صحيفة الهامش
حماد وادى سند الكرتى
[quote]تِسعْ سَنوات مِن الكَراهِيّة والعُنصِريّة فِى إقليم دَارفُور ضِد قبائِل الزَغَاوة – المَسَالِيتْ – وَالفُور مُؤتَمر دَربَان (2) وَمَكافحة العُنصِريّة والتميّيز
المَأسَاة والعُنْصرِيّة الرّهيبتان المَمزوجَتان بِكَراهيّة بَغيضة[/quote]
فى الثانى من نوفمبر من العام 1973م , عرضت المنظمة الدوليّة للأمم المتحدة , بل ودعت الدول الأطراف فى الأمم المتحدة, إعتماد وتوقيع , والتصديق على الإتفاقية الدوليّة المتعقلة بقمع جريمة الفصل العنصرى والمعاقبة عليها , ومن الجدير بالذكر أن الإتفاقية الدوليّة التى نحن بصددها قد دخلت حيز النفاذ فى الثامن عشر من يوليو من العام 1976م. وأهم ما جاء فى هذه الإتفاقيّة الدوليّة , أن الدول الأطراف قد قطعت على نفسها العهد ,بأن تعمل وفى جميع الأوقات بالتعاون مع المنظمة الدوليّة , بهدف تحقيق وتثبيت إحترام حقوق الإنسان , وكفالة الحريّات الأساسيّة لكل البشر , إنطلاقاً من انهم بشر يتوارثون الصفات الإنسانيّة او البشرية جيلاً بعد جيل , وذلك بغض النظر عن الإعتبارات المعياريّة والتمييزيّة المتمثلة فى اللون والعرق أو الجنس ,أو اللغة , أو الدّين ,حيث النّاس جميعاً يولدون أحراراً ومتساويين , لافرق بينهم الآن , ولا فرق بينهم بين أجدادهم السابقين , ولا فرق بين زراريهم فى المستقبل , نعم يولد جميع البشر متساوون فى الحقوق أين ما كانوا , وأين ما وجدواْ , خاصةً تلك الحقوق المقررة فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة فى العام 1948م .ونحن من جانبنا نُشير الى أهم الحقوق التى يجب ان يتمتع بها كل الناس , ونعنى هنا , الحق فى الحياة , ونعتقد أن الحق فى الحياة هى من اهم الحقوق التى كفلها الأعلان العالمى لحقوق الإنسان ,والعهدين الدوليين المتعلقين بالحقوق المدنية والسياسيّة والإقتصاديّة والثقافيّة ( الشرعة الدوليّة ) , والإعتداء على الحق فى الحياة , لأى إنسان , يعنى الإعتداء على ما سواها من الحقوق , ومن الطبيعى أنه إذا قتل الإنسان , أو أزهق روحه , فكيف يستفيد من حقه فى حرية الرأى والتعبير , والحق فى الحياة يجب ان يتمتع بها اى إنسان , حتى فى الحالاتالإستثنائيّة , أو حالات الطوارىء , كالحروب المسلحة الدوليّة , أو غير الدوليّة ,حيث كفل القانون الإنسانىالدولى الصادر فى 12/ أغسطس من العام 1949م , الحق فى الحياة للمدنيين الذين لايشتركون بصورة فعالة فى العمليات الفتاليّة , بل ان جميع الإتفاقيات , والشرائع السماويّة كفل الإنسان الحق فى الحياة , وحذر من الأعتداءعليها . أيضاً من الحقوق الأساسيّة التى يجب عدم المساس بها , حق الإنسان فى السلامة الجسديّة , اى ان لايتعرض أى انسان للتعذيب , أى كان هذا التعذيب , سواء كان تعذيبا بدنيا , أم تعذيباً نفسياً. أيضاً نرى ان الإتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصرى , والمعاقبة عليها , قد شجب وادانة , بصفة خاصة عمليات الفصلالعنصرى , أو عمليات العزل العنصرى ,وأخذ فى عين الإعتبار , أن جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. يمكن ان نطلق عليها , أو وصفها بأنها من افعال الفصل العنصرى وانها تشكل جريمة دولية خطيرة , وذلك وفقاً للتشريعات الدوليّة . إذا يمكن القول أن جرائم الإبادة الجماعية ,وجرائم الحرب , والجرائم ضد الإنسانية ,بالمعنى المنصوص عليها فى نظام روما للعام 1998م المنشىء للمحكمة الجنائية الدولية , والمنصوص عليها فى المواد 6,7,8, والتى تعتبر من ضمن الإختصاصات الموضوعية للمحكمة الجنائية الدوليّة , تلك الأفعال تشكل بلا أدنى شك جرائم فصل عنصرى . ولخطورة جريمة الفصل العنصرى , يسعى العالم المتمدن جاهداً لوأد ظاهرة التمييز والفصل العنصرى , وبجميع اشكاله سواء كانت العنصريّة المتعلقةبالدين,اوالعرقأوالقوميّة , أو الجنسيّة ,وماشابه ذلك .وفى مؤتمر دربان (2) سعى المجتمعون من أجل مكافحة العنصريّة , ونحن من جانبنا نعتقد , أن العالم فشل فشلاً زريعاً , فى وأد ظاهرة العنصريّة , وهذا الفشل يعتبر فشلاً تاريخياً , وذلك عندما اخفق العالم فىترجمة تعاليم الأديان السماويّة , بدءً من التوراة , مروراً بالإنجيل وانتهاءً بالقران الكريم . بل ان العالم فشل فشلاً زريعاً ايضاً فى ترجمة جهود آلالاف المفكرين والمجتهدين من الفلاسفة والعلماء الى ارض الواقع , وذلك.فيما يتعلق بنبذ العنصريّة والتمييّز . ونتيجةً لذلك عانى ومازال يعانى كثيراً من الشعوب فى هذا العالم الأرضى , من ظاهرة العنصريّة والتمييز العنصرى البغيض التى خلفت ضحايا يقدر بمئات الملايين من البشر , هزت ضمير الإنسانيّة العالميّة بقوة , وذلك منذ المحرقة النازيّة ضد طائفة اليهودوالغجر والمتخلفين والسود , وقد سمى (هتلر) خطته التدميرية هذه بالحل الأخير ,ولكن لم يلبث حتى منى بهزيمة نكراء بعد أن قتل ملايين البشر ( مذبحة الهولوكست) , كما يجب ان لانغفل المذابح التى تعرض لها الأرمن من قبل الدولة العثمانيّة الصاعدة فى تركيا الحالية , فضلاً عن المذابح الفاضحة فى بلا د البلقان ,( مذبحة سربينتشا1991م) , وهناك مذبحة الهوتو ضد قبائل التوتسى ذات الأقلية فى العام1994م , ومذبحة الكنغو الديمقراطيّة وإفريقيا الوسطى ,والمذابحالتى يقوم بها القس – جوزيف كونى فى شمال أوغندا وجنوب السودان .وفى ظل صمت دولى رهيب وتخاذل عربى واسلامى مقيت ومريب ومتواطىء , إرتكبت حكومة المؤتمر الوطنى ومليشيا الجنجويد سيئو السمعة أكبر وأعظم مذبحة ضد الإنسانيّة فى اقليم دارفور , المنطقة الواقعة فى غرب السودان الذى يشهد أكبر واعظم كارثة انسانية على مستوى العالم فى الوقت الراهن . ومن الجدير بالذكر أن المذابح فى منطقة اقليم دارفور , كانت ومازالت تتم أنطلاقا من اسس منهجية وتنظيمية وعلى نطاق واسعجغرافيا من الإقليم ضد قبائل عرقية معينة , بهدف القضاء الكامل على شعوب لها تاريخ عريق فى اقليم دارفور – غرب السودان . إن المذابح ضد قبائل الزغاوة – المساليت – والفور , كانت تتم إنطلاقاً من أسس عنصرية وكراهيّة مقيتة ضد القبائل المستهدفة سالف الذكر , تلك العنصريّة التى خلفت أكثر من (350000) الف قتيل , معظمهمْ من الأطفال والنساء , أىْ الشرائح الضعيفة التى لاتستطيع الدفاع عن نفسها , فضلاً عن تشريد أكثر من 2700000, شخص ,وتدمير القرى وسلب الممتلكات وتدمير مواد الغذاء وتسميم أبار المياه, بل واستخدمت أسلحة صامتة ضد المشردين قسراً …الخ . من هنا فإننا نبعث بالتحيّة الخالصة ومن اعماق قلوبنا لأولئك النساء الدارفوريات اللواتى يقطعن المسافات الطويلة لتأمين النذر اليسير من الطعام لأطفالهن . التحيّة وبأسم كل لبائسين والمهمشين الذين يرزحون تحت رق وعبوديّة وعنصريّة حكومة المؤتمر الوطنى , الى أخوتى واخوانى الأطفال الذين فرض عليهما ان يتشردوا ويتموا, ويحيوا حياة لامعنى لها , لأولئك الأطفال الذين فرض عليهم أن يروعوا عندما يسمعوا صهيل الخيل ,وازيز الطائرات ,وزمجرة الدبابات , وطقطقت البنادق ,التحيّة عبر المدافعين عن قضية دارفور العادلة للفتيات الصغيرات اللواتى اغتصبن امام ابائهن واخوانهن بقصد إذلال مجتمعاتهن , بل بهدف انهاء تاريخ شعوب قبائل الزغاوة والمساليت والفور , بل بهدف قتل الروح والإرادة والنفس ذاتها . التحيّة لأطفال دارفور الذين حرموا من التعليم بقصد خلق مجتمع لايقرأ ولايكتب ( فاقد تربوى) . التحيّة لأطفال دارفور الذين خطفو وتم إخفائهم قسراً بقصد استخدامهم كعبيد لدى مجموعات عرقية اخرى , أن الأمر خطير , فى ظل اعمال اجراميّة بربرية بعيدة المدى .إن العنصريّة فى اقليم دارفور يتمثل ايضا فى ممارسة اعمال لا إنسانية حاطة بكرامة الإنسان , مازالت ترتكب , بهدف إقامة وإدامة هيمنة جماعات الجنجويد ضد فئات او جماعات عرقيّة معينة , وذلك بقصد إضطهادها , بصورة منهجية ومنظمة , وذلك من خلال حرمانهم من الحياة , بقتل افراد قبائل الزغاوة – المساليت – والفور . , وبإلحاق آذى جسدى وعقلى خطير , بل وإحتلال أراضيهم بصورة مستدامة . نعم إن العنصريّة فى نزاع إقليم دارفور قائم على إهلاك قبائل عرقيّة معينة , بأىّ طريقة كان , سواء عن طريق القتل المباشر , أو عن طريق فرض , أو وضعهم فى ظروف معيشية مدروسة مسبقا بقصد إهلاكهم رويداً رويداً , أو عن طريق محاكمات جائرة تفتقر الى ادنى مقومات المعايير الدولية للمحاكمات العادلة , وقد شاهد المجتمع الدولى , كيف ان المحاكم السودانية تصدر احكام انتقامية جائرة بقصد التشفى لأناس ثبت برائتهم تماما , والغريب فى الأمر ان حكومة المؤتمر الوطنى قامت بإعدام صبى لم يبلغ بعد الحادى عشر من عمره , أى قضاء هذا ؟ إن العنصرية فى اقليم دارفور مورست ومازالت تمارس عن طريق حرمان فئات عرقية معينة من المشاركة فى الحياة السياسيّة , والإجتماعيّة والثقافّية , بل وحرمانها ايضا من المشاركة فى حكم دولة السودان , وحرمانهم ايضا من حريّة الرأى والتعبير والحق فى العمل والحياة والتعليم . إن العنصريّة البغيضة والكراهيّة , تم ممارسته بجميع اشكاله من قبل حكومة المؤتمر الوطنى , ضد قبائل عرقية معينة فى اقليم دارفور , لذا فإن المسئولية الجنائيةتقع على كافة اجهزة دولة المؤتمر الوطنى فى السودان , إبتداءً من وزارة الدفاع , والمخابرات والأمن الوطنى , مروراً بوزارة المالية التى كانت تدعم عمليات الجنجويد , وانتهاءً بوزارة الداخلية والخارجية والقضاء . كل تلك الأجهزة شاركت بصورة فعالة ومازالت تمارس جرائم الفصل العنصرى البغيض ضد مجموعات عرقية معينة فى اقليم دارفور – المنطقة الواقعة فى غرب السودان الذى يشهد أكبر واعظم كارثة انسانية على مستوى العالم فى الوقت الراهن . لذا فإننا وبعد مرور سبع سنوات عجاف على المذابح فى إقليم دارفور , ندعوا المجتمع
الدولى أن يصحوا من غفوته وكبوته , ويسعى جاهداً من اجل وضع حد للعنصريّة والكراهيّة البغيضة التى ما زالت تمارس ضد جماعات عرقيّة معينة بهدف القضاء عليهم رويداً رويداً . لذا فإن الآمر خطيراً جداً ولايمكن غض الطرف عنه على الإطلاق.