الخُرطوم – صوت الهامش
يحتفل العالم في “3” مايو من كل عام باليوم العالمي لحُرية الصحافة والإعلام،وهو اليوم المُحدد للإحتفاء بالحُريات الصحفية،وحماية وسائل الإعلام من التعدي علي إستقلاليتها،كما أنه يوماً يخصص بالتذكير بالإنتهاكات التي تعرضت لها الصحافة والإعلام في جميع أنحاء العالم،ويأتي إحتفال هذا العام في السُودان بعد عام على إسقاط نظام عُرف بعدائه الشديد للصحافة والإعلام .
وتعرضت الصحف في عهد نظام الجبهة الإسلامية للبطش والتنكيل وتنوعت وسائل القمع ما بين الإغلاق ومصادرة المطبوع ومنع الصحفيين والإعلاميين من ممُارسة نشاطهم بجانب الإعتقال،بسبب ما تسميه الأجهزة الأمنية بتعدي وسائل الإعلام لما يعرف بالخُطوط الحمراء.
بطش الأمن
ومثل جهاز الأمن والمخابرات طوال عهد الرئيس المخلوع عُمر البشير،اليد الباطشة في مواجهة الحريات الصحفية وأوكلت إليه مهمة التنكيل بالصحافة والإعلام،حيث عمد جهاز المخابرات الذي منح صلاحيات واسعة عمد على السيطرة على الأجهزة الإعلامية المختلفه،من خلال إجراءاته العقابية التي عرضت كثير من وسائل الإعلام لخسائر باهظة .
ولم يتوقف عداءه على مٌعاقبة الصحف بالمصادرة والحرمان من الإعلان بل تعدي ذلك ليشمل الصحفيين والصحفيات الذين واجهوا العديد من المضايقات والإعتقالات والإيقاف من العمل وأجبر بعضهم على ترك المهنة.
تحذيرات دولية
ورغم مرور عام على الثورة التي أطاحت بالرئيس المخلوع الا أن مراقبون مازالوا يطالبون بضرورة إلغاء كل القوانين التي كانت تنظم مهنة الصحافة والاعلام في العهد السابق ، لجهة أن تلك القوانين ما تزال سارية .
وكانت منظمة مراسلون بلا حدود حذرت من استمرار القوانين الصارمة التي كان يستخدمها النظام البائد ضد وسائل الإعلام في السودان وكشفت عن إنشاء”آلية“ لمراقبة الصحفيين والتجسس عليهم، تعرف باسم ”الوحدة الجهادية السيبرانية“، تنشر رسائل أو مقالات تحتوي على معلومات كاذبة، بهدف تشويه سمعة السلطات المشرفة على المرحلة الانتقالية أو الدفاع عن أحزاب النظام القديم، التي لا تزال تسيطر على غالبية وسائل الإعلام.
وأشارت الى ضرورة توفير الدعم والحماية والتدريب لترسيخ عقلية الصحافة الحرة والمستقلة بعد ثلاثين عاماً من القمع، الذي جعل من الرقابة الذاتية القاعدة الأساسية في معظم وسائل الاعلام بالسودان وأضافت انه إذا كانت مطاردة أجهزة الأمن والمخابرات أقل جلاءً حاليا، فإن السياسة المتوحشة السالبة للحرية لم تختف تمامًا.
بداية الإنطلاق
ويري العديد من الصحفيين أن نجاح الثورة الشعبية تمثل بداية لإنطلاقة الإعلام وتحرره من القيود التي كان يفرضها عليه النظام البائد .
ويقول الصحفي حافظ كبير في تعليق لـ”صوت الهامش” أنه مثلما كانت الصحافة والإعلام من أكبر ضحايا النظام البائد، فإن الثورة التي جاءت بشعار الحرية والسلام والعدالة، أتاحت للإعلام فرصة واسعة للانطلاق من القيود التي ظلت تكبله طوال السنوات الماضية، وعلى مستوى حرية الصحافة، تقدم السودان خطوات ” .
وتابع قائلا “لكن بالطبع، لا يمكن أن يتعافى الاعلام بهذه السرعة، لجهة أن وسائل الإعلام كلها تعاني من أزمات، بعضها متعلق بالمفاهيم التي لم تتطور لتواكب الإعلام الجديد، بسبب ضعف التدريب والتطوير، وبعضها الآخر متعلق بالأوضاع المادية، التي كثيرا ما تعيق وسائل الإعلام في أداء مهامها على الوجه السليم.
وأكد كبير أن الإعلام لا زال مركزياً في الخرطوم، مثله مثل السلطة، ولا تزال هوامش السودان تعيش في الظلام والظلامات القديمة، وهي أحوج ما تكون إلى رؤية إعلامية مختلفة، تستوعب مشكلاتها وتعكس الثراء الثقافي والاجتماعي هناك .
وأردف “ما نزال نحن الإعلاميين في حوجة إلى التحرر من نمط الإعلام المرتبط بالسلطة، نحو إعلام مرتبط أكثر بالمجتمع وقضاياه، وأعتقد أن الثورة جاءت لتنتصر للإنسان، للشعب” وزاد قائلاً” لذلك ما لم يكن صوت الشعب هو الأكثر حضورا في الاعلام مقابل السلطة، فإن الإعلام ما يزال بعيداً عن رسالته في التعبير الحقيقي لصوت الشارع وقضاياه وتطلعاته”.
حُريات غير مسبوقة
هناك شبه إتفاق علي أن الصحافة في السُودان طوال عام مضي تعيش في أجواء الحُريات التي كفلتها الحكومة الإنتقالية،التي أتت بها الثورة،غير أن هناك من يري أن الصحافة مازالت في حوجة للكثير ويقول الصحفي أبوعبيدة عوض في تعليق ل”صوت الهامش” أن الصحافة في السودان تعيش في حرية غير مسبوقة عقب اسقاط النظام السابق حيث اختفت كل اشكال الرقابة وتضيق الخناق على الصحفيين جراء القبضه الأمنية فى عهد الرئيس المخلوع التي أجبرت العديد من الصحفيين على مغادرة المهنة واخرون يعملون فى ظل ظروف بالغة التعقيد .
وبين أنه باختفاء هذه الممارسات يعنى ان الصحافة تشهد عهداً من الحرية فى مجالاتها المختلفة وهذا بفضل ثورة التغير التى حدثت وتابع بقوله”لكن فى اعتقادى ان هذا الوضع استثنانى قد يختفى تحت اى ظرف اذا لم نقوم بوضع قوانين وتشريعات توطن لحرية الصحافة فى بلادنا وهذا مهم ويجب ان تكون جزء اساسى فى دستور البلاد القادم”.
فيما يقول الصحفي أحمد فضل ، أنه للعام الثاني يتمتع الصحفيون السودانيون بيوم عالمي للصحافة مغاير لما كان يعانونه في ظل النظام السابق، وأضاف بقوله “ولكن بالرغم من أن الصحافة السودانية تحررت من قيود البشير لكنها ما تزال ترزح تحت عدة قيود تجعلها كسيحة، فشركات الصحف ما زالت مملوكة لناشرين افراد ولا توجد شركات نشر حقيقية ذات قدرات أكبر يمكنها تطوير صناعة الصحافة والاخذ بيد الصحفيين مهنيا وماديا”.