محمد داؤد سليمان
منذ ان اتي نظام الانقاذ ( الجبهة الاسلامية القومية) علي سدة الحكم في السودان عبر الانقلاب العسكري في عام 1989م، دخل السودان في مرحلة جديدة من الفشل في البناء الوطني، يضاف الي الفشل المتراكم منذ الاستقلال، وكان مجئ جماعات الاسلام السياسي علي راس الدولة، هو السبب الاساسي التي ادي الي انفصال جزء عزيز من الدولة السودانية، وانتشار الحروب، في معظم بقاء السودان، وكان حصاد 27 عاما من حكم الاسلاميين الاف المشردين في معسكرات النزوح واللجوء، انفصال جنوب السودان، تصدرالسودان قائمة الدول الفاشلة، وقائمة الدول الفاسدة، وانتشار الامراض الخبيثة بفعل تدمير البيئة عن طريق التلوث المتعمد من الجماعات الاسلامية.
ان الفشل المتراكم من قبل الاسلاميين وازيالهم من المنتفعين والانتهازيين ادي الي تدمير مؤسسات الدولة الهشة (الجيش، الشرطة؛ الخدمة المدنية؛ القطاع والخاص)، وتحول ادارة الدولة الي المليشيات القبلية و الجهوية، واصبح مؤسسة الدولة ما هي الا وسيلة لخدمة الاجندات الخاصة، وتحول الانسان السوداني الي غريب في وطنه، يبحث عن منافذ لكي يهاجر من وطنه حتي لو ادي ذلك الي بيع جزء عزيز من اعضاء جسده.
السودان الان علي حافة الانهيار، خاصة بعض انهيار كافة البدائل الاقتصادية للنظام، مما جعل النظام الاسلاموي يتخبط في اتخاذ السياسات الاقتصادية، عن طريق فرض الرسوام والاتاوات علي السلع الضرورية والخدمات، من اجل الانفاق علي منسوبيه ومليشياته، واشعال الحروب في الاطراف.
ونسبة لهذا الفشل يعيش الشعب السوداني بفترة ليست قصيرة في تململ دائم، عن طريق الاحتجاجات الشعبية، والوقفات المطلبية، وكان نتاج ذلك التراكم، نجاح فكرة العصيان المدني الاخير في 27 نوفمبر 2016م الذي ابتدعه الشباب حتي من دون التاثير المباشر من القوي السياسية الفاعلة في الساحة السياسية السودانية، مما جعل افراد النظام يرتعبون خوفا، من قمة هرم السلطة الي ادني فرد من النظام، هذا الخوف ظهرجليا في خطاب الجنرال البشير يوم امس في مدينة كسلا، حيث قال ان مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لم يستطيعوا اسقاط حكومته، وانه يريد مواجهة الداعين الي العصيان المدني، في الميدان في اشارة الي تهديد صريح بانه سوف يقتل كل من تسول له نفسه بالنزول الي الشارع.
الخطاب الذي القاه الجنرال البشير في مدينة كسلا اشبه بخطاب الوداع الذي القاه احد الدكتاتوريين المشهورين في المنطقة، مما يدلل علي خوف الجنرال من الحراك الجماهيري، واقتراب موعد الخلاص من التخمة الاسلاموية ، لذا فان انجاح دعوة العصيان المدني الذي تم التحديد له يوم 19 ديسمبر 2016م مدخل اساسي لقياس مدي قدرة الشعب السوداني علي التوحد حول فكرة محددة، وقدرتهم علي مواجهة النظام الاسلاموي.
علي القوي السياسية ( المدنية – مسلحة) عليها دعم الحراك الجماهيري، عن طريق منسوبيها للانخرط في العصيان، و توعية الشعب السوداني عن ماهية العصيان والاهداف المرجوه منه، من اجل انجاح العصيان المدني الثاني خلال شهر، ولنعلم الجنرال الراقص بان وسائل التواصل الاجتماعي هي التي سوف يذهب به لي مزبلة التاريخ.