واشنطن – صوت الهامش
لسنوات عديده، شجبت ديكتاتورية السودان العقوبات الامريكية، باعتبارها السبب الذي جعل اقتصاد البلاد في حالة يرثى لها.
صحيح أن العقوبات تضر بالاقتصاد السوداني بالتاكيد، إلا أن هناك عدداً لا بأس به من العوامل الأخرى التي ألحقت اضراراً تعتبر دائمة بالاقتصاد السوداني ، حسبما تقرير نشره موقع (اوبريشن بريكن سلينس(
ورأي التقرير أن أول تلك العوامل، و في القلب منها ” شن حروب إبادة عرقية لا نهاية لها ضد شعبك، والتي تعمل بدورها على إلتهام القطاع الخاص، بهدف تحقيق مكاسب شخصية لنخبة قليلة في الحكومة السودانيه ” و الذي يعد نهجاً مكلفاً للحكم، بالإضافة الى انه ليس بالذكي أو حتى الجيد.
و بالرغم من أن بعضاً من العقوبات والقيود التي فرضتها الولايات الامريكيه علي السودان قد ألغيت بالفعل منذ أشهر، الا أن الظروف الإقتصادية لم تشهد تحسناً، بل على العكس، ازدادت سوءاً في بعض النواحي، فهناك نقص متكرر في مجموعة متنوعة من المنتجات الرئيسية، الأجور لم تزداد كثيراً، والبطالة في ازدياد .
كما أشار وزير المالية السوداني، محمد عثمان الركابي، في تصريحات أدلى بها أمام المؤتمر الصحفي لوزارة المالية حول الموازنة الجديدة، إلى أن آثار رفع العقوبات الأمريكية، لم تظهر على اقتصاد السودان الذي يعاني من ارتفاع التضخم الذي بلغت نسبته 34% نهاية عام 2017 وانخفاض قيمة العملة المحلية.
و لفت التقرير أن الحكومة السودانية تبقي مثقلةً بأعباء الديون التي لا يمكنها ان تسددها بسهولة، في بلد يعتاش الكثير من سكانه من السوق السوداء، بسبب تدمير الحكومة للقطاع الخاص بشكل كامل.
ونوه أن حروب الإبادة لم تنتهي أيضاً، كما لا تزال اتفاقيات وقف اطلاق النار الهشة قائمة، إلا أنه لا يوجد حتى تلميح للسلام الدائم، وعلى الرغم من أن نظام البشير يدرك تماماً أن العودة إلى الحرب الكاملة، وعلي وجه التحديد في “جبال النوبة”، يمكن ان تكون المسمار الأخير في نعشه، الا أنه في الوقت نفسه، يرفض النظام قبول أي شروط جديدة لأتفاق السلام .
و وفقاً لتقرير سابق، لموقع (ميدل إيست آي)، ذكر فيه أن حكومة الخرطوم اتخذت القرار الأمريكي الخاص برفع العقوبات كـضوء أخضر لقمع النشطاء الحقوقيين والصحفيين في السودان، مؤكداً أن العقوبات الأمريكية على السودان، كانت في جزء منها لانتهاكات حكومة الخرطوم لحقوق الإنسان.
و بالعودة إلى الإقتصاد، وببساطه، كان نظام البشير يستخدم العقوبات الأمريكية كأداة ” للعلاقات الشخصية ” من أجل الإحتفاظ بقاعدته الصغيرة من المؤيدين، و الآن لا يستطيع النظام استخدام فزاعة ” العقوبات ” بعد رفعها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. ويبقى الإقتصاد السوداني مترنحاً على شفى حفرة من الإنهيار.
الا أن الغريب في الأمر أن ” البشير ” قد ألقى خطاباً هذا الأسبوع، و في أعقاب إعلانه أعتزام الترشح للانتحابات الرئاسية المقبلة، أعلن فيه انه سيقوم قريباً ” بمراجعة جذرية لأساسيات الاقتصاد الكلي للسودان ” والتي ستؤدي بدورها، إلى سياسات جديدة، تعمل على تحفيز الاقتصاديات.
فهذا هو “المنقذ ” بتعبير” البشير” في لغته التي يستخدمها في كثير من الأحيان، عندما يتحدث عن نفسه، فقط هو من يستطيع حماية السودان من الأعداء الخارجيين من صناعة نظامه، و فقط هو من يمكنه إنهاء الحروب التي في الأصل هو من بدأها، فقط هو من يستطيع إصلاح الاقتصاد الذي دمره بشكل دائم و جذري، هناك دائماً حالة طوارئ، هو فقط ، القادر علي إنقاذ السودان اليوم.
وظل محظورا على البنوك السودانية منذ قرابة الـ 20 عاما، تلقي أي تحويلات مالية من الخارج، بموجب العقوبات الإقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على الخرطوم عام 1997 بتهمة رعاية الإرهاب .
غير أن واشنطن في أكتوبر الماضي قامت برفعها بعد جهود مضنية، بذلها نظام “البشير” ، مع الإحتفاظ بإسم السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب، ما حال دون استفادة الأخيرة من مزايا رفع العقوبات.