واشنطن – صوت الهامش
أعلنت “الفايننشال تايمز” الإقتصادية في تقرير جديد لها عن بدأ السودان محاولة “إغراء” الشركات الأمريكية والأوروبية مرة أخرى إلى صناعتها النفطية المتعثرة، كما كانت حال العلاقات العدائية بين الدولة المنبوذة السابقة والحكومات الغربية، إستناداً على تصريحات لوزير النفط السوداني.
وقال “ازهري عبد الله” – وزير البترول والمعادن- في مقابلة مع ” الفايننشال تايمز” في العاصمة الخرطوم: “نحن منفتحون دون أي تمييز على الاطلاق، من يريد أن يأتي فسنستقبله بعقل متفتح، و بأذرع مفتوحة، وبسياسات من شأنها تسهيل استثماراته”
و يذكر التقرير أن النشاط في قطاع النفط السوداني توقف في السنوات السبع الماضية، بعد أن أدى انفصال النصف الجنوبي من البلاد إلى خفض الاحتياطيات المؤكدة في “السودان” بنحو 3.5 مليار برميل، أي حوالي 75%.
فقبل أن تحصل “جنوب السودان على استقلالها في عام 2011 ، أنتج “السودان” حوالي نصف مليون برميل يومياً، نقلت عبر خط أنابيب صيني الصنع، يبلغ طوله 1000 ميل، ممتد من حقول النفط في الجنوب و وسط المحافظة، إلى محطة على ساحل البحر الأحمر في الشمال.
و أدى انفصال الجنوب، بعد حرب أهلية دامت 20 عاماً، إلى خفض إنتاج السودان بثلاثة أرباع، ومنذ ذلك الحين تضاءل هذا الناتج أكثر إلى 75 ألف برميل في اليوم، بسبب مشكلات فنية ومشاكل في استخراج النفط من الحقول التي تمتد على الحدود مع “جنوب السودان” حيث استمر القتال.
كما ضاعف فقدان الجنوب – و الذي يعد صدمة اقتصادية وسياسية عميقة لقادة السودان – من آثار الحظر الأمريكي الذي طال أمده على التجارة مع الحكومة، الأمر الذي أدى إلى توقف عمليات استكشاف حقول جديدة للطاقة.
وقال التقرير الذي اطلعت عليه (صوت الهامش) أن الآن، و مع تحسن العلاقات بين “السودان” و”الولايات المتحدة” ، تخطط وزارة البترول السودانية لتقديم 30 إلى 35 كتلة نفطية جديدة في النصف الثاني من العام المقبل، تهدف لإنعاش نشاط الاستكشاف في البلاد، كما ورد في تصريحات السيد “الأزهري” للصحيفة.
و بالنسبة لمعظم تاريخ إنتاج النفط في “السودان” على مدى 20 عاماً، كان معظمه تحت برنامج العقوبات الأمريكية الذي منع الشركات الأمريكية من التجارة مع البلاد، وجعلها معقدة لأي شركات أجنبية للتعامل معها، حيث أقدمت الولايات المتحدة على فرض الحظر في عام 1997 ، تحت دعوى “أستمرار دعم السودان للإرهاب الدولي” ، حيث شحنت البلاد أول شحنة نفط لها في عام 1999.
وفي النهاية، رفعت الولايات المتحدة العقوبات في أكتوبر من عام 2017 بعد فترة تحسن شهدها التعاون بين “واشنطن” و”الخرطوم” بشأن مكافحة الإرهاب وغيره من قضايا حقوق الإنسان والمسائل الإنسانية.
ولفت التقرير أنه على الرغم من أن الحكومة السودانية لم تتلق تلميحاً عن تجدد الاهتمام من جانب أي شركات نفط غربية كبرى منذ رفع الحظر، إلا أن شركة أمريكية واحدة على الأقل من شركات النفط، هي شركة “بيكر هيوز” – إحدى الشركات التابعة لشركة جنرال إلكتريك- قد بدأت بالفعل عملياتها في البلاد، كما صرح وزير النفط السوداني.
وقال متحدث باسم شركة “بيكر هيوز” الأمريكية: “إن الشركة تقوم باستكشاف الفرص في “السودان” ، مع الالتزام التام بالقوانين الأمريكية لصناعة النفط”
و أشار التقرير أن الاستكشافات النفطية الجديدة في البلاد بات محدودًا، وحتى بالنسبة لشركات النفط الآسيوية العاملة في السودان ، مثل شركة بتروناس الماليزية وشركة “سي ان بي سي” الصينية، فلا يزال الحصار المفروض على الدولارات الأمريكية خلال العشرين سنة الماضية معقدًا لجميع معاملات العملات الأجنبية، ويجعل من الصعب تمويل العمليات الإستكشافية.
ويضيف السيد “الأزهري” في حواره: “لقد ضاعف الحصار الأمريكي الوضع الاقتصادي الصعب الذي يواجهه السودان منذ انفصال جنوب السودان” ، فالنفط والموارد موجودة، ولكن الاستخراج كان صعباً للغاية””
و بدأ الوزير، الذي تم تعيينه في شهر مايو الماضي، مسيرته المهنية مع شركة “شيفرون” في السودان في السبعينيات، عندما كان عملاق النفط الأمريكي يجر عمليات الاستكشاف في البلاد، ثم انسحبت في عام 1992.
مع انتهاء العقوبات، لم يعد هناك أي حظر قانوني للتجارة مع “السودان” ، لكن العديد من البنوك الأجنبية لا تزال قلقة بشأن التعامل مع الدولة، في حين أنها لا تزال مدرجة من قبل الحكومة الأمريكية كدولة راعية للإرهاب إلى جانب “إيران” و “سوريا” و “كوريا الشمالية”.
لقد كان السودان على القائمة منذ عام 1993 ، وعلى الرغم من وجود أدلة قليلة على أن “السودان” قد دعم نشاطات الإرهاب منذ التسعينات، فمن غير المرجح أن تتطهر العلاقات بين “السودان” والشركات الغربية الكبرى بالكامل حتى يتم رفع اسمها من القائمة وتحقيقا لهذه الغاية، تجري جولة جديدة من المحادثات الأمريكية السودانية نقلاً عن مسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية.
و أختتم التقرير بالتأكيد على أنه بالرغم من عدم وجود جدول زمني ثابت لتحقيق ذلك، فإن وزارة البترول السودانية تأمل في رفع تصنيف الإرهاب في العام المقبل، مما سيؤدي إلى تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد، حيث قال السيد “الأزهري” : “مع كل ما يحدث، أعتقد أن السودان مستعد لازدهار آخر في قطاع النفط”.