المدى الزمني (scope ) الذي يدور فيه هذا البحث المتواضع هو عمر التاريخ الهجري , أربعة عشر قرن مما تعدون , .
بدأ تاريخ الأعراب أو العرب فيما بعد مع بعثة النبي عليه الصلاة والسلام ,أي قبل أربعة عشر قرن , قبل هذا التاريخ كل ما يعرف عنهم , أنهم سكان وسط الصحراء ” شبه الجزيرة المحصورة بين الخليج والبحر الأحمر والمحيط الهندي ” بدو رحل يجوبون الصحراء مع الإبل والغنم بحثاً عن الماء والكلأ , في شكل جماعات قبلية ورعوية متناحرة , الاسم الجامع لسكان الجزء الشمالي للجزيرة هو الأعراب والمفرد منه أعرابي , .
قرأ جبريل عليه السلام – القرآن على مسامع محمد رسول الله بلسان عربي مبين , قراناً عربياً ,. ما معنى كلمة عربي ..كما ورد في القرآن الكريم..؟.
وردت كلمة “عربي” هكذا من دون (أل ) في إحدى عشرة آية في القرآن بمعنى لسان أو كلام أو لغة التي نزل بها القرآن ..!
1. إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }يوسف2
2. بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ }الشعراء195
3. قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }الزمر28
4. كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }فصلت3
5. ِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }الزخرف3
6. وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ }الرعد37
7. وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ }النحل103
8. وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً }طه113
9. وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ }فصلت44
10. َكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ }الشورى7
وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ }الأحقاف12 .
قراناً عربياً , بلسان عربي مبين , كلمة “عربي “هنا , لا تعني عرقاً ولا جنساً , ولا قوماً …!إنما كلام عربي أو لسان نزل به القران ..!
طيب , أين العرب في القرآن ..؟ ليس هناك عرب في القرآن ..!إنما الأعراب …!لا يوجد عرق أو جنس أو جماعة تصنف أو تسمي نفسها ” العربي ” في العصر الجاهلي أو في عهد النبي وعصر الخلفاء الراشدين وما تلاه , هناك قبائل وجماعات منتشرة في شبه الجزيرة المسمى فيما بعد بجزيرة العرب ,..مكة وما حولها قبائل ,القريش, الجهينة , العذرة , الكنانة ,الهذيل , الثقيف وغيرها ..وفي “يثرب ” المدينة قبائل الأوس والخزرج والبلى وقبائل اليهود وغيرهم .., وفي نجد قبائل : بني تميم , بني حنيفة , بني عبس , بني بكر وتغلب وغيرها من القبائل , وفي جنوب جزيرة العرب , قبائل الهمدان , والخولان , وهم من سلالة الحمير وسبأ وأفخاذها .والجدير بالذكر أن هناك عدة ألسن ” لغات ” أو كلام ,في جزيرة العرب , لا علاقة له بلسان العربي أو كلام العرب الذي نزل به القران ..! كلام أو اللغة المهرية , والشحرية , والحرسوسية ,والهبيوتية مثلاً ..! , هذه لغات لقبائل جنوب جزيرة العرب والجزء الشرقي من هضبة النجد ” القبائل التي تتكلم هذه اللغات اليوم هي : المهرة في شرق اليمن والربع الخالي , وعمان وكويت ..!, وقبائل الشحرة في ارض ظفار باليمن وتختلف عن السبئية والحميرية قليلاً لا توجد علاقة مع العربية الجنوبية ” , وهي ليست لهجات عربية , ولا كلام عربي قديم كما يزعمون بل من اللغات سامية مثل العبرية والسريانية, والأمهرية الحبشية , وهي اقرب لسامية الشرقية الأكادية “السومرية ” مفرداتها خاصة لا تشبه المفردات اللغة العربية ..! لا يمكن كتابة بالحروف العربية لعدم تطابق ألفاظ والأصوات والكلمات , لا توجد حروف مثل : س , ظ , ض , ج , ي , هناك حروف مثل ’ J . G. C. V وغيرها , انظروا هذه الكلمات :
كلمات باللغة الشحرة :
الشحرة أو المهرة ——-ومقابلها العربي
ارحمون ———- الله أو الرحمن
خبور خر ———- أخبار سعيدة
تث —————– امرأة
غج ——————– رجل
غيبجوت ———– بنت
امبيرآ —————– ولد
الحيوانات
جوم ———————— جمل
إوز ———————- شاة
ليل ——————- بقرة
قضر ———————أسد
هوت ——————— أفعى أو حنش
عندما بعث النبي عليه الصلاة والسلام قبل أربعة عشر قرن كان لسان العربي أو كلام العربي من أكثر ألسن انتشار واستخداماً في الجزء الشمال الغربي من الجزيرة (الحجاز ) وهضبة النجد, وهي لغة التجارة ” لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ{1} إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ ” .لأهل مكة والمدينة , وهي اللغة المكتوبة الوحيدة للحجاز واللسان الأم للأعراب في بادية مكة وشعابها ويثرب وما حولها ..!, وكان اللسان العربي معروفاً لدي الحبشة والفارس وكذا الأمهرية والفارسية والعبرية , لسكان جزيرة العرب , . قرأ جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه , القرآن ” سورة مريم ” للنجاشي ملك الحبشة ورهبانه ,فصعقوا مما سمعوا وقال النجاشي : ” إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة ..!” , هذا يعني أن ملك الحبشة ” فهم القرآن ” وبالتالي يفهم اللسان العربي , . إذا فرضنا ,إن هناك مترجم للنجاشي وجعفر ابن أبي طالب , هذا يعني المقارنة بين القرآن والإنجيل ,فهذا يتطلب مترجم يفقه القرآن ولأنجيل ليوضح الالتباس..! لكن مصادر التاريخ تقول أن جعفر ابن أبي طالب قرأ سورة مريم مباشرة ..! هل كان هناك مترجم فوري بينهما ..!؟” لا اعتقد ذلك , ولكن الأرجح هو أن النجاشي ملم بلسان العربي ,. ليس هناك عرق يجمع جميع القبائل في هذه الجزيرة , فكل ينتسب إلى قبيلته أو فصيلته أو جغرافيته إذا صح التعبير ..! ليس لهم عرق جامع أو قومية ينتسبون إليها , لا توجد كلمة ” العربي ” بمعنى عرق أو قوم أو شعب في عصر النبي وما تلاه ” البتة ..!” لكن الشعوب المجاورة لهم من الفرس والأحباش والروم وغيرهم يسمونهم الأعراب ,جميع كتب التاريخ القديم للفرس والروم والأحباش والعبرية وردت كلمة الأعراب بمعنى شعب أو قوم شمال جزيرة المحصورة بين الخليج والبحر الأحمر لم يرد كلمة ” العربي ” أبداً ..!
وردت كلمة “الأعراب” في عشر آيات في القران بمعنى ” قوم بدو- سكان البادية – أي عرق أو جنس كما ترى في هذه الآيات ..
1. وَجَاء الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }التوبة90
2. الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }التوبة97
3. وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }التوبة98
4. وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }التوبة99
5. وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ }التوبة101
6. مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ }التوبة120
7. يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُم مَّا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً }الأحزاب20
8. سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }الفتح11
9. قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً }الفتح16
قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }الحجرات140 .
إذا كنت تبحث عن الأعراب , أو سكان شمال جزيرة العرب والنجد عند نزول القرآن, سوف تجدهم هنا في هذه الآيات ..
1. من أين جاءت مفهوم كلمة العربي أو العرب بمعنى شعب أو عرق أو جنس الكائن الآن ..!؟
2. لماذا استبدل كلمة الأعراب بالعرب..وربط اللسان بالعرق والجنس …!؟
3. من الذي أطلق اسم “جزيرة العرب “على شبه الجزيرة الواقعة بين الخليج والبحر الأحمر والمحيط الهندي ..!؟
4. هل جميع سكان جزيرة العرب من عرق واحد ويتكلمون بلسان عربي ..؟
5. من هم الحمير وسبأ .. ..وما أصلهم ..!؟
6. ماذا عن أسطورة قحطان وعدنان ..!؟
أسس معاوية بن ابوسفيان ابن حرب الأموي القرشي , دولة بني أمية , وهي ثاني خلافة في تاريخ الإسلام و أكبر دولة في تاريخ الإسلام.
كانت الدولة الأموية عربية القلب واليد واللسان لم يكن فيها مكان للموالي والعجم ” المسلمون غير العرب ” الدولة الأموية كانت البداية ..! تبلور مفهوم العربي أو العروبة بمعنى عرق أو قوم أو شعب في بداية العصر الأموي ..! عندما توسعت الدولة الإسلامية وأصبح عدد المسلمين غير العرب أغلبية ساحقة , بدأت الصراعات بأشكالها المختلفة ,صراع على الخلافة بين الأمويين والهاشميين , صراع بين الآمال العربية وآمال الأمم الأخرى , وصراع بين اللسان العربي واللغات الأخرى , وصراع بين النظام الاجتماعي ذو خلفيات الرومية والفارسية وبين العربية البدوية ..! أصبحت الدولة الأموية مجالاَ فسيحاً للنزاع الكبير..! في هذا الظرف التاريخي ” استبدلت كلمة الأعراب بكلمة العربي ..!” لماذا..!؟ لأن سمعة الأعراب اقترن بشدة الكفر والنفاق كما في القرآن, لذا وجب تبديل كلمة الأعراب باسم القرآن المقدس (عربي ) وأصبحت كلمة العربي لا تعني كلام أو لغة فقط ..!بل عرق أو شعب ..وهم القريش – الأشراف – مع جميع سكان الجزيرة المحصورة بين الخليج والبحر الأحمر , هم شعب أحمر ذو ملامح القوقازية ..! منذ ذلك التاريخ أصبح العرق العربي مقدس حتى اليوم ” قراناً عربياُ ..مقدس ..عرقاً عربياً ..!(by definition ) مقدس ..! قال الشيخ عائد القرني يوماً : أنا عربي والقرآن عربي ..! لم افهم ماذا يقصد ..!!؟, ربما يقصد انه مقدس مثل القرأن ..! لم تستبدل كلمة ” الأعرابي ” بالعرب بقرار من الخليفة أو الدولة الأموية , ولكن تم الأمر تدريجياً عبر السنين , هناك أحاديث موضوعة وأقوال مأثورة تمجد وتقدس العرق العربي في كتب التاريخ , لزوم تعزيز مكانة العرب بين الأمم , والأسباب موضوعية في ذلك هو استثناء العرب من دائرة المنافسة ..! في كل شيء , قدسية لا يدانيها قوانين التنافس الشريف ” خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ” , رغم ذلك لا مكانة للتنافس ..! بهذه القداسة آلت إليهم الخلافة الأبدية , السلطة ,المال, الجاه , الأرض ,النفوذ ..! تغيرت كل شيء لصالح العرب..! , الثروة – الأدب – الجمال – اللون – الشكل – الفن – كلها تقاس بمعاير وذوق الأعراب أو العربية البدوية , كما لو أن الرسالة النبي رسالة عرقية خاصة..! وفي هذا قالوا :
وخير الشعر أشرفه رجالاً ** وشر الشعر ما قاله العبيد
لا تصلح عرب ملوكها عجم ** لا أدب عنهم ولا حسب ولا عهود لهو ولا ذمم .
وقال الحجاج بن يوسف : إنما الموالي علوج , وإنما أتي بهم من القرى فقراهم والى بهم ..!” في حرب الخليج الثانية وصف محمد سعيد الصحاف ,وزير الأعلام والمتحدث باسم الحكومة العراقية الجيش الأمريكي بالعلوج ..!
يقصد بالعجم هنا الشعوب الإسلامية المتعايشة مع العرب وهم : الفرس والروم والأحباش والنوبة وغيرهم .,
في الحقيقة عصر الأموي هو عصر الفتن والمحن والانشقاقات الكبرى في تاريخ الإسلامي..!, الدولة الأموية كانت دولة بدوية تفتقد الاستنارة , هدمت كل القيم الإسلامية النبيلة التي غرسها الإسلام في عصر النبي والخلافة الراشدة , حولت الخلافة الراشدة إلى ملك عضوض..! فقسمت الذين آمنوا إلى عرب وعجم وموالي وعبيد , منعت زواج المؤمنين غير العرب من بنات العرب , وجعلت الإمامة الصلاة حصراَ على بني أمية أو القريش , وجعلت مناصب العليا في الدولة حكراً على القريش , وربطت الإقامة والعمل والانتقال للموالي في مكة والمدينة وعموم ديار القريش بكفالة العرب , في هذا السياق ” نظام الكفيل المعمول به في دول الخليج العربي الآن ذو مرجعيته أموية ..!” بذلك اختلت موازين العدالة والمساواة , وأصبحت بعيدا عن الإسلام وقيمه , .
كيف كانت صورة الأعراب قبل الإسلام :
كانوا عبده اللات والعزي والهبل وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى. يشربون الخمر ويلعبون الميسر, ويأكلون الميتة والدم ,والربا , متجانفون للأزلام والأنصاب , يئدون البنات ويمارسون البغاء والمعاهرة ..!, قال رجل للنبي عليه الصلاة والسلام , ” إن فلاناً أبني عاهرت بأمه في الجاهلية ” يقول جعفر بن أبي طالب في رده على \” النجاشي\” ملك الحبشة في الهجرة الأولي :
” كنا قوماً أهل جاهلية , نعبد الأصنام , ونأكل الميتة , ونأتي الفواحش , ونقطع الأرحام , ونسئ الجوار , ويأكل القوي منا الضعيف “! ..كانت قبائل متفرقة ومتناحرة , تسود فيهم العصبية القبلية والهمجية البدوية , فتقوم الحروب بينهم على أتفه الأسباب , تنتشر بينهم الأمية ويتفشى فيهم الجهل , وكان الرق جزءاً أساسياً في حياتهم , يسخرونهم الأغنياء لخدمتهم ويستعملونهم في تجارتهم , ليس لهم حقوق , وليس هناك قوانين وأسس تحكم العلاقة بين الخادم والسيد , فكل سيد يعامل خادمه كيف يشاء .
وكان لديهم بعض العادات الاجتماعية السيئة مثل التقليل من شأن المرأة واحتقارها , فكانت زوجة الأب تورث مثلها مثل سائر الحيوانات والماديات..!
ويقول المغيرة بن النعمان : كنا في الجاهلية , نأكل الخنافس , والجعلان والعقارب , والحيات , فنرى ذلك طعامنا , .وأما المنازل فإنما هي ظهر الأرض , ولا نلبس ألا ما غزلنا من أوبار, الإبل وأشعار الغنم , ديننا أن يقتل بعضنا البعض …! ويقول \” يزدجرت \” الفارسي ,: إني لا أعلم في الأرض أمة , كانت أشقى ولا أقل عدداً ولا أسوأ ذات بين منكم ..! يقصد الأعراب ,
في القرآن الأعراب اشد كفراً ونفاقاً ..’. وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ..
وماذا عن الأحاديث التي تمجد العرب وتفضلهم عن سائر الأمم ..!؟ كلها أحاديث موضوعة أو أقوال الأئمة في عصر الأموي أو العباسي والخ…!
انظروا كيف تغيرت صورة الأعراب أو العرب في عصر الأموي وما تلاه ..! :
كان العرب في الجاهلية , في حواضرها وبواديها , لها رصيد كبير
من الأخلاق الفاضلة والعادات الحسنة، والفطرة السليمة ؛ فالشَّمَم والإباء، والبَذْل والعطاء، وإكرام الضيف، وحماية الجار، والدفاع عن العِرْض، والصدق في القول، والنقاء في السريرة ,والشجاعة والفروسية , الغيرة , والوفاء , السماحة والحلم , وسداد الرأي , والرزانة والكياسة , والفطنة , وإياء الضيم وبغض الظلم , احترام السادة والحكماء , والوقار وحماية الجار , والفصاحة والحيطة والفراسة , والذوق الرفيع والرقة والعاطفة , الترفع عن الدنيا والمخازي والأنفة , والصبر والقناعة , والعفو عند المقدرة , والجرأة وروح المبادرة ..! كل هذه الصفات انفرد بها العرب في عصر الأموي وما تلاه..!, أما الموالي والعجم لا حظ لهم فيها ولا نصيب ,.
عندما يدعي شخص ما العروبة , ويزعم انه من أصل عباسي أو أموي يعني انه من نسل شريف أو بالأحرى انه يدعي القداسة بطريقة أو أخري ..لعبة بني أمية ..! عبر القرون هناك اسر وقبائل حكمت باسم العروبة ونبت الشريف في مناطق عديدة في عالمنا الإسلامي وغيره من أرجاء العالم , هذا هو سبب ادعاء بعض القبائل العروبة رغم الواقع والحقيقة غير ذلك , ولكن المصالح السياسية والمادية والمعنوية وغيرها تكمن في انتساب للعروبة في مجتمعاتهم ., هذا النسب يعطيهم الأولية في هجرتهم إلى الدنيا ..!.
من هم الحمير وسبأ ..؟ ,هم قوم من عرق سام ,..ساميون انتقلوا منذ القدم إلى جنوب شبه الجزيرة المحصورة بين الخليج والبحر الأحمر ” المسمى بجزيرة العرب “وعاشوا هناك وصنعوا حضارة الحمير وسبأ وهي أسماء قبائل سامية حكمت تلك الديار’ لسانهم وعاداتهم وثقافتهم مختلفة تماماً عن ثقافة الأعراب في شمال الجزيرة ,الحمير وسبأ ممالك قديمة في ارض اليمن صنعوا حضارة عريقة هم في الأصل قبائل زراعية مستقرة ومساكنهم من الحجارة والطين وكهوف الجبال , وديار منذ القدم ” ظفار يريم – مأرب – ذمار – صرواح ” من بينهم اليهود والنصارى كما ورد في تاريخ ,في هذا السياق , آخر أسرة يهودية غادرت اليمن في عام 2016م . ,يزرعون الفواكه والبن وأنواع كثيرة من التوابل والبهارات والحبوب , ويربون النحل . أما الأعراب في شمال الجزيرة رحل متنقلون في الصحراء بحثاً عن الماء والكلأ , وأما المنازل فإنما هي ظهر الأرض , والخيام , ولباسهم من أوبار الإبل والغنم وطعامهم منتجات الحيوان ” , لا علاقة لهم بالزراعة ولا بالحضارة ولا الاستقرار ..!.
تجاور قبائل حمير وسبأ الأحباش من الغرب عبر البحر الأحمر والأعراب شمالاً عبر الصحراء والفرس عبر الخليج , أسلمت معظم قبائل اليمن مع الأعراب في عصر النبي عليه الصلاة والسلام , وكانت البعثات التبشير من الحجاز إلى اليمن والوفود الإسلامية من اليمن إلى الحجاز طوال عهد النبي عليه الصلاة والسلام وما تلاه , معظم زعماء القبائل في اليمن زاروا الرسول في المدينة واسلموا على يده , هذا هو سر الذي حال دون تصنيف قبائل اليمن من ضمن الموالي , إضافة إلى ذلك إنهم ليسوا من ضمن الصراع الكبير وليس لهم أطماع في السلطة والزعامة ولا أصحاب تطلعات مثل الفرس والروم , كل هذه العوامل وغيرها جعلتهم من ضمن العرب, في الصراع الكبير, رغم أنهم ليسوا من الأعراب ولا لسانهم عربي مبين كما أهل الحجاز والنجد , .
القحطان والعدنان : يقال أن أصل العرب من نسلهما , عرب الجنوب جدهم قحطان وعرب الشمال جدهم العدنان , ولكن في الحقيقة ليس هناك عرب جنوب وعرب شمال , هذا مثل لغز ..! الأعراب والعرب , لا تعرف الأعراب في الجاهلية ولا في صدر الإسلام مثل هذه تقسيمات , وردت هذه الأنساب ومثل العرب العاربة والبائدة وغيرها من الأساطير دحضها التاريخ لا أساس له من الصحة .
أصل عرب الجنوب هم حميرون استعربوا بعد الإسلام مثل كثير من قبائل وشعوب المجاورة لجزيرة العرب .
خلاصة المقال : بدأ تاريخ العرب بهذا الاسم بنزول القران , كانوا يعرفون في الجاهلية بالأعراب , ولا احد في الأرض عرفهم بغير هذا الاسم , الأعراب هم سكان شمال شبه الجزيرة المحصورة بين الخليج والبحر الأحمر والمحيط الهندي من الجنوب ,والمسمى فيما بعد بجزيرة العرب .أما مكة ويثرب ” المدينة ” سكانهما خليط من أجناس وتجار من مختلف المناطق بالإضافة إلى قريش أهل البلد هناك أحباش والفرس والروم واليهود وغيرهم , لذا لا يمكن وصفهم بالأعراب , دخلت كلمة ” عربي ” التاريخ كمصطلح اسم لشعب أو قوم في عصر الأموي , ومن بعده جاءت الأسماء مقرونة بها , مثل : جزيرة العرب , بحر العرب , الأمة العربية , الجمل العربي , النمر العربي , الصمغ العربي ..الخ , .
حامد جربو / السعودية