الجميع يدرك بأن الحرب في السودان أجبرت الكثير من الشعب بالهروب من جحيم الإبادة بحثا عن ملاذ آمن ،منهم من استقر به الحال لاجئ في تشاد ،كينيا ،إثيوبيا،يوغندا ،البعض الآخر اختار المغامرة عبر البحر الأبيض المتوسط الي أوروبا.
بعد اعتصام مصطفى محمود في القاهرة والمجازر التي ارتكبتها قوات الشرطة المصرية 2005 قرر اللاجئين المغامرة الي إسرائيل بحثا عن ملجأ.
من هنا بدأت قصة محمد أحمد شاب سوداني من منطقة الجزيرة قرية ود رحيل، لكن أصله من دارفور، وبعد اندلاع الحرب في كل من دارفور ، وجبال النوبة وجنوب النيل الازرق بدأت الحكومة بمضايقة كل مواطن ينتمي لهذه المناطق .والكثير من الشباب السوداني وجده صعوبة في مواصلة الحياة، بعد مضايقات أجهزة الشرطة والآمن السوداني لشباب الهامش عبر الاعتقالات التعسفية بدون اي تهمة ،لهذا الأسباب فكر محمد لمغادرة السودان الي إسرائيل فدخلها2011-2014بعد ثلاثة سنوات.
داخل إسرائيل بدأت الدولة بسن قوانين جديدة بخصوص المهاجرين واللاجئين،تنص علي اي شخص دخل الي إسرائيل ضرورة الذهاب الي معسكر سمي بخولوت بالمنطقة الصحراوية النقب ،محمد كان من ضمن هؤلاء الذين وقع عليهم المغادرة الي هذا المعسكر مكث فيها حوالي عشرين شهرا بعدها أصدرت المحكمة قرارا بإطلاق سراح اي لاجئ لديه أكثر من سنة .
والكثير من اللاجئين كانوا يسألون لماذا هذا العقاب بدون اي أسباب واضحة ،وبالفعل أطلق سراح محمد بتصريح ممنوع التواجد او العمل في مدينتي تل أبيب،وايلات وقرر محمد الابتعاد تنفيذا لإجراءات الداخلية واستقر في مدينة أشدود (عسقلان ) بعد سنة من إطلاق سراحه ووجد محمد صعوبة في تجديد التصريح الخاص به ،لأن سلطات الهجرة تطلب من أي لاجئ أثناء التجديد عقد المنزل والعنوان وإضافة لعقد العمل ما العلم بأن التصريح مكتوب فيه ممنوع العمل ،في كل مرة يذهب فيها للتجديد يطلب من محمد هذه الأشياء،ويواجه استفزازات لفظية مثل لماذا لاتغادر الي السودان،؟ ما الذي تريد بالمكوث في دولتنا كل هذه الأشياء جعلت من محمد يقر العودة الي السودان حتي لو كان الثمن حياته .
وقع علي اجرأءت العودة القسرية بتاريخ 17/11.2016حدد موظفي الهجرة تاريخ الرحلة لمحمد21.11.2016من مطار بن غوريون،حاول اصدقاء محمد إقناع محمد بالعدول عن هذا القرار بالقول بأن السودان مازال خطيرا بان هنالك حرب علي الافارقة في السودان والحكومة كل يوم تقتل وتنهب وتغتصب الارض،لا تذهب يا محمد الي السودان الآ انه قرر عدم التراجع عن قراره وقال كرامته فوق كل شئ حتي لو كان الثمن روحه.
يوم الاثنين 21.11يوم المغادرة خط الرحلة كالآتي بن غوريون القاهرة الخرطوم. وعندما وصل محمد الخرطوم بتاريخ 22.11 كانت السلطات السودانية تدري بأن محمد قادم من اسرائيل، بعد وصلوه مباشرة تم اقتياده الي مكان مجهول ،ماالعلم التام بأن جهاز الأمن السوداني من أسوأ الأجهزة الأمنية في العالم لديها سمعة في فنون التعذيب وتستخدم نفس الأساليب التي استخدمها هتلر واستالين،في الحرب العالمية الثانية،حيث تم تعذيبه حتي فارق روحه الحياة الأربعاء 23.11. بعدها اتصلت الأجهزة الأمنية بأسرة الشهيد محمد وقالوا إن إبنكم فارق الحياة اثناء التحقيق معه قفز من النافذة ،وطلبوا من الأسرة الحضور الي المستشفي لاستلام جثمان الشهيد بدون استلام تقرير الطبيب الشرعي ،جاءت الاسرة واستلمت ابنهم مقتولا بعد سنين من الغربة ،تم دفن الجثمان في المنطقة التي ولد وترعرع فيها.
الأم عندما رأت ابنها بعد سنين مقتولا بهذا الشكل أوغمي عليها علي الفور من شدة الصدمة،وقالوا كان الشهيد قادما من اسرائيل ،هل يعقل هذا هناك من يقفز لوحده من مباني أجهزة الأمن السوداني كذبة حتي الأطفال لاتنطلي عليهم،كان الراحل ليس سياسيا ولا منضوي تحت أي حزب سوداني حتي يتم تصفيته بهذا الشكل المأساوي،لهذا وجب علي الشعب مواصلة النضال ليل نهار حتي نسترد الوطن الذي سرق منا ،ونعيد كرامة الإنسان السوداني.
السؤال الموجه الي سلطات الهجرة في اسرائيل تحلوا قليلا بالإنسانية،أوقفوا العودة القسرية الموجهة ضد اللاجئين السودانيين،وانا اعتبر بأن دولة إسرائيل لديها ضلع في مقتل الشهيد وضرورة مثول الجهات المسؤولة عن هذه الحادثة للمحاكمة،وعلي الدولة الالتزام بالمواثيق الدولية الموقعة عليها ،واحترام كرامة اللاجئ السوداني بالعيش المؤقت في دولتكم.