د. فيصل عوض حسن
وفقاً لسُّودان تريبون في 24 فبراير 2022، قال المدعو الأمين داؤود، بأنَّ النِّزاع في شرق السُّودان ليس بسبب الحَوَاكِير/الأراضي، وأنَّ طَرْح قضيَّة الهُوِيَّة بالشرق (يُهدِّد) وحدة الإقليم، وأنَّه لن يسمح بـ(تسويف/طَمس) القضيَّة الحقيقيَّة، في ما طَالَب (رفيقه) عبد الوهاب جميل، بطرح برنامج عمل لجنة ترسيم الحدود للرأي العام!
هذه وقاحةٌ استثنائِيَّة لم أَرَ مثلها، وكلمة “وقاحة” تتقاصر أمام أقوال/مُمارسات هذين الكائِنَيْن، اللَّذَيْنِ أقرَّا صوت وصورة بأنَّهما (إريتريان)، مما يفرض عليهما ومُواطنيهما عدم الحديث عن أي شأنٍ يخص السُّودان، ناهيك تقديم الطلبات والشروط، فعلاقتهم ببلادنا أنَّهم أتونا جائعين/حُفاة، فآويناهم واستضفناهم وسترناهم، وكان حرياً بهم حفظُ الجميلِ وردُّ الفضل، ولكنها طِباعُ اللئام المَجْبُولين على الخِسَّةِ والغدر. وهذان الكائنان خصوصاً، احترفا (تحريض) أهلهم الإريتريين ضد (السُّودانيين)، ونشرا حقدهما وخُبثهما بطول البلاد وعرضها. وعلى سبيل المثال، فإنَّ (داؤوداً) هذا، تَسَبَّبَ في أحداث بورتسودان سنة 2019، حينما حَشَدَ أهله (الإريتريين) وتَحَرَّشوا بـ(أهل البلد)، وتمَّ تحرير بلاغات جِنائِيَّة ضده لكنه لاذ بالفرار، وكان يُفترض مُتابعته دولياً/إقليمياً تبعاً لخطورة الجريمة التي تَسَبَّب فيها، وحَرَّض أهله (الإريتريين) على ارتكابها، لأنَّها جريمة تَمِسُّ سيادة البلد وسلامة أهلها ولا تسقط بالتقادُم!
عادَ داؤودٌ ورُفقائه المُجنَّسين عبر اتفاقيات (جوبا)، بعدما صنع العَسْكَر/الجنجويد وحمدوك وقحتيُّوه مسارات تفاوُض (وهمِيَّة)، استهدفوا بها استكمال تمزيق السُّودان، وثَمَّة تفاصيل أكثر في مقالاتي (اَلْمَشَاْهِدُ اَلْأَخِيْرَةُ لِمَخَطَّطِ تَمْزِيْقِ اَلْسُّوْدَاْنْ) بتاريخ 21 أبريل 2019، و(مَتَى يَنْتَبْهْ اَلْسُّوْدَانِيُّون لِعَمَالَةِ حَمدوك) بتاريخ 10 فبراير 2020 و(السُّوْدان والاحتلالُ الأجنبي) بتاريخ 1 يونيو 2020، و(اتفاقيَّات تَذويب السُّودان) بتاريخ 7 سبتمبر 2020 و(السُّودانُ والخَرَابُ القادمُ من جُوبا) بتاريخ 23 نوفمبر 2020 وغيرها. ولأسبابٍ موضوعِيَّةٍ ذَكرتُ بعضها في المقالات أعلاه، رفضَ غالِبِيَّة السُّودانيين تلك الاتفاقيات، ومن ضمنهم أهلنا بالشرق الذين أوفدوا مُمثِّليهم لجوبا (قبل) التوقيع، لكنَّ العَسْكَر/الجنجويد وحمدوك وقحتيُّوه أصرُّوا على (الخيانة)، وعملوا على تنفيذها (عُنوةً) وما يزالون، رغم المخاطر السيادِيَّة والبشريَّة والاقتصادِيَّة الكبيرة. ولنتأمَّل إقرار أركو مناوي أنَّ (صاحبه) اشترى مَسار الشرق، وجاء تصريحه المُخجل هذا حينما اختلف داؤود وأهله الإريتريين، لأنَّ مناوي يعلم أنَّ (إلغاء) أي مسار يعني إلغاء بَقِيَّة المسارات.
إنَّ مخاوف (داؤود) وأهله وأمثالهم المُجنَّسين (شرقاً وغرباً) من مُراجعة الهُوِيَّة، ليس حِرصاً على سيادة البلد وسلامة حقوق وأرواح السُّودانيين، وإنَّما لعلمهم بأنَّ هذا الإجراء سيُعيدهم حُفاةً/عُراةً من حيث أتوا، لذلك يناهضوه بتضليل الرأي العام وإغراقه بالمعلومات الكاذبة. فصراع شرق السُّودان ليس بسبب الحَوَاكِير/الأراضي، لأنَّ داؤود وأهله الإريتريين لا يملكون شبراً واحداً ببلادنا، كما وأنَّه ليس صِرَاعاً (قَبَلياً)، لأنَّ الصراعات القَبَليَّة تكون بين مُكوِّنات (مَحلِّيَّة)، والحقيقة المُغَيَّبة بخباثة عن الشعب، أنَّ صراع الشرق بين السُّودانيين و(الإريتريين)، الذين (جَنَّسهم) المُتأسلمين ووَطَّنوهم في المُجتمعات المحليَّة، ومنحوهم المزايا المالِيَّة والسُلْطَوِيَّة، ليكونوا عوناً لهم في نهب/تفكيك البلاد، والبطش بشعوب السُّودان (الأصيلة).
بعبارةٍ أُخرى، فإنَّ المُجنَّسين الإريتريين (مُرتزقة/طُفيليين)، كالجنجويد القادمين من وسط وغرب أفريقيا تماماً، بل يفوقونهم إجراماً وخطورةً، رغم بشاعة جرائم الجنجويد التي تستحق العقاب بأقصى العُقوبات، لكنَّ الجنجويد هَمَج ومُجرَّد (أدوات تنفيذيَّة) للمُتأسلمين وسادتهم بالخارج، ويعجزون عن التخطيط والتدبير (الآني/الاستراتيجي). أمَّا الإريتريّين فالغدر والخِسَّةُ يجريان في دمائهم، وتَوارثوا الخباثة والكراهِيَّة للسُّودان وأهله جيلاً بعد جيل، لذلك يعملون (خُفيةً) وفق مُخطَّطاتٍ دقيقةٍ ومدروسة، والأهمَّ من ذلك أنَّهم كانوا وما يزالون أداة الإجرام الإسْلَامَوِيَّة الرئيسيَّة، عبر (تَغَلْغُلهم) في جميع مفاصل الدولة، إمَّا بسياسات التمكين، أو خلف أكذوبة (بني عامر) التي وقع في فخاخها غالِبِيَّة أهل السُّودان!
فعلى الصعيد السيادي، شَغَلَ الإريتريُّون المُجنَّسون أخطر مناصب الدولة، كإبراهيم محمود (صابونة)، الذي أصبح وزيراً للداخِلِيَّة، وقام بتجنيس الآلاف من أهله، وخَصَّصَ لهم دفعات كاملة بكُلِّيَّة الشُرطة، فأفرغوا أحقادهم الخُرافِيَّة مُمَثَّلة في العُنف المُتزايد ضدنا، كمجازر سبتمبر 2013، التي شَكَّلَ إبراهيم صابونة وأهله محورها الرئيسي! كما اخترق الإريتريُّون جهاز الأمن، بوظائفه القياديَّة والوسيطة والدنيا، كـ(الدائرة السياسِيَّة) وهي أخطر دوائر/إدارات عصابة الأمن، لأنَّها المَعْنِيَّة بالاعتقال والقمع والتعذيب والتشريد، بخلاف مركزيتها وعلاقاتها التشابُكِيَّة مع بَقِيَّة الإدارات، ودائرةٌ بهذه الخطورة كان يرأسها حتَّى قبل أُسبوعين فقط، الإريتري عبد المنعم محمد علي حزام، وأصبح الآن مُديراً لدائرة التدريب، وقبلها كان مُلحقاً بسفارة السُّودان في مصر، وفعل فيها ما فعل. كما يتواجد الإريتريُّون بكثافة ببَقِيَّة المليشيات الإسْلَامَوِيَّة، كالأمن الطُلَّابي والدفاع الشعبي وغيرها، وكثيرٌ منهم يُقرُّون بذلك (دون قصد)، حينما يزعمون أحقِّيتهم في السُّودان، فيَستدِلُّون بـ(هلاك) أبنائهم في العمليات الإسْلَامَوِيَّة، بالجنوب (قبل انفصاله) ودارفور والمنطقتين، ويُمارسون العُنف الآن في جميع أنحاء البلاد. علماً بأنَّ الوظائف الدستورِيَّة عموماً، والقُوَّات النِّظاميَّة خصوصاً، تستلزم أن يكون شاغلها سُّودانياً (أبَّاً عن جد)، وبالتالي فإنَّ وجود هؤلاء في هذه المناصب الآن/سابقاً جريمة وخيانة، تُحتِّم فصلهم فوراً ومُصادرة أملاكهم ومُعاقبة كل من ساعدهم!
تَغَلْغَل الإريتريُّون المُجنَّسون في مُؤسَّسات الإعلام، وقادوا تضليل الرأي العام وتجهيله، وجَمَّلوا البطش المُمَارس ضد الشعب، و(نشروا) الأكاذيب التاريخيَّة/الثقافيَّة بشأن (أصالتهم) وارتباطهم القديم بالسُّودان، بدءاً بالمملكة الوَهمِيَّةٍ في الشرق، وتضمينها في المناهج الدراسِيَّة لمرحلة الأساس (خِلسَةً)، وانتهاءً بتحويل جميع السُّودانيين إلى (وافدين)، وأنَّهم أصحاب البلد! كما تَغَلغَلَ الإريتريُّون في وزارة الخارجِيَّة وسفارات السُّودان المُختلفة، بجانب النيابة والقضاء ووزارة التعليم التي التهموا من خلالها جميع المِنَح الدراسيَّة (داخلياً/خارجياً)، وجعلوها حصرِيَّةً على أبنائهم، وهذا كله خصماً على حقوق أهل السُّودان (الأصيلين)!
عَزَّز الإريتريُّون سُطوتهم الاقتصادِيَّة بأموالنا التي منحها لهم المُتأسلمون، وبالأنشطة غير المشروعة التي يُمارسونها، كتهريب الوقود والحبوب والسُكَّر واللحوم والزيوت لبلدهم (إريتريا)، حتَّى الطعمِيَّة والزلابية لم تسلم من التهريب، واشتروا الأراضي بالعُملات التي يُزوِّرونها، وهذه أضرارٌ اقتصاديَّةٌ/سِياديَّةٌ (مُركَّبة)! فقد أحدثوا فجوات في السلع وتَسَبَّبوا في غلائها، وامتلكوا الأراضي بأبخس الأثمان ورفعوا أسعارها، وأغرقوا البلد بالعُملات المُزوَّرة، وهذه جرائمٌ خطيرةٌ تُحتِّم مُعاقبتهم بأقصى العقوبات، خاصَّة وأنَّهم نقلوا جرائمهم المُدمِّرة لعُمق السُّودان (نشر الأموال المُزوَّرة، شراء الأراضي/العقارات وغيرها)، بعدما انفضحوا وضُيِّقَ عليهم في الشرق! بما يُحتِّم مُراجعة مُمتلكاتهم/أموالهم، وكيفيَّة جمعها وقد أتوا أساساً (لاجئين)، وهذا إجراءٌ قانونيٌّ معمولٌ به في جميع الدول، لحفظ سِيادتها وحقوق أهلها حاضراً/مُستقبلاً، ومن السذاجة وصفه بالعُنصُرِيَّة وغيرها من تضليلات المُجنَّسين!
بذات الخساسة والحقد، تَغَلْغَل الإريتريُّون داخل الكيانات السُّودانِيَّة المُسمَّاة (أحزاب)، والتي سبق بعضها المُتأسلمون في استقطاب الأجانب عموماً والإريتريين خصوصاً، بهدف الكسب الشعبي (الآني) دون اعتبارٍ لسيادة البلد وسلامة أهله، وعبر هذا التَغَلغُل استطاع المُجنَّسون اختراق (قحت)، وسرقوا حِراك ديسمبر 2018 ووأدوه في مهده! ولعلَّ هذا يُفسِّر إحجام ما يُسمَّى لجنة إزالة التمكين، عن فتح ملف التجنيس رغم تهديداته السيادِيَّة، بل تكليف بعض المُتطفِّلين/الإريتريين كمُمثِّلين لها في الشرق! وأكمل القحتيُّون والعسكر/الجنجويد (خياناتهم)، باتفاقات جوبا الكارثِيَّة المُشار إليها أعلاه، والتي أتتنا بداؤود وأمثاله من (المَقاطيع) وسَقَط المَتَاع! وامتد التَغَلْغُل الإريتري ليُحيط بحمدوك ويتَحَكَّم في قراراته، كتعيينه لأحد الإريتريين المُجنَّسين والياً لكسلا، وفضيحة والي القضارف الذي جمع بين انتسابه الصريح للمُتأسلمين، وانتمائه لقبيلةٍ في عُمق إريتريا مع الحدود الجيبوتِيَّة تُسمَّى (الأساورتا)، وتَمَّت إقالته عقب فضحه من السُّودانيين المُخلصين، دون مُراجعة/تقييم المُخالفات التي ارتكبها إبان عمله كوالي، وهذه مُصيبة تُضاف لمصائب العسكر/الجنجويد وحمدوك وقحتيُّوه!
مُحصِّلةُ القول، أنَّ مُجنَّسي إريتريا خونةٌ بالميلاد، ولديهم استعدادٌ فطريٌ للغدر، دون سقوفٍ أخلاقِيَّةٍ/إنسانِيَّةٍ، وولاءُهم الأوَّل والأخير لأهلهم وبلدهم، والأخطر أنَّهم الرَّافد الرئيسي للمليشيات الإسْلَامَوِيَّة، ويُشكِّلون أكبر المُهدِّدات (الوُجُوديَّة) لكل ما هو سُّوداني، ومسئوليَّة مُواجهتهم (تَضامُنِيَّة)، منوطٌ بها جميع السُّودانيين، وليس فقط أهلنا البجا. علماً بأنَّ الشرق (رئة) السُّودان ومنفذه للعالم الخارجي، ويحوي جميع شعوبنا (الأصيلة)، مما يعني أنَّ تهديدات المُجنَّسين (السِيادِيَّة/الوُجُودِيَّة) لا تقتصر على الإقليم وحده، وتطال الجميع بلا استثناء.
ليتنا نترك العواطف ونتَدَبَّر بالعقول، ونعي بأنَّ المُشكلة تتعلَّق بالوطن وسِيادته، واستدامة (أمننا) الاجتماعِي وسيادتنا الوطنِيَّة ومُستقبل أجيالنا القادمة، فنحنُ نُواجه غَزْواً واستيطاناً إريترياً خبيثاً، يقوده المُجنَّسون أمثال داؤود وأعوانه، وعلينا التكاتُف والاتحاد لحسمهم كلياً، بسرعةٍ وحزمٍ وعزم.. وسنتناول في المقال القادم أكذوبة مُسمَّى (بني عامر)، التي يتدثَّر بها الإريتريُّون بالأدلَّة/البراهين المُوثَّقة.