واشنطن – صوت الهامش
توصلت تحقيقات ميدانية استمرت لأربع سنوات أجرتها مجموعة مراقبة مقرها “بريطانيا” إلى أن جيران “جنوب السودان” و “أوغندا” على وجه الخصوص، تحايلوا على حظر الأسلحة على البلاد التي مزقتها الحرب، وقاموا بتوريد أسلحة أوروبية إلى جيوش على جانبي حربها الأهلية، تسببت في نزوح الملايين وفي وفاة ما يقارب من 400 ألف شخص حتى الآن.
وأفاد تقرير لوكالة “رويترز” للأنباء بأن الاتحاد الأوروبي قد فرض حظراً على توريد الأسلحة إلى “جنوب السودان” منذ استقلالها في عام 2011 .
وبين التقرير كيف أن حكومة “جنوب السودان” رتبت “لأوغندا” لتوفير “ضمانات المستخدم النهائي” التي يحتاجها شركات تصنيع الأسلحة في كلٍ من “رومانيا” و “بلغاريا” و “سلوفاكيا” – و جميعها دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي – لبيع سلعهم بشكل قانوني، ثم “إعادة نقلها” إلى “جنوب السودان”.
وقال”جيمس بيفان” -المدير التنفيذي لمؤسسة أبحاث التسليح- : “لقد قامت فرقنا الميدانية بتوثيق المئات من الأسلحة وأكثر من 200 ألف طلقة من الذخيرة، والنتيجة هي صورة الطب الشرعي لكيفية فشل عمليات حظر نقل الأسلحة إلى الأطراف المتحاربة”.
ًو تعد تجارة الأسلحة بين “أوغندا” و “جنوب السودان” معروفة جيداً، لكن التقرير هو أول تقرير يفصل مصدر بعض الأسلحة، ولم يرد متحدثون باسم الجيش “الأُوغندي” على الفور على طلبات بالتعليق .
و في أول رد فعل رسمي من جنوب السودان على ما نشر في التقرير، نفى وزير الإعلام في جنوب السودان “مايكل ماكوي لوث” في تصريحات خاصة لوكالة “أسوشيتد برس” هذا التقرير، قائلاً: “ليس لدينا حتى المال لشراء الأسلحة، والآن نحن بحاجة إلى المال من أجل اتفاق السلام” ، وأضاف أنه لا يوجد سبب أيضًا للالتزام من جانب البلدان الأفريقية بفرض حظر من الاتحاد الأوروبي.
ويجدر الحديث بأن الحرب الأهلية في “جنوب السودان” قد بدأت منذ عام 2013 ، وأثارت واحدة من أكبر حالات الطوارئ الإنسانية في العالم، حيث لجأ ملايين من سكان “جنوب السودان” إلى مخيمات النازحين في البلد أو في البلدان المجاورة، وقد اختبأ الأقل حظاً منهم في المستنقعات الشاسعة، حيث لا يوجد سوى القليل من الطعام أو المأوى.
و في العام الماضي، شهدت أجزاء من “جنوب السودان” مجاعة، وكان معظم السكان يعاني من نقص مزمن في التغذية لسنوات، و تحمل المدنيون وطأة الحرب.
وانفصل جنوب السودان عن السودان في عام 2011 ، حيث ينفي “السودان” بشكل روتيني أي دور في دعم متمردي “جنوب السودان” أو أساليب أخرى مزعزعة للاستقرار، كما تعهد كل من “السودان” و “أوغندا” بالمساهمة بقوات حفظ السلام في بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، والمساعدة في التوصل إلى اتفاق سلام جديد و يرجى أن يكون الأخير في سبتمبر الماضي بين حكومة “جنوب السودان” و “المتمردين” ، حيث أُلغيت كافة اتفاقات السلام السابقة تحت وطئة القتال المستمر.
وقالت مؤسسة أبحاث التسليح “CAR” إنه لا يوجد دليل على أن الدول الأوروبية التي تصدّر الأسلحة إلى “أوغندا” تدرك أن تلك الأسلحة كانت في نهاية المطاف مرتبطة “بجنوب السودان”.
و تجدر الإشارة إلى واحدة من أكثر النتائج المدهشة في التقرير، حيث وجدت التحقيقات الميدانية أن 99% من الذخيرة التي تتبعها جمهورية إفريقيا الوسطى هي من أصل صيني، وقد تم نقل جزء منها بشكل قانوني إلى “جنوب السودان” ولكن تم تسليم جزء كبير منه سرًا إلى المعارضة عبر السودان في عام 2015 ولا يزال قيد الاستخدام.
كما حددت CAR شبكة من الشركات التي لها فروع في “إسرائيل” و “أوغندا” و “الولايات المتحدة” التي اشترت طائرة مقاتلة أمريكية الصنع ونقلتها إلى الجيش السوداني الجنوبي إلى جانب طائرة مراقبة نمساوية الصنع.
بيد أن الولايات المتحدة لم تفرض حظرًا على توريد الأسلحة إلى “جنوب السودان” حتى فبراير الماضي، حيث كانت قبل ذلك تحاول التوسط في اتفاقات السلام، وكان غالباً ما يقال إن الولايات المتحدة هي من “ألحت” على جنوب السودان من خلال قيادة المفاوضات من أجل استقلالها عن “السودان” ، تبع بعد ذلك الحظر المفروض من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في يوليو.
وقال “جوردون بواي” – المسؤول في سفارة جنوب السودان في واشنطن – لصحيفة “واشنطن بوست” في يوليو الماضي إنه بالنسبة لحكومة جنوب السودان “لا يكون لحظر الأسلحة أي تأثير على الإطلاق”.
كما قال إن “حظر الأسلحة لن يمنع جنوب السودان من الحصول على أسلحة، فبدلاً من ذلك، سوف تقترب جنوب السودان من الصين وروسيا”.
في الوقت الحالي، يبدو أن اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه من قبل جيران “جنوب السودان” في سبتمبر لا يزال صامداً، لكن الخبراء يحذرون من أن التنفيذ الشامل لحظر الأسلحة أمر أساسي لأي توقف دائم للقتال.
و يتحدث “ألان بوسويل” – محلل من جنوب السودان في مجموعة الأزمات الدولية- قائلاً: “عندما تقوم أوغندا والسودان بتمرير الأسلحة إلى النزاع، يشتعل القتال، وعندما تتوقف الأسلحة، تكون الأطراف أكثر استعداداً للتحدث، لم تكن واشنطن مستعدة أبدًا لاتخاذ موقف متشدد مع أوغندا في جنوب السودان، وقد كانت هذه أكبر فرصة ضائعة لوقف الحرب في وقت مبكر. “