الخرطوم:صوت الهامش
أنتشرت بصورة مخيفة ظاهرة العنصرية في السودان والتي اطلت بصورة قبيحة علي المشهد وسيطرة علي كثير من مفاصل الحياة في السودان وظهرت هذه العنصرية بصورة قبيحة في مناطق النزاعات بظهور حالات الاعتداء علي أساس اثني وقبلي ما عده البعض استهداف ابناء الهامش الشرفاء المناضلون من اجل الحرية والكرامة الانسانية وذلك بتبني خطاب العنصرية والجهوية ضدهم عبر معظم أجهزة الحكومة.
التي تربع عليها فئة معينه وتجد بقية الفئات الظلم والاضطهاد مما يتبادر الي الذهن سؤالا إلى متى يستمر الخطاب العنصري للحكومة السودانية؟ وذلك بإستهدافها شرائح محددة في المجتمع من أبناء دارفور والنيل الازرق وجبال النوبة؟ ومامدى تأثير ذلك في تفكيك النسيج الإجتماعي؟ وهل هنالك مواجهات من قبل المعارضة التي تتبنى قيم العدالة الإجتماعية ضد هذا الخطاب العنصري؟ وماهي اراءهم حيال مايحدث من إنتهاكات ضد ابناء الهامش السوداني؟ خاصة بعد ان كرست الحكومة كل تراساناتها الإعلامية ومؤسسات الدولة الرسمية لتبني هذا الخطاب العنصري الذي ياتي على شاكلة من اين انت؟ وماقبيلتك؟ وماعلاقتك بالاسرة الفلانية؟ وماهو دينك…الخ. كلها أسئلة يقال بانه يراد منها التمييز ضد أبناء الهامش بغية ارساء قيم محددة .
عنصرية الحكومة
على خلفية إستمرار إقصاء ابناء الهامش السوداني وازمة الهوية في السودان ارجع الكاتب والمحلل السياسي عادل إبراهيم شالوكا في كتابه “المناطق المهمشة في السودان” كفاح من أجل الارض والهوية ازمة الهوية في السودان الى عهد مابعد خروج الانجليز لان النخب الشمالية الحاكمة على مر تاريخ السودان قدمت الإجابة الخاطئة لسؤال الهوية من نحن؟ فكانت النزعة المستمرة للنخب الحاكمة تجاه (العروبة والإسلام – الايديولوجيا الإسلامو عروبية) مبينا ان خطاب الرئيس عمر البشير في أعياد الحصاد بالقضارف 2011م مؤكدا لمقررات اول اجتماع استراتيجي عقد بعد مايسمى بثورة الانقاذ الوطني عام 1989م جاء في هذه المقررات ان الثورة قد حسمت مسألة الهوية في السودان (الاسلاموعربية) وهو نفس الشيئ الذي أكدته النخب الشمالية بعد خروج البريطانيين مباشرة في العام 1956م الأمر الذي اثار حفيظة القوميات التي لا تنتمي إلى المجموعات الثقافية العربية الى يومنا هذا وظل هذا الامر حاضرا بقوة في أجندة الهامش ولا يخلو منفستو جميع الحركات المسلحة التي حملت السلاح من قبل والتي تحمل السلاح الان والتي ستحمل السلاح لاحقا من مسألة الهوية كأحد اسباب الصراع في السودان كقضية يجب مخاطبتها وحلها للوصول إلى سلام عادل وشامل بموجبه تتم اعادة هيكلة الدولة وبناء الامة وعندما لم تعالج هذه المشكلة بصورة جزرية في اتفاقية السلام الشامل ذهب الجنوب وترك خريطة السودان مشوه وقابلة للتشوه أكثر وهو الشيئ الذي يمكن ان يحدث في جبال النوبة والنيل الازرق ودارفور اذا لم تستفد النخب الشمالية من درس الجنوب وواصلت دعمها لعمر البشير وحكومته العنصرية واصبحوا هم انفسهم عنصريون.
[quote]خطاب نظام البشير بشكله الحالي والماضي ساعد كثيراً في تفكيك النسيج الإجتماعي في السودان[/quote]
إستهداف ممنهج
في ظل خطاب الحكومة العنصري الذي يرفضه غالبية الشعب السودان بإعتباره خلق نوع من الشرخ في النسيج الإجتماعي للشعب السوداني قال الناشط الإعلامي والحقوقي “ضحية سرير توتو” لـ(صوت الهامش) ان الخطاب العنصري الذي سلكته حكومة البشير منذ إنقلاب 1989م، هو خطاب مرفوض نهائياً من قبل الجميع خاصةً ابناء جبال النوبة والنيل الازرق ودارفور حتى ابناء شرق السودان الذين أدخلوا مؤخراً في هذا الخطاب العنصري، وابان ضحية ان نظام البشير يستهدف هذه الشريحة بصورة واضحة ويتضح ذلك جلياً من خلال الوظائف، الخدمات الحكومية، التنمية الغير متوازنة، حتي في العلاقات الإجتماعية هنالك إستهداف ممنهج ومقصود.
وأشار ضحية إلى انه كثير ماتطرق لهذا الموضوع في عدة مقالات وأثبت ذلك بالدلائل والبراهين التي بدورها اثبتت بان خطاب نظام البشير بشكله الحالي والماضي ساعد كثيراً في تفكيك النسيج الإجتماعي في السودان لافتاً إلى ان الشعب السوداني الان ليس هو الشعب السوداني ما قبل نظام الإنقاذ .. لقد إنقسم وتقوقع في القبلية والمناطق وتفكك إجتماعياً بشكل عام .. وهذا نتج من تأثير الخطاب العنصري الكريه الذي ينتهجه جماعة البشير.
لكي نواجه هذا الخطاب العنصري وإيقاف تمدده قال سرير لا يتم هذا الأمر إلا بالوحدة الشعبوية الحقيقية بين كل مكونات الشعب السوداني بغض النظر عن الدين والعرق واللون .. غير ذلك علي السودان السلام، وتابع المعارضة السودانية فعلت الكثير في كشف زيف النظام وخداعه للناس بإنهم جاءوا لإنقاذ البلاد .. ونشكرهم علي ذلك لكن المطلوب الأن هو بناء كتلة موحدة حقيقية تعمل في دائرة مركزية لمواجهة النظام والضغط عليه أكثر من أي مرحلة مضت لان هذا النظام هش وإيل للسقوط .. فقط مطلوب من الجميع نكران الذات ووضع إسقاط النظام هدف أساسي ورسمي.
ووجه ضحية رسالة شديدة اللهجة الي المجتمع الدولي بأن يمارسوا الإنسانية بشكلها المعروف تجاه السودان مشيراً إلى انه كتب عن الإستهداف الديني للمسيحين في السودان مرفق بالمستندات والصور والكنائس التي تدك وتهدم كل مرة وأمور اخري تجري للمسيحين في السودان منها الإستهزاء والجلد ومنعهم من ممارسة حقهم الإنساني في العبادة وحرية الأديان لكن كل ذلك تم دون جدوى من ان يحرك المجتمع الدولي ساكناً مطالباً اياهم “المجتمع الدولي” بالتدخل فوراً لحماية المسيحيين من الإضطهاد والإعتقالات علي اساس إنهم مسيحيين .. والان هناك قساوسة مسجونين علي هذا الأساس.
[quote]النسيج الاجتماعي في السودان اصلا متشظي ولا يحتاج الي تفاكر اكثر[/quote]
وعن افرازات خطاب نظام البشير الذي افتك بالنسيج الإجتماعي يرى الصحفي “حسن اسحق” ان النسيج الاجتماعي في السودان اصلا متشظي ولا يحتاج الي تفاكر اكثر وابرز هذا التشظي عدم التفاعل الانساني مع الجرائم الدائرة حالياً في مناطق الحروب حيث تجد لا احد من المكونات الاخرى غير المتأثرة بذلك قد خرجت واستنكرت القتل المجاني في دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق، قد يخرجون مسيرات منددة بالقتل في سوريا وفلسطين لكن لمناصرة اخوانهم واخواتهم في داخل الوطن هذا لا يحدث، لذا لابد من مواجهة هذا الخطاب العنصري في السودان ولكي نواجه هذا الخطاب يحتاج الأمر الي شجاعة وصدق واعتراف بان العنصرية متجذرة في الثقافة السودانية، بالاخص المركز السلطوي الحاكم وان الحروب الدائرة الان تقطنها اثنيات افريقية صرفة وهي التي تضررت من القتل والتشريد واللجوء، لكن الركون الي المجتمع الدولي لحل القضايا رغم دوره الفاعل في بعض الاحيان، الا ان المجتمع الدولي وبعض الدول دوما تبحث عن مصالحها ولا يهمها معاناة الاخرين. مشراً الى ان المعارضة السودانية ليست متحدة رغم اجتماعاتها الكثيرة المتكررة تجدهم يزايدون علي بعضهم البعض، بحجج النضال التاريخي المستمر واذا استمرت المعارضة في هذا النهج لن تحقق اي فعل تاريخي علي الواقع لان كلما تشظت المعارضة كسبت الدولة ارضية جديدة لها وساعد ذلك في استمرارها لذا فان استهداف ابناء الهامش هو سياسة ممنهجة هدفها القمع والصمت الابدي لكل ابناء الهامش الذين يناضلون من اجل الحرية والعدالة والمساواة.
[quote] نظام البشير يقوم علي ركيزة أساسية وهي سياسة فرق تسد وضرب المجتمعات السودانية ببعضها البعض[/quote]
سياسة فرق تسد
فيما اوضح الناطق الرسمي بإسم مكتب رئيس حركة تحرير السودان جناح عبدالواحد، محمد عبدالرحمن الناير بان نظام البشير يقوم علي ركيزة أساسية وهي سياسة فرق تسد وضرب المجتمعات السودانية ببعضها البعض وتقسيمها علي أساس عرقي ودينى وجهوي، وحديث البشير عن الغرباوية علي لسان الراحل الترابي والحرب الجهادية في جنوب السودان جعل أكثر من ثلث سكان السودان بأنهم كفار يجب قتالهم ومجاهدتهم نصرة للدين وتقربا لله بإزهاق أرواح المواطنين السودانيين الأبرياء وتحويل مطالب السودانيين في إقليم دارفور من إطارها التنموي والمساواة والعدالة إلي صراع بين زرقة وعرب وكذلك قتل المواطنين السودانيين في دال وكجبار وأمري الذين رفضوا تهجيرهم قسريا وطمس الحضارة الإنسانية السودانية التى توضح بجلاء أصل وأصالة السودان وقتل المتظاهرين السلمييين في بورتسودان وما جري ويجري في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق والإعتقالات الإنتقائية لمنسوبي قوميات سودانية بعينها وتعذيبهم دون غيرهم من المعارضين وغيرها من عمليات الإختفاء القسري والإغتصاب والإغتيال والعنف اللفظى والشتم والسب، كل ذلك يؤكد منهج النظام وسياساته وممارساته في تقطيع أوصال ووشائج الشعوب السودانية وتحطيم حلم الوحدة والتعايش بينها لأجل البقاء في كرسي السلطة ونظام البشير مستعد في سبيل بقائه في كرسي الحكم فصل كل الأقاليم السودانية التى تطالب بحقوقها الطبيعية في الحرية والكرامة الإنسانية ودولة المواطنة المتساوية حتى وإن تقاصرت خريطة السودان ما بين جبل أولياء وحجر العسل كل ذلك سوف يقود إلي تفكيك السودان طالما بقي هذا النظام علي سدة السلطة ولم يتبق شيء اسمه وحدة السودان إلا في إطار الأحلام التى نرجو أن تتحقق ولكن الواقع يكذب أي دعاوى عن وحدة الشعوب السودانية بعد هذا الدمار الهائل الذي أحدثته الجبهة القومية الإسلاموية منذ إنقلابها المشئوم في 30 يونيو 1989 ولا تزال.
وعن طرق مواجهة خطاب العنصرية والكراهية للحكومة السودانية قال الناير بان هذا يتم بعدة طرق أولها توحيد جبهة معارضة النظام تحت هدف واحد وهو إسقاط وتغيير النظام لأنه لا يمكن بحال من الاحوال الحديث عن رتق النسيج الاجتماعي وازالة كافة اشكال الغبن والتهميش المتعمد ووضع حد لجرائم الابادة والتطهير العرقي في ظل وجود البشير وزمرته في سدة السلطة، وأن يكون هنالك خطاب سياسي متزن ومسئول ينصف ضحايا نظام البشير ويوصف الازمة السودانية وصفا صحيحا يتجاوز خطابات الصفوة والسلفية السياسية التى عودتنا دائما بأن تمسك العصا من المنتصف عبر خطاب رمادي وكأنه يساوي بين الضحية والجلاد، وأيضا خطاب إعلامي موجه يعكس الأزمة وتجلياتها ويساعد في تنوير وتبصير السودانيين بخطورة ممارسات وسلوك النظام علي وحدة وسلامة السودان وغيرها من الطرق الكفيلة بجعل هذه القضية تحت دائرة الضوء والاهتمام لانها ترتبط بمستقبل السودان ووحدة أراضيه وسلامة مجتمعاته.
كما مطلوب من المعارضة السودانية توحيد صفوفها وتجاوز خلافاتها التى أطالت من عمر النظام والأزمة وتحديد هدفها بدقة وتعمل علي تحقيقه عبر الوسائل المجربة عسكرية كانت أم مدنية وأن تترك ساحة الأقوال وتتجه للأفعال فالشعب السوداني قد مل البيانات والخطب الرنانة والحماسية والتى لا تعدو أن تكون (عفيط جمال في طلحة) كما يقول أهلنا في البادية.
وحث الناير المجتمع الدولي علي القيام بواجبه الانساني والاخلاقي وعدم التنكر لقراراته التى اصدرها بحق نظام البشير لا سيما محاكمة المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية، والضغط علي النظام لاعادة المنظمات الانسانية الدولية التى طردها البشير حتى تقوم بواجبها الانساني تجاه ضحايا البشير من النازحين، واخيرا تشديد العقوبات علي النظام وتجميد أرصدة المسئولين الحكوميين ومنعهم من السفر وفرض منطقة حظر جوي في دارفور وكردفان والنيل الازرق لحماية المدنيين من قصف طائرات النظام ووقف جرائم الابادة والتطهير العرقي الجارية بالمناطق الثلاث.
مواجة العنصرية
من جهته طالب الناشط السياسي حسن اتيم بضرورة مواجهته خطاب النظام العنصري عبر فضح هذا النظام وتعريته أمام الرأي العام المحلي والدولي لانه مهددا لوحدة وسلامة السودان ومطلوب من المعارضة السودانية الارتقاء الي مستوي المسئولية الوطنية وتوحيد صفوفها لمواجهة خطاب الكراهية الذي يبثه النظام وتطوير اداءها السياسي والاعلامي والالتحام مع الجماهير وقيادتها للعبور بالوطن الي بر الامان وانقاذ السودان من براثن الطغمة الحاكمة التى قسمت ارض وشعب السودان وحولت البلاد الي مسرح للقتل والابادة والتطهير العرقي.
ووجه اتيم رسالة للمجتمع الدولي بان يقوم بواجبه الانساني والاخلاقي تجاه الشعوب السودانية وان ينفذ قراراته التى اصدرها بحق حكومة المؤتمر الوطنى لا سيما مذكرة التوقيف الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية بحق البشير وزمرته، وان يضغط علي نظام الخرطوم بالقبول باعادة المنظمات الانسانية الدولية التى طردها حتى تقوم بواجبها الانساني تجاه النازحين وتشديد العقوبات علي نظام البشير حتى يمتثل للقرارات الدولية.
[quote]التعليم هو أكبر سلاح يمكن استخدامه لمواجهة مثل هذه الظواهر التاريخية[/quote]
من جانبه استنكر الناشط الحقوقي أحمد محمود الخطاب العنصر للحكومة السودانية بإستهدافها شرائح محددة في المجتمع من دارفور والنيل الازرق وجبال النوبة محملاً الأزمات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والسياسية التي يمر بها السودان الى الحكومات المتعاقبة وذل لانتهاجها الخطاب العنصري الذي تمارسه علي أساس العرق وتحديدا بالمناطق المذكورة اعلاه حيث تعتبر الحكومة انسان تلك المناطق في ذيل قائمة الترتيب الطبقي الذي تتبناه الدولة الحديثه ولم يمض علي مجيئ حكومة المؤتمر الوطني سوي بضع سويعات حتي إنتشرت العنصرية وسط المجتمع السوداني بل أضحي العرق من الأساسيات الإجرائية في الدواوين الخدمية إذ الأولوية لمن أبيض او أحمر لونه وهو ما يفتقده معظم سكان دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، واضاف أحمد في حديثه لـ(صوت الهامش) اذا كان الرئيس البشير نفسه يطلق تصريحات في غير ما موضعها ويسب بأبشع ما تعلمه من أنواع السب والشتائم بنعت مواطني تلك المناطق ب(الحشرات) و(الثيران) وما الي ذلك فما لباقي صغار النابحين سوي الشتم والسب بشكل أفظع وأبشع، الامر الذي قال عنه انه زاد من وتيرة الحروبات المشتعلة بسبب هذه الخطابات العنصرية. وعن امكانية مواجهة هذا الخطاب قال محمود التعليم هو أكبر سلاح يمكن استخدامه لمواجهة مثل هذه الظواهر التاريخية إضافة إلي العمل لإزالة كل ما من شأنه تغذية الخطاب العنصري بما في ذلك إزالة حكومة المؤتمر الوطني نفسها وإقامة مؤتمر جامع للشعب السوداني يتم فيه تناول ورقة تشخص بشفافية ما وصلت إليه دولة المشروع الحضاري من انحطاط بسبب الخطاب العنصري بحيث يكون الغرض الأساسي من المؤتمر التسامح والاعتذار الشامل لمن اجحفت الحكومات بحقهم طيلة السنوات الماضية، مطالباً المعارضة بإقامة منابر إعلامية وتفعيل دور المكاتب الإعلامية بالأحزاب والحركات المسلحة وإنشاء قنوات تلفزيونية وإذاعات وصحف وبناء قواعد إجتماعية لتنوب عنها في إقامة ليالي ثقافية وندوات تتناول مواضيع ذات الصلة لها الدور الكبير في كشف الحقائق المخفي عن المواطن وإعادة اعمار ما دمرته الحكومة وحلفائها من شرخ النسيج الاجتماعي. وناشد محمود المجتمع الدولي بالتدخل للضغط علي الحكومة لتسليم مجرمي حرب العنصرية المطلوبين مسبقاً للجنائية الدولية وتقديمهم لمحاكمة تحفظ للضحايا حقوقهم وبذلك سيعرف مصيره كل من سولت له نفسه انتهاك حرية الآخرين دينياً كان أو عرقيا وهذا وحده كاف لارغام الحكومة لإعادة النظر حول هذه المسألة وإيقاف انتهاكاتها خوفاً علي مصيرها المحتوم.
[quote]كل الانظمة التي مرت على حكم السودان فشلت في إدارة التنوع[/quote]
فشل إدارة التنوع
في الاثناء ارجع الاستاذ الجامعي “انس سعيد كوكو” مايحدث من استهداف الى انه امداد لتطور منهجى اتبعته الانظمة من مابعد استقلال البلاد فالتاريخ يؤكد ذلك فبعد الاستقلال وعد الشماليون بالنظر فى اعطاء الجنوب الحكم الفيدرالى وفى سبتمبر ٥٦ كونت لجنة للنظر فى الدستور وهذا اللجنة رفضت فكرة النظام الفيدرالى دون اعتبار لموقف الجنوبيين ومطالبهم ولتاكيد الوحدة الوطنية من خلال التكامل الثقافى و تم وضع سياسة جديدة للاسلمة والتعريب هدفها تصفية السياسة البريطانية الانفصالية القديمة حسب تحليلهم ولكن هذه اللجنة وجدت ادلة كافية تؤكد ان المشكلة الحقيقية هى مشكلة سياسية وليس دينية لان المسيحيون والوثنيون والمسلمون شاركوا جميعهم فى الاحداث ولم تهتم الحكومة باجراءات حاسمة لحل المشكلة وظل الوضع هكذا وفى مطلع مارس من العام 1964م تم طرد المبشرين بدعوى انهم ينشرون الكراهية بين الناس من اجل فصل البلاد كما حاربت الحكومة حينها فكرة الاسماء المسيحية واستبدلتها باسماء عربية وصدر قانون الهيئات التبشيرية للحد من انتشار المسيحية ووقتها فضلت الحكومة الحل العسكري واهملت التنمية. لذا تعود اسباب الاستهداف العنصري الي العهود السابقة وهذا انعكس سلباً على الوضع السياسي الراهن وهم من ممارسوا هذا التميز بقصد الشمال المسلم العربي والجنوب المسيحى الزنجى.
وتساءل انس لا ندري ماتقصده حكومة الخرطوم من هذا الاستهداف الممنهج هل بقصد ان يطالب بقية الشعوب بتقرير مصيرها كما فعل الجنوب؟
وتابع كل الانظمة التي مرت على حكم السودان فشلت في إدارة التنوع، وفي ظل كل هذه الاشكاليات يقول انس بالرغم من ضعف تحالف قوة الهامش لمواجة هذا الخطاب الا ان الامل لا يزال موجود فقط عليهم بمراجعة مواقفهم وفقا لاهدافها ورؤيتهم فهنالك فرص متاحة لتلك المعارضة باستقلال الوسائط الاعلامية خاصة محطات البث الارسالي لمخاطبة جماهير الشعب السوداني وكشف مايفعله نظام الخرطوم بغية التماسك بين مكونات المجتمع ونشر ثقافة التعايش الاجتماعى عبر المكونات السكانية المتعددة وثقافاتها والاستفادة من اللغات والتراث الاجتماعي لهذه المجتمعات برسائل تعزز انتمائها فى خدمة الوطن دون تميز وتوحيد الاعلامى وعلى المعارضة والمجتمع الدولى ان يعلما بان السلام لا يتم باتفاق فوقي بين القيادات السياسية والعسكرية فحسب، لابد من تحقيق ذلك على ارض الواقع وتعميمه وسط المنتفعين به – الشعب – الذي ظل يعاني العديد من المشكلات وذلك من خلال عملية قاعدية عريضة لبناء ثقافة السلام واحلالها محل ثقافة الحرب والنزاع.
[quote]خطاب المركز اليوم هضم الخطاب العنصري وتجاوزه[/quote]
انتاج العنصرية
للإجابة على بعض التساؤلات فيما يتعلق بإعادة إنتاج هذا الخطاب لضرب القبائل فيما بعضها يقول مدير معهد التدريب السياسي والقيادي بالحركة الشعبية لتحرير السودان ” إبراهيم خاطر” ان خطاب الحكومة العنصري ضد كل مكونات السودان هو امر بديهي وتصبح المسألة في جوهرها هي ليست استمرار الخطاب بل إعادة انتاجة بإستمرار وفقا لتطور الأزمة نفسها، والدالة في ذلك هو محاولة قمع كل من يهدد مركز السلطة في الخرطوم بصرف النظر عن انتماءه العرقي/ الثقافي/ والجهوي، لذلك من الضروري جدا إعادة النظر في غايات خطاب الحكومة الراهن وتناوله وفقا لسياقه التاريخي الراهن بكل مدلولاته. وطرح أسئلة جوهرية تتعلق بمدي تطابق خطاب العنصرية وفقا لدلالته الاصطلاحية الحدية المعروفة في التجارب التاريخية، وسياسة الأمر الواقع التي تنتهجها الحكومة من الناحية الاخري.
والسؤال الاساسي لماذا تتقاتل القبائل العربية فيما بينها بإيعاز من الحكومة وعلي سبيل المثال (الرزيقات الابالة ضد البني حسين) و(الرزيقات ضد المعالية) و (المسيرية ضد الرزيقات) و (المسيرية الزرق ضد المسيرية الحمر) لماذا قام النظام بمطاردة وتشريد المناصير الذين ينتمون الي الشمال النيلي؟ وايضا لماذا تم قتل المتظاهرين السلميين في انتفاضة سبتمبر ٢٠١٣م … هل لأن هؤلاء من الهامش؟ والي آخره، إذا تعمقنا في هذا النوع من الصراعات الدموية تنتفي فيه وصفة العنصرية لكنها كلها تدور في الصراع حول حيازة السلطة والثروة والمحافظة عليهما. والجانب الثاني والمقابل لهذه المسألة هو السؤال التالي: ما دور ابناء الهامش في هذا الصراع منظورا اليه من زاوية العنصرية؟ وكيف نعرفهم وفقا لذات المنظور؟. مع العلم ان كل من يتصدرون بث هذا الخطاب العنصري الحكومي ويتحمسون لفرضة وتوسيع دائرة نطاقة هم من ابناء الهامش وترتبط جذورهم بغير المنتمين لحقل الثقافة العربية الاصيلة في السودان ابتداءا من رموز النظام الحالي والذين اسهموا بشكل كبير في تكريسه امثال (حسن عبد الله الترابي، الزبير محمد صالح، احمد محمد هارون، كبشور كوكو، ابراهيم نايل ايدام… ) و ايضا الذين تم ترويضهم بإسم أجنحة السلام (التجاني سيسي، بحر ادريس ابو قردة ، دانيل كودي انجلو، تابيتا بطرس …) وتأثيرات الخطاب المنقول عبر هؤلاء المذكورين علي آخرين يمثلون الوجه الآخر لعنصرية ولو علي المستوي النظري كما هو الحال في خطابات الكيانات السياسية المعادية لخطاب الثورة وذلك بمحاولة انتاجها لخطابات عرقية / اثنيه / جهوية.
واضاف ابراهيم ان خطاب المركز اليوم هضم الخطاب العنصري وتجاوزه وذلك بتضمين المصالح الفردية للذين يعبرون عنه بمختلف انتماءاتهم العرقية/ الثقافية/ الاثنية/ والجهوية، واصبحنا أمام خطاب مصلحي يتزرع بالقبلية والاثنية والجهوية لتبرير مصالح منتجيه والمستفيدين منه. وهذه المصالح مرتبطة بشكل بنيوي مع الوضعية المأزومة للدولة السودانية وتتناسب عكسيا مع وحدة وسلامة النسيج الاجتماعي دون تمييز في هذا الاستهداف. وتساءل خاطر ماهي رسائلنا لبعضنا البعض والخاصة بصياغة مشروع وطني يقودنا الي انجاح تجربة الاجتماع البشري في السودان.