حصلت إثيوبيا مؤخرا على لقب جديد: “أسد إفريقيا”, لأن نموها من 2003 إلى 2014 يقدر بحوالي 10 فى المائة سنويا.. حتى وإن كان هذا النمو يأتى فى ظل الخصخصة, ومداهمات الحقوق.
في وقت سابق من هذا الشهر, أشار رئيس الوزراء البريطانى السابق “تونى بلير” أن التطور والتقدم الذى حققته إثيوبيا مثير للانبهار حيث سيجذب المستثمرين من جميع أنحاء العالم إلى البلاد.
“لقد حققت البلاد مستوى جديدا من التطور. شارك رئيس الوزراء وفريقه بالفعل فى عملية التصنيع, وهم يبنون الطاقة والكهرباء بغية تحويل المجتمعات الزراعية فى البلاد. وهذه خطوة جبارة بذلتها إثيوبيا منذ الثلاثين عاما الماضية”, وفق تصريح بلير.
فقد نفذت الحكومة مشاريع ضخمة لبنية البلاد التحتية كبناء السدين الكبيرين من نوعهما في القارة بتمويل جزئي من خلال الاستثمار الأجنبى المباشر. كما أن بعض تقاير تفيد بأنها أيضا تبيع الأراضى المملوكة محليا لشركات كبيرة متعددة الجنسيات بأسعار زهيدة, فتقوم بنفي أو سجن الصحافيين الذين ينتقدون مثل تلك الصفقات.
على مدى السنوات الماضية, كانت إثيوبيا – ثانى أكبر الدول الإفريقية تعدادا للسكان وإحدى أهم شركاء الغرب الاستراتيجيين فى إفريقيا – تتمتع بنمو سريع. فألمانيا تتمتع بالعلاقات التجارية القوية مع هذه الدولة, والتي تحتلّ – أي ألمانيا – المرتبة الخامسة في قائمة أكبر مشتر للسلع الإثيوبية بعد الصومال والمملكة العربية السعودية وهولندا والصين. ووفقا للأرقام الرسمية, فإن إجمالى قيمة الصادرات الإثيوبية إلى ألمانيا وأغلبيتها من البن والمنسوجات سترتفع الى 185 مليون يورو (209 مليون دولار) فى عام 2016.
غير أن صندوق النقد الدولي فى اجتماعها الأخير – حسب تقرير أعده “سيليشى مانتيغافتوت” لـ”دويتشه فيله”, يفيد بأن النمو الشامل فى إثيوبيا من المتوقع أن ينخفض إلى 4.5 فى المائة, وذلك من 10.2 فى المائة الذي كان في العام السابق. ويعد الجفاف الذى اجتاح البلاد من إحدى العوامل المساهمة فى ذلك. كما الأرقام التى جمعتها الحكومة الإثيوبية وشركائها من المنظمات الإنسانية تشير إلى أن أكثر من عشرة ملايين إثيوبى الآن يعانون من نقص غذائي حاد.
النينو وتأثيره على النمو الإثيوبي:
أظهرت بيانات من المنظمة الدولية للهجرة أنه تم تشريد عدد 119,711 شخص فى ست مقاطعات بسبب فيضانات الشهر الماضى “الاستثنائية”.
وكانت هذه الفيضانات التى بدأت في الشهر الماضى جزءا من ظاهرة النينو المناخية العالمية التى كانت من نتائجها الجفاف الشديد فى القرن الإفريقى عقب عدم نزول الأمطار على التوالي.
وعندما قام “سيليشى مانتيغافتوت” بسؤال ملحق ألمانيا الاقتصادى إلى إثيوبيا “باتريك ويغنر”, عما إذا كان الجفاف يؤثر على أعمال المستثمرين الألمان فى إثيوبيا, ردّ باتريك قائلا: “لا, ليس كثيرا”. وكما قال الدبلوماسى, فإنه لا يوجد الكثير من الشركات الألمانية العاملة فى القطاع الزراعى, وبدلا من ذلك هم يبيعون الالات والسيارات.
وسافر “مايكل فريك” المدير التنفيذي لشركة ألمانية, إلى مونيخ لدعوة رجال الأعمال للاستثمار فى إثيوبيا. وكما صرح في حديثه مع قناة دويتشه فيله : “إن هناك امكانات ضخمة من فرص الأعمال. البلاد يتمتع بموقع جيد جدا لبيئة الأعمال”. وكانت شركته بدأت نشاطاتها فى إثيوبيا منذ عام 2007, وهي من بين الشركات الأجنبية المشاركة فى وضع خطط لبناء سد إثيوبيا – المثير للجدل – لتوليد الطاقة اللازمة للنمو الاقتصادى.
آراء وانتقادات:
مع كل ما سبق, فإن الخبراء يذكرون العديد من الأسباب لنجاح إثيوبيا اقتصاديا. فعاصمتها موطن لمقر الاتحاد الإفريقى, حتى وإن كان استقرار البلاد السياسى لا يزال بعيد المنال, إذ الأزمات فى مناطق أوروميا وغامبيلا مستمرة. والنشطاء السياسيون يُفرض عليهم عقوبات قاسية لتجرّئهم على انتقاد الحكومة والحديث عنها علانية, بالإضافة إلى أن غالبية البرلمان تتألف من السياسيين من حزب الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبى الذى تولى السلطة منذ عام 1991.
أفاد “ويغنر” بأن حكومة ألمانيا في “حوار الإصلاح على نحو وثيق مع الحكومة الإثيوبية”, وهى تسعى “إلى تحسين مناخ الاستثمار فى البلاد”. فالمستثمرون يتحدثون بإيجابية عن الغياب النسبى للفساد في إثيوبيا مقارنة للدول المجاورة. ومع ذلك هم يبدون قلقهم حيال ما يصفه صندوق النقد الدولى والبنك الدولى بـ”الشريط الأحمر” أو “الروتين” فى شركات الاتصالات والبنوك.
وأثناء سعي إثيوبيا إلى نموها, فقد شهدت عدة احتجاجات ومظاهرات من الناشطين والحقوقيين بسبب ما أسموه انعدام “الديمقراطية”, واستيلاء الحكومة على الأراضى, وأعمال القتل ذات الدوافع السياسية.
وكما يؤكد “مانتيغافتوت”, فإن الاستثمار كالزواج. فاليد الواحدة لا تصفق – كما يقول المثل. عندئذ فقط, سوف نرى إذا كان “الأسد” الإفريقي جاهزا للوثوب.