لندن: صوت الهامش
رأت ديم روزاليند مارسدن، مبعوثة الاتحاد الأوروبي السابقة إلى السودان، أن على واشنطن أن تواصل مراقبة الخرطوم عن كثب بعد تخفيف العقوبات، مشيرة إلى أن المرحلة التالية من التدخل الغربي ينبغي أن تشهد تركيزا على حقوق الإنسان والسلام والديمقراطية.
وفي تقرير -نشره معهد تشاتام هاوس على موقعه الإلكتروني- شبهت مارسدن السودان بالخارج من العزلة بعد عقود من العقوبات والتوتر في العلاقات مع الغرب.
وأعلنت الولايات المتحدة عن أن عقوبات اقتصادية استمرت زهاء 20 عاما قد تم تخفيفها بشكل نهائي ابتداء من 12 أكتوبر الجاري بناء على “أفعال إيجابية” على صعيد المسارات الخمسة، بما في ذلك وقف مستدام للأعمال العدائية في مناطق الصراع في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وتحسّن في وصول المساعدات الإنسانية، وتعاون مع الولايات المتحدة على صعيد مكافحة الإرهاب، والتعاطي مع النزاعات الإقليمية. وقد جاءت هذه الخطوة بعد رفع مؤقت للعقوبات على يد الرئيس السابق أوباما في يناير الماضي.
ورصدت مارسدن، ابتهاجا من جانب الرئيس السوداني عمر البشير ومسؤوليه إزاء ما يرونه انتصارا سياسيا رئيسيا وخطوة هامة على صعيد تطبيق العلاقات مع الولايات المتحدة.
كما رحبت الحكومات الغربية بالخطوة الأمريكية والتي يرون أنها ستمكنهم من مواصلة التعامل مع السودان على صعيد مكافحة الإرهاب والتصدي للهجرة وبذلك المزيد من الضغوط على صعيد عملية السلام وحقوق الإنسان وفتح الآفاق أمام فرص جديدة للشركات غربية.
لكن، يظل على الولايات المتحدة مراقبة ما إذا كانت حكومة السودان ستواصل “أفعالها الإيجابية” عقب التخفيف الدائم للعقوبات. ولا يزال الرئيس البشير عرضة لقرار بالتوقيف من جانب المحكمة الجنائية الدولية على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وعملية إبادة جماعية؛ كما أن السودان لا يزال على القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.
وقالت الكاتبة إنه بينما حكومة الخرطوم قد تستمر في التعاون على صعيد قضايا خارجية أمثال مكافحة الإرهاب والهجرة إلى الحد الذي تعتبره ضروريا لترضية الغرب، فإنه من غير المتوقع أن تحاول نفس الحكومة إحراز أي تحسن على صعيد حقوق الإنسان أو إتاحة مساحة للديمقراطية، لا سميا إذا ظنت الخرطوم أن ذلك لا يمثل أولوية بالنسبة لإدارة ترامب وأن الاتحاد الأوروبي يركز اهتمامه على قضية الهجرة والحدّ من تدفق المهاجرين.
ونبهت مارسدن إلى أن بيئة العمل التي تعيش فيها المنظمات الحقوقية في السودان لا تزال تمثل تحديًا
ويرى نشطاء أن إدارة أوباما كان يجب أن تولي حقوق الإنسان أهمية أكبر في استراتيجيتها الخاصة بالمسارات الخمس لرفع العقوبات عن حكومة السودان؛ ويشير هؤلاء النشطاء إلى معاناة اللاجئين والذين يعيشون في مناطق الصراع، بما في ذلك 5ر2 مليون مشرد داخلي يعيشون في مخيمات بدارفور، ويشيرون بشكل عام إلى سجل السودان المتردي الخاص بحقوق الإنسان.
وأشارت الكاتبة في هذا الصدد إلى عمليات الاعتقال التعسفية والتعذيب والعنف الجنسي والعنف القائم على أساس النوع، والقيود المفروضة على الحريات السياسية والصحافية والدينية، والاستهداف المتزايد لأعضاء أحزاب المعارضة والحقوقيين ونشطاء النقابات وطلاب الجامعة (وتحديدا الدارفوريين منهم) من جانب جهاز الأمن.
واختتمت مارسدن قائلة إنه لمن الضروري في المرحلة المقبلة أن تُظهر الولايات المتحدة والحكومات الغربية إصرارًا على أولوية وضع معايير لحقوق الإنسان ولسلام شامل وعادل يقود إلى تحول ديمقراطي لأن هذا هو المسار الأهم للشعب السوداني.