واشنطن: صوت الهامش
وصف باحث (مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات)، ألكس إنتز، قرار إدارة ترمب إرجاء البتّ في رفْع العقوبات عن حكومة السودان، بالـحكيم والـمتبّصر؛ قائلا إن الولايات المتحدة ينبغي أن تواصل دعْم نظام العقوبات لكي لا تتنازل عن أهم أدوات نفوذها.
ونوّه ألكس -في تقرير نشرته (مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات والتي أطلعت عليه (صوت الهامش) عن طول معارضة دولة السودان لـقِيم الولايات المتحدة ومصالحها، كما انعكس ذلك في تصنيفها عام 1993 كدولة راعية للإرهاب؛ وقد وفرّ السودان في حقبة التسعينيات مأوى وملاذا لأسامة بن لادن الذي خطط لتدمير السفارات الأمريكية؛ كما أقام السودان علاقات طويلة المدى مع إيران والعديد من الجماعات الإرهابية.
وفي منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة، دشنتْ حكومة الرئيس عمر البشير حملة تطهير عرقيّ ضد قبائل غير عربية في إقليم دارفور، فيما وصفه وزير الخارجية الأمريكي آنذاك كولن باول بالإبادة الجماعية عام 2004؛ وقد سقط ضحية تلك الحملة نحو 300 ألف إنسان، واستمرت الفظائع؛ وقد تمّ اتهام البشير بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية من جانب المحكمة الجنائية الدولية عام 2009؛ ولا يزال البشير يحكم السودان حتى اليوم.
ونبّه الباحث إلى أن تأييد فرْض العقوبات بسبب جرائم الحكومة السودانية هو تأييد من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ففي 1997، فرضت إدارة كلينتون عقوبات على السودان بسبب مخالفات منها “دعم الإرهاب الدولي” و”تأجيج الاضطراب الإقليمي” و “وانتهاك حقوق الإنسان” بما في ذلك حقوق الحريات الدينية؛ وفي عام 2006، وسعّتْ إدارة بوش العقوبات على السودان، مُرّكزة على أفعال الحكومة السودانية في إقليم دارفور.
وأكد ألكس أن ثمة مبررات كافية لأمريكا لإبقاء الضغوط على السودان؛ فالمجتمعات التي تقطن منطقة جبال النوبة المحاصَرة في جنوب السودان تخشى أن يؤدي رفع العقوبات إلى تمويل آلة الحرب التي تستخدمها الحكومة في الخرطوم؛ وتؤكد تلك المجتمعات أن ليس ثمة تحسّن في الوضع الإنساني”.
وبحسب تقارير صحفية ، فإن طائرات الحكومة السودانية المُحّلقة حول جبال النوبة تُنذر بعودة قد تكون وشيكة للقصف العشوائي حال رفع العقوبات؛ وقد أدتْ المخاوف من الاضطهادات في السودان إلى إعراب السفارة الأمريكية هنالك، قبل أقل من أسبوعين، عن مخاوفها بشأن سِجّل حقوق الإنسان في السودان؛ كما أصدرتْ مجموعة من 53 عضوا بالكونجرس في يونيو المنصرم خطابًا يدافعون فيه عن تأجيل القرار الخاص بجعْل رفع العقوبات أمرًا دائما.
ورأى الباحث أن إدارة ترمب ليست في حاجة إلى انتهاج أسلوب “كل شيء أو لا شيء”، مؤكدًا أفضلية انتهاج أسلوب التأنّي في رفْع العقوبات ريثما تنفذ الخرطوم شروط ذلك الرفع من استدامة الأفعال الإيجابية على كافة الأصعدة التي نصّ عليها قرار الرئيس السابق أوباما في يناير 2017.
ودعا ألكس وزارة الخزانة الأمريكية إلى مراجعة وتحديث إطار عملها الحالي بشأن العقوبات على السودان، بما في ذلك استهداف المزيد من الشركات المملوكة للبشير؛ لا سيما وأن وزارة الخزانة الأمريكية لم تُضِف أية شركات سودانية منذ عام 2007.
وأكد الباحث أن أمثال تلك الإجراءات كفيلة بدعم نفوذ الولايات المتحدة للاستمرار في ممارسة ضغوطها على نظام البشير؛ وفي ظل دفْع العقوبات حكومةَ البشير إلى التفاوض، فإن واشنطن ينبغي أن تنتهز الفرصة وتتطلع إلى دعم استمرار التحسّنات فضلا عن إحداث تغيرات مؤقتة… هذا من شأنه إتاحة أفضل فرصة أمام إدارة ترمب من أجل تأمين صفقة مُجْدية ومستدامة مع السودان.