حول ما جاء في بيان الوساطة الإفريقية بتاريخ 15 أغسطس 2016
وضعت الآلية الإفريقية رفيعة المستوي التي تتوسط في القضية السودانية نفسها في موضع لا تحسد عليه عندما لجأت إلى توزيع صكوك الإدانة و البراءة في تعثر محادثات وقف العدائيات في الجولة الأخيرة. و لمّا كان النزاع بين أطراف سودانية و الحل بأيديهم، ما كنا نودّ للوساطة أن تنحو هذا المنحى، و لكن و قد إختارت الوساطة طريق البيانات العامة، فلا نملك إلا أن نبيّن للرأي العام الحقائق المجردة.
تؤكد الحركتان صدق رغبتهما و بحثهما عن اتفاق لوقف العدائيات. و الدليل القاطع على ذلك اعلانهما مع بقية مكونات الجبهة الثورية السودانية في أكتوبر عام 2015 عن وقف للعدائيات من طرف واحد لمدة ستة أشهر تم تجديده لفترة مماثلة في إبريل 2016عام ، و لم تخرقه أي من أطراف الجبهة الثورية رغم حملات النظام المسعورة، و طيرانها المعادي الذي لم ينقطع عن سماوات الشعب في دارفور و جنوب كردفان/ جبال النوبة و النيل الأزرق.
توقيع الحركتين – ضمن قوى نداء السودان – على خارطة الطريق التي تمثّل وقف العدائيات إحدى مطلوباتها الأساسية، برهان آخر على أن الحركتين دخلتا إلى المفاوضات بنية تقنين وقف العدائيات القائم من طرفهما باتفاق يجعل مراقبته و ضبطه ممكناً.
قدمت الحركتان تنازلات كبيرة، و قبلتا بلغة مستفزّة أحياناً، ما كانتا لتقبلا بها لو لا حرصهما على وقف العدائيات توطئة للدخول في مفاوضات جادة، و المشاركة في حوار متكافئ و منتج.
أصرّ وفد النظام على الزجّ ب”وثيقة الدوحة أساساً للتفاوض” في مفاوضات وقف عدائيات لا تمتّ إلى هذه الوثيقة بصلة. و كانت هذه إحدى المتاريس التي حالت دون إبرام اتفاق لوقف العدائيات.
طالب وفد الحكومة بتحديد مواقع قوات الحركتين تحديداً دقيقاً، في الوقت الذي تستمر فيه قواتها الجوية في قصف مواقع في دارفور حتى أثناء المحادثات. و هذا مطلب مشروع في إجراءات وقف اطلاق النار النهائية، و لكن لا يستوي عقلا أن تطالب الحكومة بتحديد مواقع قوات عدوه في الوقت الذي يصرّ فيه على أن يكون وقف العدائيات لفترة شهر واحد ليتيسر لها من بعد ذلك قصفها و مهاجمتها .
يعيش أسرى الحركتين ظروفاً لاإنسانية استثنائية في زنازين النظام. و قد أصيب العشرات منهم بالدرن القاتل نتيجة سوء التغذية و الإهمال الصحي. و بالتالي كان من الطبيعي أن تطالب الحركتان باطلاق سراح أسراهما حالما يتم التوقيع على اتفاق لوقف العدائيات عقب التوقيع على خارطة الطريق، و بذلك تتوفر إحدى مطلوبات تهيئة بيئة الحوار و التفاوض. موقف وفد النظام هو التمنّع و رفض نقاش الأمر.
طالب وفد الحركتين بإنشاء آلية مشتركة بينهما و النظام، لمراقبة حركة الإغاثة، و الإطمئنان إلى وصولها للمتضررين الحقيقيين. و لكن وفد النظام رفض قيام آلية مشتركة مستقلة؛ و عرض الحاق بعض أعضاء الحركتين في أجهزته القائمة، و التي يسيطر عليها جهاز الأمن و المخابرات.
عدّلت الوساطة المسودة رقم 4 بإضافة ثلاث مواد جديدة، و لغة إضافية كثيرة، و حشدت زخماً من المبادئ العامة دون مسوغ، مما استدعى إدخال يد التعديل من طرف الحركتين بالحذف أو الإضافة. و مما يستغرب له أن الوساطة لم نفسها جهد مناقشة الحركتين في التعديلات التي أدخلتاها في المسودة الأخيرة حتى تتعرّف على حججهما و مواقفهما الحقيقية. و بدلاً من ذلك ذهبت إلى القاء اللوم في فشل مفاوضات المسار الثاني على الحركتين دون أن يطرف لها جفن!!
قدمت الحركتان تنازلات كبيرة قبل يوم واحد من تقديم الوساطة للمسودة الأخيرة التي عبرت بوضوح عن مواقف الحكومة دون مراعاة لمواقف الحركتين، و كان من العدل أن تشير الوساطة إلى هذه التنازلات.
طالبت الحركتان بذكر كل قرارات مجلس الأمن الدولي و مجلس السلم و الأمن الإفريقي الخاصة بنزاع السودان في دارفور أو الإشارة إليها مجملاً، و لكن الوساطة أصرّت على انتقاء بعض القرارات التي تناسب مزاج الحكومة دون غيرها.
لم تتحرك الحكومة قيد أنملة عن مواقفها منذ بدئ محادثات وقف العدائيات في أديس أبابا في نوفمبر عام 2014. و بدلاً من أن تسعى الوساطة إلى زحزحة الحكومة عن مواقفها المتعنّتة، تبنّت مواقف الحكومة فيما يخص الأسرى و المواقع و الآلية الإنسانية و حشر القرارات الإقليمية بصورة انتقائية، و ألقت باللوم على الأطراف التي تحلت بأعلى درجات المرونة و الموضوعية.
رغم كل هذه المآخذ، الحركتان على أتم الاستعداد للعودة إلى طاولة المفاوضات متى ما دعيا إليها.
هذا ما لزم توضيحه و السلام،
ترايو أحمد علي أحمد محمد تقد لسان
كبير المفاوضين كبير المفاوضين
حركة/جيش تحرير السودان – مناوي حركة العدل و المساواة السودانية