واشنطن : صوت الهامش
نشرت منظمة (بيانات أحداث ومواقع النزاعات المسلحة) تقريرا حول استخدام العنف الجنسي كسلاح في النزاعات السياسية في أفريقيا، مؤكدة أن السودان بات يقود القارة السمراء على هذا الصعيد.
وأفاد التقرير الذي اطلعت عليه “صوت الهامش”، أنه بينما ظلت جمهورية الكونغو الديمقراطية متصدرة لأفريقيا والعالم في مضمار استخدام الاغتصاب كسلاح للعنف السياسي (عاصمة الاغتصاب في العالم بحسب تقرير للـبي بي سي في 28 أبريل 2010)، إلا أن الأعوام الأخيرة شهدت صعود نجم السودان واختطافه الصدارة في هذا المضمار.
وأشار التقرير إلى أن عام 2015 شهد تسجيلا لأعلى مستويات العنف الجنسي المبلغ عنها كسلاح في النزاع السياسي بالسودان وتحديدا في منطقة دارفور.
ويوضح الشكل رقم (1) أعداد حالات الاغتصاب كسلاح في النزاع السياسي في عدد من البلدان الأفريقية خلال العقد الماضي، ويتضح أنه بينما كانت جمهورية الكونغو الديمقراطية تحتل السبق في هذا المضمار في الماضي، إلا أنه ومنذ عام 2014، فقد بات السودان مسئولا عن حصة كبرى متزايدة من تلك الأحداث.
ولفت التقرير إلى أن السودان في أواخر أبريل 2015 كان قد غيّر قانونا يُحاكم ضحايا الاغتصاب بتهمة الزنا (جريمة عقابها السجن أو الجلد أو حتى الرجم)، وبعد أن كان الضحايا يخشون الإبلاغ عن تعرضهم للعنف الجنسي مخافة الوقوع تحت طائلة ذلك القانون فإنهم الآن وبعد تغييره باتوا يبلغون عن تلك الحالات، وعليه فقد شهد شهر مايو 2015 تسجيلا لأعلى رقم للحالات المبلغ عنها والتي تعرضت للاغتصاب في السودان.
وكان ردّ الفعل أنْ صادرتْ القوات الأمنية في السودان أعداد عشرة صُحف في البلاد (رويترز 25 مايو 2015)، ونتيجة لذلك تقلصت مستويات الإبلاغ عن حالات الاغتصاب وهو ما يوضحه الرسم البياني.
وأفاد التقرير أنه بينما كانت القفزات في استخدام العنف الجنسي عبر أفريقيا تقوم بها القوات الحكومية أو الجماعات المتمردة، فإنه ومنذ 2013، يوضح الشكل( 2 ) كيف احتلت الميليشيات السياسية موقع الصدارة في استخدام هذا التكتيك، مسجلة مستوى أعلى من معدلات التورط في عمليات الاغتصاب.
وعلى الرغم من انخفاض مستويات هذا التكتيك على أيدي عسكريّي الدولة، فإن قوات الحكومة لم تنتهِ عن التورط في هذه الممارسات؛ ففي دراسة قام بها كل من “دارا كاي كوهين” و “راجنهيلد نورداس” عام 2015، فإن “الميليشيات التي تلقتْ تدريبا على أيدي الدولة هي متورطة في تسجيل مستويات أعلى من العنف الجنسي”.
وأكد التقرير أن الميليشيات السياسية ناشطةٌ بشكل خاص في السودان، وتحديدا في منطقة دارفور (انظر الشكل 3)؛ إن الميليشيات الداعمة للحكومة وقوات الدعم السريع هي الجماعات الأساسية المسئولة عن عمليات الاغتصاب في السودان، إضافة إلى جماعات مسلحة غير محددة الهوية والتي يمكن لقوات الحكومة أن تستخدمها بشكل استراتيجي لتنفيذ عمليات عنف مستفيدة من كونها جماعات مجهولة الهوية.
ورأى التقرير أنه ومع استمرار رئيس السودان البشير – “الرئيس الوحيد المطلوب على خلفية ارتكاب عمليات إبادة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور” – مع استمراره في التهرب من المحكمة الجنائية الدولية، فإنه يمكن توّقع استمرار استخدام تكتيك الاغتصاب كسلاح في النزاع السياسي بالسودان.
وأشار التقرير إلى أن إحدى الجرائم المتعددة ضد الإنسانية الموجهة للبشير هي التحريض على الاغتصاب (الـبي بي سي 15 يونيو 2015)… وطالما ثبت فاعلية الاغتصاب كسلاح للعنف السياسي في خفض معنويات المعارضة وقذْف الرعب في قلوب السكان وتأكيد القمع والسيطرة، فإن الاغتصاب مرشحٌ لأن يظل تكتيكا فاعلا طالما كانت الدوافع موجودة لارتكاب أعمال وحشية.
ويعتبر العنف الجنسي، كسلاح في النزاع السياسي، بمثابة استراتيجية متعمدة تستخدمها جماعات مسلحة لتعذيب الخصوم وإخضاعهم وإرهاب الأفراد وتقويض المجتمعات، للدفع إلى النزوح عن الإقليم وتأكيد العدوان والوحشية تعبيرًا عن السيطرة.