حماد وأدي سند الكرتى
محامي وباحث قانوني
humancivilrightsinherentdigni@gmail.com
http://internationallawandglobaleaffairs.weebly.com
في هذا المقال سوف نتحدث عن موضوعين ذات أهمية بالغة في استقرار الدول بل واستقرار السلام والأمن على المستويين الدولي والوطني على السواء، في البدء سوف نتحدث عن الديمقراطيّة، تعريفها وأهميتها لدى منظمة الأمم المتحدة ومكانتها في القانون الدولي، وفى الجزء الأخير أو الثاني من المقال سوف نتحدث عن سيادة القانون ومدى علاقتها باحترام حقوق الإنسان وعلاقتها بالديمقراطية بشكل عام.
أولا: الديمقراطيّة:
قبل الولوج في لبّ الموضوع فإنّه من المفيد إعطاء مفهوم بسيط أو مبسط للديمقراطيّة، فالديمقراطيّة تعنى حكم الشعب للشعب وعندما نقول حكم الشعب للشعب فنعنى هنا أن يحكم الشعب أفراد يختاره الشعب عن طريق انتخابات حرة ونزيهة والذي ينبثق عنه مجموعة من الأشخاص يمثلون الشعب أو يتولون حكم الشعب نيابة عن الشعب. حيث يقومون باختيار نظام الحكم وإصدار التشريعات التي تعمل في الأساس لصالح الشعب أو الأمّة. فالديمقراطيّة تعتبر من الأدوات القيمة والمعترف بها على مستوى العالم، حيث تعمل الديمقراطية على حماية حقوق الإنسان وذلك عندما تقوم الحكومات الرشيدة بتطبيق أو إعمال قيم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فضلا عن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وغير ذلك من المعاهدات الدولية.
الديمقراطيّة ومنظمة الأمم المتحدة:
ومن الجدير بالذكر أنّ مسألة الديمقراطية تحتل مكانة سامية لدى منظمة الأمم المتحدة لذا فإنّ المنظمة تقوم بدعم الدول وذلك لدعم وإعمال قيم الديمقراطية وذلك من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومفوضية حقوق الإنسان وإدارة عمليات حفظ السلام , فضلا عن إدارة الشئون السياسية وصندوق الأمم المتحدة للديمقراطية وهيئة الأمم المتحدة للمساوة بين الجنسين وتمكين المرأة. حيث تقوم منظمة الأمم المتحدة بتقديم الخدمات الأتيّة:
أولا: تعزيز نزاهة الهيئات القضائية الوطنيّة والأليات الوطنيّة المتعلقة بحقوق الإنسان.
ثانيا: مساعدة ودعم البرلمانات وذلك بهدف ازدهار وتمكين المبادئ الأساسية المتعلقة بالديمقراطية.
ثالثا: دعم الأليات الإعلامية وذلك بهدف ضمان حرية الرأي والتعبير.
رابعا: تقديم المساعدات الانتخابية لدعم الديمقراطية والحكم الرشيد.
خامسا: تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية.
كما تسعى منظمة الأمم المتحدة جاهدة إلى حث الحكومات الوطنية إلى ضرورة احترام إرادة الشعوب وذلك في تحديد نظمها الاقتصادية والسياسية وشكل الحكم فضلا عن النظم الاجتماعية والثقافية. وللأهمية القصوى التي تتمتع بها الديمقراطيّة فإنّ المنظمة الدولية قد حددت اليوم الثامن من شهر سبتمبر من كل عام كيوم دوليا للديمقراطيّة، حيث تدعوا الأمم المتحدة كافّة الحكومات الوطنيّة والمنظمات الإقليمية والحكومية الدولية إلى الاحتفال بهذا اليوم.
الديمقراطية في ميزان القانون الدولي:
لم ترد كلمة الديمقراطية بشكل مباشر في ميثاق الأمم المتحدة ولكن وردت كلمة نحن والذي تفيد إلى كلمة الديمقراطية، والذي يفيد إلى سلطة الشعب وأن إرادة الشعوب هو المصدر الأساسي لشرعية الدول. إنّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي صدر في العام 1948م يعكس بصورة واضحة إرادة الشعوب كمصدر للتشريع وذلك من خلال المواد التي جاءت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
بالإضافة إلى ذلك فإنّ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر في العام 1966م قد تضمن مجموعة من القواعد والتي تعبر بشكل مباشر مبادئ الديمقراطية، والمثال على ذلك , فإنّ المادة 19 من العهد ينص على حرية الرأي والتعبير، المادة 21 من العهد ينص على الحق في التجمع السلمي، المادة 22 من العهد ينص على الحق في حرية تكوين الجمعيات مع أخرين، المادة 25 من العهد ينص على الحق في المشاركة في إدارة الشئون العامّة وذلك عن طريق ممثلين أو بطريقة مباشرة، والحق في الانتخابات العامّة.
كما أنّ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي تكفل المرأة المساواة مع الرجل في المسائل المتعلقة بالتصويت، تولى الوظائف والترشيح في الانتخابات فضلا عن المشاركة في الحياة والتأثير والتواجد في أماكن صنع القرار.
الديمقراطيّة وحقوق الإنسان:
تعتبر الديمقراطية من الأليات الأساسية لاحترام حقوق الإنسان وذلك فيما يتعلق بموضوع الانتخابات والتي يتم في جو من النزاهة والحرية والشفافية وذلك عندما تحترم المبادئ الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. ومنذ أن تمّ إنشاء منظمة الأمم المتحدة، دأبت المنظمة إلى إصدار التشريعات والصكوك والمعاهدات الدولية والتي تشجع إلى تطبيق المبادئ والقواعد والمعايير والقيم المتعلقة بأساسيات الديمقراطية وذلك بهدف مساعدة الدول إلى إتباع السبل الصحيحة للديمقراطية والحكم الرشيد والوفاء بتعهداتها المتعلقة بالتنمية وحقوق الإنسان والديمقراطية.
ومن الجدير بالذكر أن دول يجب أن تتبع الخطوات الأتيّة وذلك في سبيل تطبيق مبادئ الديمقراطية:
يجب على دول العالم كفالة احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للإنسان، حرية الرأي والتعبير وحرية الانضمام للجمعيات، يجب على الوصول إلى السلطة عن طريق انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، كفالة تعددية الأحزاب السياسية، على الدول الفصل ما بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، توفير الشفافية والمسألة في مكاتب الحكومة أو المكاتب العامة، كفالة حرية الإعلام.
التحديات الأساسية للديمقراطيّة:
هناك بعض التحديات التي تواجه مبدأ الديمقراطية ويمكن أن نلخصها في النفاط الأتيّة: ومن الجدير بالذكر أن تلكم التحديات تضع مسألة احترام حقوق الإنسان في حافة الخطر وذلك عندما تتباطأ الدول في تطبيق مبادئ الديمقراطية والحكم الرشيد.
1/ عدم تطبيق أو تعزيز الأساسيات المتعلقة بالحكم الديمقراطي 2/ عدم الاعتراف بمبادئ الانتقال الديمقراطي 3/ فشل الجهود الإقليمية والوطنية في تطبيق مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون.
الديمقراطية وحقوق المرأة في الحياة العامّة:
هناك أربع أساسيات رئيسية يجب تطبيقها وذلك بهدف تمكين المرأة من المشاركة الفعالة في الحياة السياسية والاشتراك في صنع القرار.
1/ جعل الانتخابات الوطنية والإقليمية والدولية حرّة ونزيهة 2/ العمل على دعم المنظمات المدنيّة ذات الطابع النسائي في المؤسسات العامة 3/ بناء المسألة عن حقوق المرأة في المؤسسات العامة 4/ دعم القيادات السياسية النسائية من أجل توسيع نطاق نفوذها.
ثانيا: سيادة القانون:
سوف نتناول مسألة سيادة القانون وذلك بمناقشة المواضيع الأتيّة:
ماهية سيادة القانون
سيادة القانون وحقوق الإنسان
سيادة القانون ومسالة السلام والأمن
سيادة القانون والتنمية
أولا: ماهية سيادة القانون:
تعتبر سيادة القانون من الأصول الدستورية والتي يترتب عليها أنّه لا يجوز وفقا للقانون لأي سلطة من سلطات الدولة أن تمارس سلطتها إلا وفقا للقانون والهدف الأساسي من ذلك هو منع استبداد القائمين على السلطة. إنّ مفهوم سيادة القانون من المبادئ الراسخة في تشريعات منظمة الأمم المتحدة، حيث وردة في نص ديباجة الأمم المتحدة أن من أهم الأهداف الأساسية للأمم المتحدة هو أن تبين الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي. فضلا عن ذلك فإن النزاعات بين الدول يجب أن تحتكم إلى سيادة القانون الدولي والذي يدعوا الأطراف المتنازعة إلى اللجوء إلى الوسائل السلمية وذلك وفقا لمبادئ القانون الدولي والعدالة الدولية. وفى نفس السياق فإنّ الأمين العام للأمم المتحدة وصف سيادة القانون بأنّها مبدأ الحكومة أو السلطة يكون فيها للأشخاص والمؤسسات والكيانات العامة والخاصّة بما في ذلك الدولة ذاتها.
سيادة القانون ومنظمة الأمم المتحدة وهيئاتها الدولية:
أولا: الجمعيّة العامّة للأم المتحدة وسيادة القانون:
لسيادة القانون مكانة مرموقة لدى الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة، ويمكننا أن نعطى بعض الأمثلة لذلك:
1/ في المؤتمر العالمي أو الدولي لحقوق الإنسان والذي عقد في فيينا في العام 1993م، وبعد المؤتمر تمّ إنشاء المفوضية السامية لحقوق الإنسان ومن ثمّ ناقشت اللجنة الثالثة للجمعية فضلا عن الهيئات الدولية المتخصصة الأخرى القضايا المتعلقة بسيادة القانون في سياق إقامة العدل فضلا عن حالات الإعدام خارج نطاق القضاء وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في إطار مكافحة الإرهاب وإصلاح المؤسسات القضائية والعدلية على حد سواء.
ثانيا: مجلس الأمن وسيادة القانون (السلام والأمن الدولي):
إنّ مجلس الأمن يولى موضوع سيادة القانون أهمية قصوى والدليل على فإنّ المجلس استخدم مفهوم سيادة القانون في عدّة مناسبات ويمكن أن نعطى بعض الأمثلة:
في العام 1996م تمّ إصدار القرار رقم 1040 والذي يرمى إلى تعزيز المصالحة الوطنية في بورندي
في العام 2000م حث مجلس الأمن على ضرورة تفعيل بعثات حفظ السلام والبعثات السياسية الأخرى.
2014م بعثة الأمم المتحدة لفرض الاستقرار في جمهورية إفريقيا الوسطى.
بالإضافة إلى الأمثلة السابقة فإن مجلس الأمن استخدم سيادة القانون في مناقشة كثير من المواضيع المتعلقة بالسلام والأمن الدوليين، الأطفال والنزاع المسلح وحماية المدنيين والمرأة والسلام والأمن، الجرائم الدولية شديدة الخطورة، المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة وذلك كالمحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا ويوغسلافيا السابقة، فضلا عن المحكمة الجنائية الدولية وذلك فيما يتعلق بالإحالات وذلك وفقا للمادة 16 من نظام روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية وأقرب مثال، الحالة في إقليم دارفور وليبيا.
ثالثا: المجلس الاقتصادي والاجتماعي وسيادة القانون (التنمية المستدامة):
أقرّ جميع الدول الأعضاء بالمجلس بضرورة إعمال سيادة القانون والعمل على القضاء على الفقر وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية فضلا عن دعم عملية التنمية المستدامة.
رابعا: مجلس حقوق الإنسان وسيادة القانون (حقوق الإنسان):
لم يألوا مجلس حقوق الإنسان جهدا لدعم المبادئ المتعلقة بسيادة القانون والذى يرتبط بصورة مباشرة بمسألة حقوق الإنسان وإقامة العدل ونزاهة النظام القضائي والديمقراطية وسيادة القانون والحكم الرشيد , وبناء على ذلك فإنّ المجلس أنشأ العديد من الأليات لدعم مسألة سيادة القانون , نذكر منها على سبيل المثال: المقرر الخاص والمعنى باستقلال القضاء والمحامين, المقرر الخاص المعنى بتعزيز الحقيقة والجبر وضمانات عدم التكرار, الخبير المستقل والمعنى بإقامة نظام دولي ديمقراطي ومنصف, وأخيرا المقرر الخاص والمعنى بتعزيز حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب.
حماد وأدي سند الكرتى
محامي وباحث قانوني
humancivilrightsinherentdigni@gmail.com
http://internationallawandglobaleaffairs.weebly.com