لندن – صوت الهامش
رصدت الغارديان إعراب سياسيين ونشطاء ودبلوماسيين ومنظمات أهلية عن قلقهم بشأن خطوات اتخذتها المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي على صعيد تطبيع العلاقات مع السودان في سبيل الحد من تدفق أمواج المهاجرين عبر السودان الذي يعتبر محطة رئيسية للمهاجرين الأفارقة .
وقد احتل (السودان) المركز الخامس عام 2016 على قائمة أكبر مصادر اللاجئين عالميا.
ونقلت الصحيفة ، في تقرير لها الثلاثاء، عن اللورد ألتون، أمين جماعة أصدقاء السودان وجنوبه بالبرلمان البريطاني، القول إن “مجتمعا مدنيا متنوع المشارب في السودان يرفع صوته مناديا بالتغيير ورسْم مستقبل بلاده، فيما المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي يركزان في المقابل على التعاطي مع حكومة تستهدف هذا المجتمع المدني بالقمع”.
ونوه التقرير الذي اطلعت عليه (صوت الهامش)، عن أن جماعة أصدقاء السودان وجنوبه كانت أصدرت تقريرا في فبراير 2017 طالبت فيه باستجواب برلماني ويستمنستر وبروكسل بشأن التقارب مع حكومة البشير في الخرطوم.
وبحسب الخارجية البريطانية والاتحاد الأوروبي، فإن التحول في السياسة من العصا إلى الجزرة يستهدف معالجة جذور أسباب الهجرة عبر إقامة علاقات تسودها الثقة المتبادلة.
غير أن النقاد يخشون أن يتمثل الدافع وراء هذا التحول في السياسة من العصا إلى الجزرة في منع المهاجرين من الوصول إلى أوروبا. ويرى هؤلاء النقاد أن مثل هذا التحول كفيل بتقوية ساعِد الحكومة السودانية صاحبة أحد أسوأ السجلات الحقوقية في العالم.
ونوهت الغارديان عن أن النشطاء والصحفيين في السودان عادة ما يتعرضون للمضايقات كما يتم إغلاق الصحف. فضلا عن أن الرئيس السوداني عمر البشير مطلوب من المحكمة الجنائية الدولية على خلفية اتهامه بعملية إبادة جماعية في دارفور.
وقال الناشط أمجد فريد، إنه قضى شهرا في حبس انفرادي، وهو أحد مئات المساجين في السودان في يناير الماضي في رد الحكومة على تظاهرات سلمية احتجاجا على تدابير تقشفية وميزانية كارثية.
وقد ظل العشرات من هؤلاء قيد الاعتقال لنحو ثلاثة أشهر دون أن يتم توجيه اتهامات إليهم. ومن بين هؤلاء المساجين كان المواطن البريطاني الجنسية صدقي كبلو. وقد تم التحفظ على الكثير من هؤلاء في مركز أمني شديد البرودة بالخرطوم معروف بالتعذيب ويطلق عليه المسؤولون اسم “الفندق أو الأوتيل”.
ويقول المنسق المقيم للأمم المتحدة السابق في السودان، موكيش كابيلا، إن “التاريخ يعلمنا أن الصفقات المبرمة مع الشيطان عادة ما يتم نقضها. وقد شاهدنا ذلك مرة تلو الأخرى. إننا بحاجة إلى التعامل مع المجتمع المدني، لا أن نذهب للفراش مع البشير”.
ولفتت الغارديان إلى أن الاتحاد الأوروبي لحد الآن أعطى حكومة السودان 183 مليون يورو. وفي مايو 2016، كشفت تقارير ألمانية عن أن سياسة الاتحاد الأوروبي الخاصة بالهجرة في السودان ارتكزت على حراسة الحدود بما في ذلك تقديم تدريب ومعدات مراقبة.
ونبهت الصحيفة إلى أن قوات الدعم السريع (الجنجويد) المعروفة بوحشيتها، قد أعلنت بالفعل مشاركتها في حراسة حدود السودان نيابة عن الاتحاد الأوروبي. ولا يعتقد كثيرون أن حكومة السودان لديها أية نية في إلحاق الهزيمة بدوائر التهريب في ظل ما تشير إليه تقارير من تواطؤ هذه الحكومة في عمليات التهريب تلك.
ويقول أحمد حسين آدم، محام بارز ومفاوض في محادثات سلام دارفور، إن “جهاز الأمن يتربح بشكل مباشر من تمويل الاتحاد الأوروبي للمهاجرين. هذا ليس سرًا في السودان. إن تعاون الاتحاد الأوروبي قائم على أساس حُسْن نية البشير دونما نظر إلى تاريخ نظامه”.
ويقول نشطاء إن الحقوق الإنسانية شهدت تراجعت منذ بدء التقارب بين الاتحاد الأوروبي والسودان، حيث شهدت البلاد موجتي اعتقالات جماعية، واعتقال وتعذيب الصحفي البريطاني فيل كوكس في ديسمبر 2016.
وأوردت تقارير قيام ميليشيات حكومية بقتل 23 مدنيا دارفوريا على الأقل في مارس المنصرم، فيما لا يزال المئات من السجناء السياسيين، بمن فيهم الشيخ الضرير مطر يونس علي حسين، لا يزالون في السجون.
ونقلت الغارديان عن مادي كراوثر مديرة منظمة (شن السلام) القول إن “الناس يغادرون بسبب عدوانية نظام الحكم في السودان وانتهاجه للإبادة. لا يمكن الاعتماد على إقامة حواجز لمنعهم عن الهجرة”.
ويرى عبد الباقي جبريل، مدير مركز الإغاثة والتوثيق في دارفور، أن التعاطي بذكاء حاسم قد يكون مجديًا، لكن على المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي أن يلتزموا الحذر لأن “النظام السوداني بارع في الخداع؛ وعليه فإن على المفاوضين أن يظلوا متيقظين وأن يضعوا سقفا عاليا جدا لطلباتهم”.