيمة الدولار الأمريكي بجنوب السودان إلي 140 جنيه .
أغارت جيوش الجوع علي شعب جنوب السودان ليخنق من تبقي من أطفالها ونسائها وعجائزها حتي الموت !!
وهذا بالضبط ما سعت إليه حكومة المؤتمر الوطني بكل ما أوتيت من خباثة ، وما مجزرة مسجد ” بانتيو ” التي راح ضحيتها المئات من تجار أبناء الشمال علي أيدي قوات موالية للنظام الحاكم بشمال السودان إلا قطرة من محيط خبيث فعالها هناك.
فهلا فتح شعب السودان ابوابهم واحضانهم لإيواء إخوتهم الجنوبيين بكل ما عرفوا بها من شهامة ورجولة ؟
إذ أن شعب جنوب السودان أولي بالمعروف من السوريين وغيرهم .
إلي أن تتماثل جوبا لشفاء كامل من أمراض المجاعة وطواحين الحروبات الحمقاء .