لندن : صوت الهامش
نشرت صحيفة (الديلي ميل) البريطانية، تقريرا حول دخول النازحين من إريتريا، إلى السودان بشكل غير قانوني على أمل الوصول إلى أوروبا بحثًا عن الحرية.
لكن هؤلاء المهاجرين يتعرضون للاختطاف على أيدي بدو سودانيين من قبيلة “الرشايدة” فور عبورهم إلى شرق السودان قُرب قرية “اللفة” بولاية “كسلا”.
يقول أحد الإريتريين كان تعرض للاختطاف مع مجموعة من رفاقه:”هربنا من إريتريا لأننا أردنا حرية، لكن عندما جئنا إلى هنا وقعنا في الأسْر على أيدي الرشايدة… وبعد خمسة أيام من الأسْر تم إنقاذنا”.
لقد تحررت تلك المجموعة على أيدي قوات الأمن السودانية، التي عززتْ دورياتها على طول 600 كيلومتر (370 ميلا) حدودية مع إريتريا في مسعى للحد من تهريب المهاجرين؛ وقال ضابط بتلك القوات الأمنية: “لقد كانوا مقيدين، وقد انضموا الآن إلى نحو ثلاثة آلاف آخرين من اللاجئين في مخيم (وادي شريفي) المكون من أكواخ متجاورة على مقربة من الحدود”.
ويقول معظم الإريتريين الذين يتم إنقاذهم إنهم فرّوا من بلادهم هربًا من التجنيد العسكري، لكن البعض يعترف أنه غادر بحثا عن عمل أفضل في الخارج.
وتقول الشرطة السودانية وجهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني، إن عشرات من الإريتريين يحاولون دخول السودان بشكل غير قانوني كل يوم؛ “ثمة طرق كثيرة يدخلون عبرها، منها المشي على طول نهر (القاش)”؛ ويعبر المهاجرون إلى السودان سائرين على أقدامهم لأيام وفي بعض الحالات لأسابيع؛ وعادة ما يسافرون بالليل ويختبئون بالنهار في المزارع والغابات.
وعلى الرغم من أن السوريين الهاربين من وحشية الحرب يُغذّون أزمة الهجرة الراهنة، إلا أن خبراء يقولون إن ثمة الكثير من الإريتريين أيضا يحاولون الوصول إلى أوروبا؛ ويقول أصفند فقار، المحلل لدى منظمة الهجرة الدولية، “ثمة نحو مائة ألف مهاجر عبروا السودان في 2016، معظمهم إريتريون”.
ويعتبر السودان، في القرن الأفريقي، نقطة مرور رئيسية على طريق الهجرة إلى أوروبا؛ ويأتي المهاجرون من ولاية “كسلا” عابرين السودان في طريقهم إلى ليبيا أو مصر، وهنالك يُكدّسهم المهربون فوق قوارب متهالكة استعدادا لرحلات خطرة على مياه البحر المتوسط قاصدين سواحل أوروبا.
وفي الصيف، يأتي نهر (القاش) الطويل العابر للحدود مليئا بالمهاجرين بالليل؛ “نحن لا نزال لا نقوم بدوريات ليلية، لذا فمن السهل عليهم الحركة أثناء ساعات الظلام”، هكذا يقول أحد ضباط الأمن بينما تقف من ورائه تحت شمس الصيف الحارقة مجموعةٌ من جنود حرس الحدود المسلحين والواقفين في قاع النهر (الجاف) لبدء دوريتهم.
ويقول الضباط إن وجودهم المكثف على طول الحدود ساعدهم في الإمساك بالكثير من المهربين؛ ويقول ضابط أمن آخر: “إن المهربين، الذين معظمهم إريتريين، يتمتعون بشبكات عمل متميزة تعتمد على تقنيات اتصال متطورة للغاية؛ إنهم يعرفون عنا أكثر مما نعرف نحن عنهم”.
ويقول خبراء، إن مهربي المهاجرين قد أصبحتْ أعمالهم تقدر بالمليارات؛ ويقول أصفند فقار من منظمة الهجرة الدولية: “إنها القدرة المالية للمهاجر هي التي تحدد كمْ من الأموال سيدفع؛ إنه نظام استغلالي تتراوح فيه التكلفة بين مئات وآلاف الدولارات”. وتقول إحدى السيدات الإريتريات التي تخطط للهجرة إلى أوروبا عبر الخرطوم إنها ستدفع 500ر2 دولار.
ويقول قائد شرطة “كسلا”، الجنرال يحيى سليمان، إن السودان بمفرده لا يستطيع وقْف عمليات تهريب الناس على طول الحدود التي وصفها بالطويلة والمعقدة؛ “نحن نريد مساعدة دولية، ومعدات عالية التقنية، ومركبات، وكاميرات، وحتى طائرات بدون طيار لمراقبة الحدود”.
وتقول مؤسسة “إناف بروجيكت” البحثية التي تتخذ من واشنطن مقرا لها، إن الاتحاد الأوروبي دفع للخرطوم ملايين من اليورو لشراء معدات للمساعدة في منْع تدفق المهاجرين؛ إلا أن بعض الأموال ذهبت إلى “قوة الدعم السريع”، وهي مجموعة شبه عسكرية تقاتل المعارضة المسلحة في منطقة دارفوار التي مزقتها الحرب، ويتم الاستعانة بأعضاء تلك المجموعة أيضا في حراسة الحدود
فيم ينكر الجنرال سليمان، قائد شرطة كسلا، أن أيا من أعضاء قوة الدعم السريع يتم الاستعانة بهم في حراسة الحدود بين السودان وإريتريا، قائلا: “دوريات الحراسة الحدودية تضطلع بها الشرطة وجهاز الأمن والمخابرات الوطني والقوات المسلحة السودانية – كل تلك القوات مشتركة تقاتل الجريمة المنظمة عبر الحدود”.
ويقول الإريتريون في مخيمات أمثال “وادي شريفي” إنهم يعيشون في حالة خوف دائمة؛ ويقول أحد الذين لا يزالون يحلمون بالوصول إلى أوروبا: “الجيش الإريتري لديه عملاء في كل مكان، يمكنهم الإمساك بنا والعودة مرة أخرى، ليس من الأمان لنا أن نظل هنا لفترة طويلة”.