الخرطوم _ صوت الهامش
بعد ان سقط نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، فتح الطريق أمام الشعب السوداني، ورمموا آمالهم بتحقيق ما كان مستحيلا في عهد التيه والحيرة، ومن بين هؤلاء أمام “مواطنو الكنابي” الذين شكوا كثيرا عن حرمانهم من حقوق المواطنة في وطنهم ولا سيما حرمانهم من الخدمات، فقد انفتح الطريق، وباتت كافة سبل الدفاع والعمل السياسي والحقوقي متوفرة غير انها تواجه تحديات جسام للاستمرار في المطالبة بحقوقهم.
وفي هذا السياق قال الأمين العام لمؤتمر الكنابي الدكتور جعفر الأمين، إن قضية الكنابي تتجلي في الإقصاء والتهميش الممنهج من قبل كل الحكومات التي مرت على حكم السودان ، واعتبر ان قضية الكنابي وصف عار علي جبين كل الشعب السوداني.
مضيفا ان مواطني الكنابي يمثلون العمود الفقري للاقتصاد السوداني، ورغم إسهاماتهم الكبيرة في القطاع الزراعي إلا انهم ظلوا محرومين من كل الخدمات وحقوق المواطنة المتساوية، وعندما اندلعت الثورة ضد نظام الإنقاذ شاركوا فيها، وبعد نجاح الثورة في اسقاط النظام، قال نريد أن تحقق العدالة والتنمية وتوزيع الفرص والمساوة بين المواطنين السودانيين خاصة للعمال الزراعيين في الكنابي.
موضحا انهم أطلقوا مبادرة مشروع “نهضة الكنابي في السودان” حول كيفية تحويل الكنابي الي قري في مساحات كبيرة ليتم إدخال الكهرباء والماء والخدمات والتعليم والصحة وغيرها من الخدمات، ، مشيرا أن هذا “يتطلب تدخل الدولة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني العاملة في قضية الكنابي وقطاعات العمال الزراعيين، كاشفا عن اتصالات وتنسيق مؤتمر الكنابي مع تحالف مزارعي الجزيرة والمناقل ومنظمات اخرى للتعاون لأجل حل القضية.
واتهم جعفر في حديثه ل(صوت الهامش) القوي السياسية في السودان بتغيبهم في المشاركة السياسية وفي الإطار الإنساني، وأردف “اتخذت الأحزاب السياسية مواطنو الكنابي كرصيد انتخابي يستخدم في الانتخابات فقط” وانه جاء مؤتمر الكنابي كتكتل مطلبي وحقوقي كرد فعل طبيعي لإقصاء والتهميش والمحسوبية والمحاباة وتغيب انسان الكنابي.
وقال القيادي بتجمع قوى الهامش السوداني، أمير يعقوب إسماعيل إن مواطني الكنابي ظلوا يعانون من التهميش في جميع المجالات الخدمية وحرموا من حقوق المواطنة المتساوية خلال كل عهود حكومات السودان، استرد قائلا” فقد ظلت العديد من الجهات تعامل سكان الكنابي على انهم اجانب، وهذا سبب لعدم العدالة والمساواة في حقوق المواطنة علما بان سكان الكنابي هم من طردوا الانجليز ابان الثورة المهدية واستقر جزاء منهم في الولايات السودانية الوسطى.
وأضاف “من المعلوم ان أغلب دول العالم تمنح الاجانب جنسيتها بعد مرور 5 او 10 سنوات ويتمتعون بحقوق المواطنة، غير ان سكان الكنابي عاش بعضهم أكثر 100 عاما في ولايات الجزيرة والنيل الابيض وحلفا والخرطوم و90 في المئة من سكان الكنابي من دارفور”.
وقال يعقوب ان سكان الكنابي ينظرون للتغير الذي حدث في السودان بمثابة بداية الطريق للسير نحو تحقيق العدالة والتنمية لإنسان الكنابي من خلال وضع الحلول المناسبة لمشاكلهم واولها “السكن”، وفي سبيل ذلك سيتبعون كل السبل المشروعة لنيل الحقوق لان قضاياهم هي قضية تهميش وحقوق مواطنه وخدمات.
ويرى ان قضايا الكنابي حضورها ضعيف لدى القوى السياسية، مقارنه بحجم هذه القضايا واتفق مع جعفر بتغيب القوى السياسية قضايا مواطنو الكنابي، رغم انهم يمثلون العمود الفقري الاقتصاد السوداني خاصة في جانب الإنتاج الزراعي حيث يقومون بكل الاعمال الفلاحية في المشاريع الزراعية من حرث الأرض وحصاد المحاصيل.
وعقد مؤتمر الكنابي لقاء تنويري، منتصف الشهر الجاري ، بوزارة الثقافة والإعلامي الاتحادية بالخرطوم، حضره حشود من مناصري قضية الكنابي.
وقدم المؤتمر ورقة تحوي حزمة مطالب يتطلب تنفيذها على مستويات قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى أبرزها، التمثيل السياسي لممثلي الكنابي في السلطة، وضمان استيعاب ابناءهم في الخدمة المدنية على المستوى الاتحادي وعلى مستوى الولايات من بينها ولاية الجزيرة بنسبة 7 في المئة.
وإنشاء مفوضية قضايا الكنابي للعمل على وضع وتنفيذ الخطط المؤدية لحل مشاكل الكنابي، ويقودها أبناء الكنابي، وإيقاف كل خطوات الازالة والاستفزازات ضد سكان الكنابي، وفتح ملفات الانتهاكات والجرائم التي ارتكبت ضد سكان وتقديم المسؤولين للعدالة، والاهتمام الإعلامي والسياسي والسيادي بقضية الكنابي.
كما طالبت الورقة إجراء دراسات إحصائية لرصد واقع الكنابي للمساهمة في وضع الحلول وتنظيم مؤتمر خاص بالقضية، واجراء مسح سكاني لكل تجمعات الكنابي ومنح الأرقام الوطنية والبطاقات مجانا.
اما الكاتب الصحفي عثمان نواي فقال: ان تجربة مواطني الكنابى فى استخدام وسائل الضغط المدني والسياسي والإعلامي وإيصال صوتهم عبر كل وسائل المدافعة السلمية المدنية عن الحقوق هو من أهم نطاقات النجاح لقضايا المجموعات المهمشة اقتصاديا وسياسيا في السودان، وأنها تجربة مثيرة للاهتمام ويجب تطويرها وتوسيع قاعدتها وتمكين الناشطون المدافعين عن حقوق مواطني الكنابى لامتلاك قدرات أعلى لتحقيق مطالب مجتمعهم، وتستفيد منها المجتمعات المهمشة في السودان.
وعن مؤتمر الكنابي قال نواي انه يمثل وجهة نظر مجتمع قدم مطالب واضحة للفترة الانتقالية، وهي رؤية عملية لأحداث تغيرات حقيقية ما بعد الثورة. حيث ان تلك المطالب فى جوهرها تأمل في ان يكون ثمة خطوات جادة لبداية حل أزمة الكنابى بصورة جذرية وتحويلها لقضية وطنية قومية تهم كل السودانيين والدولة على أعلى المستويات خلال الفترة الانتقالية في السودان.
ويرى أن قضية الكنابي لدى الناشطون المهتمين حيث تمكنوا من صناعة حيز وصفه بالمهم في الأجندة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بالسودان. غير ان ستدرك قائلا: لكن لاتزال القوى السياسية متأخرة فى وضع القضية فى مكانها الصحيح بين الأولويات، وهذا من الأمور التي يجب معالجتها داخل قوى التغيير ووضع قضية الكنابي في ضمن أجندة الانتقال الديمقراطي فى السودان.
وعبر عن تفاؤل بان هناك درجة جيدة من التفاهم على بعض القضايا لدى المدافعين عن قضايا العمال الزراعيين والكيانات المذكورة وان ذلك ربما يؤدى لاستمرار الحوار يصل لنقاط التقاء واسعة تساهم في حل الأزمة بصورة جذرية في المستقبل.
مضيفا ان حل قضايا الكنابي لا ينفصل عن أزمة بناء الدولة الوطنية الديمقراطية في السودان. وهي العملية المعقدة التي يفترض ان تبدأ خلال هذه الفترة الانتقالية، أمام مواطني الكنابي كافة سبل الدفاع والعمل السياسي والحقوقي للاستمرار فى المطالبة بحقوقهم.