بعد مرور عشر أعوام على إنفصال الجنوب وخمسة عشر عاماً أو يزيد على إتفاقية السلام الشامل CPA وما يقارب الأربعون عاماً من إندلاع الحرب الأهلية الثانية بين الشمال والجنوب، وبعد ذلك الإعلان رسمياً من قبل الثوار الجنوبيين بأنها حرب لتحرير السودان وليس الجنوب بهدف تأسيس السودان الجديد الذي يجب أن يسع جميع السودانيين، وبعد أن أصبح مصطلح السودان الجديد تعبير عن محور رئيس جديد في السياسة السودانية لا يمكن الإلتفاف حوله دون عواقب وخيمة على الدولة السودانية بشكلها الموروث من الإستعمار كما ظهر جلياً بإنفصال جنوب السودان، أصبح هذا المصطلح الآن مصطلح للإحتيال السياسي تبنته كل القوى السياسية الشمالية تنطق به ألسنتهم كلما تبدت لهم جذور المشكلة السودانية عندما يفيقون بين الفينة والأخرى من عراكهم الحزبي المصلحي المحض، ووصل به الحال بأن تبناه حتى الإسلاميين، لقد أصبح مصطلح السودان الجديد مائعاً ومبتذلاً لدرجة أنه أصبح من الصعب تبيان إن كان ذكراً أم أنثى، ورغم أنه أصبح شعاراً لثورة ديسمبر ووصل حتى مؤتمر باريس مؤخراً، فأنا أجزم بأن الأجيال الجديدة حتى لا تعرف أصل هذا المصطلح أو من أين أتى وما سر هذا الإهتمام الكبير به، وهم لا يدرون في الحقيقة بأن عدم الإهتمام الجدي به في الماضي والحاضر هو سبب أن مستقبلهم غالباً سيضيع وأن حاضرهم لايحسدون عليه، ومن المعروف أن من أهم التداعيات التي قادت لهذا الحاضر هو خروج النفط من المعادلة الإقتصادية بذهاب الجنوب. وبعيداً عن مشاكل الشمال والقوى السياسية الشمالية فإن العواقب الأكثر وخامة لإنفصال الجنوب قد وقعت على شعبي جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق الذين إنجذبا تحت شعار التحرير والسودان الجديد للمشاركة في الحرب الأهلية الثانية، وقد حتم عليهما ذلك المواصلة في حرب التحرير ولكن ليس لتحرير أنفسهم فقط، كما فعل الجنوبيين بعد أن أسقطوا مهمة تحرير السودان ونفدوا بدولتهم، بل تحرير أنفسهم والشماليين معهم ليكتمل تحقيق السودان الجديد على أرض الواقع ليتمكن النوبة ومعهم باقي المكونات الأخرى من العيش داخل السودان. وفي الواقع، ولقد أصبح ذلك جلياً، فإن وراثة المناضلين النوبة من الجنوبيين معركة تحرير الشماليين سوف لن تؤدي لتحرير الشماليين أو النوبة.
لقد ورث النوبة مباشرة من الإخوة الجنوبيين ما يسمى بمعركة التحرير وهي سبب الورطة التي وقع فيها المناضلين النوبة وشعبهم منذ العام 2011م وتعود بجذورها لإتفاقية السلام الشامل ومفاوضات نيفاشا. إن التذكير بمتى حمل النوبة السلاح هي أفضل مدخل لتوضيح سبب الورطة الحالية لشعب ومناضلي النوبة، وقد يذكر الجميع بأن النوبة حملوا السلاح رسمياً وبطريقة منظمة في وجه الدولة السودانية بعد سنوات قلائل من بداية الحرب الأهلية الثانية بين الجنوب والشمال والتي أستعر أوارها في العام 1983م. ومن المفيد تذكر أن المنفستو الذي رفعه العقيد الدكتور جون قرنق قائد المتمردين الجنوبيين بعد أن توحدت تحت يديه جميع جبهات القتال ضد الشمال قد شكل مغادرة كاملة لأجندة القتال في الحرب الأهلية الأولى التي كان هدفها الرئيس فصل الجنوب. لقد كانت دعوته لوحدة السودان على أسس جديدة لدولة حديثة تنتفي فيها أسباب الإنفصال لأسباب إثنية محنة للجنوبيين والشماليين معاً، وهي محنة سرعان ما تجاوزها الجنوبيين أو على الأقل قطاع كبير منهم بإقتناعهم بمنطقية الدعوة، وعلى عكسهم لم يستطع الشماليين تجاوز هذه المحنة حتى لحظة كتابة هذه السطور. حيث لأسباب تاريخية وثقافية لم يكن من المستساغ لهم قبول وحدة تضعهم في مستوى مواطنة واحد مع مكونات كان أقصى حل يعتقد الشماليين أنه يمكن تقديمه لحل مشكلتهم مع هذه المكونات، التي يفترض أن تعيش معهم في دولة واحدة، هو نوع من الحكم المحلي أو في أقصى تقدير الذاتي ليحفظ لهذه المكونات بعض حقوقها في ظل دولة يكون لهم فيها السيادة الكاملة كشماليين لأسباب غير مفهومة أو مقنعة لتجمع بشري في النصف الثاني من القرن العشرين وعلى مشارف القرن الواحد والعشرين. وعليه فإنه لنفس السبب الذي إقتنعت به أعداد كبيرة من الجنوبيين بجدوى الوحدة حسب رؤية دكتور جون قرنق والتي تم تسميتها بالسودان الجديد، والتي في الواقع جذبت إليها كرؤية أعداد كبيرة من المثقفين والثوريين الشماليين الذين إلتحق عدد منهم بالثوار في الجنوب، إقتنعت نخبة وطليعة من النوبة بالإنضمام للكفاح المسلح لإخوتهم الجنوبيين في محاولة تحقيق هذا السودان الجديد الذي سيضع حل نهائي لكل مشكلات المكونات غير الشمالية في الحياة كمواطنيين طبيعيين داخل دولة طبيعية، وهي المشكلة التي لم يكن يعاني منها الجنوبيين لوحدهم ولكن التقسيم الجغرافي السياسي للجنوب كان هو ما شجع الجنوبيين على المطالبة بالإنفصال لحل المشكلة جذرياً بينما تورطت باقي المكونات غير الشمالية داخل الحدود الجغرافية لما يعرف بشمال السودان بالإضافة لبعض الروابط الثقافية مما شكل حاجزاً نفسياً لها من المطالبة بالإنفصال أسوة بإخوتهم الجنوبيين، ولهذا فإن دعوة السودان الجديد كانت منقذ منطقي لا يمكن تفويته جاء في وقته تماماً. وفي الحقيقة كان شعبي النوبة وجنوب النيل الأزرق قد إستنفذا كل وسائل النضال السلمي الممكنة وسقطت عنهم الأوهام disillusioned عن طبيعة الدولة التي يعيشون فيها وبأنها دولة فصل عنصري segregation غير معلنة لا تقل فعالية عن تلك التي في جنوب أفريقيا أو الولايات المتحدة إبان تطبيقهما لتلك السياسات، وأن السياسيين الشماليين ليسو سوى عتاة من العنصريين المعتقدين في أنفسهم وإثنيتهم عرقياً ودينياً، إلا قلة من اليساريين هنا وهناك. وهذه حقيقة إختبرها معظم الساسة من غير الشماليين مما جعل بعضهم يسلك دربه مباشرة إلى الغابة دون تردد، وما قصة المناضليين يوسف كوة ومالك عقار ببعيدة. وبهذا أصبح الطريق إلى أطروحة قرنق التي إجتمعت عليها المكونات غير الشمالية والمثقفين والثوريين المستنيرين الشماليين هو التحالف وإعمال شتى الوسائل الممكنة سلمية أو غير سلمية لتخليص السودان من نخبته الشمالية الفاسدة أخلاقياً وحضارياً وأذنابهم من غير الشماليين لمنع تفتت هذا القطر الواعد بإمكانياته الإقتصادية الكامنة. هذه النخبة الفاسدة هي عين ما تم الإصطلاح عليه بإسم الجلابة. وفي الحقيقة فإن التقدميين الشماليين قد نالوا نصيبهم في الصراع مع طبقة الجلابة ليصل زروته بإنقلاب مايو 1969م ومحاولة تصحيحة الكارثية على الشيوعيين في العام 1971م.
لقد وقع العبء الأكبر لتحرير السودان من طبقة الجلابة والأيدلوجيا التي يحكمون بها البلاد على الجنوبيين يليهم النوبة وجنوبيي النيل الأزرق، حتى أنهم حاربوا وقاموا بأعمال التعبئة في شرق السودان ودارفور وإدخالهما في دائرة النزاع المسلح. إن التنظيم الضخم الذي إنطوت تحت جناحه كل المكونات التي إقتنعت بالمواجهة المسلحة المباشرة مع الدولة السودانية لتحريرها من حكم الجلابة هي الحركة الشعبية لتحرير السودان تحت القيادة السابقة للمرحوم الدكتور جون قرنق والقيادة الحالية للقائد عبدالعزيز آدم الحلو. رغم تمكن الجنوبيين بقيادة قرنق من إحداث إختراق آيدلوجي كبير في الشمال جعل أمل الوحدة ممكناً كما لم يكن من قبل، بل يلوح بوضوح في الأفق، وبدون الحوجة لإجتياج الشمال عسكرياً، فإن غياب قرنق المفاجئ والمأساوي وتداعيات غيابه الوقتية والمستقبلية ضعضت أمل الوحدة مع زوال كامل لهذا الأمل بنهاية الفترة الإنتقالية التي إنتهت بإنفصال الجنوب في تصويت حاسم لم يكن ليقبل التأويل سوى فشل محاولة التعايش والتوحد مع الشماليين. لقد كان من الواضح وقتها بأن مشروع السودان الجديد قد ’’إنتهى‘‘ وهي كلمة قاسية للغاية لكل من إستثمر في هذا المشروع، وقد عرف الكثيرون عن فورهم لحظة غياب قرنق بأن حظوظ المشروع قد هبطت من تسعة وتسعون في المائة إلى صفر كبير بارد، وهنا بالضبط إبتدأت المأساة الجديدة للنوبة وشعب جنوب النيل الأزرق. إن النكران Denial الكبير الذي وقعت فيه جميع المكونات والقوى المتحالفة تحت لواء الحركة الشعبية من غير الجنوبيين صور لهم بأنه يمكن تحقيق السودان الجديد بالإرتكاز على قاعدة النوبة وجنوبيي النيل الأزرق، أي عملياً أن يرث هذين المكونيين الدور الجنوبي في النضال المسلح لتحقيق السودان الجديد، ولتخيل حجم الورطة يمكن تشبيه الأمر بإنسحاب الإتحاد السوفييتي والولايات المتحدة من الحرب العالمية الثانية وترك بريطانيا والمقاومة الفرنسية تواجه الآلة النازية والفاشية لوحدهما. بتوقف القتال في جبهة شرق السودان كان التعويل على نشوب التمرد المسلح رسمياً في دارفور منذ ما يقارب العقد قبل إنفصال الجنوب وبأنه سيكون تعويضاً لفقد الجنوب في معركة تحقيق السودان الجديد، وكانت الذروة بتكون الجبهة الثورية ومعاركها المشتركة التي وصلت تخوم لم يصلها الكفاح المسلح من قبل، ولكن لقد ظهر جلياً بعد ذلك بأن جبهة دارفور لم تكن بتلك الفعالية ولا يمكن مقارنتها بجبهة الجنوب حيث أن المناضلين الدارفوريين منقسمين على بعضهم عرقياً وآيدلوجياً وغير متفقين على هدف واحد واضح، ناهيك عن أن الأجندة الدارفورية قد تكون مختلفة تماماً عن أجندة النوبة وجنوب النيل الأزرق، حيث أن الدارفوريين غير بعيدين عن الإسلاموعروبية ويمكن إعتبار صراعهم مع الشماليين في إطار الصراع الإسلاموعروبي للسيطرة في داخل الشمال، لقد حكم الدارفوريين الشماليين من قبل والعكس صحيح كذلك، ولهذا فإن الأجندة التي قاتل من أجلها الجنوبيين والنوبة لا تهم الدارفوريين من قريب أو بعيد وإلا لكانوا إنضموا إلى الحرب الأهلية الثانية، إلا أن حربهم تعتبر حرب منفصلة، ورغم أنه لا يمكن إنكار دور الحركة الشعبية في إشعال الحرب في دارفور إلا أنه كان عاملاً مساعداً، ولو لا تدخل الحركة الشعبية ودعايتها وتأثيرها ورعايتها للكوادر الدارفورية التي أشعلت الحرب لكان مقدراً للنزاع بين الشماليين والدارفوريين أن يكون نزاعاً (إسلاموعروبي – إسلامي). وفي الحقيقة لم يكن النوبة أو جنوبيي النيل الأزرق في يوم من الأيام إسلاموعروبيين إلا بقدر التأثيرات الشمالية القسرية عليهم ولهذا كان من الطبيعي أن ينضموا إلى الجنوب في حربه ضد الشمال. بذهاب الجنوبيين أصبح على عاتق النوبة ورفاقهم في جنوب النيل الأزرق تحقيق ما فشل فيه الجنوبيين في السودان وهو السودان الجديد.
لقد كانت مهمة التحرير الرئيسية التي ستقود لتحقيق السودان الجديد هي تحرير الشماليين وليس أحد غيرهم. ويمكن القول دون تحفظ بأن هذه المهمة قد فشلت فشلاً زريعاً. ليس هذا فحسب بل لقد تراجعت جميع النجاحات التي تحققت في هذا السياق إلى نقطة البداية، وإن من أهم الدلائل على ذلك هي ثورة ديسمبر نفسها التي نعيش تفاصيلها الآن. لقد إختبرت ثورة ديسمبر الشماليين بجميع توجهاتهم بشدة أمام الآخرين الذين إتضح أمامهم بأن الشماليين ونخبهم لم يختلفوا جوهرياً عن العام 1953م لحظة بدايات تكوين الدولة الوطنية ثم تكرار التجربة المؤلمة معهم في المفاصل المهمة لإصلاح هذه الدولة في الأعوام 1964م و1985م. يبدو جلياً بأنه لا أمل في أن يتحرر الشماليين ونخبهم من أوهامهم الحضارية والإثنية في المستقبل القريب، من الوضوح بمكان لمن يعيش في الشمال الآن بأن هناك ردة غير مسبوقة في القبول بحتمية التغيير الحقيقي المفضي لإمكانية العيش مع الآخريين دون السيطرة عليهم أو قتلهم أو طردهم خارج السودان أو داخله كلاجئين أو مشردين. وبما أن الجنوبيين ومعهم المكونات الأخرى بما فيهم النوبة قد فشلوا في تحقيق السودان الجديد معاً في داخل الدولة السودانية، فيبدو من غير المنطقي الإفتراض بأن النوبة ورفاقهم في جنوب النيل الأزرق سيتمكنون من تحقيقه لوحدهم. ورغم تحالف الشماليين من أنصار السودان الجديد معهم وإخلاصهم لتحقيق هذه الرؤية، إلا أنهم فشلوا في جعل الرؤية تيار رئيسي Mainstream في الشمال خصوصاً بعد فقدانهم لقرنق، فضلاً عن فشلهم في تعبئة الشماليين لحمل السلاح مع الآخرين لإزالة هذه الدولة، وهي مهمة مستحيلة بقدر ما كان مستحيلاً إقناع البيض بحمل السلاح مع السود في جنوب أفريقيا سوى عدد من الشيوعيين كالأيقونة جو سلوفو Joe Slovo والذي قاد في النهاية نجاح مفاوضات تفكيكك دولة الأبارتايد. لقد فشلت معركة التحرير في تحرير الشماليين سابقاً وحالياً ولا أمل في تحررهم في المستقبل القريب ولا يمكن تقديم النوبة قرباناً لهذا التحرير.
إن فشل الآخرين في تحرير الشماليين وفشل الشماليين في تحرير أنفسهم هو المحور الرئيسي الذي تلتف حوله المشكلة السودانية الآن. لقد قدم الآخرين تضحيات هائلة ليتحرروا ويحرروا الشماليين، بل أن محاولة تحرير الشماليين وإصلاحهم أعاق هزيمتهم حربياً، وقد إتضح في النهاية بأنه لا يمكن لأحد أن يحرر الشماليين سوى الشماليين أنفسهم. يمكن للآخرين أن يغزوا الشماليين، يقهروهم، يبيدوهم .. إلخ، ولكن لن يستطيعوا تحريرهم. إن على الشماليين أن يحرروا أنفسهم وهي معركة جد طويلة وشاقة ولا بد أن تتم عن إقتناع تام. إن النوبة أنفسهم لديهم الكثير ليفعلوه ليتمكنوا من التحرر خصوصاً من المشاكل الثقافية التي تم تمريرها لهم من الشمال والتي تمثل أهم العوائق لتطور النوبة. ولهذا فإن محاولة تحرير النوبة ستفشل حتماً إذا ما ظلت مرتبطة بمحاولة تحرير الشماليين.
وبهذا يبدو حتمياً على النوبة فك إرتباطهم بالأجندة الشمالية إلا بالقدر الذي تخدم به هذه الأجندة قضية النوبة ورفاقهم في جنوب النيل الأزرق وليس العكس كما يحدث الآن. لقد أظهر التاريخ جلياً بأنه كلما حاول الآخرين حل مشاكل الشماليين كلما زاد عنادهم ومقاومتهم وتعقيدهم لمشاكلهم ومشاكل الآخرين معهم، وجعل الآخرين يتضاربون في بعضهم لمصلحتهم، يجب التعامل مع الشماليين حسب حقيقتهم، فالشماليين ليست لديهم أي وشيجة أو شعور إيجابي تجاه الآخرين ويجب أن لا يتوهم الآخرين غير هذا، ويجب على الأقل تفهم أن ثقافتهم لن تسمح لهم بغير هذا، كما أنه لا يوجد سبب حقيقي ملح يجعلهم يتغيرون، وبالتالي يجب عكس هذا الشعور إليهم بنفس القدر وعدم إشعارهم بأن دعايتهم بحتمية الدولة السودانية والبروباجندا والأدبيات التي خدعوا بها بعض عناصر المكونات الأخرى لهذه الدولة بسبب سيطرتهم على الإعلام (بما فيه إعلام ثورة ديسمبر الآن) والتعليم هي شيء يمكن شراءه بقرش. وفي الختام يبدو حتمياً للنوبة كذلك إذا أرادوا الإتعاظ من التجربة الشمالية في حالة تكوين كيانهم الخاص سواء أكان دولة مستقلة أو مرحلياً منطقة ذات حدود سياسية منتمية إنتماء صوري للشمال ريثما يقررون مصيرهم، أن يعوا بأن منطقة سياسية جغرافية للنوبة لا تعني بأن النوبة سيكونون أسياداً عليها، وبأن النوبة لا يريدون أن يكونوا أسياداً على أي أحد مهما كانت التضحيات التي قدموها، وبأن هذه التضحيات كانت ليعيش النوبة أحراراً في أرض حرة على قدم المساواة مع الآخرين مِن مَن تجمعهم بهم هذه الأرض، لا سيادة لدين أحد على دين الآخر، ولا عرقه على عرق الآخر، ولا جنسه ذكراً أو أنثى على جنس الآخر، أو ثقافته أو لغته على ثقافة ولغة الآخر، وبأن قيام هذه الوحدة السياسية Polity على أرض النوبة التاريخية ليس إلا ضمان فقط لكي لا يتعرض النوبة للإضطهاد والتهميش مجدداً.
كوكو موسى