واشنطن: صوت الهامش
نشر موقع (إن بيه آر) الإخباري، تقريرا حول اقتراب الموعد النهائي لرفع العقوبات الأمريكية عن السودان، أشار إلى أن الرئيس السابق باراك أوباما قُبيل مغادرته منصبه فاجأ النشطاء الحقوقيين بتعليق بعض العقوبات التجارية المفروضة على حكومة السودان السيئة السُمعة في مجال حقوق الإنسان والمتهمة من جانب الولايات المتحدة بارتكاب عملية إبادة جماعية.
ولفت التقرير إلى أن إدارة الرئيس الحالي ترمب يتعين عليها أن تقرر بحلول الـ12 من يوليو الجاري عمّا إذا كانت ستتبع نفس نهْج إدارة أوباما.
ويقول ريان بويت، الأمريكي المقيم في السودان منذ 2003 ويدير وكالة أنباء (نوبة ريبورتس)، إنه يؤيد استمرار العقوبات؛ ويرى بويت الذي يعيش في منطقة جبال النوبة النائية أن قوات الحكومة السودانية تشن “حرب استنزاف” ضد حركة معارضة وترتكب فظائع ضد مدنيين.
ويضيف بويت “ليس هذا نزاعا صغيرا؛ نحن في الغرب نسمع عن نزاعات أفريقية ونتصور أسلحة خفيفة؛ إن الحكومة السودانية لديها طائرات مقاتلة نفاثة تقصف بها الناس، ولديها دبابات ومدفعية؛ كما أن المعارضة في المقابل لديها دبابات ومدفعية … إننا إزاء معارك ثقيلة”.
وفي سبيل التعبير عن مدى الصعوبات التي يعانيها أهالي منطقة جبال النوبة البعيدة عن المسئولين الأمريكيين، صوّر بويت مادة فيلمية واقعية (فيديو) عن المنطقة وأطلع عليها عددًا من أعضاء الكونجرس وعددًا من موظفي وزارة الخارجية أثناء زيارة قام بها مؤخرا إلى واشنطن؛ وقال بويت “إن الكثيرين أبدوا تعاطفهم عندما شاهدوا الفيديو”.
في غضون ذلك، عمدت الحكومة السودانية -بقيادة عمر البشير المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية لاتهامه بجرائم ضد الإنسانية بين تُهَم أخرى- عمدتْ إلى توكيل شركة ضغط أمريكية (سكوير باتون بوغز) مقابل 40 ألف دولار شهريا لتفادي عودة فرض العقوبات المرفوعة…. وقد واجهت (سكوير باتون بوغز) انتقادات من كثيرين بينهم نجم هوليود الشهير جورج كلوني وكذلك رئيس منظمة كفاية الأمريكية جون برندرغاست، وكلاهما مناهض للأفعال الوحشية والشريرة التي يقترفها نظام البشير.
ومن جانبها قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر نويرت، إن سياسة العقوبات هي قيد المراجعة؛ وصرحت نويرت للصحافيين في الـ 22 من يونيو المنصرم قائلة: “نحن لسنا متأكدين بشأن ما سيحدث على صعيد العقوبات؛ إن الخارجية تراقب ما إذا كان السودان مستمرًا في القيام بالأفعال الإيجابية التي برّرتْ اتخاذ قرار أوباما التنفيذي في وقت سابق من العام الجاري”.
وبموجب قرار أوباما، يُفترض أن يفي السودان بمطالب على خمسة مسارات بينها التعاون على صعيد محاربة الإرهاب، إضافة إلى وقف عمليات إطلاق النار والمزيد من وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق الحروب داخل السودان .
وكان ستيفن كوتسيس، كبير الدبلوماسيين الأمريكيين في السودان، قد صرّح الشهر الماضي لوكالة فرانس برس: “يمكنني القول دونما كثير تردد أن ما تم إحرازه من تقدم (مع استثناءات قليلة) على المسارات الخمس كان أمرًا إيجابيًا…. أما تلك الاستثناءات فتتمثل في أنّ “تنفيذ عمليات وصول المساعدات الإنسانية يشهد تفاوتًا…. ونحن نرغب في أن نرى الحكومة تبدأ في عمل المزيد على صعيد التحرك صوب اتفاق دائم مع المعارضة لوقف الأعمال العدوانية”…… وفي الثاني من يوليو الجاري، مدّ البشير عملية وقف إطلاق النار مع المعارضة حتى نهاية شهر أكتوبر.
أما برنستون لايمان، المبعوث الأمريكي السابق للسودان، فيعتقد أن المسلك الدبلوماسي مُجْدٍ – استخدام رفع العقوبات كأداة نفوذ “هذه هي البداية، أول خطوة في فتح حوارٍ جادّ مع السودان”…. ويظن لايمان أن إدارة ترمب بإمكانها البناء على هذا المسلك وانتظار المزيد من التغيرات من جانب حكومة كانت الولايات المتحدة قد اتهمتها ذات يوم بارتكاب عملية إبادة جماعية في دارفور.
يقول لايمان “ما يهمني فعلا هو ما سيتم بعد ذلك؛ فعندئذ يمكن في الجولة التالية فتْح ملفات خطيرة كحقوق الإنسان والسجناء السياسيين وتدشين عملية سلام…. وعليه، فهي عملية تدريجية”.
لكن حتي الآن، إدارة ترمب بطيئة في ملء الوظائف الدبلوماسية الشاغرة؛ وفي الـ 30 من يونيو المنصرم، كتبتْ مجموعةٌ من أعضاء الكونغرس (جمهوريون وديمقراطيون) للرئيس ترامب يحثونه على إرجاء عملية رفع العقوبات ريثما يحرز السودان مزيدا من التقدم وحتى تنتهي الإدارة الأمريكية من ملء كافة الوظائف الشاغرة في الخارجية ومجلس الأمن القومي، ولحين تسمية مبعوث خاص جديد للسودان وجنوب السودان.
وتقول اللجنة الأمريكية لحرية الأديان الدولية، إن حكومة السودان قد قوّضت كنائس واعتقلت العديد من القساوسة في الأشهر الأخيرة ومن ثمّ فهي لا تستحق رفع العقوبات الآن.
وصرّحت المتحدثة باسم الخارجية نويرت للصحافيين، الشهر الماضي، بأن السودان قد يحتفظ بوصفه دولة راعية للإرهاب؛ كما أن السودان يقع بين الدول الست ذات الأغلبية المسلمة التي شملها قرار إدارة أوباما بحظر السفر إلى أمريكا.