الخرطوم – صوت الهامش
تراجعت حرية الاعلام والتعبير بصورة متسارعة في السودان، رغم التغيرات السياسية التي شهدها بعد ان سقط نظام حزب المؤتمر الوطني، في الـ 11 من أبريل 2019 .
والآن بعد أن استلم المجلس العسكري الانتقالي مقاليد السلطة فيه، برزت رغبة أعضائه في السيطرة على السلطة السياسية، حيث قاموا تكتيكات عدة، تمثلت في التسويف والمماطلة في تسليم السلطة إلى المدنيين إلى جانب استدعاء التجارب القمعية للنظام السابق في مجال حرية التعبير، الأمر الذي كشف عن تعقيدات جديدة تمثلت في تعدد الأجسام التي تمارس الرقابة القبلية على حرية الاعلام والتعبير والتجمع.
ونشر المركز الإفريقي للعدالة ودراسات السلام، تقريرا حول حرية الاعلام والتعبير في السودان بعد اسقاط نظام الرئيس السابق عمر البشير، وكشف خلالها على ان وحدتين من الاستخبارات العسكرية، والدعم السريع الى جانب وحدة الإعلام بجهاز الأمن والمخابرات يمارسون الرقابة على الصحف ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية بشكل قبلي.
إغلاق قنوات دولية
وأكد المركز على ان المجلس العسكري أغلق عددا من مكاتب القنوات الإعلامية الأجنبية، دون توضيح سبب هذا الإغلاق او مدته، واعتبر ذلك امتداد للانتهاكات في مجال حرية التعبير التي طالت بعض القنوات الاقليمية اثناء الاحتجاجات السلمية التي بدأت في ديسمبر 2018 ضد نظام الإنقاذ حيث تعرضت قنوات تلفزيونية لسلسلة من الانتهاكات والمضايقات، قامت بها وحدة الاعلام والقسم السياسي التابعين لجهاز الأمن لمخابرات السوداني، وكما تعرض صحفيين ومراسلين إلى استدعاءات متكررة، خضعوا خلالها للتحقيق حول نهج تغطيتهم للأحداث.
وبين المركز بان جهاز الأمن والمخابرات السوداني، فرض سياسة المفاضلة، على بعض القنوات من خلال شرط الموافقة على الضيوف الذين يعلقون على الأحداث من السودان، الأمر الذي قاد إلى ظهور شخصيات سواء من الموالين للنظام السابق او المستقلين من حزب النظام السابق، حيث ظل المعلقين غير المنتمين له يتعرضون للعراقيل، وتعرض بعضهم للاعتقال اثناء الذهاب او الإياب من استديو هات القنوات الإعلامية الدولية.
إيقاف الانترنت
وفي الـ 3 من يونيو 2019، وبالتزامن فض اعتصام المحتجين امام القيادة العامة للجيش السوداني بالخرطوم، بواسطة قوة مدمجة بالأسلحة مشتركة من القوات المسلحة والشرطة والدعم السريع، تم ايقاف خدمة “الانترنت” ومنع مستخدمي الانترنت في السودان، واستثناء بعض المؤسسات والبنوك والقطاعات التقنية، وذلك بقرار من المجلس العسكري الانتقالي؛ محاولة منه تفادي تداول اخبار فض الاعتصام والانتهاكات التي ارتكبت بحق المدنيين بين الناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي.
وأشار المركز على ان عملية حرمان المستخدمين من الوصول الي الانترنت، هي تجربة مشابهة قام بها النظام البائد، حيث أوقف مواقع التواصل الاجتماعي عن العمل بعد اندلاع موجة الاحتجاجات في السودان، وذلك بالرغم من أن حق الوصول الى الانترنت أضحى حقا من حقوق الإنسان، وقفا للأمم المتحدة.
اعتقالات تعسفية
وفي 22 مايو 2019 اعتقلت وحدة مشتركة من القوات المسلحة والدعم السريع الإعلامي وائل محمد الحسن في الـ 22 من مايو 1019م اثناء مشاركته في تظاهرة احتجاجية سلمية امام مباني الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون السوداني تطالب المجلس العسكري الانتقالي بتسليم السلطة السياسية للمدنيين، وكما اعتقلت الصحفية الفرنسية غني لو رنوار التي تعمل في صحيفة الشرق 21 الفرنسية، اثناء تغطيتها لمسار الثورة السودانية في مدينة عطبرة، واعتقل الصحفي عمار عوض ادم في الخرطوم، حيث خضع الصحفي لطيف الي الاستدعاءات اليومية من قبل جهاز الامن والمخابرات السوداني .
وأعتبر المركز في تقرير له ذلك نمطا من أنماط الانتهاكات التي ظل يمارسها جهاز الأمن في مواجهة الصحفيين والناشطون في منظمات المجتمع المدني لتعطيلهم عن العمل.
الرقابة والصحف
الأنماط الجديدة هي قيام بعض الصحف بتنفيذ عقوبات غير قضائية علي بعض الصحفيين بمنعهم من النشر وفصلهم تعسفيا وذلك على خلفية أدائهم لعملهم والتعبير عن آرائهم وتوجهاتهم الضميرية ” في 19 يونيو 2019 منع جهاز الأمن والمخابرات بالخرطوم جمعية حماية المستهلك من عقد مؤتمر صحفي بالخرطوم، دون تقديم أسباب، واقتحمت مليشيات الدعم السريع احد المقرات والغت مؤتمر صحفي الذي كان تجمع المهنيين السودانيين يعتزم تنظيمه بالخرطوم قبل يوم من مواكب مليونيه الـ 30 من يونيو 2019م .
كما منع صحف نشر مقالات لكتاب صحفيين، كما ان جهاز الامن، اتصل هاتفيا برؤساء تحرير بعض الصحف، واخبرهم بوضعه عددا من الخطوط الحمراء على مواضيع لا يجوز النشر فيها إلا بعد الرجوع اليهما، وهي المعلومات المتعلقة بالقوات المسلحة والدعم السريع، وعملية فض الاعتصام بالقيادة العامة، وبالإضافة الي عدم انتقاد قادة المجلس العسكري، ومشاركة قوات سودانية في حرب اليمن، وفضلا عن عدم نقد العلاقة بين المجلس وحلفائه من دول الخليج المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة .
ويرى المركز ان حرية الاعلام والتعبير في السودان لم يتغير حالها بعد سقوط الرئيس السابق عمر البشير، وأشار الى ان وهناك تخبط عام في السياسات والقرارات والمواقف، وعزاء ذلك لعدم وجود حكومة مدنية واستمرار المجلس العسكري الانتقالي في امتلاك كل السلطات السيادية والتنفيذية والتشريعية.
وذكر المركز إن الرقابة على وسائل الاعلام بصورة مباشرة او غير مباشرة، ما تزال تمارس بأشكال مختلفة، وبجانب مصادرة الصحف بعد الطباعة، وسحب تراخيص مكاتب أجهزة الإعلام الأجنبية، حين لا تعجب التغطية الإعلامية المجلس العسكري .
ولخص المركز بأن ليس هناك تغيير حقيقي، وأن معاناة الإعلام السوداني لا تزال مستمرة، وحرية الإعلام والتعبير مقيدة، ويرى انه لن ينعدل الحال إلا إذا تم تسليم السلطة التنفيذية لحكومة مدنية.
الفصل عن العمل
وحول الإجراءات التعسفية والفصل عن العمل وقال المركز: إن الإذاعة القومية في السودان فصلت المذيعة هبه مكاوي من العمل تعسفيا بعد بثها تقرير انتقدت فيه المجلس العسكري الإنتقالي ، كما قال أن ادارة صحيفة الصيحة التي يملكها الصادق الرزيقي القيادي بحزب المؤتمر
الوطني المحلول ورئيس اتحاد الصحفيين السودانيين فصلت الصحفي عبدالرحمن االمين الذي يشغل منصب رئيس
التحرير عبدالرحمن االمين عقب توجيه انتقادات لرئيس رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان .