فعل .. ورد فعل :
منذ الإستقالة التى دفع بها الفريق/ عبد العزيز آدم الحلو – نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال (آنذاك) إلى مجلس تحرير إقليم جبال النوبة / جنوب كردفان، وما تبع ذلك من خطوات وإجراءات أفضت فى النهائية إلى إقالة الفريق/ مالك عقار إير من رئاسة الحركة الشعبية، والفريق/ ياسر سعيد عرمان من الأمانة العامة بواسطة مجلسى تحرير إقليمى جبال النوبة والنيل الأزرق، وتكليف الفريق/ عبد العزيز آدم الحلو رئيساً للحركة الشعبية وقائداً عاماً للجيش الشعبى لتحرير السودان بتاريخ 7 يونيو (حزيران) 2017 بواسطة مجلس تحرير إقليم جبال النوبة، وبارك المجلس العسكرى للنيل الأزرق الخطوة وأيَّدها، ومن ثم بعد ذلك إجتمع كبار ضُبَّاط الجيش الشعبى لتحرير السودان بالجبهة الأولى مُشاه – إقليم جبال النوبة والتى تضم ثلاثة فرق (الفرقة الأولى / الثالثة / والرابعة) وأفضى الإجتماع إلى تأييد قرارات مجلسى تحرير الإقليمين والتأمين على تكليف الرفيق القائد/ عبد العزيز آدم الحلو رئيساً للحركة الشعبية وقائداً عاماً للجيش – منذ ذاك الوقت بدأت القيادة التى تم إقالتها (عقار – عرمان) فى الترويج لما يُشير إلى إن القائد/ عبد العزيز الحلو هو الذى أوعز لمجلس التحرير فى جبال النوبة لإتخاذ هذه الخطوة ووصفت الخطوة بالتوجُّه العنصرى وما شابه ذلك. وبعدها نشط أتباع الرجلين فى الترويج وترديد نفس مواقف الرفيقين المُقالين فى حملة مفضوحة ودعاية رخيصة لا يتأثر بها إلا من كان ضحل التفكير والتحليل. وبعد ذلك رأينا الكثيرين من كوادر أجهزة المؤتمر الوطنى الأمنية ومنسوبى الحزب الشيوعى يداخلون فى مواقع التواصل الإجتماعى ويرفعون بوستات ولافتات على شاكلة (كلنا ضد إنقلاب الحلو) وغيرها، والطريف إن أحدهم داخَل بِشدَة فى بوست مرفوع بواسطة بعض أعضاء مجلس التحرير القومى المحلول منذ عام 2013 ونسى إنه يضع فى بروفايله صورة (نُقد) وليست صورة (قرنق) ..!! . وذهب بعض الرفاق إلى وصف الحركة الشعبية بإنها بعد ما حدث أصبحت حركة (جهوية / إقليمية / عنصرية ….إلخ) . وقد إستطاعت القيادة المُقالة أن تستميل بعض الكُتَّاب المُميزين وذوى الأقلام المُحترمة للكتابة دعماً لمواقفها، وكتب بعضهم كتابة ركيكة، مُضّطربة، غير مُتماسكة، ولا تشبههم، حيث تم إستكتابهم، وربما دون قناعة. وعلى ما يبدو فقد تم تمليكهم نقاط مُحدَّدة للكتابة وصاروا يكتبون دون دراية وإلمام بأساس المشكلة وجوهرها، فهى أزمة ناتجة عن تراكمات كثيرة أفضت إلى هذه التحوُّلات، وحسب قوانين المادية الجدلية فإن : (التراكمات الكمية .. تُنتِج تغيُرات كيفية). وإعتقد إن هذه المواقف تُمثِّل إصطفافاً خلف الأمين العام المُقال لأسباب (غير موضوعية). فهم بالطبع لا يعرفون إن الأمين العام المُقال الذى يدافعون عنه هو السبب الرئيسى فى أزمات الحركة الشعبية منذ وقت طويل، وإن الحركة الشعبية بدونه ستكون مُعافاة وقادرة على التمدُّد أكثر، وجذب قطاعات واسعة من جماهير الشعب السودانى، كما إنهم لا يعرفون كذلك إن ياسر عرمان الذى يخبرهم الآن إن الحركة الشعبية ستتقذَّم وتنكفى على نفسها، هو نفسه الذى أبعد الكثيرين من الكوادر الصلبة من مناطق الوسط والشمال النيلى، أو وقف فى طريق إنضمامهم للحركة الشعبية لشىء فى نفس يعقوب..!!، وإن ياسر عرمان وهو برتبة (الفريق) فى الجيش الشعبى لم يستطيع حتى الآن أن يجذب ويستقطب ولا جماعة واحدة – “Squad” فى الجيش (حوالى 11 فرد) من أهله، وهو الأمين العام للحركة الشعبية ..!! فهل لأنه غير مقتنع بالمكان الموجود فيه .. أم لضعف قدراته الفكرية والسياسية..؟
لماذا قدَّم الحلو إستقالته لمجلس التحرير بإقليم جبال النوبة :
البعض يتحدث عن إستقالة الحلو وخطأ تقديمها إلى مجلس تحرير إقليم جبال النوبة بإعتباره مجلساً إقليمياً ولا علاقة له بالشأن القومى للتنظيم، ولكن هل هناك مؤسسات قومية أصلاً حتى يتم تقديم الإستقالة إليها ؟ وما هى أسباب عدم وجود هذه المؤسسات. فقد شرح الرفيق/ الحلو هذه الأسباب فى الإستقالة، والتى تتمثَّل فى وضع العراقيل من قبل الرئيس والأمين العام أمام تكوينها، للإختلاف حول نسب التمثيل التى يتخوَّف منها الرجلين لأنهما يدركان جيداً إنه فى حال قيام مؤتمر عام حقيقى وبتمثيل عادل ومُنصِف لن يتم إنتخابهم مرة أخرة فى هذه المناصب، وعليه فإن المؤسسة الوحيدة الموجودة والتى تمثُّل الشعب ويمكن الرجوع إليها كانت هذا المجلس الذى يضم فى عضويته (110) أعضاء. ورجوع الحلو لهذا المجلس كان ضرورياً فى ذلك التوقيت الذى يشهد تقديم تنازلات كبيرة للمؤتمر الوطنى فى المفاوضات أخطرها دمج الجيش الشعبى فى القوات المسلحة وتجريده من السلاح، بالإضافة إلى التنازلات السياسية الأخرى مثل مستقبل الإقليمين (حق تقرير المصير) وغيرها من التنازلات غير المرئية. فالذين يرفضون هذه التغيرات هل كانوا يريدون منا تسليم أنفسنا لعمر البشير ..!!؟، وما هى مصلحتهم فى توقيع إتفاقية بتلك الصورة ؟. أما لماذا لم يُقدِّم الحلو إستقالته إلى رئيس الحركة الشعبية، فلا يمكن تقديم الإستقالة للرئيس وهو على خلاف معه، والرئيس نفسه صار لا يكترث كثيراً لوجود عبد العزيز الحلو فى كابينة القيادة أم عدمه، ولا جدوى من تقديم الإستقالة إليه أصلاً، فبالتالى كان لا بد من وجود جهة يتم الإحتكام إليها فى مثل هذه الظروف، والجماهير وشعب الإقليمين هم الوحيدون الذين يحق لهم البت فى هذا الخلاف العميق بإعتباره يمس مصالحهم ويقتل طموحاتهم وتطلعاتهم ويضرب قضاياهم المصيرية العادلة. فهذه حقائق مُهمة يجب عدم تجاهلها والقفذ عليها.
هل كان الحلو يسعى لرئاسة الحركة الشعبية ؟
لقد ذكرنا من قبل إن الرفيق/ عبد العزيز الحلو إن كان (يطمع) فى رئاسة الحركة الشعبية لكان قد نصَّب نفسه رئيساً لها منذ إندلاع الحرب فى 6 يونيو (حزيران) 2011 لأن مالك عقار حتى تلك اللحظة كان والياً لولاية النيل الأزرق، ويأتمر بأوامر وتوجيهات الرئيس البشير، ولم يكن يرغب فى الحرب أصلاً وقد صرَّح هو بنفسه إنه : (طالما هو والى للنيل الأزرق فلن يسمح بإطلاق طلقة واحدة ..!!). والحلو بعدما قدَّم إستقالته لم يسعى بعد ذلك لتولى الرئاسة ولكنه تحت الضغوط الشديدة والإلحاح تراجع عن قرار الإستقالة، وبعد الضغوط مرة أخرى قبل بالتكليف وحدَّد مهامهِ وحصرها فقط فى حفظ الإستقرار وتنظيم المؤتمر الإستثنائى لإنتخاب القيادة الشرعية، فقد رفض مجلس تحرير إقليم جبال النوبة الإستقالة، ثم رفضها المجلس القيادى الذى يترأسه مالك عقار نفسه فى إجتماع إنعقد برئاسته، ثم رُفضت الإستقالة أيضاً من قبل كبار ضُباط الجيش الشعبى فى إجتماع ترأسه مالك عقار أيضاً. وبعدها تم تكليفه برئاسة الحركة الشعبية إلى حين قيام المؤتمر الإستثنائى، والتكليف صدر من مجلس تحرير إقليم جبال النوبة وبتأييد إقليم النيل الأزرق، ثم لاحقاً أيَّد الجيش الشعبى التكليف وأمَّن عليه .. فكيف يكون الحلو قد سعى للرئاسة التى لم يتهافت عليها فى يونيو (حزيران) 2011 والظروف كانت مُهيئَة لتوليها دون أى مجهود آنذاك..!!؟.
فعلى مالك عقار وياسر عرمان أن يعلما جيداً، إن الحلو تم تنصيبه رئيساً للحركة الشعبية لتحرير السودان، وقائداً عاماً للجيش الشعبى كرد فعل لإستهتارهم به، وإقصائهِ، وتجاهل آرائه، وإهانتهِ، والحط من كرامتهِ، وهو أمر غير مقبول بتاتاً لدى جماهير الحركة الشعبية بجبال النوبة، وكافة مناطق الهامش السودانى، حيث يُعد الحلو رمزاً لنضالات جميع الشعوب المُهمَّشة فى السودان، وصمام الأمان لمشروع السودان الجديد.
ياسر عرمان و(قومية) الحركة الشعبية :
أولاً : الرفيق ياسر عرمان لديه تصوُّر وهمى فى ذهنهِ للحركة الشعبية – شمال (حالة ذهنية) لا وجود لها إلا فى مخيلتهِ، فهو يريد حركة شعبية لا يكون النوبة فيها أغلبية، بل تكون الأغلبية لبقية المناطق الأخرى فى السودان حتى تكون حركة (قومية)، وهذا ما إتَّضح فى إستقالة الرفيق – القائد/ عبد العزيز الحلو، حيث كان الإختلاف الجوهرى الذى أدَّى إلى عدم قيام المؤتمر العام طيلة هذه السنوات هى نسب التمثيل، حيث كان ياسر عرمان يرى أن يتم مساواة جميع ولايات السودان فى التمثيل، وربما بزيادة طفيفة لإقليم جبال النوبة، ثم النيل الأزرق على التوالى. كما كان يرى أن يتم تمثيل الولايات الـ(13) المُكوِّنة للقطاع الشمالى بشخص واحد فى الهيئة القيادية العلياHigh Command) ) المُكوَّنة من (19) عضو ..!!، وهى أعلى هيئة سياسية وعسكرية للحركة الشعبية، وتتكون من الرتب العسكرية العليا حسب الأقدمية، وقادة الأقاليم والجبهات القتالية، حتى تستطيع أن تُجيز القرارات الإستراتيجية الكبرى سوا كانت عسكرية أو سياسية، وقد تم تعديل إسم الهيئة إلى (المجلس القيادى) وذلك للتخفيف من طابعها العسكرى تمهيداً لتمرير مُخطط حشدهِ بكوادر غير عسكرية. وياسر عرمان يعرف جيِّداً إن شخص مثل د/ منصور خالد برغم كفاءتهِ، وقدراتهِ، وعلمهِ، ومؤهلاتهِ التى نُقدِّرُها ونحترِمُها جميعاً، وبرغم موقعهِ المرموق داخل الحركة الشعبية كمستشار لرئيسها الدكتور/ جون قرنق دى مبيور، لم يكن عضواً فى الهيئة القيادية العليا، وبالطبع ياسر عرمان أيضاً لم يكن عضواً فى تلك الهيئة وذلك لطبيعة تكوينها، وأول مشاركة لهما فى أجهزة الحركة الشعبية العليا كانت فى (المكتب السياسى –Political Bureau ) كأعلى جهاز سياسى للحركة الشعبية بعد توقيع إتفاق السلام الشامل 2005 . فياسر عرمان كان يريد أن يتم تمثيل الولايات الـ(13) بعدد (13) عضو من أعضاء الحركة الشعبية غير العسكريين – وغالبيتهم فى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة – حتى تكون له الأغلبية الميكانيكية داخل المجلس القيادى ويستطيع تمرير جميع الأجندة الموجودة فى مخيلتهِ ..!! . ونحن لا نرفض هذا التصوُّر إن كان واقعياً – لأن الواقع يقول إن المُكوِّن الرئيسى للحركة الشعبية (جيشاً، وأعضاء، وجماهير) هو من جبال النوبة، ومن قبل كان الدينكا وبقية قبائل جنوب السودان الأخرى يُمثِّلون الركيزة الأساسية للحركة الشعبية والجيش الشعبى لتحرير السودان، وبرغم ذلك كانت الحركة الشعبية التى كان ياسر عرمان ناطقاً رسمياً بإسمها (قومية).. فلماذا هى ليست قومية الآن ..؟. وعندما تم تنظيم المؤتمر العام الأول للحركة الشعبية بشقدوم فى الفترة من 2 – 12 أبريل (نيسان) عام 1994 – كم عدد المشاركين من خارج المناطق المُحررة ؟، ولماذا لم يرفض ياسر عرمان قيام ذلك المؤتمر ويقف ضده لأن أعضائه غير (قوميين) ؟ وكم حزباً فى السودان يقوم على (الطائفة)، أو (الأسرة)، ومع ذلك لم نسمع ما يُفيد بإن هذه الأحزاب هى أحزاب غير (قومية)، فهل (القومية) عبارة عن ثوب مُفصَّل على مقاس إثنيات أو مجموعات مُحدَّدة فى السودان .. وحكراً عليها ..!!؟. فهذه المواقف تقودنا لطرح سؤال (مفهوم القومية)، والمعايير التى تُحدِّد قومية الأشياء، وعدم قوميتها.
عندما إندلعت الحرب المفروضة على الحركة الشعبية لتحرير السودان كتنظيم (أراد النظام أن يُجرِّد الجيش الشعبى من سلاحه، فإندلعت الحرب فى 6/6/2011) وجد الجيش الشعبى لتحرير السودان نفسه وحيداً بدون تنظيم سوى أعضاء الحركة الشعبية من أبناء جبال النوبة بحكم المُكوِّن الرئيسى للجيش الشعبى، وحتى أعضاء الحركة الشعبية غير العسكريين، تعسّكروا بعد إندلاع الحرب ليدافعوا عن الحركة الشعبية، وعن مشروعها، بالإضافة إلى دفاعهم عن الأرض كميدان للقتال، بينما رأى بقية الأعضاء (بعضهم) إن الحرب هى : (حرب النوبة ضد المؤتمر الوطنى، وبما إنهم لا نوبة ولا مؤتمر وطنى، فبالتالى لا علاقة لهم بهذه الحرب). وللآخرون أسبابهم ومبرراتهم لعدم مشاركتهم، ومهما تكُن، إلاَّ إنهم آثروا البقاء خارج المناطق المحررة سوا كان فى المناطق تحت سيطرة الحكومة، أو دول المهجر، وهذا يعكس رسالة غير جيِّدة للمقاتلين فى صفوف الجيش الشعبى أو بقية الأعضاء الموجودين فى المناطق المُحررة. وعدم المشاركة فى الحرب دون أسباب واضحة يُقلِّل حقوق العضو ومشاركته فى إتخاذ القرارات المصيرية، خصوصاً القرارات ذات الطابع الثورى، وهذا واقع. وتُثير دهشتنا موقف (الخمسين) شخص الموجودين فى المناطق تحت سيطرة الحكومة وبعض دول المهجر والذين يكتبون البيانات بأسماء المكاتب المحلولة بولايات قطاع الشمال (سابقاً)، ويرفعون شعارات (كلنا ضد إنقلاب الحلو) – “هسى لو قُلنا ليكم تعالوا المؤتمر العام.. بتجوا ..!!؟” .. والإنقلابيون هم مالك عقار وياسر عرمان لأنهم إنقلبوا على الحركة الشعبية وتحوَّلوا عن شعاراتها (حرية – عدالة – مساواة) وبدَّلوها بشعارات (السلام .. والطعام ..!!) .. وتخلّوا عن مبادئها الثورية .. وأسقطوا حق تقرير المصير الموجود فى المنفستو حتى الآن .. وإنقلبوا على الجيش الشعبى وحاولوا تسليمه للمؤتمر الوطنى ليتم تجريده من السلاح .. والمُدهش أكثر إن مجموعة لا تحمل السلاح .. وتريد أن تُحدِّد للذين يحملون السلاح، أهدافهم التى يجب أن يكونوا من أجلها قد حملوا السلاح …!!. بربكم هل توجد وصايا وإستعلاء أكثر من هذا..!؟ أرجو أن لا يسمع العساكر وقوات الجيش الشعبى الموجودة فى الدفاعات والمواقع الأمامية فى مواجهة العدو ما تقولونه وتكتبونه، فهم يعرفون جيداً من أجل ماذا يقاتلون.. وعملية عسكرتهم وحملهم للسلاح تمت بصورة طوعية وليس عن طريق (التجنيد الإجبارى)، ولا يتقاضون أى مرتبات، وطعامهم فقط الذرة المسلوقة (البليلة)، ولا يستطيع أحد أن يُحدِّد لهم أهدافهم التى حملوا من أجلها السلاح، والتى يعرفونها جيداً. وجبال النوبة لم تخرج من الحركة الشعبية، ولكن الحركة الشعبية خرج منها مالك عقار وياسر عرمان و (50) خمسون آخرون .. وآخرون، وهم فى طريقهم لتكوين حركة شعبية أخرى غير (الحركة الشعبية لتحرير السودان)، والحركة الشعبية الأخرى ربما تكون خالية من مصطلح (تحرير السودان)، وهى حركة بدون (جيش شعبى)، وربما تم إسقاط بعض الأدبيات الرئيسية مثل (التهميش) وغير ذلك الكثير.
ثانياً : هل قومية الحركة الشعبية مرتبطة بالرفيق ياسر عرمان؟ إن كان عضواً فى الحركة فهى قومية .. وإن كان خارجها فهى غير قومية ؟ فبعد خروج ياسر عرمان مثلاً هناك العديد من أعضاء الحركة الشعبية من مختلف مناطق السودان ومنهم من ينتمى لنفس المنطقة التى ينتمى إليها ياسر عرمان، وبعضهم قام عرمان نفسه بإقصائهم وتهميشهم، وبعضهم ساهم بإحالتهم للمعاش. فهؤلاء الآن جميعهم لا زالوا أعضاء فى الحركة الشعبية، فأين المشكلة . وما الذى يجعل الحركة الشعبية غير قومية بعد ذهاب ياسر عرمان ..؟
أشخاص .. أم برامج، ورؤى، وأهداف، ومشروع ؟
غير صحيح القول : إنه طالما الحركة الشعبية فيها فلان، وفلان، وعلان، فهى حركة قومية. لأن هذا يختزل مفهوم (القومية) فى أشخاص، ولكن قومية الحركة الشعبية أو عدمها تكمُن فى برامجها، وأهدافها، ومشروعها المطروح لحل أزمات البلاد، وتغيير أشخاص من مواقعهم القيادية فى التنظيم، أو حتى خروجهم، لا ينتقص من قومية الحركة الشعبية كما ذكرنا، والمرجعية لقومية الحركة ترتكز على ما هو مطروح من أهداف ورؤى فى المنفستو الغائب حتى الآن، وهذه واحدة من أهداف قيام المؤتمر الإستثنائى فى مقتبل الأيام، وحتى اللحظة تكون مرجعية الحركة الشعبية هى منفستو 2008، وليس صحيحاً الحكم على القيادة الجديدة دون تجريبها فهذا سابق لأوانه، فلينتظر الجميع ما سيسفر عنه المؤتمر العام، وما سيخرج به المؤتمرون، ولينتظروا المنفستو الجديد .
حق تقرير المصير :
حق تقرير المصير – حق ديمقراطى كفلته جميع المواثيق والعهود الدولية، وهو ليس بالبدعة داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان ليتم مناقشته مرة أخرى، وبواسطة من ؟!.. من الذى يقرر مصيره، (أنت) أم يقرره لك (الآخرون) ؟، فمنذ مؤتمر شقدوم 1994 – حيث تم إقرارهِ وتضمينهِ فى المنفستو – لم تفارق مسألة (تقرير المصير) منفستو الحركة الشعبية إطلاقاً، فقد تم تضمينهِ أيضاً فى منفستو 2008 خلال المؤتمر العام الثانى الذى أُقيم فى أغسطس (آب) بجوبا، وهذا المنفستو يعتبر سارِ المفعول إلى يومنا هذا لأن الحركة الشعبية لم تصيغ منفستو آخر حتى الآن، وفى مؤتمر كل النوبة بكاودا 2002، تم إقرار حق تقرير المصير لشعب جبال النوبة، وتم تفويض د/ جون قرنق للتفاوض بالإنابة عن شعب الإقليم حول حق تقرير المصير، وقد قام شعب النيل الأزرق بنفس الخطوة لاحقاً. وحق تقرير المصير لا يعنى (الإنفصال) فيُمكن أن يُفضى إلى إنفصال مثل حالة جنوب السودان 2011، ويُمكن أن يكون نتيجته الوحدة كحالة مقاطعة كيبك فى كندا معقل (الكاثوليك) الذين كانوا يريدون الإستقلال والتحرُّر من سيطرة (البروتستانت) الذين يُشكِّلون الأغلبية فى كندا، حيث تم إجراء إستفتاء حول مستقبل المقاطعة مرتين، الأولى كانت عام 1981 وتم التصويت لصالح مقترح رفض الإستقلال بنسبة (51,9 %)، والإستفتاء الثانى كان فى 30 أكتوبر (تشرين الأول) 1995 وصوَّت شعب المقاطعة مرة أخرى لصالح الوحدة داخل السيادة الكندية بنسبة (50,6 %) بعد أن وجدوا تطمينات وضمانات من الحكومة الكندية بتطبيق فيدرالية حقيقية فى البلاد تمنح المقاطعة سلطات وصلاحيات واسعة، والحالة الثانية هى حلة اسكتلندا حيث أُجرى إستفتاء حول أن تظل أسكتلندا تحت التاج البريطانى أم تستقل عنه، وجرى الإستفتاء فى 18 سبتمبر (أيلول) 2014، وكانت نتيجة الإستفتاء بنسبة (55,3 %) لصالح البقاء تحت التاج البريطانى وعدم الإستقلال.
ولا أدرى لماذا التخوُّف من حق تقرير المصير وما ترتبط به من إجراءات، ولماذا عدم الإعتراف بحقوق مجموعات سكانية عانت لعهود طويلة من الظلم والقمع والتهميش، أو محاولة حرمانهم من ممارسة حق إنسانى ديمقراطى مكفول لهم ؟ ولماذا التمسُّك بوحدة قسرية وغير طوعية، ولماذا لا يكون حق تقرير المصير أداة ضغط لتغيير السياسات ونيل الحقوق، فإن كُنَّا نخشى الإنفصال لهذه الدرجة، لماذا لا نسعى جميعاً (حكومة ومعارضة) لجعل السودان وطناً يسع الجميع.
من هم أعضاء المؤتمر الإستثنائى القادم ؟
أى حركة تحرُّر جادة فى مشروعها الثورى لا يمكن أن تختار عضوية مؤتمرها العام بصورة عشوائية، فلا يمكن مثلاً أن يكون غالبية الحضور من مناطق تقع تحت سيطرة الحكومة، لأن ذلك يمكن أن يؤدى إلى إختطاف الثورة فى حال عدم وقوف هؤلاء الأعضاء مع بعض القضايا الإستراتيجية مثل الكفاح المُسلَّح كآلية لتحقيق أهداف الثورة، أو قضية مثل حق تقرير المصير، وماذا لو أيَّدوا الكفاح المُسلح كآلية وعادوا إلى الخرطوم بعد المؤتمر، ماذا سيكون مصيرهم؟، فحفاظاً على هؤلاء من بطش الحكومة لا يمكن إحضارهم إلى المؤتمر، وحتى إن حضروا، لا يمكن مساواتهم مع أُناس قدموا تضحيات كبيرة وما زالوا، من أجل تحقيق أهداف الثورة، ولكن هذه كانت حُجة يسوقها ياسر عرمان بدعم ومُساندة مالك عقار للمراوغة والتهرُّب من تنظيم المؤتمر الذى نتيجته الحتمية ستكون الإطاحة بهم بسبب مواقفهم، وسوء إدارتهم للتنظيم.
وعليه فإن عضوية المؤتمر الإستثنائى القادم ستُركِّز على الأعضاء المُلتزمين دون إستثناء، المتواجدين فى المناطق التى يسهُل منها حضور المؤتمر دون التعرُّض للخطر، ستكون المشاركة من كافة المناطق، وأينما وُجد عضواً مُلتزماً يستطيع الحضور.
وستظل الحركة الشعبية لتحرير السودان، حركة لكل السودانيات والسودانيين – حركة يكون شعارها (الحرية – العدالة – المساواة – الوحدة الطوعية – التقدُّم) – حركة لا تستثنى أحد، ولا تُجرِّد أحد من حقوقهِ المصيرية – حركة لكل الفئات، الإثنيات، القوميات، الثقافات – حركة تعمل لبناء سودان جديد (علمانى، ديمقراطى، لا مركزى، مُوحَّد) – ووطن يسع الجميع.
تعليق واحد
God analysis Adil Shaluka