برمنجهام– صوت الهامش
انتقد مشاركون في المؤتمر التأسيسي لتجمع قوى الهامش السوداني، بصورة لاذعة ”النخب“ الحاكمة بالسودان، لجهة ما وصفوه بإهمالهم للتنمية ونشرها الافكار الهدامة في المناطق المهمشة، وتجنيد أبناءهم في الحروب
واستغلالهم في الزراعة والأعمال الهامشية.
كما اتهم المشاركون هذه النخب باستغلال موارد الدولة والهيمنة على الإعلام والسلطة والاقتصاد والجيش وتمزيق المناطق المهمشة، والتحريض ضد البسطاء وافقارهم، ليصبحوا أدوات ضد بعضهم، فضلا عن احكام قبضتهم الحديدية على السلطة لأكثر من 63 عاما، باستخدام سياسة ”فرق تسد“ في مواجهة كل ثورات الهامش، وخلق توترات وصراعات قبلية وانقسامات وسط الحركات المسلحة وأفرز ذلك فصائل أدت لكوارث مؤلمة.
وأكد المشاركون في المؤتمر التأسيسي الثاني لتجمع قوى، الذي عقد في مدينة برمنجهام بالمملكة المتحدة ،”السبت”
انه خلال عشرون عاما الماضية، تغيير الوضع قليلا، وتنامي وعي المهمشين بسبب النزوح اللجوء، وتمردوا على الاحزاب التقليدية، غير ان الصفوة استعادت هيمنتها على المعارضة وعادت للحكم مستغلة ثورة ديسمبر، حيث ابعدت تنظيمات الهامش، من صناعة القرار، ورفضت مشاركتهم في الحكومة الانتقالية.
وفي هذا المنحى، قال المستشار القانوني، محمدين شريف دوسة، ان التهميش منذ الثمانينيات، ارتبط بإقليم جنوب السودان سابقا، ودارفور وكردفان والشرق السودان، حيث تضررت هذه المناطق أكثر من غيرها، ولم تجد حظها من الخدمات والمشاركة في صناعة القرار، وان التهميش التنموي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي امتد حتى الكنابي بولاية الجزيرة وسط السودان ووادي حلفا ”مروي وكالجبار“.
وأضاف ان الاحزاب الأيدلوجية مثل ”الأمة والاتحادي والحركة الإسلامية“ حكمت السودان بقبضة حديدية، وأثرت على المثقفين في المناطق المهمشة، وحرضتهم على البسطاء وافقرتهم، واستغلهم في الحروب والانتخابات، وأصبحوا مجرد أدوات.
وأنه خلال الـ 63 عاما واجهدت النخب ”النيلية“ كل الثورات التي اندلعت في الهامش واستغلوا قياداته واستخدموا ضده سياسة ”فرق تسد“ وخلقوا توترات وصراعات قبلية وانقسامات في صفوف الحركات المسلحة مما أفرز فصائل لا تحصى ولا تعد، ادت لكوارث مؤلمة.
وانتقد شريف النخب الحاكمة، لاستغلاها موارد الدولة، وهيمنتها على الإعلام والسلطة والاقتصاد والجيش وتمزيق الهامش، ووضع ”متاريس“ أمام استقرارهم وتجنيدهم في الحروب واستغلالهم في الزراعة والاعمال الهامشية، وإهمالها للتنمية ونشر الافكار الهدامة واضعاف فرص التعليم.
ويرى إنه خلال عشرون عاما الماضية، تغيير الوضع قليلا، لتنامي وعي ابناء الهامش نتيجة للنزوح واللجوء، والتمرد على الاحزاب التقليدية، وان ”المركز“، استعاد هيمنته على المعارضة وعاد لحكم باستغلال ثورة ديسمبر، واتهم تحالف الحرية والتغيير، بنصب فخ جديد لتوريط قوى الهامش، وابعاد تنظيماته، عن صناعة القرار، ورفض مشاركتهم في الحكومة الانتقالية.
وأكد شريف ان عدم الشفافية والثقة بين مكونات المجتمع السودان، يصعب إنجاح اي مشروع سياسي ثوري، ولافتا الي انه ثمة ضرورة لبناء الثقة بين كافة الاطراف تمهيداً لتوقيع ”ميثاق شرف“ يلزم الجميع.
موضحا ان انعدام الصحة والتعليم وغياب الامن، ادى الي هجرة الأسر الي المدن، ان المناطق المهمشة أصبحت طاردة، وزاد بالقول: تستغل النخب الفقراء في الحروب ليقتلوا بعضهم وما تبقي يموتون بالكوارث والأوبئة، ولا يريدون ان يتقدم الفقراء، خشية من ان ينهضوا والمطالبة بحقوقهم الدستورية.
وطالب شريف بضرورة الاعتراف بعدم قدر قبيلة بعينها على حكم السودان في الألفية الثالثة، وكما طالب بنزع السلطة من الأقلية الحاكمة وتحويلها الي الأغلبية المهمشة وبناء الديمقراطية بالبلاد، وازالة التهميش وبناء الدولة المؤسسات، وترسيخ القيم العدالة والمساواة للجميع، والبسط العدل وانصاف الضحايا ومحاكمة المجرمين.
وفي سياق ذي صلة، طالب عبد المنعم الربيع، وهو أحد المشاركين في المؤتمر، بإتاحة الفرص للشعب وخاصة الهمشين، المشاركة الواسعة لاختيار حكامه في كل المستويات، وتقاسم السلطة بطريقة ديمقراطية ومعالجة مشاكلهم، وتمكين الولايات من الاستقلال مواردها في التنمية وفقا لدخلها وتعداد سكانها مع مراعاة الولايات الأقل دخلا.
وشدد على أهمية وحدة المجتمعات الاثنية والدينية والثقافية، وتمكينها لحكم ذاتها بما يتوافق مع متطلباتها، وخلق فرص عمل أوسع، لأبناء الولايات للتقليل من الهجرة بحثا عن العمل، ويرى ان السودان يحتاج لنظام فدرالي، نظرا لمشاكله الثقافية والاقتصادية والاثنية والدينية والاجتماعية.
واتهم الربيع، النخب في وسط السودان بالسيطرة على السلطة منذ الاستقلال، وتكريس عدم المساواة السياسية والاقتصادية والإدارية والاجتماعية، ان ذلك أدى لظهور نزاعات، واتجاه بعض الأقاليم نحو انفصال.
من جهته، قدم المشارك الدومة حنظل، جملة توصيات طالب فيها بأهمية توافق السودانيين بمختلف انتماءاتهم الفكرية والثقافية والأثنية والسياسية، على مبدأ المساومة التاريخية، والاجابة على أسئلة مهمة، تشمل كيفية الحكم الملائم يحقق المشاركة العادلة في السلطة بين مختلف المكونات القومية والجهوية، وإصلاح النظام السياسي الديمقراطي، وضمان عدم حدوث أي انقلاب عسكري اخر.
كما طالب بالتوزيع العادل للثروة، بإعادة النظر في خطط التنمية وتوزيع الثروة والموارد لرفع الإجحاف والإهمال عن مناطق الهامشية، واعطاء أسبقية لمناطق التوتر العرقي والقومي والاجتماعي، في إطار مشروع اقتصادي علمي يراعي عدم تدهور مواقع إنتاج الفائض الاقتصادي وعدم استنزاف مركز ومصدر الخبرة العلمية.
وقال ان الحكومة الانتقالية الحالية، لا تمثل جميع السودانيين، وان تحالف الحرية والتغيير، شكلها بطريقة احادية واقصائية، وفرضها على الواقع بقهر ارادة الآخرين، ومطالبا بضرورة جلوس الجميع للمصلحة العامة، وحل هذه الحكومة، وتكوين أخرى.
وأعلن الربيع، رفضه للوساطات الإقليمية والدولية، لتجنب الأجندة الخارجية والضغوطات والإملاءات التي تحول دون تحقيق التوافق الوطني المؤدي للسلام، واشترط قبول تمثيل مجلس الأمن الدولي والاتحاد الإفريقي، ان يكون تشريفي في آخر الجلسات الختامية.
كما وصى حنظل، بمناقشة الأزمة الحقيقية التاريخية التي أدت الي حمل السلاح وفرض الحروب، ومناقشة المشاكل السياسية والاقتصادية الناتجة عنها ووضع الحلول المناسبة لها لإيقافها جزريا، وتحديد كيفية حكم الدولة، وتحديد مهام وبرامج وصلاحيات الفترة الانتقالية، ومدة الفترة الانتقالية بتوافق، وتشكيل حكومة انتقالية توافقية لتنفيذ مهام الفترة الانتقالية، ترضي كل الشعب السوداني، وانتخاب برلمان إقليمي فدرالي.
إلي ذلك قال خبير الحكمانية ومستشار التنمية العالمية الوليد مادبو أن غياب الارادة السياسية للإصلاح وضعف السياسية الإدارية، قد تستحيل الرؤية الاستراتيجية للتنمية المستدامة 2030 ، مشيرا أن الشراكة الغائبة كفيلة بتفعيل قنوات الشفافية والمحاسبية وتقنين سبل التواصلية التداولية بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
ولفت أن مجهودات المجتمع المدني إذا ظلت تفتقد التنسيق، فإنها حتماً ستواجه التهميش الأمر الذي سيعزلها عن المنابر السياسية والحوارات الثقافية والدورة الاقتصادية. وقال “سيفقد المجتمع المدني العالمي والمحلي أدوات مهمة ومهارات كان سيكتسبها لغرس ثقافة الحوكمة.