واشنطن: صوت الهامش
اتهمت مجلة “نيو إنجلش ريفيو” الأمريكية في تقرير لها ، نظام البشير بمخالفة اثنين من المسارات الخمسة التي نص عليها قرار الرئيس أوباما رقم 13761 الصادر في 13 يناير 2017 كشرط لرفع العقوبات المفروضة على السودان.
المخالفة الأولى، بحسب التقرير، تمثلت في قمع المدنيين في إقليم دارفور؛ وقد تجلى ذلك في مثالين، الأول: في الطرد الوحشي الذي قامت به قوات الدعم السريع أو ميليشيا الجنجويد لطلاب دارفور في إحدى المظاهرات؛ والثاني: في ممارسات ارتكبتها ذات الميليشيات ضد العديد من المجتمعات في أنحاء دارفور.
وتمثلت المخالفة الثانية في قيام نظام البشير بتوفير قاعدة للإطاحة بنظام الرئيس إدريس ديبي في تشاد ونظام الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في طرابلس؛ ويستهدف نظام البشير زعزعة الأوضاع في شمال ووسط أفريقيا لتدشين خلافة تطبق الشريعة الإسلامية من الخرطوم.
وأشار التقرير الذي اطلعت عليه (صوت الهامش) إلى أن طلاب دارفور المتظاهرين قد تمت محاصرتهم بعدد 17 شاحنة “تويوتا بيك اب” ثقيلة التسليح تابعة لقوات الدعم السريع أو ميليشيات الجنجويد ثم تم وضع هؤلاء الطلاب المتظاهرين في حافلات كان النظام قد أعدها سلفا لنقلهم إلى دارفور.
ورصد التقرير نقل عائلات الجنجويد قبل شهرين من تشاد والنيجر إلى مدينة الجنينة حاضرة إقليم غرب دارفور مبدئيا ثم تم نقلهم بعد ذلك عبر حافلات كبيرة من الجنينة إلى ما حول جبل جلاب بالقرب من منطقة “تابت” غير البعيدة عن الفاشر حاضرة إقليم شمال دارفور وذلك لإقامة قرى جديدة، ولدى وصول تلك العائلات إلى هذه المنطقة تلقى نظام الخرطوم دعمًا من الفاشر للمساعدة في توطين الوافدين الجدد.
ورصد التقرير زيادة عدد الحملات التي تشنها ميليشيات الجنجويد أو الدعم السريع على أنحاء دارفور سعيًا لإرهاب سكان الإقليم الأصليين وتصفيتهم عرقيا؛ وإلى جانب النهب ومصادرة الثروات الخاصة، صار الاختطاف وطلب الفدى لإطلاق سراح المختطفين مصدرًا إضافيا لتمويل ميليشيات الجنجويد.
وبحسب حسين أبو الشراتي، منسق المشردين داخليا في دارفور، فإن ميليشيات الجنجويد أو قوات الدعم السريع قد شردت أكثر من نصف مليون نسمة يعيشون الآن في العراء بلا أية مساعدات إنسانية؛ كما تحظر تلك الميليشيات على القرويين في “تابت” و”طويلة” زراعة الأراضي؛ ولا يجد الدارفوريون سبيلا إلى الشكوى مما يعانون من مظالم أو البحث عن عدل في السودان.
وعلى صعيد المخالفة الثانية، رصد التقرير تنظيم جماعة متمردة تشادية في دارفور واستعدادها لشن هجمات من الإقليم ضد الحكومة في تشاد؛ هذا التنظيم يضم تحت لواء واحد عددا من الفصائل المتمردة التشادية تحت قيادة تيماني إرديمي، إبن أخي الرئيس التشادي إدريس ديبي.
ويعتبر تيماني إرديمي هو الشخص الوحيد المعروف بين السياسيين التشاديين بانضمامه إلى تنظيم جماعة الإخوان المسلمين، حيث تم تجنيده من قبل حزب المؤتمر الوطني السوداني في حقبة التسعينيات وساعده نظام البشير بدعم مالي وعسكري من قطر والسعودية في محاولة للإطاحة بنظام الرئيس ديبي في تشاد .
وقد دشن إرديمي حركة متمردة شنت سلسلة من الهجمات بين عامي 2006 و2009 لكنها فشلت في تحقيق أهدافها، وهو أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين الأجنبية التي تعيش في قطر.
واستطاع إرديمي مؤخرا، بدعم من السعودية وقطر، أن يوّحد 8 فصائل تشادية متمردة تحت لواء “اتحاد القوى من أجل الجمهورية” تحت قيادته بهدف الإطاحة بنظام ديبي في تشاد الذي أعلن من جهته مؤخرا أن البشير في الخرطوم، مدعوما من حليفته قطر، يدعم هؤلاء المتمردين ويخطط لتقويض نظامه، وقطع ديبي على إثر ذلك، العلاقات الدبلوماسية مع قطر متهما إياها بدعم الإرهاب.
وبحسب التقرير، فإن هؤلاء المتمردين التشاديين بقيادة إرديمي إنما هم جزء من قوات الدعم السريع أو ميليشيات الجنجويد التي جندّها البشير لارتكاب عملية إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور وجنوب كردفان وولاية النيل الأزرق.
وأكد التقرير أن “اتحاد القوى من أجل الجمهورية” يتخذ الآن من ليبيا قاعدة له؛ وبحسب تقارير ليبية، فإن السودان وقطر بدعم من إيران، وبتعاون من جانب تنظيم الدولة الإسلامية هم الآن يحاربون نظام الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
هؤلاء المتمردون التشاديون أيضا هم جزء من جيش المجاهدين المقدر تعداده بنحو 150 ألف مقاتل والذي تضطلع الحكومة السودانية بتنظيمه منذ عام 2016 للإطاحة بالحكومات في كل من ليبيا وتشاد ولزعزعة استقرار منطقة الساحل عبر إقامة خلافة إسلامية تحتكم إلى الشريعة الإسلامية.
واختتم التقرير داعيا الولايات المتحدة والمجتمع الدولي إلى النظر بعين الحذر إلى الجهود المبذولة للإطاحة بنظام تشاد، إحدى الدول القليلة المستقرة في منطقة الساحل.
كما دعا التقرير إدارة ترمب إلى تعيين مبعوث مؤهل جيدا إلى السودان وفريق تحقيق للتأكد من صحة تلك الاتهامات وغيرها بعدم الامتثال لخطة المسارات الخمسة التي نص عليها قرار أوباما كشرط لرفع عقوبات دامت 20 عاما ضد نظام يرأسه متهم من المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب عملية إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.