«سلسلة مفاهيم وخطوات عملية مرجوة نحو مدنية الدولة السودانية [8]»
بقلم/موسى بشرى محمود على25/10/2019-
تعتبر عملية تزوير الشهادات ومنح الدرجات العلمية والفخرية والشرفية لمن لا يستحقونها واحدة من أوجه وأركان الفساد الأخلاقى فى عهد الدولة العميقة مما أدى الى غياب الأمانة العلمية فى دهاليز المؤسسات العلمية فى العهد القديم.
هنالك نماذج لاتحصى ولاتعد من عمليات التزوير والغش والتدليس فى منح الشهادات وسأسعى جاهدا” لإبراز بعض منها على النحو التالى:
-فيما يخص منح الدرجات العلمية:-
-منح درجات الماجستير والدكتوراة فى قضايا معلومة ومعروفة للجميع ومواضيع محتواها لاتتسع لمستوى الماجستير والدكتوراة مثل:-«أحكام الحيض والنفاس,سنن التيمم,سنن الوضؤ،فضائل الوضؤ،فقه النفاس,الجهاد وهلمجرا من االمسميات والمواضيع الفضفاضة التى لايتسع المقام لتناولها جميعا”.
-وضع امتحانات خاصة لكتائب الجهاديين والدبابين فى الجامعات والمعاهد السودانية من دون الإمتحانات الرسمية للطلاب النظاميين ومنحهم تقديرات أعلى من رصفائهم من الطلاب المميزين ممن قضوا سنين عمرهم مابين قاعات الدراسة وبينشات الجامعة والمكتبة وممن اجتهدوا في عمل ال assignment والاختبارات وكل متطلبات الجامعة.
-توظيف أصحاب الدرجات الدنيا من عناصر النظام من المجاهدين والدبابين وغيرهم من أهل الحل والربط ! فى وظائف عليا من دون سابق تجربة أو مؤهل يناسب مقامهم اقلاها توظيف في الدرجة السابعة ومع أننى لم أخدم قط فى أى مؤسسة خدمية سودانية تتبع للخدمة المدنية ولا فى أى مؤسسة أخرى تتبع للقطاع العام أو الخاص ذو علاقة بالسودان ولكن معرفتى المتواضعة من باب : «المعرفة حق مشروع للجميع» أكاد أجزم بما لايدع مجالا” للشك أن حملة شهادات البكالوريوس حسب قانون الخدمة المدنية السودانية يتم تعيينهم فى الدرجة التاسعة ومن ثم يتدرجون في بقية الدرجات الأخرى بمتوالية تناقصية أو هندسية بالأحرى ولكى تصل الدرجة السابعة لابد من المرور بمدخل الخدمة وهى الدرجة التاسعة وبعدها الثامنة وهكذا دواليك الى ان تصل للسابعة وتمكث حوالى ثمان سنوات بأقل تقدير لكى تصل للسابعة ولكن لا أدرى هل كان النظام البائد لديه قانون خدمة مدنية خاصه لأفراده ومحسوبية دون عامة الناس أم سياسة التسلق هى من أوجبت لهم القيام بذلك ؟!
-وضع عراقيل ممنهجة بغرض تشويه شهادة الأكفاء من الطلاب البارزين وخاصة طلاب الهامش الذين لاينتمون الى الحزب الحاكم والأدلة كثيرة فى هذا المضمار ومثال لذلك تجد أحد الطلاب بمعدل إمتياز/ممتاز فى كل السمسترات وفى طليعة الدفعة وفى الأخر يتفاجأ فى نتيجة الإمتحان الأخير بوجود رسوب فى مادة أو مادتين وليس بعيب ان يرسب الطالب لكن العيب هو أن يكون الرسوب بفعل سياسى لفلسفة سياسية معينة وليس بمهنية أكاديمية والنماذج لا حصر لها من كثرتها والهدف معلوم هو لإبعاده من المنافسة فى الفرص والمنح التى تقدمها الجامعة لطلاب الإمتياز مثل فرص العمل «كمعيدين او مساعدى تدريس أو منح الماجستير على حساب الجامعة وغيرها من الفوائد الأخرى التى تقدم كامتياز للمتميزين من الطلاب».
منح شهادات الدكتوراة الفخرية:
من المعلوم أن الشهادات الفخرية هى بصورة عامة تعطى كتقدير وإمتنان لدور المحتفى به سوى كان شخصا” أو مؤسسة ما «شخصية إعتبارية» فى مجالات خدمية للمجتمع.
يمكن منح درجة دكتوراه “شرفيّة” لشخصيات معينة كتعبير عن الشكر أو العرفان بالجميل أو الإنجازات العلمية أو الاجتماعية، وذلك حتى لو لم يكن الحائز عليها ذا تكوين أكاديمي
يعتبر منح شهادة الدكتوراه الفخرية لشخصية ما تكريماً مميزاً للشخص وللمؤسسة التعليمية المانحة على حد سواء ومن الطبيعي أن يكون هذا الامتياز محصوراً بالمؤسسات التربوية العريقة في أي بلد، علماً انه يفترض بالجامعة التي تمنح الدكتوراه الفخرية ان تكون قد حصلت على ترخيص بمنح درجة الدكتوراه العلمية، وبعد سنوات من منحها هذا النوع من الشهادات العلمية التخصصية يحق لها ان تمنح الدكتوراه الفخرية
. الدكتوراه الفخرية لقب أكاديمي تكريمي، وليست مرتبة علمية، ومنحها مرتبط بشروط ومعايير ولكنها لن تعطى لكل من هب ودب.
كثرت منح درجات الدكتوراة الفخرية من جامعات مرموقة وأخرى حديثة الإنشاء ومنحت هذه الدرجات لأشخاص ومؤسسات لا إعتبارية ولا مساهمة لها فى المجتمع سوى أنها تصفق للسلطان مما يعنى فقدان الأهلية والموضوعية وشروط ومعايير منح هذه الدرجات ويعتبر باطلا” وليس له موقع من الإعراب.
-فى مواضيع البحث العلمى:
-يلاحظ غياب كامل للمهنية في بعض أساتذة الجامعات وخاصة منسوبى نظام المؤتمر الوطنى وهنا تجد الولاء السياسي أكبر من الأمانة العلمية لأن الأصل في المثل فاقد الشىء لايعطيه وما بنى على باطل.
ظل العديد من الطلاب يعانون من التصديق أو الإجازة على مواضيع عناوين بحوثهم عندما يتعلق البحث بقضية جوهرية يلامس الواقع ولكن لا يتماشى مع أجندتهم السياسية وقد تجد الأساتذة يتهربون من النقاشات حول تلك القضايا والبعض عن قصد ينوى تأخير وتأجيل متابعة أبحاث طلابه ويضع مسودة البحث حبيس أدراج مكتبه ويتعلل كل يوم وأخر بمبرر أقبح من الذنب بغرض التعطيل وبعضهم يطلب من الباحث أن يكتب بحثه حسب رؤيته أى فلسفة حزبه وليس حسب رؤية الباحث!
كل ما ورد في هذه المساحة ما هو الإ brief أو موجز واستعراض بسيط من فيلم الفساد الأخلاقى فى المؤسسات الأكاديمية في بلادى وسأكتب في سلسلة أخرى في نفس الإطار بإيراد أمثلة مختلفة من منابر تعليمية متنوعة إمتهنت الفساد وتفننت فى مهاراتها وكسبت منها أموالا” غير شرعية ضخمة ولوثت سمعة التعليم فى السودان.
بالنسبة لما يجب عمله من actions forward سيشار اليه فى خاتمة السلسلة الثانية.