واشنطن: صوت الهامش
انتقد موقع (باثيوس) الإخباري دعوة وزير الخارجية الأمريكي تلرسون، إبان خطابه حول تقرير 2016 حول الحريات الدينية الدولية، الحكومة السودانية إلى “انخراط ملموس في خطة عمل الحريات الدينية التي طرحتها الخارجية الأمريكية العام الماضي”؛ وقال الموقع إن هذا الانخراط شيء مستبعد الحدوث.
وأكد الموقع، في تقرير اطلعت عليه (صوت الهامش)، أن السودان بحسب تقرير الحريات الدينية الدولية لعام 2016 ليست مجرد دولة تحتاج إلى التحسّن على صعيد الحريات الدينية، لأن هذه الأخيرة ليست سوى قطرة في بحر انتهاكات الحكومة السودانية.
وشدد التقرير على أن اضطهاد حكومة البشير للمسيحيين وغيرهم من الأقليات بما في ذلك جماعات مسلمة أفريقية ليس سوى جزء من أجندة طموحة تستهدف فرض الطابع الإسلاموي والعروبي على السودان.
وترغب الخرطوم في التخلص من هذه الجماعات عبر التشريد أو القتل بالنار أو بالماء (عبر الإغراق بالمياه)، ويظل الهدف النهائي لطموحات الخرطوم الإبادية هي إحداث تحول ديموغرافي للبلد كله.
وتسعى حكومة الخرطوم إلى استبدال مجاهدين من أمم أخرى بتلك الجماعات السودانية الأفريقية وبناء خلافة جديدة على غرار ما يطمح إليه تنظيم داعش الإرهابي.
ولفت التقرير ان في كل عام يدفع الرئيس البشير، المتهم بارتكاب جرائم حرب، بعشرات الآلاف من الجهاديين الجُدد الذين تخرجوا للتوّ من معسكرات التدريب الإرهابية في السودان والذين جاءوا من بلدان عربية وشمال أفريقية وما وراء ذلك.
وشدد التقرير على أهمية ربط انتهاكات الحريات الدينية في السودان بانتهاكات أخرى تُشرف على تنفيذها حكومة البشير من اغتصاب جماعي وقتل ضد المدنيين في إقليم دارفور وجبال النوبة وولاية النيل الأزرق وغيرها من الطوائف الأفريقية بهدف الإبادة.
ونبه التقرير إلى أن طموحات الخرطوم الخاصة بالإبادة كان يمكن أن تتحقق منذ أمد بعيد لولا وجود مجموعات مسلحةً ، والتي وقفت تدافع عن شعبها وتحاول خلْق سودان يسوده العدل والمساواة والحرية الدينية والديمقراطية المدنية، وقد أحرزت تلك المجموعات انتصارات عسكرية بقليل من العون من غيرها.
واوضح التقرير ان النظام السوداني أسقط القذائف من السماء على البيوت والأسواق والمدارس والكنائس والمستشفيات، وسمّم الأغذية؛ وقد انتهج سياسة الأرض المحروقة واستهدف بيوت المؤيدين للمعارضة واستخدم السلاح الكيماوي ضد الرجال والنساء والأطفال بحسب ما أكدت تقارير منظمة العفو الدولية التي قالت إن نظام البشير شن خلال الفترة من يناير وحتى الـ 9 من سبتمبر 2016 عدد 30 هجوما كيماويا على الأقل في منطقة جبل مرة بإقليم دارفور.
ولم يكد يمضي وقت طويل من كشْف المنظمة الدولية النقاب عن هذه الجريمة الشنعاء، حتى قرر الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما تخفيف عقوبات استمرت 20 عاما على السودان، وبررت السفيرة الأمريكية السابقة لدى الأمم المتحدة، سامنتا باور، القرار بأنه جاء استجابة لتحسّن على صعيد وصول المساعدات الإنسانية للمنكوبين في السودان.
وانتقد التقرير هذا القرار متسائلا: “هل تريدون فعلاً رفْع العقوبات لأن نظام الخرطوم يتظاهر بالسماح بدخول المزيد من الغذاء لأناس يتضورون جوعا، في المقام الأول؟
وأكد التقرير أن هذا التحسن المذكور حتى لو حدث -وهو ما لم يكن- فهو ليس بالشيء الكبير الذي يُشار إليه: “أن يتم السماح بوصول غذاء لشعبك الذي أوصلته إلى التضور جوعا”؛ والأهم من ذلك، أن هذه ليست هي القضية، فالقضية ليست حول وصول المساعدات الإنسانية؛ وإنما القضية الرئيسية هي عملية الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية – هل يمكن رفع عقوبات عن نظام يقترف أمثال تلك الفظائع؟
ونوه التقرير ان لحسن الحظ، أنْ قررّ الرئيس دونالد ترامب في الـ 11 من يوليو الماضي إرجاء رفع العقوبات عن حكومة السودان إلى أكتوبر، واستند القرار إلى الحاجة إلى مزيد من الوقت للوقوف على ما أحرزته حكومة البشير من تقدم على صعيد المسارات الخمس التي نصّ عليها قرار أوباما، إضافة إلى ثلاث نقاط لم يتضمنها قرار أوباما، وهذه تتعلق بـ سجّل حقوق الإنسان في السودان وكذلك الحريات الدينية.
وتطرق التقرير إلى لجوء نظام البشير إلى مؤسسات قانونية دولية في واشنطن للضغط على مراكز اتخاذ القرار، أمثال شركة (سكوير، باتون& بوغز) لتحسين صورته؛ واعتبر التقرير ذلك بمثابة جزء من استراتيجية الخداع التي ينتهجها نظام البشير.
واختتم التقرير قائلا “إن إدارة ترامب إذا فكرّتْ بشكل واضح وتحلتْ بقدر من الشجاعة الأخلاقية في قرارها حول العقوبات المفروضة على السودان فلن تجد صعوبة في اتخاذ هذا القرار، لا سيما في ظل ما يلطخ تاريخ البشير من جرائم إبادة جماعية وما يطمح إليه من أحلام جهادية، بل إن هذه الإدارة لن تكتفي بإبقاء العقوبات مفروضة على ذلك النظام، ولكنها ستدعم هؤلاء المدافعين عن الحرية الدينية والديمقراطية الحقيقية في السودان”.