كاليفورنيا – صوت الهامش
أكدت مجلة (أوزي) الأمريكية أن خروج أسامة بن لادن من السودان مطرودًا كان نتيجة لضغوط إفريقية إقليمية وليس نتيجة للهجمات الصاروخية الأمريكية.
وعادت المجلة بالأذهان الـ 26 من يونيو عام 1995، ومحاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في أديس أبابا، والتي نجا منها وعاد إلى القاهرة متهما الإرهابيين الذين تؤويهم السودان بالوقوف وراء المحاولة. وكانت هذه بداية نهاية وجود القاعدة وأسامة بن لادن في السودان.
ونوهت المجلة إلى أن البشير اغتصب السلطة في السودان عبر انقلاب عسكري عام 1989 ودشن نظاما إسلامويا على قاعدة حسن الترابي الأيديولوجية المتطرفة. وبعد عامين وتحديدا عام 1991، طردت السعودية ابن لادن لرفضه وجود قوات أمريكية على أرض سعودية أثناء حرب الخليج، فكان أن دعته (الجبهة الإسلامية القومية) في السودان إلى تدشين تنظيمه (القاعدة) هنالك وقد ابتهج ابن لادن للدعوة.
ولم يكد يمضي عام حتى انضم إليه في السودان نائبه الطبيب المصري أيمن الظواهري ومعه جماعته الإرهابية، (الجهاد الإسلامي المصري).
ومن الملاذ السوداني، نفذت هذه الجماعة هجمات إرهابية ضد قادة مصريين ودبّرت لهجمات ضد منشآت أمريكية.
ولفتت المجلة إلى أن العالم انتبه إلى علاقات السودان بابن لادن والظواهري وجماعتيهما بعد الهجمات الإرهابية التي نفذها تنظيم القاعدة ضد سفارتَي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا وما استتبعه ذلك من هجمات صاروخية أمريكية استهدفت مصنعا للكيماوي في الخرطوم.
لكن حكومة السودان كانت بالفعل قد طردت ابن لادن في مايو 1996. ولم تكن الصواريخ الأمريكية وإنما تحالفٌ إقليمي قادته مصر ودعمته الولايات المتحدة هو الذي أجبر القيادة الإسلاموية في السودان على طرد ابن لادن. نعم، كانت محاولة الاغتيال الفاشلة لحسني مبارك هي نقطة البداية.
ونقلت المجلة عن سفير أمريكا الأسبق إلى كل من إثيوبيا وبوركينا فاسو، ديفيد شين، والذي كان عام 1995 مديرا لشؤون شرق أفريقيا بوزارة الخارجية، القول: “محاولة اغتيال حسني مبارك عام 1995 كانت بالغة الأهمية وقادت إلى تكثيف الضغوط على السودان من جانب مصر وإثيوبيا والولايات المتحدة.”
وقبل تلك الحادثة، كانت التوترات بين مصر وإثيوبيا وإريتريا تحول دون تعاون الدول الثلاث. لكن محاولة الاغتيال هذه والتي وقعت بأديس أبابا في اجتماع لمنظمة الوحدة الأفريقية تركت إثيوبيا محرجة. وقد دعمت الولايات المتحدة ضغوطا مارستها كل من مصر وإثيوبيا وإريتريا على السودان.
ورأت المجلة أن الضغط على السودان لطرد ابن لادن والظواهري زاد في نوفمبر 1993، في أعقاب محاولة اغتيال تم التدبير لها من السودان واستهدفت رئيس وزراء مصر آنذاك عاطف صدقي أثناء عودته من اجتماع وزاري بالقاهرة.
لكن بحلول عام 1995، بدأ القلق من ابن لادن والظواهري يتسلل إلى قلب البشير الذي اتضح له سوء تقديره الخاص بأنه سيستخدم الملياردير السعودي (ابن لادن) كوسيلة لتوطيد نظامه في السودان عبر الإرهاب والأموال؛ وكذلك بعد أن باتت طموحات تنظيم القاعدة تتضح أمام أنظار العالم.
أيضا، هددت (جماعة الجهاد الإسلامي)، السلطة في الدولة السودانية عندما عذبّت الجماعة اثنين من جهاز الدولة عقابا لهما على التعاون مع أجهزة استخباراتية مصرية. كذلك، بات السودان محتاجا لاستثمارات تفوق طاقة ابن لادن من المجتمع الدولي.
إذن، عندما فشلت محاولة جماعة الجهاد الإسلامي في اغتيال مبارك، أدركت حكومة السودان أن زعيم تنظيم القاعدة (ابن لادن) يجب أن يرحل. ولم تكن أيّ من مصر أو السعودية أو الولايات المتحدة ترغب في ابن لادن الذي وجد ملاذا جديدا في طالبان جنوبي أفغانستان ومن هناك دبّر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر.
واختتمت المجلة قائلة: “23 سنة خلت على طرده من السودان. وقد مات ابن لادن. وخرج مبارك من السلطة. ومات الترابي. الوحيد الذي ظل بعد كل ذلك وعاش ليرى الولايات المتحدة ترفع العقوبات عن نظامه هو البشير الذي أمضى 29 عاما في الحكم ولا يزال العدّ مستمرًا.”