بقلم/ المحامي عبدالباسط محمدالحاج
أننا في هذا المقال اذ نحاول ان نتطرق للجانب النظرى للمحكمة الجنائية الدولية دون الولوج الى اللغة القانونية المضبوطة بالمفاهيم الفلسفية للقانون .
أن الجنس البشري قد مر بالكثير جدا من التجارب المريرة التي ظلت مستكينة فى الذاكرة الجمعية لهم نتيجة لخطورة التجارب التي مرو بها والتي تهدد وجودهم وتعايشهم في سلام وأمن مستتب ، هذا التاريخ السيئ جعل البشرية تنهض لمجابهة هذه المخاطر ووضع حد لها للقضاء عليها ولو بشكل نسبي .
هذا النهوض قد شكل وحدة رأي يمكن ان نسميها نسبية بعد الحربين العالميتين تجاه الجرائم التي أغترفت أبان هذه الحروبات التى هددت الوجود الإنسانى .
جراء تلك التحركات التي أحدثت نقلة فى مجال العلاقات الدولية التي تحكم الدولة فيما بعضها إنطلاقا من (عصبة الأمم -معاهدة فرساي) إلي ان تشكلت فيما بعد (الأمم المتحدة) التي وضع القواعد المنوطة بضبط العلاقات الدولية التي تقوم علي المصالح المشتركة وتفصل في النزاعات .
ولطالما ان الوجود الإنساني هو الغاية الأسمي والهدف الأساسي للإعلان العالمي لحقوق الانسان التي يعد قفزة نوعية متينة في مجال حقوق الانسان فى العالم بأسره والذي تأسس علي إحترام الإنسان وحياتة والحفاظ علي كرامتة وعدم التمييز بكل أشكالة وتحريم كل ما يمكن أن يحط بهذه المبادئ (الحقوق) العليا والتي لا يمكن التغاضي عنها بأي مبرر كان .
إن الحربين العالميتين قد فقدت فيها الإنسانية الآلاف من الأرواح وخسرت فيها الدول أموال لايمكن إحصائها ، جراء ذلك أنشأت محكمة مختصة لمحاكمة مرتكبي الجرائم في (يوغوسلافيا) والتي أنشأت بموجب قرار صدر من مجلس الأمن رقم (808) لسنة 1993 وضمن فقراته الأولي قرار المجلس بإنشاء محكمة دولية من أجل مقاضاة الإشخاص المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي والتي أرتكبت في إقليم يوغوسلافيا .
أما فى رواندا فقد أصدر مجلس الأمن قراره رقم (995) لسة 1994 بإنشاء محكمة جنائية خاصة مع مراعاة ما يتلائم مع ظروف رواندا .
هذه المحاكم أصبحت الأساس الذي إنطلقت منه المحكمة الجائية الدولية 1998 بعد إستشعار العالم بضرورة تكوين محكمة دائمة ومختصة لمحاكمة المجرمين المتورطين في الجرائم الخطيرة التي تدخل إختصاصها وهي :
_جريمة الأبادة الجماعية .
_جريمة العدوان.
_الجرائم ضد الإنسانية .
_جرائم الحرب.
قد صنفت من أخطر الجرائم الجنائية وتنضوى تحت كل جريمة عدد من الجرائم لا يسع المقام لذكرها ، أذ يجب أن لا تمر دون محاكمة في حال إرتكابها من أحد الدول في الأسرة الدولية.
_هل يمكن الأفلات من العقاب؟؟ :-
وفقا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فإن نطاق سريان إحتصاص المحكمة من حيث المكان يقع على الدول الأعضاء من حيث المبدأ والتي بالضرورة موقعه ومصادقة علي الميثاق المنشئ للمحكمة . هنا ماذا يكون موقف الدول غير الأعضاء في المحكمة ؟!
_نصت المادة (13) من ميثاق روما من حيث الإختصاص :-
للمحكمة أن تمارس إختصاصها فيما يتعلق بالجرائم المشار إليها فى المادة (5) وهي (الإبادة الجماعية_الجرائم ضد الإنسانية _جريمة العدوان _جرائم الحرب)
1_يقتصر إختصاص المحكمة وفقا للنظام الأساسي فى الأحوال التالية :-
أ_ إذا أحالت دولة طرف الي المدعى العام وفقا للمادة (14) يبدو فيها أن جريمة او أكثر من هذه الجرائم قد أرتكبت .
ب_ إذا أحال مجلس الأمن الدولى متصرفا بموحب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة حالة الي المدعى العام يبدو فيها أن جريمة اول أكثر قد أرتكبت .
ج_ إذا كان المدعى العام قد بدأ في مباشرة تحقيق فيما يتعلق بجريمة من هذه الجرائم وفقا للمادة (15) .
يستقرأ من هذة المادة بفقراتها أعلاه أنه لا يمكن الإفلات من العقاب فى كل الأحوال حتي وإن لم تكن الدولة طرف او عضو في المحكمة الجنائية الدولية فإن المحكمة تتدخل بناءأ علي توصية من مجلس الأمن وفقا للمادة (13) الفقرة (ب) كحالة الرئيس السوداني عمر البشير المطالب والموقوف من قبل المحكمة الجنائية الدولة بتهمة إرتكاب جرائم تدخل نطاق إختصاص المحكمة ، بموجب الإتفاق الذي ينظم العلاقة ما بين مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولة والذي يوقع بواسطة رئيس المحكمة نيابة عنها .
_ الرؤساء الأفارقة والمحكمة الجنائية الدولية :-
من الملاحظ فى الآونة الأخير أن هنالك محاولة للتكالب من الرؤساء الأفارقة. لتشكيل موقف معادي تجاه المحكمة عبر تحريض الدول الأعضاء للإنسحاب منها( بورندي _جنوب أفريقيا) أذ يعد موقف مخجل فى مواجهة مبدأ أصيل هو مبدأ المحاسبة وعدم الأفلات من العقاب من دولة مثل جنوب أفريقيا التي كانت تعاني من أبشع الإنتهاكات والجرائم المنظمة تجاه البشرية (أسترقاق ، وإعتقالات وإعدام دون محاكمة ، وتمييز عنصري …الخ) .
أن رؤساء الدول التي يقفون مثل هكذا مواقف ماهم إلا عبارة عن قادة ديكتاتوريين يحاولون الأفلات من المحاسبة التي يمكن تتم فى حال أرتكابهم جرائم ضد شعوبهم وترسخ ديكتاتوريتهم عبر صناعة مواقف أرتجالة رعناء لا تمد إلي المبادئ السامية لحقوق الإنسان بصلة ولكن لا تحرك قيد أنملة من تحقيق غايات العدالة السامية في ظل التقدم المستمر للمجتمع الدولى تجاه توسيع المؤسسات المشتركة والإتفاقات التي تضمن تنفقيذ مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهود الدولية الخاصة بالحقوق والتي تشكل الركيزة الأساسية للسلامة الحياة الإنسانية والتبادل المشترك للمصالح التي تحفظ الحقوق الأصيلة للبشرية .